الصراع اليمني البريطاني حول جنوب اليمن (1934م-1954م)
الباحث:
د/ محمد شوعي حسن الشرفي
الدرجة العلمية:
دكتوراه
تاريخ الإقرار:
5/10/2000 م
نوع الدراسة:
رسالة جامعية

ملخص الدراسة :
شهدت المدة من 1918 – 1934 صراعاً مريراً بين اليمن وبريطانيا على جنوب اليمن المتمثل بعدن والنواحي التسع أو ما عرف بالجمعيات . وكان للأحداث التي شهدتها جنوب الجزيرة العربية سواء فيما يتعلق بالتنافس البريطاني الإيطالي في جنوب البحر الأحمر أو التقارب الإيطالي اليمني أو دخول الاتحاد السوفيتي في معاهدة مع اليمن عام 1928 أو النزاع اليمني أو دخول الاتحاد السوفيتي في معاهدة مع اليمن عام 1928 أو النزاع اليمني السعودي خول قضية الإدريسي دور في توصيل اليمن وبريطانيا إلى عقد معاهدة صداقة وتعاون في الحدي عشر من شباط 1934 ؛ إذ ألزمت هذه المعاهدة البلدين في مادتها الثالثة بضرورة الحفاظ على الوضع الراهن عند عقد المعاهدة إلى أن يتم التوصل إلى أتفاق نهائي بشأن الحدود بعد أربعين عاماً لكن الهدوء الذي أرسته المعاهدة لم يستمر طويلا ؛ فسرعان ما تم خرق المعاهدة من جانب بريطانيا بعد أن تبين لها بعد منتصف عام 1936 أن أراضي منطقتي شبوة والعبر غنية بالثروة النفطية ، فسعت إلى الدخول مع قبائل هاتين المنطقتين في معاهدات حماية ، ثم واصلت خروقها للمعاهدة عام 1937 حينما قامت بتقسيم جنوب اليمن إلى محميتين شرقية وغربية والدخول مع سلاطين وأمراء ومشائخ المحميتين في معاهدات استشارة .
وبناء على تلك الخروقات تجدد الصراع بين اليمن وبريطانيا من جديد لأن ما قامت به بريطانيا في جنوب اليمن بعد أنتهاكاً للوضع الراهن وتغييراً لمعالم المنطقة موضع النزاع ولغرض تتبع الصراع بين البلدين وما استجد فيه من أحداث جاء اختيار الباحث لموضوع الأطروحة " الصراع اليمني البريطاني حول جنوب اليمن 1934 - 1954 " .
وقد حددت مدة الدراسة بين عامي 1934 و 1954 لعدة مسوغات أهمها وجود دراسات سابقة أشارت إلى الصراع بين اليمن وبريطانيا حول جنوب اليمن من عام 1918 إلى عام 1939 ومنها أطروحة الدكتوراه للباحث صالح عون هاشم عدنان الموسومة " ، قدمت إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز عام 1985 إذ لم يتسن للباحث الاطلاع على هذه الأطروحة على الرغم من مراسلاته المتكررة مع كاتب الأطروحة ، وقسم التاريخ في الكلية المذكورة ، وكذلك رسالة الماجستير للباحث محمد حبيشي محمد الموسومة بـ " العلاقات البريطانية . اليمنية في فترة ما بين الحربين 1918-1939" قدمت إلى معهد البحوث والدراسات العربية عام 1992 ، وقد لوحظ أنها لم تستند إلى أية وثيقة عربية أو أجنبية . والمسوغ الآخر هو أن الباحث عبد القادر القحطاني في أطروحتة " العلاقة اليمنية – البريطانية بين عامي 1934 و 1962 " المقدمة إلى كلية الأداب – جامعة عين شمس عام 1992 لم يتوسع في مسألة الصراع ، وربما كان عذره عدم توفر الوثائق في حينه ، فجاءت هذه الأطروحة مكملة لأطروحتة التي بذل جهداً شكر علية .
كما أن توفر المجموعة الوثائقية البريطانية الكبيرة عن اليمن التي كشف عنها في عام 1993 ؛ شجعت الباحث في اختيار موضوع الأطروحة والبحث فيه حتى جاءت قريبة إلى الدراسة الوثائقية – إن اصح التعبير .
وأما تحديد عام 1954 لنهاية موضوع الأطروحة لأن هذا العام يشكل بداية لوضع سياسة جديدة من قبل بريطانية تهدف إلى إنشاء كيان سياسي منفصل عن اليمن ، وتمثيل ذلك في طرح مشروع اتحاد فيدرالي على سلاطين المحمية الغربية وأمرائها ومشائخها ، وبذلك جاء موضوع الأطروحة محصوراً بين معاهد صنعاء 1934 ومشروع الاتحاد الفيدرالي لعام1954 .
ضمت الأطروحة بين دفتيها مدخلاً تاريخاً واربعة فصول وخلاصة وعدداً من الخرائط التوضيحية .
تضمن المدخل التاريخي تعريفاً جغرافياً بمنطقة الصراع وأهميتها الأستراتيجية والتنافس الدولي حولها منذ بداية القرن الخامس عشر حتى الاحتلال البريطاني لعدن في التاسع عشر منة كانون الثاني 1939 ، وتطرق إلى الصراع البريطاني – العثماني حول جنوب اليمن والاتفاقات الحدودية التي تمت بين الدولتين في الأعوام 1903-1904 و1905و1914 ووضع المنطقة في الحرب العالمية الأولى 1914 و 1918 فضلاً عن الصراع اليمني البريطاني حول جنوب اليمن من 1918 حتى وصول المعتمد السياسي البريطاني في عدن الكولونيل "رايلي " إلى صنعاء يوم الثامن عشر من كانون الأول 1933 لغرض التفاوض بشأن عقد معاهدة صداقة وتعاون مع اليمن .
أما الفصل الأول فكان تحت عنوان : معاهد صنعاء وتصاعد المشاكل الحدودية بين اليمن وبريطانيا على حدود المحميات من 1934- 1948 ، وقد تناول المفاوضات بين الوفدين اليمني والبريطاني في صنعاء ومعاهدات الصداقة والتعاون المتبادل التي نتجت عن تلك المفاوضات التي تم التوقيع عليها في الحادي عشر من شباط 1934 وألقي الضوء على النزاع بين البلدين على شبوة والعبر ، وتعرض لبعض الحوادث والمشكلات في حدود اليمن مع المحميات كحادثة وادي مرخة ، وحوض الماء ، ومشكلة وادي حمرة ، كما تعرض للتمردات القبلية ضد الهيمنة البريطانية في المحميات .
وبحث الفصل الثاني المؤتمرات الخارجية والداخلية في الصراع بين اليمن وبريطانيا في المدة من 1934 – 1948 ؛ اذ تعرض لمسألة التقارب اليمني الإيطالي والتقارب اليمني الأمريكي ، وقرار هيئة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين في تشرين الثاني 1947 وبين الفصل في المؤثرات الداخلية علاقة بريطانيا بحركة المعارضة اليمنية في عدن ممثلة بحزب الأحرار والجمعية اليمانبة الكبرى ، فضلاً عن الموقف البريطاني من الصراع بين حكومة اليمن الحرة الدستورية التي جاءت إلى السلطة عقب اغتيال الإمام يحيى في يوم السابع عشر من شباط 1948 ، وولي العهد أحمد المطالب بعرش والدة .
وركز الفضل الثالث على تطور الصراع اليمني البريطاني في المدة من 1949 – 1953 وتأثير هذا الصراع في العلاقات بين البلدين ، وتعرض لمسألة تبادل التمثيل الدبلوماسي التي اقترحها الإمام أحمد في أثناء زيادة حالكم عدن " تشامبيون "له في تعز في تشرين الثاني 1948 ، وكذلك مشكلة الرصاص التي كانت سبباً في تراجع الإمام عن اقتراحه ، وتناول حادثة نجد مرقد وما تلاها من مشكلات في شبوة ووادي حمرة والمفاوضات بين الوفدين اليمني والبريطاني في لندن التي أنتهت بالتوقيع على اتفاقية التسوية المؤقتة التي تم تبادل وثائق التصديق عليها في كانون الثاني 1951 . وناقش الفصل العلاقات اليمنية البريطانية بعد اتفاقية عام 19951 في مجال تبادل التمثيل الدبلوماسي ومشاكل حدود اليمن مع المحميات والعلاقات الاقتصادية والدعاية الإعلامية .
