المسلم فى المجتمع المعاصر
محمد اقبال

إن المسلم حقيقة عالمية وصورة عملية للعقيدة الاسلامية لا تنحصر بين حدود الجنسية والوطنية الضيقة بل تتخطى حدود المكان والزمان إن المسلم لا تعرف أرضه الجدود ولا يعرف أفقه الثغور ليست دجلة والنيل والدانوب الا أمواجا صغيرة فى بحره المتلاطم عصوره عجيبة وأخباره غريبة نسخ العهد العتيق وغير مجرى التاريخ هو فى كل العصور ساقى أهل الذوق وفارس ميدان الشوق شرابه رحيق دائما وسيفه ماض فى كل معركة ليس وطنه تلك البلدة التى ولد فيها ولا ذلك الاقليم الذى ينتمى إليه ولا تلك الدولة المحسوب عليها إنما وطنه الحقيقى العالم كله .
إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشرى حيث اتجه وسار بل خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدنية ويفرض على البشرية اتجاهه ويملى عليها ارادته لانه صاحب الرسالة وصاحب العلم واليقين فليس مقامه مقام التقليد والاتباع وإنما مقامه مقام الامامة والقيادة والارشاد و التوجيه . ذلك أن قوة المؤمن الخارقة للعادة المحيرة للعقول المعجزة للبشر مستمدة من رسالته و إيمانه بالله عز وجل .
إن المؤمن جسمه من تراب وفطرته من نور وقلبه غنى عن العالمين.
وقد جاء على لسان القائد الاسلامى الكبير طارق بن زياد فاتح الاندلس يدعو لاصحابه بالنصر ويناجى ربه تبارك وتعالى يقول (إن الغزاة المجاهدين عبيدك الغامضون الذين لا يعرفهم غيرك إذا ركلوا برجلهم الصحراء انشقت و إذا ركلوا برجلهم البحر انفلق وانكمشت الجبال إنهم عرفوك وأحبوك فزهدوا فى الدنيا واستغنوا عن العالم لا يطلبون الا شهادة فى سبيلك )
نتمنى للاسلام جيلا جديدا شبابه طاهر نقى وضربه موجع قوى إذا تكلم كان رقيقا رفيقا وإذا جد فى الطلب كان شديدا حفيا اماله قليلة ومقاصده جليلة غيور فى العسر رؤوف كريم عند اليسر يظمأ إن أبدى له الماء منة و يموت جوعا إن رأى فى الرزق ذلة يجمع بين جلال إيمان الصديق وقوة على وفقر أبى ذر وصدق سلمان يقينه بين أوهام العصر كمصباح فى ظلمات الصحراء يعرف فى محيطه بحكمته وفراسته وباذان السحر الشهادة فى سبيل الله أحب إليه من الحكومات والغنائم.

وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.