أخرج الحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْأَجَلِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ مَالُهُ: أَنَا مَالُكَ خُذْ مِنِّي مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ أَحْمِلُكَ وَأَضَعُكَ فَإِذَا مِتَّ تَرَكْتُكَ، قَالَ: هَذَا عَشِيرَتُهُ، وَقَالَ الثَّالِثُ: أَنَا مَعَكَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَأَخْرُجُ مَعَكَ مِتَّ أَوْ حَيِيتَ، قَالَ: هَذَا عَمَلُهُ»([1]).

-وفي رواية: «فَأَمَّا الَّذِي قَالَ خُذْ مِنْهُ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَإِنَّهُ مَالُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ عَشِيرَتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَهُوَ عَمَلُهُ»([2]).

-وأخرج الرامهرمزي في (أمثال الحديث) بسند ضعيف عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي ضَرَبْتُ لِلدُّنْيَا مَثَلًا لِابْنِ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ، مَثَلُهُ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِأَحَدِهِمْ: إِنَّكَ كُنْتَ لِي خِلًّا، وَكُنْتَ لِي مُكْرِمًا مُؤْثِرًا، وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، فَمَاذَا عِنْدَكَ؟ فَيَقُولُ خَلِيلُهُ ذَلِكَ: وَمَاذَا عِنْدِي وَهَذَا أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ غَلَبَنِي عَلَيْكَ؟ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُنَفِّسَ كُرْبَتَكَ، وَلَا أُفَرِّجَ غَمَّكَ، وَلَا أُؤَخِّرَ سَعْيَكَ، وَلَكِنْ هَأَنَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَخُذْ مِنِّي زَادًا تَذْهَبُ بِهِ مَعَكَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ.

قَالَ: ثُمَّ دَعَا الثَّانِي فَقَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ لِي خَلِيلًا، وَكُنْتَ آثَرَ الثَّلَاثَةِ عِنْدِي، وَقَدْ نَزَلَ بِي مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، فَمَاذَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: وَمَاذَا عِنْدِي؟ وَهَذَا أَمْرُ اللَّهِ قَدْ غَلَبَنِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُنَفِّسَ كُرْبَتَكَ، وَلَا أُفَرِّجَ غَمَّكَ، وَلَا أُؤَخِّرَ سَعْيَكَ، وَلَكِنْ سَأَقُومُ عَلَيْكَ فِي مَرَضِكَ، فَإِذَا مِتَّ أَتْقَنْتُ غُسْلَكَ، وَجَوَّدْتُ كِسْوَتَكَ، وَسَتَرْتُ جَسَدَكَ وَعَوْرَتَكَ.

قَالَ: ثُمَّ دَعَا الثَّالِثَ فَقَالَ: نَزَلَ بِي مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، وَكُنْتَ أَهْوَنَ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ، وَكُنْتُ لَكَ مُضَيِّعًا، وَفِيكَ زَاهِدًا، فَمَاذَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: عِنْدِي أَنِّي قَرِيبُكَ وَحَلِيفُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَدْخُلَ مَعَكَ قَبْرَكَ حِينَ تَدْخُلُهُ، وَأَخْرَجُ مِنْهُ حِينَ تَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَا أُفَارِقُكَ أَبَدًا».

فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم: «هَذَا مَالُهُ، وَأَهْلُهُ، وَعَمَلُهُ، أَمَّا الْأَوَّلُ الَّذِي قَالَ: خُذْ مِنِّي زَادًا فَمَالُهُ، وَالثَّانِي أَهْلُهُ، وَالثَّالِثُ عَمَلُهُ»([3]).

