أبواق ميناء مبارك

جريدة المستقبل العراقية في 24/7/2011



الرد على مقالة كتبها (محمد الجدعي) من الكويت بعنوان
(ميناء مبارك الكبير. . . والعراق !)
جريدة القبس الكويتية الثلاثاء 12 يوليو 2011 ,11 شعبان 1432 , العدد 13673


كاظم فنجان الحمامي

يقول (محمد الجدعي) في مستهل مقالته: أن دوافع الحسد والطمع والغيرة هي التي حركت التظاهرات المفتعلة في الشارع العراقي, بتحريض من كتل برلمانية تسعى لتحقيق أربعة أهداف, أولها: خلط الأوراق, وثانيها: افتعال أزمات جديدة مع الكويت, وثالثها: تشتيت أنظار الإعلام, وآخرها: التكسب المادي والسياسي. ويقول أيضا: ان لهذه الكتل أجندات (واضحة), ولها صلات وثيقة بالنظام الإيراني (بشكل أو بآخر).
ونقول للجدعي خليك (جدع), واقرأ آخر تصريحات الأستاذ النجيفي (رئيس البرلمان), وتصريحات الدكتور صالح المطلق (نائب رئيس الوزراء), وتصريحات الأستاذ محمود عثمان من إقليم كردستان, وراجع تصريحات حيدر المله من القائمة العراقية, واسأل نفسك, هل لهؤلاء علاقة بإيران ؟؟. أم انك انجرفت كما انجرف غيرك وراء التقسيمات الطائفية المقيتة, ورحت تنسج من خيالك ما يحلو لك من افتراءات وإيحاءات وتلفيقات.
وكم كان بودي ان تكون (جدعاً) حقيقياً, وتقرأ رسائل الاحتجاج التي بعثها الخبير القانوني الاندونيسي البروفسور (مختار كوسومو أتمادجا) إلى مجلس الأمن, وهو الذي كان رئيساً للجنة المكلفة بتخطيط الحدود بين العراق والكويت في ضوء القرار (833), لتكتشف بنفسك أن الرجل قال كلمة الحق, ورفض تنفيذ رغبات القوى الاستعلائية الغاشمة المعادية للعراق, والتي طلبت منه توسيع الرقعة المائية الكويتية في خور عبد الله, وتضييق الخناق على المسطحات المائية العراقية, فرفض الإذعان لرغباتهم, وانسحب من رئاسة اللجنة مرفوع الرأس, ناصع الجبين, ولم يلوث سمعته بخزعبلات (بطرس بطرس غالي) وجوقته الحاقدة على العراق وشعبه.
ليس هنالك أوضح وأدق وأشجع من موقف هذا الرجل في فضح ضلالة مجلس الأمن, عندما قدم استقالته إلى المستشار القانوني للأمم المتحدة, والتي بيّن فيها أن تخطيط الحدود البحرية ليس من اختصاص اللجنة, ولا من واجباتها, وان الإحداثيات في قطاع خور عبد الله لم تجر الإشارة إليها لا في المرتسمات القديمة, ولا في الجديدة, وبالتالي عدم وجود أي تحديد للحدود البحرية يمكن أن تتخذه اللجنة سبيلا, وأوضح السيد (مختار أتمادجا) موقفه هذا في رسالتين موجهتين إلى الأمين العام نفسه, عبَّرَ فيهما عن وجهة نظره وتحفظاته على شروط صلاحية اللجنة, وأشار في رسائله إلى مناقشاته العديدة والمضنية مع المستشار القانوني حول صلاحية اللجنة ومآربها الخفية. أم أنك ستقول: إنَّ (مختار) هذا كانت له صلات بالنظام الإيراني ؟؟.
ألا تعلم يا (جدعي) ان مجلس الأمن لا يحق له أن يفرض على دولة عضو تحديداً إجبارياً لحدودها البرية, ولا يحق له أن يفرض عليها حدوداً بحرية مغلقة ومعزولة, ولا يحق له أن يحرمها من منافذها الملاحية المعتادة ؟؟. وبالتالي لا يحق للأمم المتحدة أن تعترف بترسيم الحدود في ضوء ما توصلت إليه لجنتها المريبة, على الرغم من أن اللجنة نفسها لم تكن مكلفة بالترسيم, وإنما كانت مكلفة بالمسح والتعليم والتخطيط الابتدائي على اليابسة, ومن المواقف العجيبة, التي تبعث على الريبة والشك أن المستشار السياسي الأقدم للأمين العام للأمم المتحدة (الفارودي سوتو) كان على عجلة من أمره, وكأنه في صراع مع الوقت, عندما سارع إلى استدعاء رئيس اللجنة, وخبيرها, وأمين سرها يوم الاثنين 13 نيسان (إبريل) 1992, وطالبهم بضرورة انجاز هذه المهمة على وجه السرعة, ومن دون تردد, وهو تدخل سافر جاء على خلفية الطلب المقدم من ممثل الكويت الدائم في الأمم المتحدة, وبدون علم وحضور ممثلي الدولتين في اللجنة.
ختاما نحن لا نعترض على حقوق الكويت في تنفيذ مشاريعها المينائية التنموية على أرضها ومياهها, ولكن ينبغي أن لا تتمدد منشآتها البحرية لتتجاوز الخطوط الحمراء في الممر الملاحي المشترك وسط خور عبد الله, وشريطة أن لا تتعدى أرصفتها على المسلك الملاحي الوحيد, الذي تسلكه السفن المتوجهة إلى الموانئ العراقية, وشريطة أن لا تحرم العراق من الحقوق والممارسات, التي أقرتها الاتفاقيات البحرية الدولية, وحفظتها التشريعات الإنسانية النافدة, والتي تعد من أهم أسس ومبادئ حسن الجوار. . .
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
وفيما يلي النص الكامل لمقالة محمد الجدعي في جريدة القبس من دون حذف أو تحريف.

