هل ما حدث في ليبيا هي ثورة؟

[محرز شلبي]

لا توجد هناك أي أعذار أو اي تبريرات يمكن حتى ذكرها كي يصبح السفاح منقذ والإستعمار مخلص..

أخي أيمن بعبارتك أعلاه تغلق الباب للحوار والنقاش..
كل ماذكرته صائبا..فقط أضيف أن الناتو ومن ورائه اليهود استطاعوا أن يستدرجونا من حيث نستحسن..بذكاء ودهاء لأننا ضعفاء بتشتتنا وتمزقنا..
المسألة شائكة وللإجابة عن تساؤلاتك يتطلب معرفة وجهات نظر متعددة وقد تكون متضاربة لكل منها نسبة من الصواب والخطأ..
مودتي

[الحسين محسن]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تكونوا قذافيين أكثر من القذافي نفسه. أنتم، مع احترامي للجميع، لا تعرفون عن القذافي إلا ما صنعته آلته الإعلامية الرهيبة وأمواله الطائلة التي نهبها من الليبيين وسخرها لخدمة أطماعه وأحلامه وأمانيه. لا تدرون أننا في ليبيا، ونحن دولة ساحلية بطول 1800 كيلومتر تقريبا على المتوسط، نعاني العطش بسبب خراب ودمار محطات التحلية القديمة المتهالكة التي لا يريد نظام القذافي أن يستبدلها بأخرى حديثة أو على الأقل يقوم بصيانتها. نحن لم تبن مدارس في مدننا وقرانا منذ عشرات السنوات اللهم إلا القليل بما لا يكفي حاجة المجتمع، ونحن نعاني تدهورا في الخدمات الصحية، ولولا رحمة الله بنا أن كانت مصر وتونس جارتينا لهلك الكثير من مرضانا، بل جاءت فترة من الزمن لم تكن حتى تطعيمات الأطفال موجودة بالبلد فيذهب الناس إلى الدول المجاورة من أجل ذلك. نحن دولة ليس بها من البنى التحتية إلا الاسم فقط.
ليبيا، من يزورها لأول مرة ولا يعرف أنها دولة منتجة للنفط، لا يمكن أن يصنفها إلا أنها واحدة من أفقر الدول. حال التعليم في ليبيا في الحضيض، لا مباني مدرسية ولا تطوير للمدرسين، ولا، ولا ... أما الجامعات فهي ليست سوى مدارس تحت أسماء كليات مشتتة بين المدن وهي تشبه فكرة التعليم الريفي الذي يركض إليه الناس لأجل اللحاق بركب التعليم وتحصيل شهادات لا تساوي مدلولها، لغرض في نفس القذافي وهو تشتيت وهدر الإمكانيات وحتى لا ينبثق فكر يعاديه وهو يعرف ماذا تعني الجامعات وقد عانى منها في بداية عهده فحارب طلابها وأساتذتها. وجامعاتنا وكلياتنا تعيش على الكفاف، فلا مكتبات ولا معامل ولا قاعات ....
في ليبيا تكثر قوى الأمن والاستخبارات واللجان الثورية، .... وكل الأجهزة التي يمكن أن تتخيلها لتمنع عنك حرية التعبير والتفكير، في ليبيا الإنسان مهدور الكرامة إلى أقصى درجة. في ليبيا، لا يوجد القانون إلا في الأدراج، أما في الواقع، فالقانون هو قانون اللجان الثورية التي من شريعتها التصفية الجسدية لأعداء القذافي في الداخل والخارج وهذا معلن على الملأ منذ أكثر من ثلاثة عقود.
في ليبيا شعب يتألم منذ زمن طويل، شعب فقد الآلاف من أبنائه في حروب خاضها القذافي في أوغندا التي ليس لها حدود مشتركة مع ليبيا وفي تونس (افتعل أحداث قفصة في أوائل الثمانينات أثناء عهد الراحل الحبيب أبورقيبة) ومع مصر عام 1977 ومع تشاد طول عقد الثمانينات. في ليبيا سجون سياسية ادعى القذافي في مارس 1988 أنها دمرها وحرر السجناء بها وهو بعدها بسنوات أعدم حوالي 1269 سجينا سياسيا مرة واحدة عام 1996 بسجن أبي سليم بطرابلس دون ذنب سوى أنهم وقفوا ضد حكمه الجائر، وأنكر فعلته تلك لعدة سنوات.
وفي ليبييا شعب يعيش على الكفاف ينتظر الحصص الشهرية من التموين في الجمعيات التعاونية الاستهلاكية. وفي ليبيا مشاريع وهمية يُعلن عنها وتنتظر أن يتم إنجازها عقودا من الزمن فلا تنتهي إلا بعد أن تنتفخ جيوب المرتشين والمسؤولين من ذوي النفوس المريضة ومن سار على دربهم.
أَرَضِيتُمْ لليبيين أن يبقوا مكبلين بقيود القذافي، لماذا كل هذا الهوان؟ عل عرفتم أن القذافي أهان شعبه فنعتهم بالجرذان، وأنه قد فعلها قبل ذلك منذ حوالي عشر سنوات حين نشر كتابا تحت اسم (فلتحيا دولة الحقراء). أرأيتم؟!!! لا أريد أن أُسهب كثيرا في ذكر عورات نظام القذافي، فكل عاقل ذو ضمير وذو بصيرة يدرك ذلك.
نحن الليبيون الذين عانينا من ويلات القذافي لا ننظر إلى النيتو على أنه استعمار، فعمليات النيتو قد انتهت وليس له قوات برية على الأرض الليبية. ولمن لا يعلم، فإن ضربات النيتو كانت مسددة ودقيقة على أهداف عسكرية بعينها. لكن القذافي وإعلامه الرخيص هو من استخف بالعقول وادعى أن النيتو قد فعل وفعل. لكنه هو من دمر المدارس ومخازن التموين وقطع شبكات الكهرباء والاتصالات ومنع الوقود عن المدن، ومارس الاعتقالات والتعذيب والانتهاكات.
ولمن لا يعلم من السادة القراء، فإنْ كان القذافي قد لاقى مصيره وانهزمت كتائبه وفر مرتزقته، إلا أن حقول الموت التي زرعها في العديد من المدن الليبية ومنها مدينتي (زليتن) على ساحل المتوسط لا زالت تعاني الكثير من حقول الألغام المنتشرة هنا وهناك، وآخر العهد بها أن عدد من لقي حتفه بسببها قد تجاوز 30 تقريبا آخرهم شابان متطوعان لإزالة الألغام يوم الثلاثاء 2-11-2011. ولا زال كثير من جرحانا بتونس، والكثير من العائلات قد تشردت وكثير أيضا قد فقدت أبناءها ... المدن الليبية اليوم، بقدر فرحتها بالخلاص من القذافي ونظامه، هي حزينة لفقد كثير من خيرة أبنائها. لا يمكن أن تنتهي قائمة المعاناة.
أنا ليبي أعيش في بلدي ليبيا وما أكتبه هنا هو من واقع المعاناة التي لا ينكرها ليبي أبدا ولا ينكرها حتى من زار ليبيا ورأى ما يعانيه شعبها خلال السنوات السابقة. أنصح من لا يعرف حال ليبيا والليبيين أن يتقوا الله في أنفسهم أولاً وفي الليبيين ثانيا، ولا يُحَمِّلُوا أنفسهم ما لا يطيقون.
وتهنئة لأعضاء واتا بمناسبة عيد الأضحى المبارك.