قضية رقم 51 لسنة 22 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

------------------

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 مايو سنة 2003 الموافق 10 ربيع أول سنة 1424 ه .

برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر على البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 22 قضائية " دستورية "

المقامة من

السيد / عادل شهدى عبده عن نفسه وبصفته وكيلاً عن السيد / أمير عادل شهدى

ضد

1. السيد رئيس الجمهورية

2. السيد رئيس مجلس الشعب

3. السيد رئيس مجلس الوزراء

4. السيد وزير العدل

الإجراءات

بتاريخ 29/2/2000 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 79 و 80 و 81 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ، وفى الموضوع برفضها

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع حسبما يبين من الاطلاع على صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنه كان قد أقام الدعوى رقم 2633 لسنة 1983 مدنى كلى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الداخلية وآخر طالباً إلزامهما بأن يؤديا له مبلغ مائة وخمسين ألفاً من الجنيهات مقابل الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به وبنجله والناتجة عن إصابة الأخير فى حادث تصادم إحدى سيارات المطافئ بسيارته مما ألحق به عاهة مستديمة ، وإذ قضت تلك المحكمة برفض الدعوى ، فقد طعنا عليه بالاستئناف رقم 1118 لسنة 42 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية ، فقضت بتأييد الحكم المستأنف ، فأقام المدعيان الطعن رقم 1778 لسنة 58 قضائية أمام محكمة النقض ، فقضت بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التى قضت بجلستها المنعقدة فى 17/12/ 1996 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يؤدى لكل من المستأنفَيّْن تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه ، وإذ قامت وزارة الداخلية بخصم ضريبتى الدمغة النوعية والنسبية من المبلغ المقضى به ، فقد أقام المدعيان الدعوى رقم 6 لسنة 1999 أمام محكمة العطارين الجزئية بغية إلزامها بأن تؤدى لكل منهما قيمة ضريبة الدمغة بنوعيها والسابق خصمها من قيمة التعويض والتى تقدر بمبلغ 60ر1599 جنيهاً . وأثناء نظر الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 ، فصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقاما الدعوى الماثلة .

وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة من ثلاثة أوجه :

أولها : إنتفاء مصلحة المدعيين فى الطعن على نص المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وذلك تأسيساً على أن التعويض المستحق لهما عن العمل غير المشروع لأحد تابعى جهة الإدارة صدر بتحديد قيمته حكم قضائى حائز لحجية الأمر المقضى ، والنزاع الذى يدور حول سلامة تنفيذ هذا الحكم لا شأن له بالمنازعة فى فرض ضريبة الدمغة بنوعيها طبقاً لحكم المادة 80 سالفة الذكر ، كما أن القضاء بعدم دستورية هذا النص لن يكون له من أثر على النزاع الموضوعى ، وثانيها : أن نص المادة 79 من ذات القانون لا شأن له بفرض ضريبة الدمغة والتى يرى المدعيان عدم خضوع التعويض المستحق لهما لحكمها ، وثالثها : أن تصريح محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية كان منصباً على نص المادتين 79 و 80 ، ومن ثم فإن الطعن على نص المادة 81 من القانون المشار إليه لم يتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالطريق الذى رسمه قانونها .

وحيث إن هذا الدفع بوجهيه الأول والثانى مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الصلة التى تقوم بين الدعوى الموضوعية والدعوى الدستورية ، تقتضى أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية ، متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول طلب المدعيين إلزام وزارة الداخلية بأن تؤدى لهما قيمة ضريبة الدمغة السابق خصمها من التعويض المحكوم به لكل منهما ، وكان سند الوزارة فى استقطاع تلك الضريبة هو نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون الضريبة على الدمغة الذى أخضع جميع المبالغ التى تقوم بصرفها الجهات الحكومية ، وأياً كانت طبيعتها ، لهذه الضريبة بنوعيها ، فإن القضاء بعدم دستورية ذلك النص فيما تضمنه من إطلاق حكمه ليشمل قيمة التعويضات المحكوم بها قضاءً ، سيؤدى إلى إجابة طلبات المدعيين الموضوعية ، ومن ثم تكون لهما مصلحة شخصية فى الطعن على النص المشار إليه ، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .

وحيث إن المدعيين دفعا أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعناً عليهما ، فإن إضافة المدعيين فى دعواهم الماثلة نص المادة 81 من ذات القانون ينحل طعناً مباشراً بعدم الدستورية ، إتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالمخالفة للأوضاع المقررة وفقاً لحكم المادة 29 من قانونها بما يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها .

وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أن " فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات تستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها ، وسواء تم الصرف مباشرة أو بطريق الإنابة علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها " .

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين أنه إذ أخضع قيمة التعويضات الصادرة بأحكام قضائية حائزة لقوة الأمر المقضى لضريبتى الدمغة النسبية والإضافية فإنه يكون قد أعاق تنفيذها بالمخالفة لنص المادة 72 من الدستور ، كما أنه انطوى على تفرقة لا تقوم على أساس موضوعى يبررها بين طائفتين من المضرورين الأولى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن الأفعال الضارة الصادرة من آحاد الناس ، والأخرى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن أفعال ضارة يرتكبها تابعى الجهات الحكومية ، ففى حين يتقاضى المضرور من أفراد الطائفة الأولى قيمة التعويض المحكوم به كاملاً ، يتم صرف قيمة التعويض المقضى بها للفئة الثانية منقوصاً منها قيمة ضريبة الدمغة ، الأمر الذى ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .

وحيث إن النعى بمخالفة النص الطعين لحكم المادة 40 من الدستور سديد ، ذلك أن مبدأ المساواة أمام القانون يستهدف صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال من هذه الحقوق أو تقيد ممارسة تلك الحريات ، كما أن الحماية القانونية المتكافئة التى يفرضها هذا المبدأ لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور ، بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى الحقوق التى يكفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء السياسة التشريعية التى يراها محققة للمصلحة العامة .

وحيث إن المسئولية التقصيرية تقوم على الإخلال بالتزام قانونى واحد هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير . والأصل فيها ، أن كل من ارتكب فعلاً ضاراً سواء كان من آحاد الناس أو تابعاً لأحد الأشخاص الاعتبارية يلزم بتعويض من أصابه ضرر نتيجة فعله الضار ، ومن ثم تتحقق مسئولية الشخص الاعتبارى على ذات النحو الذى تتحقق به مسئولية الأفراد ، وقواعد المسئولية التقصيرية التى يطبقها القضاء العادى واحدة للفريقين .

وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة قضى بخضوع كافة المبالغ التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها من الأموال المملوكة لها ، لنوعين من ضريبة الدمغة هما الضريبة النسبية والضريبة الإضافية ، حتى ولو كانت هذه المبالغ تمثل تعويضات محكوم بإلزام تلك الجهات بأدائها من جراء الأفعال الضارة التى يرتكبها تابعوها ، حال أن هذه المبالغ وبحسبان أنها تمثل تعويضاً قضائياً مكافئاً للأضرار التى لحقت بالغير يجب أن تخضع لذات المعاملة القانونية التى تخضع لها مبالغ التعويضات التى يُقضى بها ضد الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، فمستحقى هذه التعويضات فى مركز قانونى واحد ، فهم جميعاً مضرورون صدرت أحكام بأحقيتهم فى تعويضات عن أفعال ألحقت بهم ضرراً ، ومن ثم لَزِم أن يعاملوا معاملة قانونية متكافئة ، وإذ خالف النص الطعين هذا المبدأ ، بأن اختص طائفة منهم بحكمه دون أن يستند فى هذا التمييز إلى أسس موضوعية تبرره ، فإنه يكون قد أقام تمييزاً تحكمياً غير مبرر بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من فرض ضريبة دمغة نسبية وإضافية على مبالغ التعويضات المحكوم بها التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .