السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته،
لعل اسم المسحراتي اسم غير غريب على كل واحد منا خاصة في رمضان، و لو أننا لا نعطيه نفس الإسم، لكن وظيفته التي هي إيقاظ الصائمين قبيل الفجر، هي نفس المهمة التي يقوم بها في كافة البلدان العربية.
أستغل هذه الفرصة، و بمناسبة حلول ليلة القدر، التي قال فيها ربنا عز من قائل "ليلة لبقدر خير من ألف شهر" صدق الله العظيم، لأتقدم لكافة أعضاء المنتدى بدعواتي الصادقة بأن يرزقكم الله ثوابها و أجرها غير منقوصين.
أعود إلى الموضوع، و أستعرض في عدة حلقات صورة المسحراتي خلال رمضان في بعض المدن المغربية متمنيا أن تروق القارئ و تفيده، و على الله قصد السبيل.
1/ / صورة المسحراتي الزوج، في مدينة أزرو ( منطقة الأطلس الصغير بارتفاع يقارب 1500 متر عن سطح البحر)
- و أنا أتابع برنامجا خاصا على المسحراتي بمدينة أزرو، مدينة شجر الأرز و الثلوج التي تقع في الأطلس الصغير و هي مجاورة لمدينة إفران المشهورة في عالم السياحة، نظرا لطبيعتها المناخية التي تشبه و إلى حد كبير المدن السويسرية، قلت لقد تتبع المصور خطوات المسحراتي في هذه المدينة الجبلية، و كان الوقت يقارب الفجر بحوالي نصف ساعة.
- المسحراتي في هذه المدينة زوج، رجلان أحدهما يقرع الطبل و الثاني ينفخ في المزمار، و يرددون نداء معناه أن استيقظوا فوقت السحور أقبل، و أشعة الفجر كادت أن تطل لتمسكوا عن الطعام و الشراب و باقي الشهوات، و قد يضيفان أمداحا نبوية في الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه و سلم، و قد ورثا هذه المهنة عن والديهما اللذان كان لهما قدم السبق في ذلك، و قد حاول المصور حث الخطى ليلحق بهما و هما يمشيان بهرولة حتى يغطيا المنطقة بكاملها.
- إنهما رجلان قنعا بما يتوصلون به من دراهم من طرف الساكنة الذين أعربوا عن أهمية المسحراتي خاصة في شهر رمضان، شهر المغفرة و الرضوان، فلا يكادون يتجاوزون سماع الطبل و المزمار ليأكلوا وجبة السحور قبل طلوع الفجر و الإمساك عن الطعام، فقد أضحى موروثا تاريخيا و عنصرا في الشعائر الدينية التي يحتاجونها في هذا الشهر الفضيل.
- و من خلال استطلاع رأي هذا الزوج عن عملهما خلال باقي أشهر السنة، فقد امتهنوا حرفا تقليدية سهلة تتميز بها مدينة أزرو، و إن ما يصيبهما من كرم ساكنة أزرو فبالإضافة إلى طعام الفطور، فإنهم ينالون كذلك بعضا من الدراهم أضف إلى ذلك زكاة الفطر، أما الساكنة خاصة منهم الذين هم في العقد الخمسون فما فوق، فقد قدموا حكايات طريفة عن الزوج المسحراتي سابقا، مبرزين و رغم انعدام الوسائل، فقد كانت القناعة و روح التكافل تغلب على كل الصائمين ابتداء من يوم ظهور هلال رمضان حتى ظهور هلال العيد.
- لا أنسى أن أشير بأنك و أنت تؤدي صلاة العيد، قد تجلس بجانب أحد هاذين الزوجين دون أن تتعرف عليه، فهو في صباح العيد أخذ زينته و لبس البياض ليهلل و يكبر فرحة بإطلالة شمس العيد السعيد، فجازى الله أمثال هؤلاء الأشخاص الذين أسميهم " فرسان الليل"، ذلك أنهم يؤدون مهمة راقية و الناس في نومهم يغطون، و لن نفي قط بأجرهم لكنهم يطمعون في جزاء و ثواب العلي القدير، و كل رمضان و أنتم بألف خير.
أعود و أقدم أعطر السلام و خالص المتمنيات للجميع، بوافر الصحة و العافية / الغزاوي.