1 - شرح الحديث وبيان المثل:

رحلة الإنسان في هذه الحياة محددة معلومة، يقطعها الإنسان من الميلاد إلى الوفاة في حركة متصلة وعمل دائب، يجمع المال لمعاشه، ويكوِّن الأسرة، ويعمِّر الحياة، حتى إذا قضى الأجل الذي كتبه الله له وجد نفسه يمضي وحيدا فريدا إلى عالم الآخرة، يبحث عمن يصحبه إليه ويؤنسه فيه، ويشبه النبي صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث حالة الإنسان عند الموت ورغبته فيمن يصحبه في رحلته الجديدة برجل له ثلاثة أخلاء ارتبط بهم قلبه، وأفنى في خدمتهم عمره وجاءه الموت فأراد أن يصحبه أحدهم، فعرض أمره على أكثرهم حبا له وقربا منه، وذكره بما كان بينهما من الخلة والصحبة والإكرام، ورغب إليه في أن يخدمه في تلك الحال، فاعتذر الخليل الأول بأنه لا حيلة له مع قدر الله، ولا يمكنه أن يفرج الغم النازل، أو ينفس الكربة الحاصلة، وأنه لن يستطيع أن يتحرك معه خطوة واحدة، ولا يملك إلا أن يعرض نفسه ليأخذ منه ما يشاء ويدع ما يشاء.

فلما يئس منه اتجه إلى الخليل الثاني وعرض عليه ما عرض على الأول، فأجابه بأنه لا حيلة له في كشف هذه الغمة أو تنفيس هذه الكربة، وأنه ليس بإمكانه إلا أن يقوم على تمريضه ورعايته حتى تفارق روحه الجسد فيغسله ويحسن تكفينه، ثم يسير به إلى قبره فيودعه إياه وحيد فريدا ثم يرجع فيأكل تراثه ويقسم بين المستحقين ميراثه.

وعندئذ لم يجد غير ثالث الأخلاء وأهونهم في نفسه شأنا وأخسهم قدرا، فعرض عليه ما عرض على سابقيه، وهو يعتذر عما كان من هوانه عليه وتضييعه إياه وزهده في مصاحبته، فوجده أقرب الثلاثة منالا، وأحسنهم جوابا، وأشدهم به تعلقا، وقال له: أنا معك لا أفارقك في الدنيا ولا في الآخرة، أدخل معك قبرك، وأونسك في وحشتك، وأصحبك في رجلتك الجديدة، فأدخل القبر معك حين تدخل وأخرج معك حين تخرج، ولا تجدني مفارقا لك أبدا.

ثم فسر النبي صلي الله عليه وسلم هذا المثل: بأن الخليل الأول الذي لا يغادر مكانه ولا يتحرك مع صاحبه هو المال الذي ستنقطع صلته به بمجرد الموت لينتقل إلى غيره، ولا منفعة فيه إلا بما قدم منه صاحبه في حياته، وأما الخليل الثاني الذي يقوم على التمريض والغسل والتكفين والدفن فهو أهله، وأما الخليل المستمسك به الذي يدخل معه قبره ويخرج معه إلى حشره فهو عمله، مع أنه في حياته كان فيه من الزاهدين.

2 - غايات الناس في هذه الحياة:

مع أن الله تعالى نفى عن نفسه العبث في خلق الإنسان {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] فإن الناس تتباين غاياتهم و مقاصدهم، فمنهم من غايته من الحياة الأكل والمتعة{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} (محمد:12) ، وهمهم فيها الزينة و العرض الزائل {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14). وشعار هؤلاء: إنما الدنيا طعام، وشراب ومنام، فإن فاتك هذا فعلى الدنيا السلام. فهؤلاء حصروا همهم في جمع المال ومنعه، وفي نيل لذات الدنيا ومتعها، وفي التمتع والتكاثر في الأموال والأولاد، ولو أدى ذلك إلى إيقاد الفتن والشرور وإفساد الحياة، ما دام أحدهم يحقق متعته ويشبع رغبته ونزوته، ولم يدرك أولئك الغافلون أن ما هم غارقون فيه عرض عما قريب يزول، وصدق فيهم قول الله تعالى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ. كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ. لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ. ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر/1-8].

ومن الناس من علم أن الحياة إلى نهاية، وأن متاعها إلى زوال، قال تعال: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} وأدرك حقيقة غايته وسرَّ وجوده الذي حدده الله تعالى بقوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58]، وفهم أن العبادة المقصودة شاملة لكل عمل مشروع يؤديه الإنسان يبتغي به وجه الله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، وأيقن أن من واجبه عمارة الأرض باسم الله وفق منهج الله {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود:61]، وأدرك أن أسمى واجباته هداية الناس إلى الحق, وإرشادهم جميعا إلى الخير, وإنارة العالم كله بشمس الإسلام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج:77-78).

والناس في حياتهم تتباين تصرفاتهم وفق هذه الغايات التي حددوها لأنفسهم، فالفرقة الأولى تنتهي إلى شقاء متصل وعذاب اليم، وتستقر الفرقة الثانية في الآخرة على سعادة دائمة ونعيم مقيم {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا. وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 18-19]، وأخرج مسلم عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا»([4]).

على أن متاع الدنيا كله لا يساوي لحظة في النار، وتعب الدنيا كله لا يساوي لحظة في الجنة، فقد أخرج مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»([5]).

3 - تأخر المال والأهل وتقدم العمل للرفقة عند الموت:

إن المال والأهل والعمل هي الثلاثة التي يحتمي بها الإنسان ويلوذ إليها إذا نزلت به الشدائد، فال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف/46] وتتفاوت أهميتها من إنسان لآخر، فمن الناس من يقدر المال إلى حد العبادة، حتى إنه ليبذل في سبيله نفسه ويريق لأجله ماء وجهه، وفيه قال النبيصلي الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ([6])، وَإِذَا شِيكَ([7]) فَلاَ انْتَقَشَ»([8]).

ومنهم من يشتغل بأهله وأولاده حتى إنه ليذهل عن واجباته وطاعاته، بل إنه ليمنع الحق ويأتي الباطل إكراما لهم ورغبة في إسعادهم، وينسى تحذير رب العزة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون/9] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 14، 15] وصحح الحاكم في المستدرك عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ قَالَ: « إِنَّهُمْ (أي الأولاد) مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ، وَإِنَّهُمْ لَثَمَرَةُ الْقُلُوبِ وَقُرَّةُ الْعَيْنِ»([9]).

وهذا وذاك يتأخر المال والأهل عنهم عند شدة الحاجة ونزول الموت، كما في الحديث.

وأعقل الناس من يجعل ماله وأهله عونا له في الخير، ويجعل ذلك من العمل الذي يبقى معه في قبره ويوم حشره، فيعمل في المال بقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77]، وفي مسند أحمد أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه: «يَا عَمْرُو، نِعْمًا بِالْمَالِ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ»([10]). ويدعو ربه في أهله بدعاء عباد الرحمن {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

ومن ثم يبقى المال والأهل من بعده، يصله برهم وحسناتهم، فقد أخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»([11]).

وتبقى الباقيات الصالحات من الأعمال هي المنقذ عند الشدة والرفيق إذا نزل الموت بالإنسان {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]، فإذا أدخل الإنسان إلى قبره كان عمله معه يدافع عنه ويشفع له، فقد صحح ابن حبان والحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ، وَقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ أُدْنِيَتْ لِلْغُرُوبِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشَهَّدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ، أَخْبَرَنِي عَمَّا نَسْأَلُكُ عَنْهُ، أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشَهَّدُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ لِمَا بَدَأَ مِنْهُ، فَتَجْعَلُ نَسْمَتُهُ فِي النَّسَمِ الطِّيِّبِ وَهِيَ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ»([12]).

ثم يرافقه عمله يوم القيامة فينفعه بين يدي الله، أخرج البخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»، وَزَادَ فِي رواية: «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»([13]).

فالسعيد من أحسن صحبة العمل الصالح في الدنيا ليكون رفيقه وسبب نجاته من شدائد الموت وهول المطلع في القبر وشدة الموقف يوم النشور، وهذا الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم يقص علينا صورة مما يجري في يوم البعث والنشور، فقد أخرج ابن شاهين في (الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَبًا:

