بسم الله الرحمن الرحيم
بأي حال عدت يا عيد
هذا هو عيد الفطر قد حل علينا ضيفاً, ويسرني ويطيب لي بداية أن أهنيء جميع منتسبي وزوار واتا الأفاضل, سائلاً الله أن يديم الخير على الجميع وأن يلبس أمتنا لباس العافية والسرور, وأن يخرجها مما هي فيه من محن وصعاب إلى الرخاء والسخاء والقوة والمنعة, إنه ولي ذلك والقادر عليه.

يأتي العيد السعيد, والقلب مثقل بالهموم ومليء بالحزن والأسى لما يحدث لأمتنا التي وصلت_وللأسف_ إلى مرحلة من الضعف والهوان لا أعتقد أنها قد مرت بمثلها, إلا خلال المرحلة التي سبقت الإسلام, فالقلب يعتصره الحزن والأسى, لما يحدث من قتل ودمار واستنزاف لمقدّرات الأمة, دون وازع من دين أو أخلاق, فحسبنا الله ونعم الوكيل.

ولا يخفى ماذا كان حال الأمة خلال المرحلة التي سبقت الإسلام, فقد كانت عبارة عن قبائل متناحرة, وولائها إما للروم أو الفرس. وما أقصده أنها كانت أمة ليس لها قرار, وليس لها موقف بين الأمم. واليوم هذه أمتنا لا نسمع عنها إلا أخبار القتل, والموت في ما أطلق عليه بثورات الربيع العربي, ولسنا ندري ما هو القادم بعد هذه الثورات, هل هو في صالح الأمة, أم هو سيفضي إلى مزيد من التشرذم والتفتيت. لا ندري هل هي صحوة مفاجئة أم خديعة جديدة تحاك لهذه الأمة المبتلاة.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن الأمة تمر بأحداث جسام, وهو مخاض لا شك أنه سيفضي إلى واقع جديد لا تزال ملامحه-في نظري- غير واضحة. وهي أحداث لم تكن ترفاً, بل هي نتيجة لتراكمات سيئة خلال السنين الماضية التي مر بها المواطن العربي, ولا شك أن النظام الرسمي العربي لا يتحمل وحده مسئولية هذه التراكمات, فالمواطن العربي, كما المثقف العربي أيضاً شركاء ومسئولين في تلك التراكمات بشكل أو بآخر.وذلك أنه رضيَ بأن يُظلم, ولم يحتج على الظلم الذي وقع عليه, وكذلك مساهمته أحياناً في هذا الظلم, فهو ما أن يصبح مسئولا,ً حتى يصبح هو الآخر ظالماً لمن هو أدنى منه في المرتبة, سواء المرتبة الوظيفية أو الاجتماعية أو العلمية أو القبلية, أو وفقاً للطائفة والدين.

لا شك أن هذا لا ينطبق على الجميع, فهناك من كانوا يجاهدون لأن يكونوا منصفين, وهناك من هم قد أجبروا لسبب أو لآخر لأن ينزلقوا إلى هذا المنزلق أو ذاك, ولكن يجب أن لا ننسى أن الله سيسأل الجميع حكّاماً ومحكومين عمّا قدموه لهذه الأمة.ولست أقلل هنا من مسئولية النظام, فهو لا شك تقع عليه المسئولية العظمى في ما يحدث اليوم, وهو لا شك من لعب على التناقضات المختلفة, ليحافظ على بقاءه, أو على تسلطه وتجبره, فوجد من وجد من الأعوان والأتباع, ممن لا هم لهم ألا الدنيا.


عبدالله سويدان العكله