Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
عبد الله السيد ابراهيم شرف

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: عبد الله السيد ابراهيم شرف

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي عبد الله السيد ابراهيم شرف

    عبدالله شرف
    ( 1364 - 1416 هـ)
    ( 1944 - 1995 م)

    سيرة الشاعر:
    عبدالله السيد إبراهيم شرف.
    ولد في قرية صناديد (مركز طنطا - محافظة الغربية - مصر)، وتوفي فيها.
    عاش في مصر.
    حصل على الشهادة الابتدائية ثم التحق بإحدى جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بمدينة طنطا، وأهَّله ذلك للالتحاق بالمعهد الأحمدي الديني (1957)، ومنه حصل
    على الابتدائية الأزهرية (1961)، فالثانوية (1969)، ثم التحق بكلية التجارة جامعة الأزهر، وتخرج فيها (1976).
    عمل بمديرية الشباب والرياضة بمحافظة الغربية، وكان مديرًا لمركز شباب قرية صناديد.
    كان عضوًا في اتحاد كتاب وأدباء مصر، وكان يقيم ملتقى أدبيًا في قريته في الجمعة الأولى بعد عيد الفطر، والجمعة الأولى بعد عيدالأضحى يحضره عديد من
    شعراء مصر والوطن العربي.
    أصيب بمرض ضمور العضلات، فأثر هذا في تجربته الشعرية، ولكن بقيت صلته بالحياة قوية فكان يدعو الشعراء إلى قريته ويلتقي بضيوفه وهو على كرسيه.. حتى
    نهاية الرحلة.



    الإنتاج الشعري:
    - صدرت له الدواوين التالية: «العروس الشاردة» - طبع بطريقة التصوير - كتاب أصوات - الزقازيق 1982 ، «الحرف التائه» - طبع بطريقة التصوير - كتاب أصوات - الزقازيق 1982 ، «القافلة» - طبع بطريقة التصوير - كتاب أصوات - الزقازيق 1984 ، «الانتظار والحرف المجهد» - المجلس الأعلى للثقافة - القاهرة 1986 ، «تأملات في وجه ملائكي» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1987 ، «مملكتان» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1994، ديوان «عبدالله شرف» - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 1995، ونشرت له قصائد في مجلات وصحف عصره المصرية والعربية، مثل: إبداع - الشعر - القاهرة (مصر) - الحرس الوطني، الخفجي (السعودية) - العربي (الكويت) - المنتدى (الإمارات).

    الأعمال الأخرى:
    - له: شعراء مصر من 1900 - 1990 - المطبعة العربية الحديثة - القاهرة 1993، وموسوعة شعراء مصر من 1900 - 1960 - تحت الطبع.
    ينتمي شعره إلى الشكل التفعيلي والسطر الشعري، وقليل منه على الوزن والقافية وبخاصة في الغزل العفيف، أما قصائده التفعيلية فتنتمي إلى الاتجاه
    الوجداني، وتتسم الفكرة بالجدية، وأسلوبها بالتكثيف الدلالي والاعتماد على الرمز والمجاز، واستخدام الوصف والسرد تقنية للكتابة، وتعالج موضوعات تدور في إجمالها حول الإنسان وعلاقته بالقضايا والأشياء والحياة من حوله.
    حصل على الجائزة الثانية من نادي جيزان الأدبي بالسعودية (1987)، كما كرمته هيئة قصور الثقافة المصرية بمؤتمر أدباء الأقاليم (1986)، وكرمه مهرجان الرافعي الأول بمدينة طنطا (1986).

    مصادر الدراسة:
    - وثائق ومعلومات خاصة لدى الباحث محمود عبدالله شرف نجل المترجم له - قرية صناديد 2000.
    عناوين القصائد:
    بلقيس أنت
    من قصيدة: مقطعات من بحر الوطن
    بلقيس أنت
    مـا شئتَ بـالقـلـب فـاصنعْ أيـهـــا الرَّشأُ ___________________________________

    فـيك ارتحـالـي ومـنك الريّ والظـــــــمأُ ___________________________________
    لـمـا خطرْتَ أحـلْتَ الكـون أغنــــــــــيةً ___________________________________

