الهجرات اليمنية إلى بلاد المغرب الأقصى خلال القرون الأربعة الهجرية الأولى وآثارها الديموغرافية
الباحث:
أ / عبد الحميد يحيى محمد الصبري
الدرجة العلمية:
ماجستير
الجامعة:
محمد الأول
الكلية:
الآداب
القسم:
التاريخ
بلد الدراسة:
المغرب
لغة الدراسة:
العربية
تاريخ الإقرار:
2006
نوع الدراسة:
رسالة جامعية
مقدمـة:
مثل اليمن قاعدة بشرية وحضارية عربية بموروثة الحضاري.الذي تمتد جذوره إلى حقب سابقة بظهور الإسلام، والذي عكس أثره في مختلف جوانب الحياة العربية العامة.أكد هذا الموروث والوعي الحضاري لليمنيين،موقفهم من الدعوة الإسلامية، منذ بدايتها الأولى فقد اتصل اليمنيون بالإسلام في حياة الرسول(ص)، وأثنى عليهم وعلى حسن إيمانهم، ثم ساهموا في حروب التحرير بأعداد كبيرة من مختلف القبائل اليمنية، فكانوا غالبية الجيش العربي، وقد خاضوا أشهر المعارك الحاسمة التي دارت في فجر الإسلام كمعركة اليرموك، والقادسية، والبويب.
كما كانت لهم الأسبقية في فتح العديد من المناطق الفارسية والتركية،وتولوا قيادة السرايا، والمسالح في العراق، وقيادة الجيوش وإمداداتها في الشام، والعراق، ومصر، وبلاد المغرب، وشاركوا في القيادة والتخطيط، وكان من نتائج هجرتهم لنصرة الدعوة الإسلامية استقرارا حضاريا، ومعهم نساؤهم وأطفالهم وأموالهم، في الشام والعراق ومصر وبلاد المغرب والأندلس هذه الأمصار أصبحت المراكز الرئيس للحضارة العربية الإسلامية. وساهموا بنصيب غير قليل في الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والحضارية، فخطط حمص تولاها السمط بن الأسود الكندي اليمني، ومدينة الفسطاط تولى تخطيطها أربعة من اليمنيةهم معاوية بن حديج التجيبي، وشريك بن سمي الغطيفي، وعمرو بن قحزم الخولاني، وحيويل بن ناشرة المعافري. تعتبر الفسطاط القاعدة الأولى لعرب اليمن، حيث شكلوا الغالبية العظمى للعشائر التي اختطها، وهذا يدل على تأصيل الاستقرار، واتساع الأفق والخبرة السابقة في المجال الحضاري، كما ظهر قادة أسندإليهم فتح إفريقية والمغرب الأقصى، فقد تولى فتح إفريقيا والمغرب ثمانية قواد هم عمرو بن العاص السهمي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، ومعاوية بن حديج السكوني، وعقبة بن نافع الفهري،وأبوالمهاجردينار مولى الأنصار، وزهير بن قيس البلوي، وحسان بن النعمان الغساني،و موسى بن نصير اللخمي. من هؤلاء القادة خمسة من اليمنيةهم معاوية بن حديج، وأبوالمهاجر دينار، وزهير بن قيس البلوي، وحسان بن النعمان الغساني،وموسى بن نصير اللخمي، وقد كان لهؤلاء القادة دور كبير في فتوحات بلاد إفريقية والمغرب، بأتباعهم استراتيجية حكيمة تمثلت في إشراك البربر في الجيوش الإسلامية الفاتحة، وبمبادرة معاوية بن حديج في اتخاذ قاعدة المسلمين هي " معسكر القرن" ببلاد المغرب ، كما تولى العديد منهم مناصب سياسية وقضائية ومالية، إلى جانب الدور العسكري، وهو ما جعل لهم وضعا ومركزا اجتماعيا متميزا ومؤثرا في سير الأحداث في تلك الأمصار.
إن استقرارهم الدائم في هذه الأمصار تطور إلى إقامة كيانات سياسية عربية إسلامية، وظهور الصراعات العصبية القبلية بين القيسية واليمنية، التي أدت إلى ظهور النزاعات السياسية والدينية، التي اندلعت خلال عصر الدولة الأموية والعباسية، بسبب سوء سياساتهم. مما أدى إلى ظهور الفرق والمذاهب المتعددة، وكان بعض زعماء هذه الفرق والمذاهب من اليمنية الالتفاف وراء هذه فالتف الكثير من اليمنيين حولهم، ورفعوا لواء الثورة والعصيان ضد الدولة. وكان المغرب ملجأ لكل الفارين من المشرق خوارج وعلويين،كما أن مشاركة اليمنيين في تأسيس مدينة الفسطاط والقيروان ونكور واستقرارهم بهما حقيقة لا تقبل الجدل، ومن هذه المحطات والرباطات انطلقت الدعوة الإسلامية للتغلغل داخل المغرب الأقصى، حتى تمكنوا من نشر الإسلام، وتكوين علاقة حضارية مع السكان المحليين، وهو ما جعلهم يؤسسون إمارة آل صالح الحميري في بلاد الريف سنة 92 هـ، ويتخذون نكور عاصمة لهم، واستطاع آل صالح نشر الدين الإسلامي بين قبائل صنهاجة وغمارة وغيرها، ولم يقتصر دور اليمنيين على الناحية السياسية فقط، بل امتد تأثيرهم إلى الجوانب الدينية، وعلى عاتقهم انتشر المذهب المالكي في المغرب، وقفوا ضد المذاهب والفرق الأخرى، وذلك بفضل العلماء والفقهاء من اليمنية، قدرتهم على التأثير فيهم بسلوكهم الحسن وبالتعامل الودي. كان لهم دور في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، نظرا لأهمية هذه الأدوار، ولأن الدراسات التاريخية لم توفيها حقها بعد، فقد دفعني ذلك إلى محاولة المشاركة في إبراز بعض من هذه الأدوار لعرب اليمن في بلاد المغرب، أنا في بحثي هذا المتواضع أؤمن بوجود جماعات أخرى من العرب كان لهم دور ومساهمة حضارية في نشر الدين الإسلامي والثقافة العربية، ولكن التعمق الذي يقتضي مني حصر الموضوع، وليس تعصبا مني لبلدي، فهذه دعوة قد هدمها ديننا الحنيف، وحاولت أن أقتصر في بحثي هذا على أهل اليمن واستقرارهم، فالقبائل اليمنية كانت منتشرة في مختلف بقاع المنطقة العربية منذ عهود ما قبل الإسلام، ثم إن معظم العشائر اليمنية – موضوع البحث- كانت قد قدمت من مواطن استقرارها من جنوب الجزيرة العربية، وبلاد الشام، والعراق، ومصر.
- إشكالية الموضوع وخطة البحث:
يعد موضوع الهجرات اليمنية إلى بلاد المغرب وآثارها الديموغرافية خلال القرون الأربعة الهجرية الأولى، موضوعا ذا أهمية كبرى في حقل الدراسات المهتمة بقضايا التواصل الحضاري بين المغرب والمشرق الإسلامي، وتأثير الفاتحين في السكان المحليين، لأنه سوف يمكن من الإجابة عن عدة أسئلة متعلقة بتأثير العرب واليمنيين على وجه الخصوص خلال الفترة المدروسة.
