الأخوة والأخوات في واتا سلام من الله عليكم .
اهداء الى الأخوة / منير الرقي ،محمود الحيمي .
قال تعالى "{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم معْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} {6} (الاحزاب)
،وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين". [البخاري]
وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "الآن يا عمر "
وقد بلغ بعض القوم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغوا ، فعطروا أرواحهم بمحبته والشوق اليه ،والشيخ محمد المجذوب من أولئك النفر الذين هاموا محبة لله ورسوله ، ودعونا مع سيرته العطرة :
هو الشيخ محمد المجذوب بن الفقيه قمر الدين بن الفقيه حمد من قبيلة الجعليين بالسودان ، وكانت ولادته عام 1210هـ ببلدة المتمة معقل قبيلته ووقع له فيها الكرامة الشهيرة وهو أنه كان لايرضع ثدي أمه في نهار رمضان أيام الشهر كله حتى غروب الشمس وقت فطر الصائم عنوان عناية إلهيه ، ثم انتقل إلى مدينة الدامر بشمال السودان ، وقد انتقل بعد دراسة العلم وإجازته إلى المدينة المنورة في صحبة السيد محمد عثمان الميرغني الختم ومكث بها تسعة سنوات وجلس فيها على كرسي الإمام مالك بالمسجد النبوي للتدريس ، ثم رجع إلى سواكن على البحر الأحمر ومكث بها سنين وأسس فيها زاوية وخلوة صوفية وجلس للتعليم والإرشاد ، ثم سافر إلى الدامر مستقر آبائه وبها توفي في 27 محرم 1247هـ وقد بلغ من العمر 37 عاما فقط .
وللشيخ محمد المجذوب الكثير من المؤلفات منها : رسالة المنسك الأبهج « في مشاعر العمرة والحج » وقد طبع هذا الكتاب لأول مرة في سنة 1332هـ وقد احتوى هذا الكتاب قصائد أخرى في هوامش للشيخ محمد بن المجذوب ، وأيضا رسالة "الحزن والقبض" و "بغية المريد السالك" و "الوريقات النافعة" و "رسالة في مصطلح الحديث" و "رسالة في الحديث" و "المعجز الوجيز من أحاديث الرسول العزيز" و "الشمائل الرمزية" و "رسالة السنة المحمدية في بيان القواعد الدينية" و "رسالة العقد الاسنى" و "رسالة المظاهر الابليسية" و "رسالة شمس نهار التجلي" ، وقد ذكر العلامة الشيخ مجذوب جلال الدين في مؤلفه «اسنى المطالب في ذكرى المناقب » نقلا عن الشيخ محمد الطاهر المجذوب أن والدة الشيخ المجذوب من حضور (حضارمة) المَتَمَّة ، وقد ولد بها وبعد أن شب وترعرع انتقل إلى بلدة الدامر - وطنه ووطن آباءه الكرام - وعمره خمس سنين ، وقرأ بمسجدها كتاب الله العزيز الحكيم وحفظه ولم يتجاوز التاسعة من عمره وتعلم مايجب تعلمه من علوم الدين والتي اشتهرت الدامر بها وقد أجازه في التدريس شيخه وابن عمه الفقيه العلامة محمد الأزرق الذي استوطن فيما بعد بالقضارف وهو جد الأزارقة هناك ونفع الله بعلومه كثيرا من العلماء الاعلام واخذ كذلك المجذوب من والده الفقيه قمر الدين الطريق الشاذلية واشتغل باورادها .
نظم الشيخ محمد المجذوب قصائد عديدة في مدح خير من وطء الثرى من بني آدم، وقصيدته ( عليك صلاة ثم سلامه ) هي من القصائد الخالدة :
عليك صلاة الله ثم سلامه *** ألا يارسول الله اني مغرم
صببتُ دموعاً يشهد الحزنُ أنها ***أتت من فؤادٍِ بالغرامِ مُـتيّـمُ
وليس له من ذا التيتــم مشرحٌ *** سوى أن يرى معشوقه فيسلّـمُ
يقولُ لي المعشوقُ لا تخشَ بعدَ ذا *** حجاباً ولا طرداً فعهديَ مُتَمَمُ
متى ما أردتَ القربَ مني فنادني *** ألا يا رسولَ اللهِ إني مُغرمُ
أُجيبكَ من بعد وإني جليسُ مَن *** بحبي مشغولٌ بذكري مُترجمُ
حلفتُ يميناً أنّ قلباً يُحبكم *** عليه عذاب النارِ قطعاً محرمُ
فكيف بمن قد شَامكم كلّ ساعةٍ *** فهذا يقيناً في الجنانِ يُنعّمُ
سلامٌ عليكم والسلامُ ينيلني *** كمالَ شهودٍ للجمالِ ويُلهمُ
لساني تحيات تليق بقدركم *** أكرّرها في حيكم وأُهمْهمُ
سلامٌ على رأس الرسول محمدٍ *** لَرأسٌ جليلٌ بالجلالِ مُعمعمُ
سلامٌ على وجه النبي محمد *** فيا نعمَ وجه بالضياء مُلثمُ
سلامٌ على طرف النبي محمد *** لَطرفٌ كحيلٌ أدعج ومُعلمُ
سلامٌ على أنف النبي محمد *** لأنفٌ عديل أنور ومُقومُ
سلامٌ على خدّ الحبيب محمد *** لَخدٌ منير أسهل ومشممُ
سلامٌ على فم النبي محمد *** لفمٌ به درّ نفيس مُنظّمُ
بغير كلام الله والذكر والندا *** لحضرةِ مولاه فلا يتكلمُ
سلامٌ على عنق النبي محمد *** لَعنق سطيع نيّر ومُبرمُ
سلامٌ على صدر النبي محمد *** لصدر وسيع بالعلوم مُطمطمُ
سلامٌ على قلب الحبيب محمد *** لقلب بنور الله دوما مقيمُ
يشاهد رب العرش فى كل لحظة *** وإن نامت العينان ما نام فاعلموا
سلامٌ على كف النبي محمد *** لكفٌ رحيب كم يجود ويكرمُ
به كم فقير صار من بعد فقره *** غنياً وكم طاغٍ به متضيمُ
سلام على قدم الحبيب محمد *** به داسَ حجبَ العز ذاكَ المقدمُ
به قام فى المحراب لله قانتاً *** يناجي لِربِّ العرش والناس نومُ
فما زال هذا دأبه كل ليلةٍ *** إلى أن به بانَ الونى والتَورمُ
سلامٌ على ذات النبي محمد *** فيا حسنها فيها الجمال مُتممُ
سلامٌ على كلِّ النبي محمد *** نبيٌّ عظيم بالجلال معظمُ
نبيٌّ لمولاه العلي عناية *** به تبدو إذ ما الخلق فى الحشر يفحمُ
عليك لواء الحمد ينصب رفعةً *** ومن تحته الأنبياء والرسل يزحمُ
به كل عاصٍ في القيامة لائذٌ *** وكلّ محب فائز ومكلّمُ
به يرتجي المجذوبُ ينجو بصحبه *** بغير امتحانٍ يا شفيع ويسلمُ
عليك صلاة الله ثم سلامه *** يعمان كلّ الآلِ ها نحن نختمُ
وهذه القصيدة يرددها أهل السودان جميعا لما فيها من صدق المحبة ، وقوة العبارة جاءت كلماتها كالشهد بل هي أحلى ،وقد اخترت لكم فرقة الصفوة التي أجادت أداء هذه الأنفاس العطرة من قصيدة الشيخ محمد المجذوب .