    خضراءَ تشدو بـهـا الأطـيـــــــار والكلأ ___________________________________
    فبتُّ مـرتحـلاً فـي إثركــــــــــــم فَرِحًا ___________________________________

    والقـلـبُ فـي دربكـم كـالطـير يجتـــــرئ ___________________________________
    مـرّت عـلـيـه شهـورٌ بـات يـنكرهــــــــا ___________________________________

    يشكـو عذاب الجـوى والعـمـر يـــــــنطفئ ___________________________________
    وحطَّ فـي الـتـيـه لا تدري قــــــــوادمه ___________________________________

    نهـايةَ الـدرب، أو مـن أيــــــــن يبتدئ ___________________________________
    وهدَّتِ الريحُ مـا يبنـيـه مـن أمـــــــــلٍ ___________________________________

    وخلَّفَتْه نؤومًا عــــــــــــــــــيشُه خطأ ___________________________________
    إنْ حـاول العزفَ لـم تقـدر أنـامـــــــله ___________________________________

    وخـانه النـــــــــــــايُ حتى أزَّه الصدأ ___________________________________
    وعذَّبَتْه الـمـنى فـي اللـيل يغزلهـــــــا ___________________________________

    ويـنثنـي الـيأس فـــــــي غَزْل الفتى يجأ ___________________________________
    وكـم سـريـتُ إلى الأحـبـاب فــــــي دعةٍ! ___________________________________

    وعـشـت بـالـودّ أحـبـو ثـــــــــم أنكفئ ___________________________________
    ومـا لقـيـتُ مـن الأحـبـاب نـاصـــــــيةً ___________________________________

    آوي إلـيـهـا قـريرَ العـيــــــــن أتّكئ ___________________________________
    فأُبت والقـلـبُ فـي الأضلاع يـنكرنــــــي ___________________________________

    لا نـورَ حـولـيَ أو حـلـمٌ بـــــــــه أطأ ___________________________________
    حتى خطرتِ له نـورًا يعـــــــــــــــانقه ___________________________________

    فـانسـاب نحـوك لا غَوْلٌ ولا ظــــــــــمأ ___________________________________
    لا تسألـيـنـي قُبَيل الـوصل مــــــا خبري ___________________________________

    مـا كـنـتُ غـيرَ غنـــــــــاءٍ غاله الخلأ ___________________________________
    فـاستقبـلـي نغمـي فـالطهـرُ فـي وتــــري ___________________________________

    بـلقـيسُ أنـتِ، وقـلـبـي للهـــــــوى سبأ ___________________________________


    من قصيدة: مقطعات من بحر الوطن
    خمسون عامًا
    والبلاد تمور في صدري
    وتشطرني أحابيل النصوصْ
    خمسونَ
    والحرفُ اشتعالٌ في دمي
    أَسْري به
    وبنا يغوصْ
    خمسونَ
    كم في العمر من خمسينَ!
    يا وطنًا تسربل بالنكوصْ
    من يا تُرى سيجيبني
    من أين ينهمر اللصوصْ؟


    - ابنُ مَن؟
    ابن هذا الوطنْ
    - مهنتكْ؟
    كَسْرُ كل القيودِ
    ودكدكة المستحيلْ
    - عمرك الآن كم؟
    ألفُ عامٍ مضتْ
    أو تزيد قليلا
    كنتُ فيها
    أُرتِّق خيط الأماني
    وأزرع في الأرضِ
    صبرًا جميلا
    وعدتُ
    تئنُّ خطايَ
    وأبكي النخيلا


    ذنبُ مَنْ
    كل هذا العفنْ
    المواضي دِمَنْ
    والأواتي دمنْ
    ذنب منْ؟
    الشياهُ التي طأطأتْ؟
    الكلابُ التي هلَّلتْ؟
    ذنب من يا وطنْ؟


    وطنٌ في حجم الكونِ
    وكونٌ في حجم القيدِ
    تلك قضيّه
    من يمنحني صَكَّ الحريه


    سائرٌ أرتجفْ
    كيف يا فاتنه؟
    تخرج الأغنيه


    الجموعُ التي توّجَتْكَ
    ومدّت لك الأجنحه
    لم تكن غيرَ بابٍ
    إلى سدرة الأضرحه