وكرس الفصل الرابع لمناقشة سياسة بريطانيا الجديدة في جنوب اليمن لعام 1954 والموقف اليمني المعارض لها بدءاً بعرض فكرة الاتحاد الفيدرالي ومرحلة تنفيذ مشروع الاتحاد وتقويم المشروع وتم تسليط الضوء على موقف الحكومة اليمنية من مشروع الاتحاد وما استعملته من وسائل في سبيل عرقلته . وأشار الفصل إلى المواجهات العسكرية بين البلدين في حدود البيضاء مع المحميات والأساليب التي اتخذتها اليمن في مواجهة العدوان البريطاني على قرية الصومعة ومدينة البيضاء كما اشار الفصل أيضاً إلى المحادثات اليمنية البريطانية وزيارة حاكم عدن " توم هيكينبول تام " لتعز في تشرين الأول 1954 ، ونتائج مباحثاته مع وزير الخارجية اليمني سيف الإسلام عبد الله ، واخيرا ً تعرض الفصل للعدوان البريطاني على قرية مريس في ناحية قعطبة فضلاً عن العدوان البريطاني على القبائل اليمنية في المحميات .
اعتمدت الأطروحة على الكثير من الوثائق الرسمية المنشورة وغير المنشورة جاء في مقدمتها وثائق البلاط الملكي العراقي غير المنشورة المحفوظة في دار الكتب والوثائق في بغداد ولاسيما ملفات وزارة الخارجية الخاصة بالمفاوضة العراقية في جدة واليمن ، وأسميت ملفات وزارة الدفاع الخاصة بالبعثة العسكرية العراقية إلى اليمن بدور كبير في اغناء الفصل الثاني بالمعلومات من خلال التقارير التي كانت تبعثها البعثة إلى وزارتي الخارجية والدفاع العراقيتين . من وثائق البلاط الملكي أيضاً ملفات الجامعة العربية التي أفادت الفصل الثالث .
أما الوثائق العربية المنشورة فقد تمثلت في قرارات مجلس جامعة الدول العربية من الدورة الأولى 4 حزيران 1945 حتى الدورة الثالثة والعشرين 20 آذار 1955 إذ أفادت الفصل الرابع بشكل اساس . من الوثائق العربية المنشورة مضابط دورة الاجتماع العادي التسع عشر والعشرون لمجلس الجامعة العربية .
واستفاد الباحث من الوثائق الأجنبية غير المنشورة المحفوظة في دار الكتب والوثائق ببغداد ولاسيما الوثائق الامريكية عن عدن من 1925-1941 ،والوثائق الأمريكية عن الشؤون الداخلية والخارجية للسعودية من 1945- 1949 إذ أفادت الباحث في المدخل التاريخي وغطت بعض الأحداث في الفصل الأول من الأطروحة .
أما بالنسبة للوثائق الأجنبية المنشورة فقد عدت رافداً مهماً للأطروحة وشجعت الباحث لأن يختار عنوان الأطروحة والخوض في تفاصيلها ومن هذه الوثائق المجموعة الوثائقية البريطانية المكونة من خمسة عشر جزءاً التي جمعها كل من دورين وليلى انجرامز التي غطت تاريخ اليمن من 1723-1960 وكانت تحت
عنوان” "Record OF Yemen” " إذ أفاد الأطروحة الجزء الأول والخامس والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والرابع عشر وكان لغزارة المادة الوثائقية في تلك الأجزاء دور في حصر مدة الدراسة من 1934-1954 بدلاً من 1934-1962 ، ومن الوثائق الأجنبية المنشورة التي افادت الأطروحة وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التي جمعها الباحث إبراهيم الراشد في جزئين : الأول تحت عنوان "Yemen Enters Modern World " والثاني تحت عنوان "Yemen Under The Rule Of Imam Ahmed " واشتمل هذان الجزءان على تقارير القنصلية الأمريكية في عدن في المدة من 1945-1954، وقد أفادت الفصول الثلاثة الأخيرة من الأطروحة .
أفادت الأطروحات والرسائل الجامعية الواردة في ثبت المصادر الباحث بمعلومات قيمة منها أطروحة الأموي(التطورات السياسية في الجنوب اليمني 1918-1945 ) وأطروحة القحطاني (العلاقات اليمنية البريطاني بين عامي 1934-1954)إذ افادت الأخيرة الباحث في جميع الفصول لأنها تدخل ضمن أتجاه ومسار الأطروحة .