رَأَيْتُ مِنَ أُمَّتِي رَجُلًا نَزَلَ بِهِ عَذَابُ الْقَبْرِ فَجَاءَهُ وُضُوءُهُ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي احْتَوَشَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَجَاءَهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَخَلَّصَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدِ احْتَوَشَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَجَاءَتْهُ صَلَاتُهُ فَاسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَتَلَهَّفُ عَطَشًا فَكُلَّمَا قَصَدَ حَوْضًا مُنِعَ, فَجَاءَ صِيَامُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ فَاسْتَنْقَذَهُ وَأَرْوَاهُ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي وَالنَّبِيُّونَ حِلَقًا حِلَقًا كُلَّمَا دَنَا إِلَى حَلْقَةٍ طُرِدَ, فَجَاءَهُ اغْتِسَالُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِمْ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَتَحَيَّرَ فِيهَا، فَجَاءَتْهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنَ الظُّلُمَاتِ وَأَدْخَلَاهُ النُّورَ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُكَلِّمُوهُ فَجَاءَتْهُ صِلَةُ الرَّحِمِ، فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ كَلِّمُوهُ؛ فَقَدْ كَانَ وَاصِلًا لِرَحِمِهِ، فَكَلَّمَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَصَافَحُوهُ وَكَانَ مَعَهُمْ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَتَّقِي حَرَّ النَّارِ وَشَرَرَهَا بِيَدِهِ وَوَجْهِهِ، فَجَاءَتْ صَدَقَتُهُ فَصَارَتْ ظِلًّا عَلَى رَأْسِهِ وَسِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي احْتَوَشَتْهُ الزَّبَانِيَةُ، فَجَاءَهُ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حُجُبٌ، فَجَاءَ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدْ هَوَتْ صَحِيفَتُهُ إِلَى شِمَالِهِ فَجَاءَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَجَعَلَهَا فِي يَمِينِهِ,

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَجَاءَهُ وَجَلُهُ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَى,

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي خَفَّ مِيزَانُهُ، فَجَاءَهُ أَفْرَاطُهُ (يعني أولاده الذين ماتوا في حياته صغارا) فَثَقَّلُوا مِيزَانَهُ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي هَوَى فِي النَّارِ، فَجَاءَهُ دُمُوعُهُ الَّذِي سَالَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى الصِّرَاطِ يُرْعِدُ كَمَا يُرْعِدُ السَّعَفُ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ، فَجَاءَهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاللَّهِ فَكَفَّ عَنْهُ رُعْبَتَهُ وَمَضَى عَلَى الصِّرَاطِ,

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي يَزْحَفُ أَحْيَانًا وَيَنْطَلِقُ أَحْيَانًا، فَجَاءَتْهُ صَلَاتُهُ عَلَيَّ فَأَقَامَتْهُ عَلَى رِجْلِهِ،

وَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي انْتَهَى إِلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَغُلِّقَتْ دُونَهُ، فَجَاءَتْ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَفَتَحَتْ لَهُ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ، فَوَلَجَ»([14]).