    هدهدَ حزني
    أخبرني أن العمر تجاربْ
    يا أللهْ!!
    ألفٌ واللص يعيثُ
    ومازال الشيخ جهولاً يمضي
    لا يعرف أين الدربُ
    ولا كيف يحاربْ
    ===
    موسوعة البابطين
    مخطوطات الباحث محمود عبالله شرف


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    شعراء السبعينيات يتحدثون

    عبد الله السيد شرف:
    نعم، نحن جيل بلا أساتذة، للأسف!(1)

    حاوره: أ.د. حسين علي محمد


    *أنت أحد شعراء الموجة الجديدة، فما رأيك فيما يكتبه أبناء جيلك؟
    -الشاعر ـ أيا ما كان لونه ـ هو الذي يستطيع أن يعبر عن فكرته بأسلوب متين ولغة قوية وموسيقية آسرة. هو الذي ينقلني من عالمي إلى عالمه بكلمات نافذة إلى القلب والعقل معا. أما أن يجنح إلى التهويم والبعثرة الفكرية فهذا شيء مرفوض تماما، وصاحبه ليس شاعرا مكتمل النضج، وينقصه الكثير من الثقافة والانصهار في بوتقة الحرف الأخضر.
    والحقيقة أنني لست راضيا كل الرضا عن كل ما يبدعه أبناء جيلي من الشعراء كما أنني لست رافضاً له؛ فالإغراق في الرمزية ممن لا دراية له بمدلول الكلمات يُسيء إلى الشعر والشعراء.
    والحمد لله أن هذه الموضة لم تشمل كل شعراء جيلي، فمنهم من يقف في عالم الرمز قويا شامخا بقصائده، .. مثل هذا تعجبني ـ قطعا ـ أشعاره كما أنها تعجب القارئ أيضا، فرمزيته شفافة آسرة. إلا أن لي اعتراضا على كلمة "الموجة" التي وردت في سؤالك.
    *ما موقفك من الأجيال السابقة؟ وما علاقتك بالشعراء المبدعين في مصر عموماً؟
    _ لا يوجد شاعر جاد إلا وقد نهل ممن سبقه من الشعراء، وأنا واحد ممن تأثر بمن سبقوه، وقد ظهر هذا جليا على قصائدي الأولى؛ فظهر بها نبض هذا، وإيقاع ذاك.. إلا أنني بدأت أخط لنفسي طريقا منفردا ومتميزا عن الآخرين.
    أما علاقتي الحالية بالشعراء في مصر، فهي علاقة حب وتواصل على طريق الكلمة الصادقة الواعية .. فنحن جميعا أبناء جيل واحد انصهرنا داخل أتون واحد إلا أن لكل نهجه الخاص، وزاويته الخاصة التي يبدع من خلالها، ونصًبًّ في النهاية نحو هدف واحد شعاره: الحب، والخير، والسلام.
    *ما موقف النقد منك ومن جيلك؟
    -لا أدري أين ذهب النقد؟! ويبدو أننا سنعاني من جراء انتظار أساتذة النقد. لقد كنا ننتظر الكثير من مجلة "فصول"، إلا أنها للأسف اختصت بفئة معينة من الأدباء استُهلكوا من كثرة النقد، هذا في الوقت الذي تمتد فيه الأيدي للأدباء الشبان في أوربا، لأنهم عمالقة الغد، أضف إلى هذا أن غياب النقد يعني انفتاح الساحة أمام الأدعياء، وهذا بدوره يؤثر على الحياة الأدبية، ويوقف من تقدمها.
    *لماذا لم يشتهر في جيلكم شاعر مثل صلاح عبد الصبور في الجيل الأول (من شعراء التجديد) وأمل دنقل في الجيل الثاني؟
    -أحب أن أنوه إلى أن الأدب لا يموت بموت أديب، كما أن الشعر لا يموت بموت شاعر. أما عن سؤالك لماذا لم يشتهر في جيلنا شاعر كصلاح عبد الصبور فذلك لأن المرحوم صلاح عبد الصبور كان يكتب لجيلنا (لمن يقرؤه) أما نحن فلمن نكتب؟ وهل الشهرة وليدة الفراغ أم أن لها منافذ؟ وأين هذه المنافذ الآن؟
    ومع ذلك فهناك شعراء مشهورون وعلى مستوى جيد فعلا، ولا يستطيع أي إنسان أن يقول إن الشعر توقف لموت شاعر، ولنكن صرحاء: من يقرأ الآن حتى تكون هناك غربلة حقيقية ثم شهرة ذائعة؟ حتى مجلة "الشعر" التي كانت متنفسا للشعراء ها أنت ترى أنها توقفت عن الصدور( ) فأين هذا الباب الذي ينفذ منه الشاعر ليكتسب الشهرة التي تطالبنا بها؟
