بسم الله الرحمن الرحيم
يعج عالم اليوم بدول ومنظمات وأفراد من دعاة الدين الجديد, وهو الحرية والديمقراطية. وقد صدّق كثيرون ذلك, وانجروا خلف تلك الدعوات المخادعة التي لا تهدف قطعاً إلى نشر الديمقراطية الحقيقية, وحفظ حق الإنسان الأصيل في أن يعبر عن رأيه.
في ظل تلك الدعوات, لايدير هذا العالم بالاً لحاجات البشر الحقيقية, والماسة في أماكن عديدة من العالم, حيث المجاعات والصراعات التي قد تكون في أحيان كثيرة من تدبير العالم المتحضر أو على الأقل مباركته ودعمه لها.
إن ما قادني لهذا الموضوع هو ما شاهدته على شاشة التلفاز-أو الرائي كما سماه المرحوم بإذن الله الشيخ علي الطنطاوي- من مناظر تمس المشاعر الإنسانية في الصومال الذي دمرته الحروب والصراعات.
لا أعتقد أن هناك شخصاً سوياً في قلبه ذرة إنسانية, لم يتأثر بصور الأطفال والرجال والنساء الذين فعلت المجاعة والأمراض في أجسادهم الأفاعيل. ففي أحيان كثيرة تكون صور أولئك البشر عبارة عي هياكل عظمية, بل أبشع من ذلك.
إن المجاعة في الصومال الفقير هي مسئولية جماعية, وفردية. فهي مسئولية كل العالم الذي أصابته التخمة, وتعسر لديه الهضم من كثرة ما يلتهمه من أطعمة, وهي مسئولية ذلك العالم الذي يصرف المليارات على الحروب والصراعات, وقتل النفس البشرية التي حرّم الله إلا بالحق, بذرائع متعددة, ولعل أبرزها نشر الديمقراطية. فالمجاعة في الصومال سبة في جبين العالم المتحضر أو الذي يدّعي ذلك, والذي نسي أو تناسى إنسانيته وواجباته.
إنها سبة في جبين هذا العالم أن يجوع إنسان على وجه هذه البسيطة, فيما الأطعمة تملأ خزائنه, وبقايا الأطعمة المرماة تملأ حاويات النفايات. إنه عالم بلا أخلاق, وبلا ذوق, وبلا إنسانية. عالم فقد آدميته, ومشاعره ليتحول إلى وحش كاسر همه إشباع نفسه فقط.
المفضلات