أسأل الله أن يوفقنا لعمل الخير وخير العمل، وأن يرزقنا الصدق والإخلاص فيما نقول ونعمل، إنه ولي كل توفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
---------------
[1]أخرجه الحاكم في المستدرك في الشواهد كتاب: الإيمان 1/146 حديث رقم (251) وقال الذهبي: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
[2]أخرجه الحاكم -واللفظ له- في المستدرك كتاب: الجنائز 1/527 حديث رقم (1376) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. والطبراني في المعجم الأوسط 7/ 244 حديث رقم (7396)، وابن أبي شيبة في المصنف كتاب: الزهد، كَلَامُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍرضي الله عنه 7/ 129 حديث رقم (34723) والزهد لأبي داود (ص: 331) حديث رقم (382)، وقال البزار في مسنده (8/222) حديث رقم (3272): "وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم مَرْفُوعًا إِلاَّ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ مَوْقُوفًا".
[3]أخرجه الرامهرمزي في أمثال الحديث (1/110)، وعزاه صاحب كنز العمال 15/ 757 رقم (42984) إلى الرامهرمزي في الأمثال، وقال: فيه أبو بكر الهذلي واه.
([4]) أخرجه مسلم كتاب الطهارة، باب: فضل الوضوء 1/ 203 (223/ 1)، والترمذي كتاب: أَبْوَابُ الدَّعَوَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (5/ 535) حديث رقم (3517)، والنسائي كتاب: الزَّكَاةِ، بَاب: وُجُوبِ الزَّكَاةِ (5/ 5) (2437)، وابن ماجه كِتَاب: الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا، بَاب: الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ (1/ 102) حديث رقم (280).
([5]) أخرجه مسلم كتاب: صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَاب: صَبْغِ أَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي النَّارِ وَصَبْغِ أَشَدِّهِمْ بُؤْسًا فِي الْجَنَّةِ 4/2162 حديث رقم ( 2807/55).
([6]) انتكس: أَيِ انقَلب عَلَى رأسِه. وَهُوَ دُعاءٌ عَلَيْهِ بالخَيْبة؛ لأنَّ مَنِ انتَكسَ فِي أمْره فَقَدْ خَابَ وخَسِر. النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 115).
([7]) شيك: أصابته شوكة. فَلَا انتْقَشَ: أَيْ إِذَا شَاكَتْهُ شَوْكَة فَلَا يَقْدِر عَلَى انْتِقاشها، وَهُوَ إخراجُها بالمِنْقاش. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 510).
([8]) أخرجه البخاري كتاب:الجهاد والسير، باب: الحِرَاسَةِ فِي الغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (6/81) حديث رقم(2887).
([9]) أخرجه الحاكم في المستدرك كِتَاب: الذَّبَائِحِ (4/ 266) حديث رقم (7596)، وأمالي ابن بشران (ص: 141) حديث رقم (309)، وهناد بن السري في الزهد (1/ 309) حديث رقم (549)
([10]) أخرجه أحمد في المسند (29/ 298) حديث رقم (17763) وقال محقق المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، والطيالسي في المسند (2/ 316) حديث رقم (1061)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 467) حديث رقم (22188)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 112) حديث رقم (299)، وأبو يعلى الموصلي في المسند (13/ 320) حديث رقم (7336) وصححه ابن حبان (8/ 6) حديث رقم (3210)، وقال الحاكم في المستدرك (2/ 3) حديث رقم (130): "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ" ووافقه الذهبي.
([11]) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب: مَا يَلْحَقُ الإِنْسَانَ مِنَ الثَّوَابِ بَعْدَ وَفَاتِهِ 3/1255 (1631/14)، والترمذي في كتاب الأحكام، باب: في الْوَقْفِ 3/660 (1376).
([12]) أخرجه ابن حبان في الصحيح كما في الإحسان كتاب: الجنائز، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ وَثَوَابِ الْأَمْرَاضِ وَالْأَعْرَاضِ فَصْلٌ فِي أَحْوَالِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ، قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ لَا يُحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى أَنْ يَبْلَى (7/ 380) حديث رقم (3113)، وقال المحقق: "إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو". وأخرجه أيضا: عبد الرزاق (3/ 567) حديث رقم (6703)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 56) حديث رقم (12062)، والخلال في السنة (4/ 64) حديث رقم (1176). وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (2/ 491): "رواه أحمد بن منيع، ورجاله ثقات، وابن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِنَحْوِهِ".
([13]) أخرجه البخاري كِتَاب: التَّوْحِيدِ، بَاب: كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ (13/474) حديث رقم (7512).
([14]) أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك (ص: 151) حديث رقم (526)، وقوام السنة في الترغيب والترهيب (3/ 273) حديث رقم (2518)، وقبل أن يذكره ابن القيم في الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 83) قال: "وفي هذا الحديث العظيم الشريف القدر الذي ينبغي لكل مسلم أن يحفظه، فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه، وهو حديث سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة بن جندب قال: خرج علينا رسول اللهصلي الله عليه وسلم، الحديث. فذكره. ثم قال عقبه: "رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية، والترهيب من الخلال المردية وبنى كتابه عليه وجعله شرحاً له، وقال: هذا حديث حسن جداً رواه عن سعيد بن المسيب عمرو بن آزر وعلي بن زيد بن جدعان وهلال أبو جبلة. قال: "وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث، وبلغني عنه أنه كان يقول: شواهد الصحة عليه". وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14/ 1230) "قلت: منكر جداً. اضطرب فيه الرواة سنداً ومتناً واتفق الحفاظ المتقدمون ومن سار سيرهم من المتأخرين على استنكاره وتضعيفه".