    ولكن رغم هذا فالمتتبع للحركة الثقافية ـ من خلال منافذها المتاحة ـ سيلمح عدة أسماء جيدة فعلا: مصطفى النجار (من سورية)، ومحمد علي الرباوي (من المغرب)، والصادق شرف (من تونس) ـ وهو ليس قريبا لي منعا للبس! ـ وجميل محمود عبد الرحمن وحسين علي محمد و.. و.. (مصر)، والأسماء كثيرة ومشهورة عند المهتم بالحركة الشعرية.
    *ما رأيك في نشرات الماستر التي يُصدرها أبناء جيلك؟
    -وهل هناك متنفس غير مجلات "الماستر"؟! لقد أصبحت ظاهرة طيبة، وملمحا بارزا من ملامح الحركة الثقافية في مصر، وهانحن نحاول من خلال مجلات الماستر أن نقول كلمتنا للجماهير المتتبعة للأدب رغم قلة المادة ورداءة الطباعة إلا أنها أفضل من لاشيء، وأعتقد أن مطبوعات الماستر هذه سيكون لها دور فعّال عند التأريخ لهذه الفترة الأدبية فيما بعد.
    *هل هناك جيل في مصر يتخلق الآن من المبدعين؟
    -قلت من قبل: إن الحركة الأدبية لا تموت بموت أديب، فالحياة لا تتوقف. والأرض التي أنجبت أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمود حسن إسماعيل وصلاح عبد الصبور قادرة على إنجاب الأدباء والشعراء في كل عصر وحين.
    وفي مصر أمثلة جديدة للأدباء والشعراء؛ ففي القصة: محمد الراوي، وحسني سيد لبيب، وعلي المنجي، ورستم كيلاني، وصالح الصياد، وحلمي القاعود …
    وفي النقد: حلمي القاعود، وأيضا: يسري العزب، ومصطفى نجا، ود. صابر عبد الدايم.
    وفي الشعر: جيل السبعينيات: جميل محمود عبد الرحمن، وحسين علي محمد، وأحمد فضل شبلول، ومفرح كريم، وصابر عبد الدايم، وأحمد زرزور، ومحمد سعد بيومي، وأحمد عنتر مصطفى، وعزت الطيري …
    *لو طلبنا منك اختيار عشر قصائد تمثل صورة الشعر الحر في مصر، فهل تذكر لنا هذه القصائد؟
    1-عفوا أنا لا أعطيك الحكمة، لمحمد مهران السيد.
    2-الليلة ماذا؟، لفتحي سعيد.
    3-الشاعر والعصر، لمحمد إبراهيم أبي سنة.
    4-لزوم ما يلزم، لنجيب سرور.
    5-شنق زهران، لصلاح عبد الصبور.
    6-أحزان موسى في العالم الآخر، لأحمد سويلم.
    7-لماذا يحولون بيني وبينك؟، لجميل محمود عبد الرحمن.
    8-التجربة وأحزان الأعوام العشرة، لحسين علي محمد.
    9-الغريق، لمحمد سعد بيومي.
    10-من أجلك كان صفائي، لأحمد فضل شبلول.
    *ما تقييمك لحركة الشعر الحر في مصر بعد ثلث قرن؟
    -بقاء الشعر الحر بعد مرور ثلث قرن دليل على أنه ليس موجة، ودليل على أنه استطاع أن يثبت وجوده على الساحة، فقد احتوى كل المذاهب التي تكلم عنها أساتذة النقد .. وسيظل الشعر هو الواحة الظليلة التي يأوي إليها الإنسان كلما طحنته الحياة بمادياتها وزيفها البراق. ولكن أُحذِّر الشعراء من الرمزية فهي مزلق خطر ينفِّر القراء، ويجب أن ينتبهوا لهذا، وأن يخففوا من حدة الرمز الموغل في الأحاجي والألغاز.
    *ما رأيك في مقولة "جيل بلا أساتذة" التي طرحها محمد حافظ رجب في الستينيات؟
    -نعم، نحن جيل بلا أساتذة، للأسف!
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (1) نشر هذا الحوار في كتاب "من وحي المساء" لحسين علي محمد، الإسكندرية 1999م.


