مصر: اضحك، علشان تطلع الصورة.. سودا؟!
بقلم: محمد هجرس**
خلال 15 يوماً قضيتها في مصر ـ حتى الآن ـ انتابني حدسان متناقضان: قلقٌ من مشاعر ما يقال عن الفوضى الخلاقة التي أعقبت 25 يناير، وتفاؤل خفيّ بنهاية ما في آخر النفق.. رغم كل تباشير الإصلاح والترقيع البطئ والمرتقب..
فالثورة التي كانت ولا زالت حديث العالم، باتت مدخلاً للفوضى، وحلقات التهريج السياسي التي نشهدها كل يوم، أصبحت "علكة" يمضغها من يشاء، ويلفظها من يشاء، توارى من صنعوا الثورة قليلاً من على المسرح، بفعل عوامل التعرية السياسية، التي أطاحت بهم واقتحم الانتهازيون المشهد، وبات هناك لصوص مستعدون للتمسك بأداء فريضة الزكاة بغض النظر عن مصدر المال، حله أو حُرمته، هذا إذا وُجد أصلاً!
مقولة تذكرتها وأنا أسجل بحيادية تامة، حقيقة الوضع، وإن كانت تعيدني إلى زمن الطفولة الأول، أيام الأفراح الشعبية، والتي كانت فرقة "المعلم نظيم" الآتية من دمنهور، تقدم عروضها في القرى الصغيرة، حيث كان نظيم بطل العرض الساخر، والذي يحرص تماماً على أداء فروضه الدينية، وأهمها الزكاة، وعندما واجههُ الممثل الكومبارس بمحنته، التي تتلخص في أنه ليس لديه ما يزكّي عنه أو به، وبين ضحكات القرويين المتعالية، قال بسخرية: "اسرق وزكّي" فالزكاة فرض.. ولكن ماذا عن السرقة؟ للأسف: لا شيء!
***
الآن الكل يتحدث عن الثورة ويتبنّاها، ويؤرخ لنفسه بأنه من صنّاعها.. لا بأس.
لكن تصورواً مثلاً أن محامي الرئيس السابق حسني مبارك، يخرج بتصريح صحافي يقول فيه، إن مبارك "كان مع الثورة"..
لحظة لو سمحتم.. هذه ليست نكتة، لكنها "والله العظيم ثلاثة" جزء من حديث للمحامي فريد الديب، نشرته غالبية وسائل الإعلام المصرية قبل أيام، قال فيه أيضاً إن مبارك "هو أول من أيّد الثوار ضده".. كمان؟
ما شاء الله، طيب!
ليس مستغرباً أن يخرج علينا مؤرخ ـ من إياهم ـ ليؤكد وبالوثائق، أنه تم الترتيب للثورة في القصر الرئاسي، وأن مستشاري الرئيس، وكبيرهم زكريا عزمي، هم من أعدوا السيناريو لتسليم السلطة للشعب على هذا النحو، بعد اكتشاف مؤامرة أمريكية لإبعاد الرئيس، خاصة بعد توتر علاقاته مع إسرائيل "فوّتوا الكلمة دي" لذا قرر سيادته القفز على اللعبة الأمريكية، وهو ما دعا مؤرخ آخر ـ من إياهم برضو ـ للقسم برحمة أبيه، بأن الثورة صنعها مبارك، خصيصاًَ لإجهاض مسلسل التوريث لابنه جمال، وتسليم السلطة لجهة محايدة غير الإخوان المسلمين طبعاً!
***
ما علينا..؟
يُحكي أن رجلاً أحضر كيلو من اللحم لتطبخه زوجته، عشاءً لهما، الزوجة التي لم تذق اللحم منذ أشهر، أخذت تتذوقه بين حين وآخر، لتتأكد من سلامة طبيخها، لتكتشف في النهاية أنها أتت على اللحم دون أن تدري.
جاء الزوج، فارتبكت المرأة، وطلب منها سرعة وضع الطعام، فزاد ارتباكها، ولما لم يجد من اللحم شيئاً، قالت له، إن القطة أكلته كله، ذعر الرجل وجرى حتى أمسك القطة، ثم وضعها على الميزان، ولسوء حظ الزوجة كان وزنها كيلو جرام لا أكثر ولا أقل: فصرخ فيها: آدي اللحمة.. فين بأة القطة؟
......................
......................
بس خلاص.. فهمتوا حاجة؟
جاتنا ستين نيلة في حظنا الهباب!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** كاتب وصحافي مصري
mmhagrass@gmail.com