ميناء مبارك الكبير.. والعراق

جريدة القبس الكويتية الثلاثاء 12 يوليو 2011 ,11 شعبان 1432 , العدد 13673

كتب محمد الجدعي :

ازدادت في الآونة الأخيرة حدة الأقاويل والاتهامات، مع الكثير من الهجوم السياسي المكثف والمفترى على دولة الكويت، بسبب عزمها بناء أحد أكبر مشاريعها التنموية الطموحة، ألا وهو ميناء مبارك الكبير، الذي يقع في شمال دولة الكويت، وبالتحديد شرق جزيرة بوبيان، وعلى مقربة كيلومترات قليلة من الحدود العراقية البحرية. وهو ما زاد من امتعاض الساسة في العراق، ربما من دافع غيرة أو حسد أو أطماع تاريخية، بأن طالبوا على الفور بتغيير موقع بناء الميناء الكويتي، منددين بشعارات جوفاء حملها متظاهرون ضد المشروع الكويتي، ومنها لافتات مكتوب عليها: «قولوا للكويت لا لغلق ممراتنا الملاحية ولا لخنق العراق»، وهؤلاء المتظاهرون، والذي اتضح لاحقا، بأنهم مدعومون من قبل كتل برلمانية عراقية ذات أجندات واضحة، تسعى لخلط أوراق وافتعال أزمات مع الكويت، ربما لتشتيت أنظار الإعلام عن شيء آخر أو كسب مادي يجنون منه الكثير بسياسة ليّ الذراع!
وللعلم فقط، فإن هذا المشروع، وهو قيد الإنشاء الآن، وضع حجر أساسه في شهر ابريل 2011، ويمر هذا المشروع الجبار بأربع مراحل متلاحقة: بدأ الجزء الأول من مرحلته الأولى عام 2007، على ان تنجز المرحلة الأولى منه عام 2015 بـ 4 أرصفة مع وجود مخطط هيكلي مستقبلي يصل إلى ستين رصيفا ليكون واحدا من أكبر الموانئ في الخليج العربي، على أن يربط الميناء مع البر في الصبية ومدينة الحرير بثلاثة جسور وطرق سريعة، قرر لها ان ترتبط مع «سكة القطار الخليجي» التي ستخدم الميناء، مع الإمكانية مستقبلا لمد السكة الجديدة الى الداخل البري للعراق وإيران وتركيا! ما من شك في أن الضغوط التي تمارس على الكويت الآن لإيقاف إنشاء ميناء مبارك الكبير، تعتبر تدخلا صارخا في شؤون الكويت الداخلية وتهديدا لأحد أهم صروحها الاقتصادية المستقبلية، إذ لا يوجد أساس قانوني لأي من ادعاءات الجانب العراقي، وأن بناءه لا يعتبر تعديا أو تجاوزا للحدود المائية الإدارية العراقية، فميناء مبارك الكبير سيتم أنشاؤه على ارض كويتية وضمن حدود مياهه الإقليمية، وذلك وفقا لقرار مجلس الامن رقم 833 لعام 1993، والمعني بترسيم الحدود المائية بين الطرفين، وان خطط توسيع ميناء مبارك الكبير على حدودنا هي شأن كويتي بحت، وتدخل ضمن الخطة التنموية الطموحة لدولة الكويت. الجدير بالذكر، ان هذه المطالبات بدأت من كتلة برلمانية عراقية عن طريق وسائل الإعلام في ابريل الماضي، تبعها وأيدها تصريح مدو من قبل وزير النقل العراقي هادي العامري الذي طالب الحكومة الكويتية بإيجاد موقع بديل لميناء مبارك، مجدداً تأكيده ان المشروع في حال تم أنشاؤه في موقعه المقرر فسيضر بعلاقات البلدين، وليس غريباً ان تأتي المطالبات من كتل برلمانية عراقية لها صلات وثيقة بالنظام الإيراني بشكل أو بآخر، ومنها ما أعلنته كتلة العراقية البيضاء، ومجموعة من نواب التيار الصدري، ونواب مستقلين عن تشكيلهم تكتلا برلمانيا جديدا لنصرة الحدود العراقية، وتشكيل وفد نيابي لزيارة محافظة البصرة للاطلاع على تأثير بناء ميناء جديد للكويت في العراق! ان مطالبات العراق الزائفة تجاه الكويت ومشروعها الطموح على جزيرة بوبيان، في حقيقة الأمر، هي مشبوهة وذات نفس طامع ومؤامراتي بحت، هدفها القفز على الحقائق وإضعاف موقف الكويت في الحفاظ على حدوده وأمنه.. ولكن هيهات، فالكويت لن تكون أبداً لقمة سائغة لهم - كما يظنون - ولن ترضخ حكومتنا للمخطط المشبوه، من زجها في مسرح الصراعات الإقليمية وما فيها من أطماع وخلط للأوراق، بات مكشوفاً للجميع.

محمد الجدعي
m.aljedei@gmail.com