ولعل ما يزيد الموضوع أهمية هو طبيعة الفترة التي سوف أقوم بدراستها. ويظهر من المادة المصدرية المتوفرة لدي أن هذه الفترة كانت من الفترات الحساسة من الوجود الإسلامي بإفريقية والمغرب الأقصى، إذ شهدت عملية الفتح خلال ستا وستين سنة عشرات الألوف من الشهداء، كان من بينهم قائدان من أعظم قادة الفتح الإسلامي، هما: عقبة بن نافع، وزهير بن قيس البلوي. وسوف أسلط الضوء على هذا الإشكال خلال هذه الفترة الحساسة، وذلك من خلال دراسة الوجود الإسلامي لعرب اليمن، والجوانب والآثار التي خلفوها،من خلال صورة لمعلومات مترابطة أو متكاملة، تتطلب الرجوع إلى المصادر المختلفة من كتب التاريخ العام، والطبقات، والتراجم، وكتب الحسبة، والجغرافيا والرحلات، والمعاجم، وغيرها من الدراسات الحديثة، وقبل شروعي في عملية البحث كنت مضطرًا للإجابة عن مجموعة من الأسئلة التي تشكل المحور الأساس للبحث وهي:
- كيف تم إسلام أهل اليمن؟ وكيف كانت مشاركتهم في الفتوحات؟
- ما هي مراحل انتقال أهل اليمن إلى بلاد المغرب؟ وكيف كانت؟
- ما هي الجوانب والآثار الديموغرافية التي خلفها اليمنيون في بلاد المغرب؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة كان لا بد من البحث في الإطار التاريخي للفترة المدروسة منذ إسلام أهل اليمن، وحتى سقوط إمارة نكور. هذا يجرني إلى الحديث عن القبائل التي شاركت في الفتوحات الإسلامية، ودورها في نشر الدين الإسلامي والثقافة العربية ومختلف الجوانب الأخرى. هذا البحث يفرض الحديث عن الموقع الإستراتيجي لليمن والمغرب، لأنهما يشكلان حلقة الوصل والتواصل منذ أقدم العصور. كما كان علي القيام بعملية مسح للمجال الجغرافي للمناطق والمدن التي انتشر فيها أهل اليمن، والذي يمكن حصره بادئ الأمر في المناطق التي استقرت بها القبائل اليمنية، والذي اتسع بعد ذلك وأصبح يشمل مناطق أخرى في بلاد إفريقية والمغرب الأقصى، واندماجهم مع البربر.
لقد استطعت انطلاقا مما توفر لدي من نصوص الإجابة عن هذه الأسئلة رغم تضارب المعلومات التي تضمنتها تلك النصوص، واستنطاق بعض الإشارات الديموغرافية التي تدل على ما خلفه أهل اليمن في بلاد المغرب. وتبعا لطبيعة الموضوع فقد كان لزاما علي طرح أسئلة أخرى تتعلق أساسا بالجوانب والآثار التي تركها اليمنيون في مجتمع المغرب الأقصى بعد الفتح الإسلامي، وهي كالتالي:
- ما هي الآثار الدينية والثقافية التي خلفها اليمنيون في بلاد المغرب؟
- ما هي الآثار الديموغرافية التي خلفها اليمنية في بلاد المغرب؟
- ما هي الآثار التي خلفها اليمنيون في الحياة التجارية والاقتصادية؟
- ما هي الآثار والجوانب التي خلفها اليمنيون في الحياة السياسية والاجتماعية؟
لقد حاولت الاجابة عن هذه الأسئلة والأسئلة السابقة، فجاء تصميم بحثي كمايلي :
- مدخل مفاهيمي: تناولت فيه التعريف باليمن والمغرب الأقصى.
- الفصل الأول: إسلام أهل اليمن ومراحل انتقالهم إلى بلاد افريقية و المغرب .
المبحث الأول: اسلام اهل اليمن ومراحل الانتقال
أ- إسلام أهل اليمن ومشاركتهم في الفتوحات.
ب- مرحلة الانتقال الاول وتأسيس مدينة الفسطاط.
المبحث الثاني: مراحل الفتح العربي لبلاد افريقية والمغرب الأقصى
أ- مرحلة فتح إفريقية وتأسيس مدينةالقيروان.
ب- مرحلة فتح المغرب الأقصى وتأسيس مدينة نكور.
-الفصل الثاني: الآثارالديموغرافيةالتي خلفها اليمنيون في بلاد المغرب الأقصى.
المبحث الأول: دورهم في الحياة الدينية والديموغرافية في المغرب الأقصى.
أ- الجوانب والآثار الدينية والثقافية.
ب- الآثار الديموغرافية.
المبحث الثاني: دورهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المغرب الأقصى.
أ- الجوانب والآثار الاقتصادية والتجارية.
ب- الجوانب والآثار السياسية والاجتماعية.
أما الخلاصة فقد تعرضت فيها بشكل موجز أبرز جوانب البحث، وقدمت أهم النتائج التي توصلت إليها. كما زودت بحثي ببعض الخرائط لبلاد المغرب والمناطق التي استقرت فيها القبائل اليمنية.