تَيْمَــاءْ
عبد السلام العطاري*
وردةٌ تُنبِتُ حديقةً.
ياحديقةً تنامُ في الوردةِ،
حين تَلُفُّ عُنْقَكِ يدايْ
لحظةَ أنْ أقبضَ بِنَبْضي على العاجِ،
أشعر أني ألتمُّ بالعمرِ قطاراً
إلى جنائنَ لنْ يَقطفَها غيري
وأعود صغيراً،
أعود في العطرِ الذي تُرسلينَهُ سماءً،
كي أفهمَ معنى أن تدورَ بي الأرضُ .
معنى أن تلثغَ تيما
شاكيةً،
عابسةً
غاضبةً...
ودأدأةً عذبةً ... بابا.
ليالٍ مَضَتْ وأنا أحرُسُ حَديقةَ الوردةِ
أسيِّجُها بالضِّلعِ،
كي تُهدِرَ الضَحِكاتُ نهراً مِنْ أصابِعِها
كَمَوجاتِ بَحرٍ تَلْمِسُ راحةَ المساءِ
ناعِمةً ساحرةً،
تُثيرُ نَبيذَ الشَّمسِ.
تُنْسِيني ضَحِكاتُكِ يا تَيْمايَ
بَعضَ هُموميَ وتَطْرُدُ مِنْ ذاكِرَتي أياماً
لا زالتْ تُوسِعُني ضَرباً وتسألني:
مَنْ انتصرْ ؟؟
أنسى أنَّ سَمائِيَ داكِنةٌ
لا نجمَ يُضِئُ حُلْكَةَ لَيلِيَ
وأرضِيَ بائِسةٌ
غَطَّاها الشَوكُ
ما عادَتْ تُزهر.
أنسى يا تَيْمايَ بينَ يَديْكِ
أني طَريدٌ في أرضي
أني زَرَدَةٌ في قيدِ حصارٍ وحشيّ
وأنَّ دمِيَ الأرخَصُ بينَ دِماءِ البشرُ
أنَّ بقائِيَ رهنُ مِزاجِ سلاحٍ ساديّ.
وتَعلو ضَحِكَاتُكِ يا تَيْما
فَيَتَراقَصُ قَوسُ قُزَحٍ على وجه السّماءِ
وتنعسُ الغزالةُ على جَبينِكِ
وأرسُمُ بينَ يَديكِ خَريطَةَ وطني
وأغرقُ في دُنْياكِ
وبينَ دُماكِ ودَفترِ دَرسِكِ...
فيا لَيْتني يا ابنتي أحيا في عالَمِكِ الذي
لا غَيرَ الثلجَ به لوناً،
أغطي أحْلامَكِ خَوفَ الغُولَةِ وذِئْبِ ليلى
حينَ تنامينَ على صدرِ دميةٍ،
وأنسِجُ من أنفاسِكِ فَجْرَ سلامٍ جَديدْ.
دائِماً يا حديقتي هذا النّبضُ نبضي
سيظلُّ سربَ عصافيرٍ
وتظلِّينَ نشيدَ الكلماتْ.
* شاعر وكاتب/ فلسطين
المفضلات