البنك الدولي يقيّم مشروع السلطة!!

أكّد التقريرُ الأخيرُ الذي أصدره البنك الدولي عن الضفة الغربية وقطاع غزة، أنّ السلطة الفلسطينية حقّقت تقدّماً جوهرياً في تنفيذ أجندة أعمالها المعنية ببناء المؤسسات، ولكنّ حدوث أزَمَةٍ حادة في المالية العامة الفلسطينية قد يُهدّد استدامة هذه المُكتسبات المُهمِّة.

قد يبدو الخبر مجرد تقرير للبنك الدولي بخصوص السلطة ومشروع "دولتها"، لكنه يؤكد مرة أخرى على أن السلطة ومشروع دولتها "العتيدة" ليس سوى مشروع استثماري يديره البنك الدولي أو يقوّمه ويجري له دراسة جدوى بين الفينة والأخرى، وان السلطة أبعد ما تكون عمّا تسميه مشروع " إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"!.

وإلا فأي دولة على مدار التاريخ بنيت بالمال أو الأبنية والعقارات؟! وهل تبنى الدول ببناء المؤسسات الخدماتية العاجزة والفاقدة لأدنى معايير السيادة، ولا تملك تحديد أماكن رميها للقمامة ولا تملك قدرة ضح الماء من أحواضها الجوفية؟! أليس من السخف استمرار الحديث عن مشروع فياض لبناء دولة وهو، وفق منهجه "الفريد!" الذي لم يسبقه إليه الاولون والآخرون، لا يملك رواتب موظفي تلك المؤسسات؟! وهل يُنهى الاحتلال ويتحقق "الاستقلال" بمشاريع البنك الدولي أو إشرافه؟!

إن بناء الدول يقتضي على أقل تقدير امتلاك القرار والسيادة التامة وعدم وقوع الأرض تحت نير الاحتلال، علاوة على امتلاك الناس والدولة لوجهة نظر في الحياة وأنظمة منبثقة عما يعتقد الناس من عقائد.

إن تحرير الأرض المباركة لا يكون عبر بوابات الأمم المتحدة التي ألقمت فلسطين ليهود وأضفت الشرعية على كيانه الغاصب، ولا عبر البنك الدولي الذي يجعل الناس عبيداً للدول الاستعمارية بل يكون في ساحات الوغى حيث تلقن جيوش المسلمين يهود درساً ينسيهم وساوس الشيطان.

إن الدولة التي تتطلع إليها السلطة لا تخرج عن كونها مجرد دائرة من الدوائر التي ترتبط مباشرة بالمؤسسة الأمنية لكيان يهود أو بالإدارة الامريكية وما تسمى بالدول المانحة، لذا فمكوناتها لا تعدو المال والامتيازات التجارية لشراء الذمم، وبناء الأبنة وأقبية السجون لقمع الناس والسيارات الفارهة للمسؤولين والجيبات العسكرية لنقل أرتال الجند الذين يسهرون على حماية أمن المحتل.

إن على السلطة أن تدرك أنها كلما سدرت في غيها كلما اقترب زوالها، ففلسطين أرض لا يعمر فيها ظالم فكيف بمن فرّط بمقدساتها وتآمر على أهلها وقدّمهم لقمة سائغة لعدوهم؟ ولتدرك أيضا أن الأمة التي تتطلع بشوق لتحرير فلسطين بات تحركها قريباً ولعل ما حدث لسفارة يهود في القاهرة هو مؤشر متواضع على ذلك، وحينها ستقتلع رياح الأمة زرع السلطة الخبيث وتقضي على كيان يهود مرة واحدة وإلى الأبد.

(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا)