كان في فلسطين قبل نكبة عام 1948م عدد من المواسم التي تنسب كل منها الى نبي له مقام في منطقة او اخرى, وكان لكل موسم طقوس بيع وشراء وطقوس دينية واحتفالات شعبية متميزة بالغناء والعزف والدبكة ونصب الاراجيح للاطفال.
واهم تلك المواسم: موسم النبي موسى قرب اريحا, وموسم النبي صالح قرب الرملة, وموسم النبي صالح قرب قرية النبي صالح قضاء رام الله, وموسم النبي شعيب قرب حطين, وموسم النبي روبين جنوب يافا, وموسم النبي ايوب قرب بلدة الجورة وايضا قرب رأس ابن سمحان, وموسم النبي كفل قرب دير طريف, وموسم النبي عنير في بني حارث, وموسم علي بن عليم شمال يافا.

تقع قرية النبي روبين على بُعد 14 كم غرب الرملة و15 كم جنوب يافا. وتقع على الضفة الجنوبية لنهر روبين، الذي يسمى أيضاً وادي الصرار وسيل سوريك، ويصب في البحر الأبيض المتوسط جنوب يافا. وغالبية أراضيها كانت تأخذ أشكال الكثبان الرملية، وتبلغ مساحتها حوالي 31 ألف دونم.
وكانت القرية مركزاً تجارياً للعرب وللصليبيين، وأقيم فيها سنة 1184 م موسمٌ تجاريٌ يقبل عليه تجار الشام ويحضرون معهم العبيد، ويتبادلون بالبيع والشراء الخيل الفارسية والكردية والأسلحة اليمنية والهندية. واستمرت المواسم التجارية إلى سنة 1200م عندما بدأت الحملات الصليبية.

وفي القرية مقام سيدنا روبين ابن سيدنا يعقوب عليهما السلام. أما بناء المسجد والمقام ففيه أقوال عديدة. وتذكر بعض المراجع أن الشيخ شهاب الدين بن أرسلان بنى المقام سنة 844هـ بينما تفيد مراجع أخرى أن حاكم القدس المملوكي تمراز المؤيدي هو الذي بنى المسجد والمقام في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي (بين 1436 م و 1437م). وقد كتب عنه القاضي مجير الدين سنة 1495م: "أنّه قبر سيدنا روبين". أما وليد الخالدي فيشير أن المقام بني على أرض أقيم عليها معبد كنعاني، وأن المواسم الاحتفالية في النبي روبين يعود تاريخها إلى الكنعانيين.

لقد كان هذا الموسم اعظم المواسم الفلسطينية حشدا للناس واطولها مدة, فقد كان زواره اكثر من زوار النبي موسى, وكان يعقد عند نهر النبي روبين ولا يبعد عن شاطيء البحر سوى ثلاثة كيلومترات ولا يرتفع عن مستواه سوى عشرة امتار، وكان يبدأ الموسم لدى ظهور اول هلال في شهر آب ويستمر شهرا كاملا وكانت تقام خيام في السهل المحيط بالمقام ولا سيما عند الجانب الشمالي الغربي, وكانت الجمال تشاهد وهي آتية بعائلات تحمل معها جميع اوانيها ولوازمها لقضاء ايام الموسم, فيما يعتبره الفلسطينيين اجازة, بل "شطحة" سعيدة ممتعة, وكان يروى عن نساء يافا قولة الواحدة منهن لزوجها في الالحاح عليه للمشاركة في هذا الموسم: "يا بِتْروبِنّي يا بتطلقني".
ولا حاجة للتذكير بأن الصلوات والمراسم الدينية لم تكن تستغرق الا جزءاً يسيراً من وقت الناس, مما كان يتيح لهم متسعا من الوقت لممارسة الالعاب وركوب الاراجيح وذبح الذبائح في مهرجان حافل يشترك فيه المسلمون والمسيحيون دون تمييز.

ومنذ القرن السابع عشر الميلادي، كان يؤم المقام سكان يافا واللد والرملة والقرى المحيطة بها صيفاً (في آب وأيلول) من كل سنة، حيث تُنْصَبُ الخيام والمعرشات ويزورون المقام ويؤدون الصلاة في المسجد الملاصق له .

وتقوم إدارة الأوقاف بتأمين الماء اللازم. كما أن الموسم كان فرصة للسقائين لنقل الماء للزائرين وبيعه لهم. و كانت تقام المسارح والأراجيح وسباقات الخيل إضافة إلى نشاطات أدبية وفنية متعددة. وكانت تقام حلقات المصارعة حيث يتقدم أحد المصارعين من إحدى القرى ويتحدّى المصارعين من القرى الأخرى. ويعقد الحضور مراهنات على الفائز. وكان يحضر الموسم في بعض السنين شخصيات سياسية وفنية وإعلامية. وكان الموسم فرصة لبعض العائلات للاجتماع للزفاف والطهور وحلاقة شعر الأولاد لأول مرة. ويقوم بعض الباعة ببيع حلاوة صلبة نوعاً ما، بيضاء اللون وطيبة الطعم.

ولعل موسم النبي روبين كان قد بدأ بنمط آخر في القرن الثالث عشر الميلادي خلال فترة حكم المماليك الذين أقاموا جامعاً ونقاط مراقبة متعددة على طوال الساحل خوفاً من تجدد الحملات الصليبية.
وكان يصل عدد من يؤم الموسم سنوياً إلى ثلاثين ألفاً. لكن هذا "الكرنفال" السنوي أقلق الإنجليز فقاموا بمنعه ابتداءاً من سنة 1936 – 1939م حيث فرضوا حظراً على مثل هذه التجمعات خوفاً من أن تتحول إلى نشاطات مقاومة للانتداب.