هُمُوم بن هَمّام وأوهامهُ




وكالة أنباء المستقبل للصحافة والنشر (ومع)



كاظم فنجان الحمامي


يقول الفيزيائيون: أن العناصر التي تكتسب الحرارة بسرعة تفقدها بسرعة, والعناصر التي تكتسبها ببطء تفقدها ببطء, وهذا ما ينطبق تماماً على القطري (محمد بن همام), الذين قادته أوهامه وأحلامه لتسلق سلم الاتحاد الآسيوي بسرعة (سبيدي كنزالس), فسطع اسمه في يوم وليلة في سماء دنيا الأوهام الكروية, وتوهم بأنه صار رمزا هاماً من رموز (الفيفا), ثم زجت به أوهامه مرة أخرى في عالم الوهم, وقادته إلى بريق الشهرة والتألق, فحقق سلسلة من القفزات الفورية الخاطفة, ونط كما القرود فوق هامة الحواجز العلوية, وطار بأجنحته العنابية نحو الأنوار الساطعة, فسحره الإبهار والانبهار, وشبهته الصحافة بعراب الكرة العربية, ورفعته إلى مراتب القادة والعظماء, فضاع في سراب الشهرة, وفقد بصره وبصيرته, وتخطى حدوده الطبيعية والمنطقية, حتى بلغ قمة الوهم والأوهام, فأختل توازنه, وتكررت عثراته, وتعاقبت كبواته, وصار مرشحاً للسقوط والانزلاق نحو الهاوية أكثر من أي وقتٍ مضى, ومن المرجح انه سيهوى من شاهق متأثرا بتعجيل الجاذبية الأرضية الحتمية, التي ستعيده إلى الدوحة, وتضعه في حدوده القطرية, وترجعه إلى حجمه الطبيعي, ولله در سيد البُلغاء عندما قال:

اذكر مقالاً محكماً من قاله حقاً برعْ
لا يحصد الإنسان إلا مثلما كان زرعْ
ما طار طيرٌ وأرتفع إلا كما طارَ وقعْ

دخل بن همّام عالم الوهم والأوهام, وكان أول من جلب الغم والهم لأهلنا في المغرب, عندما تحيز للملف الألماني, وفضله على ملفهم المرشح لاستضافة كأس العالم لسنة 2006, وباع صوته للألمان, وحشد الأصوات الآسيوية كلها ضد المغرب, ثم شحذ همته لمساعدة الساعدي القذافي, الذي يمتلك حصة الأسد في شركة (أديداس), الشركة المدللة لدى (الفيفا).
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
يرى بن همام ان الحل الوحيد لاصطحاب المنتخب القطري نحو القمم الشاهقة في عالم الأوهام, يكمن في تجنيس (80%) من المنتخب, وها نحن نسمع أعضاء المنتخب القطري يرطنون بلغات ولهجات نيجيرية وأمازونية وسنغالية وسنسكريتية, فتشابكت ألسنتهم, وشاعت بينهم لغة الإشارة, وفقدت اللعبة روحها ومبادئها ونكهتها ولسانها, ولم تمض بضعة شهور على تدخل بن همام في قوانين (الفيفا) لتغيير أحكام المواد المتعلقة بتجنيس اللاعبين الأجانب, حتى تفجرت براكين (الفيفا) بسلسة من الفضائح المخجلة, اهتزت لها العروش الكروية في كل القارات, وطفحت أخبارها فوق سطح النزاع المحتدم على صولجان الحكم في مملكة (الفيفا), وتكشفت للقاصي والداني خبايا الصفقات المشبوهة, التي عقدها بن همام في السر والخفاء, وظهر (جاك وارنر) أمام الناس, ليعلن عن قيام الحكومة القطرية بشراء حق تنظيم بطولة كأس العالم لعام 2022, وقال (جيروم فالك): أن بن همام يريد أن يوهمنا بأنه الفارس الهمام, وعنده القدرة على شراء (الفيفا) بدراهمه النفطية, فتدخلت لجنة الأخلاقيات في (الفيفا) لإيقاف بن همام بتهمة دفع الرشاوى المالية, فسحب ترشيحه لرئاسة (الفيفا), وكانت رئاسة مجلس الإدارة قررت تعليق عضويته, وتراكمت عليه الهموم والأوهام, خصوصا بعد تفشي الأنباء, التي تناقلتها الصحف الاسترالية حول احتمال حرمان قطر من حلمها بتنظيم المونديال على أرضها, وحلمها بصعود منتخبها المؤلف من كافة الأعراق والأجناس والأصناف, والذي ستنتقيه وتشتريه من أسواق بيع اللاعبين في البرازيل وأوربا, ثم عادت الصحافة العالمية لتروي لنا من جديد قصة رئيس الاتحاد الصومالي (فرح أدّو), الذي ادعى أن بن همام عرض عليه مائة ألف جنيه إسترليني مقابل التصويت ضد مرشح رئاسة الفيفا (عيسى حياتو) في انتخابات 2002, والتي ظلت آثارها تلاحق بن همام في المحاكم الدولية حتى يومنا هذا.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ويبدو أن فضائح بن همام لم تتوقف عند هذا الحد, فقد قفزت إلى السطح الفضيحة القديمة, التي أثارتها اليابان عام 2002, على خلفية المقاعد الفارغة, رغم نفاذ البطاقات, إلى جانب سوق التذاكر السوداء التي كانت تحمل أرقام التذاكر, التي حصل عليها بن همام بالمجان بصفته عضوا في اللجنة المنظمة للبطولة.
اغلب الظن ان هذه الاتهامات لن تتوقف ولن تهدأ, وربما هي التي أودت بمستقبل بن همام, الذي هام على وجهه كما هام البطل الوهمي (هاري بوتر) في عالم الأوهام والأحلام, وسيندم على كرة القدم التي جلبت لنا وله الحسرة والألم, وليس هنالك تفسير لهمومه وأوهامه سوى انه تأثر بالانبهار, الذي سيطر على عقول أمثاله, فدفعهم لتأليه أنفسهم في عالم الزيف الكروي, وما أن يستفيقوا من أوهامهم, ويعودوا من سراب التأليه, حتى تنقشع الضبابية عن عيونهم, لتظهر أمامهم الصورة الواقعية على حقيقتها, ولا يصح إلا الصحيح. .