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    الطريق إلى مكة

    شعر: عبد الله السيد شرف

    مدِّي لهاجرَ خارطاتِ الوجْدِ
    حتى يرجعَ الصوتُ المُهاجرُ
    في عباءتِهِ شُعاعُ الفجْرِ ..
    يسْتلُّ الضُّحى ..
    ويؤوبُ مبتلاً بعطْرِ الشَّوْقِ والألقِ القديمْ
    شدي لها رمْلَ الطريقِ مُسوَّماتٍ،
    ما تناثرَ منْ عبيرِ الأمسِ
    والسَّعفِ المُندَّى بالدماءِ .. وزمزميها ..
    أنتما بدْءُ الطريقِ
    وأنتِ خارطةُ التوحُّدِ والخلاصِ .. فأذِّني،
    كيْ لا تميلَ ركائبي
    قولي: وتفقدُ صهوةَ الوشْمِ القديمْ
    وصوْلةَ الدَّمِ
    واحْمليها للصَّفا طوْراً، وللأركانِ أطْواراً،
    خذيها نحوَ منعرج اللوي «لأبي قُبيْسٍ»، تحتويه ويحتويها
    قرِّبي الوجْهَ الممزَّقَ للمرابطِ، ما اكْتريْتُ
    ولسْتُ منْ بينِ الجُناةِ
    فعانقي قلبي المُعنّى
    قرّبيها كيْ تشمَّ عبير سلوى والعواتكِ
    واصحبيها للبقيعِ
    وزمّليها بالشراشيفِ النجومِ .. لعلَّها
    ثم انشري بينَ الجموعِ مُقطّعات الرومِ
    والفتحِ المبينْ
    واثْرُدي عطْرَ الثنياتِ البلابلَ
    يسكنُ الوجعُ
    مُدِّي لهاجرَ ما تساقطَ منْ أديمِ الصُّبحِ
    ما ألقتْهُ أوجاعُ البلاد
    وما تهاوى منْ سديمِ الأمسِ زلزلةً
    وصلصلةً ..
    خذيها للسقيفةِ،
    كيْ تفيقَ الصافناتُ الغافياتُ
    على أرائكها الرهانْ
    ....
    لا تتركيها لقمةً للريحِ في جوفِ الحجونِ
    تجوبُ بحثاً عنْ أنيسٍ
    تملأ الأقداحَ باللغوِ المراوغِ
    بكِّي لهاجرَ .. والعشيرةِ ..
    كلَّ أوجاعِ الطريق
    ومهِّدي بالعادياتِ الصبحْ
    أو .. بالمورياتِ القدحْ
    خارطةَ الفتوحِ ..
    وأبشري!


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد ابراهيم الفقي مشاهدة المشاركة
    الطريق إلى مكة