ورفدت الأطروحة كثير من الكتب العربية والمترجمة المدونة في ثبت المصادر وقد حرص الباحث في توزيعها على فصول الأطروحة بحسب ارتباطها بموضوع الحدث ، فمثلاً عندما تم التحدث عن الجوانب العسكرية رجع الباحث إلى كتاب " التأريخ العسكري " لسلطان ناجي وعندما تم التحدث عن اتصال اليمن بألمانيا بداية الحرب العالمية الثانية تم الرجوع إلى كتاب "علاقة بريطانيا بسلطنة لحج " لدلال الحربي وهكذا . . وقد حرص الباحث على التنويع في الكتب العربية المترجمة والتعامل معها بحذر إذ أن الغالبية العضمى منها ألفت بأسلوب إنشائي بعيد عن الأسلوب المنهجي العلمي وبعضها الأخر كان متحيزاً لطرف دون الأخر ، فعلى سبيل المثال أعتمد " أريك ماكرو " في كتاب " اليمن والغرب منذ عام 1571-1962 " على وجهة النظر البريطانية كما وجد الباحث في أثناء تفربغ المادة التاريخية من الكتب العربية والمترجمة والمقارنة بنينها أن كتاب " مستعمرة عدن وجاراتها التي تدعى بريطانيا حمايتها المعروفة بالمحميات التسع وعلاقة المملكة المتوكلية بتلك المناطق " الموجود في مكتبة الجامعة المستنصرية لمؤلف مجهول أنه للمؤرخ اليمني عبد الله بن أحمد الثور وقد تم مقارنة ذلك بكتاب " وثائق يمنة –الجنوب اليمني من الأحتلال إلى الأستقلال إلى الوحدة " وقد أكد الثور في مقدمة كتابة الأخير أنة قد فقدت المسودة الأصلية منه قبل مدة طويلة وعندما وجدها أضاف إليها مادة تاريخية لما بعد 1949 ، وتم طباعتها في كتاب واحد .
وأسهمت الدوريات اليمنية بما مثلته من صحف ومجلات في إغناء الأطروحة بمعلومات قيمة إذ سارت الصحف اليمنية الإيمان ، والنصر ،وسبأ ،جنباً إلى جنب مع الوثائق البريطانية في بعض الأحيان ولاسيما صحيفة سبأ التي حملت على كاهلها فضح السياسة البريطانية في جنوب اليمن فضلاً عن رصيدها لكل ما يتصل بقضية المحميات من أخبار . وألفت صحيفتاً "فتاة الجزيرة " و " صوت اليمن " الضوء على نشاط حركة المعارضة اليمنية في عدن من عام 1944-1948 كما أفادت الأطروحة بعض المقالات والدراسات التي نشرت في المجلات اليمنية كمجلة الإكليل ، ودراسات يمنية ،واليمن الجديد، والحكمة .
وكان للمعاجم وكتب التراجم والموسوعات درجة من الأهلية في التعريف بالأماكن وبعض الشخصيات المهمة ذات الصلة بموضوع الأطروحة وتمثلت في الموسوعة اليمنية ، وهجر العلم ومعاقله في اليمن ، ومعجم البلدان والقبائل اليمنية ، ومجموع بلدان اليمن وقبائلها ، ونزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر ، والموسوعة السياسية، وملحق التراجم لكتاب حياة الأمير علي بن عبد الله الوزير .
وللكتب الأجنبية دور في رفد الأطروحة بالمعلومات ولاسيما كتاب " Aden " لمؤلفه السير توم هيكينبوتام "Sir Tom Hickinbotam " الذي كان حاكما ً لعدن من 1951-1956 وكذلك كتاب : "Shades Of Amber " لمؤلفة كنيدي تريفاسيكيس "Kennedy Trevaskis " الذي كان وكيلاً لحاكم عدن لشؤون المحمية الغربية من تموز 1953 ومندوباً ساميا ً لعدن في المدة من 1963- 1965 إذ أفاد الفصل الرابع من الأطروحة عند تناول مشروع الاتحاد الفيدرالي .
هذا وقد ألحق بالأطروحة ملحقاً لبعض الخرائط التوضيحية لمنطقة الصراع وتقسيماتها الإدارية للتعرف على الأماكن التي جاء ذكرها في متن الأطروحة ولم يرد تعريفها .
وأخيراً أضع هذا الجهد المتواضع بين يدي أساتذتي الأفاضل رئيس وأعضاء هيئة المناقشة شاكراً لهم سلفاً جهودهم في تدقيق الأطروحة وتصويب ما يرونه من نواقص فالكمال غاية لا تدرك
] وفوق كل ذي علم عليم [ ولله العصمة والكمال وحده … ومنه يستمد العون والتوفيق .