بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأستاذ الدكتور الفاضل مسلك ميمون...
جزاك الله خيرا على تحريك موضوع آخر له علاقة وطيدة بعملية القراءة /الكتابة التي أعتبرها عملية واحدة ذات وجهيين منفصلين لا يمكن الجمع بينهما إلا من رحم ربي...فليس كل "مبدع" بــ"ناقد" و ليس كل "ناقد" بــ"مبدع"...لأسباب أنت أعلم بها مني...
فالإبداع سيولة...و النقد تقييم...الإبداع انسياب...و النقد كشف...الإبداع تداعي...و النقد تحليل و تفكيك...
الكاتب أو المؤلف قد تجد في كتاباته إبداع و قد لا تجد...و من باب "قضية أن يكون الإنسان أو لا يكون في مجال الإبداع " يحاول كل من استطاع تركيب جملة فعلية و أخرى اسمية أن يعبر عن همومه في جنس من الأجناس الأدبية...و لكم كم قرأ هذا الكاتب في هذا الجنس أو ذاك حتى يكتسب على الأقل المادة الخام...فالقراءة هي الأساس في الإبداع...فليس كل كتابة تحمل جمالية الإبداع الذي يبحث عنها القارئ العادي الذي قد يختلف جدريا عن القارئ المتمكن و على رأس هؤلاء المتمكين يتربع النقاد...فالناقد المتمكن يمتلك من الأدوات التي يستعملها في النظر لما جاد به الكاتب أو الكاتب/المبدع...لا تتوفر حتى بالنسبة للقارئ الجيد فكيف بالقارئ العادي...و هنا أعتبر كل كاتب هو قارئ عادي حتى ينهل من كتب النقد...فلا نقد دون قراءة و لا إبداع دون قراءة...
هذا من جهة من جهة أخرى ،لو طرحنا سؤالا موضوعيا على الأحبة الكرام من أهل واتا في هذا المجال كم من النقاد...الذين هم نقاد بكل ما في الكلمة من معنى...كم من هم حاول أن يدلي بآراءه و نقده و توجيهاته و تقييمه و تصحيحه للمفاهيم و حتى إشاراته للأخطاء اللغوية التي قد تحدث جهلا أو سهوا للكاتب...؟ صراحة لا أجد إلا القليل إن لم أقل هناك دكتور واحد حامل مشعل النقد في واتا لهذه المعشوقة التي لم تظهر لها ملامح كاملة...فله جزيل الشكر و العرفان...لا أنفي مجهودات الإخوة في القراء الجادة...و لكن القراءة الجادة ليست نقدا بكل ما في الكلمة من معنى...
كم لدينا من حاملي الدكتورة في الأدب و النقد في هذا الصرح الجميل...؟حقيقة لديهم مشاغل كثيرة و لديهم ما لديهم من واجبات...و لكن القليل من الوقت يضفي الكثير من الاستفادة لمن عشقوا هذا اللون في الكتابة...
أعتقد أن قضية المجاملة من قبيل عبارة أو عبارة على الأكثر لا تفسد شيئا فلا هي نفاق و لا هي تلميع لشيء فاسد...فمن كتب فقد حاول على قدر استطاعته...و تعجني كثيرا قولة يرددها دكتورنا مسلك...يوسف ادريس القاص الذي كتب دررا من في الأدب قال عن نفسه أنه لم يصل بعد إلى كتابة القصة التي يرضى عنها...و هذا يعكس أن مطمح الكمال في الكتابة هو شيء جميل...و من هنا يظل الكاتب يحاول جهد إمكانه و استطاعته أن يقدم شيئا ينفع الناس...و ليس أجمل قول من قول الله جل و علا والذي اقفل بها بداية لا انتهاء ما طرحه الدكتور الفاضل من الآية الكريمة من سورة الرعد...الرعد الذي يجب أن يحدث في القراءة قبل الكتابة...لأن الرعد أساس هو مقدمة للأمطار الغزيرة التي تسقي التربة...فالقراءة الغزيرة هي أمطار تسقي تربة الموهبة التي قد تنبت الشيء الجميل الذي يرضي الله عز و جل و يجد فيه القارئ المتعة و استفادة...
{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)} سورة الرعد 17.
فالنقد كالنار قد تدفئ القارئ و قد تحرق ما هو غير صالح في إبداعه...و يظل الاحترام هو المبدأ السائد في التعامل مع الكل...و للحديث بقية إن شاء الله...
و رمضان كريم و كل عام و الأمة تنتقد نفسها بنفسها لتعرف مكامن قوتها و ضعفها...فتجدد ما أصابه الصدأ و تزيد في تقوية ما يعينها على الاقتراب من ربها و بناء حضارة كانت من أجمل الحضارات التي عرفها التاريخ...
تحيتي و تقديري...
المفضلات