    شعر: عبد الله السيد شرف

    مدِّي لهاجرَ خارطاتِ الوجْدِ
    حتى يرجعَ الصوتُ المُهاجرُ
    في عباءتِهِ شُعاعُ الفجْرِ ..
    يسْتلُّ الضُّحى ..
    ويؤوبُ مبتلاً بعطْرِ الشَّوْقِ والألقِ القديمْ
    شدي لها رمْلَ الطريقِ مُسوَّماتٍ،
    ما تناثرَ منْ عبيرِ الأمسِ
    والسَّعفِ المُندَّى بالدماءِ .. وزمزميها ..
    أنتما بدْءُ الطريقِ
    وأنتِ خارطةُ التوحُّدِ والخلاصِ .. فأذِّني،
    كيْ لا تميلَ ركائبي
    قولي: وتفقدُ صهوةَ الوشْمِ القديمْ
    وصوْلةَ الدَّمِ
    واحْمليها للصَّفا طوْراً، وللأركانِ أطْواراً،
    خذيها نحوَ منعرج اللوي «لأبي قُبيْسٍ»، تحتويه ويحتويها
    قرِّبي الوجْهَ الممزَّقَ للمرابطِ، ما اكْتريْتُ
    ولسْتُ منْ بينِ الجُناةِ
    فعانقي قلبي المُعنّى
    قرّبيها كيْ تشمَّ عبير سلوى والعواتكِ
    واصحبيها للبقيعِ
    وزمّليها بالشراشيفِ النجومِ .. لعلَّها
    ثم انشري بينَ الجموعِ مُقطّعات الرومِ
    والفتحِ المبينْ
    واثْرُدي عطْرَ الثنياتِ البلابلَ
    يسكنُ الوجعُ
    مُدِّي لهاجرَ ما تساقطَ منْ أديمِ الصُّبحِ
    ما ألقتْهُ أوجاعُ البلاد
    وما تهاوى منْ سديمِ الأمسِ زلزلةً
    وصلصلةً ..
    خذيها للسقيفةِ،
    كيْ تفيقَ الصافناتُ الغافياتُ
    على أرائكها الرهانْ
    ....
    لا تتركيها لقمةً للريحِ في جوفِ الحجونِ
    تجوبُ بحثاً عنْ أنيسٍ
    تملأ الأقداحَ باللغوِ المراوغِ
    بكِّي لهاجرَ .. والعشيرةِ ..
    كلَّ أوجاعِ الطريق
    ومهِّدي بالعادياتِ الصبحْ
    أو .. بالمورياتِ القدحْ
    خارطةَ الفتوحِ ..
    وأبشري!

    ===
    ==
    =
    ===
    =
    ===


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    الشاعر عبدالله السيد شرف

    بقلم: د. فواز اللعبون
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    أ – هويته التاريخية :
    فـي قرية صَـنـَـادِيـْـد الريفـية التابعة لمحافظة الغربـية الواقعة فـي قلب دلتا النيل من مصر.. وُلد الشاعر عبداللَّـه السيـِّـد شرف يوم الإثنين 21/11/1363هـ– 6/11/1944م لأب عالم، وأم مربية، حرصَـا معاً على تـنـشـئـتـه مع إخوته تـنـشـئـة ريفـية صالـحة.( )
    وهناك تلقى تعليمه الابتدائي على يدي والده الأزهري الذي كان يعمل أستاذاً للتفسير فـي جامعة الأزهر، ولما أتم حفظ كتاب الله ألحقه أبوه بمعهد طنطا الديني الذي حصل منه على الثانوية الأزهرية عام 1391هـ– 1971م وهو فـي السابعة والعشرين من عمره، وفـي جامعة الأزهر التحق بكلية التجارة وتخرج فـيها عام 1396هـ– 1976م وهو فـي الثالثة والثلاثين. ( )

    وكان السبب المباشر فـي تأخره الدراسي إصابته بمرض (ضمور العضلات/الأطراف)( ) الذي أصاب أخاه من قبل، وآخرِين من أفراد أسرته، مما كان له بالغ الأثر فـي تعثر مسيرته التعليمية، وتقلبات مزاجه النفسي.( )
    ومع ذلك لم يقف عبداللَّه عند هذا الحد من التعليم، فأخوه الأكبر يمتلك مكتبة هائلة اشتملت على العديد من المؤلفات فـي مجالات شتى، بالإضافة إلى مكتبة والده العامرة بالمصنفات التراثية، وقد هيأت المكتبتان للشاعر جواً علميّاً ساعد فـي تنويع ثقافاته.( )
    وبـعـد عمر حافل بالنشاط والأمل واليأس ثم الرضى والاستسلام.. لبـَّى نداء ربه فـاجـعـاً قلوب ذويـه ومـحـبـيه يوم الأربعاء 12/11/1415هـ– 12/4/1995م وهو على مشارف الـحادية والـخمسين، رحـمه اللَّـه رحـمة واسـعة، وعـوضه خير الدنيا بـخـيـر الآخرة.( )
    ب – منجزاته الشعرية :
    ظلت تـجارب عبداللَّـه شرف حبيسة الـمجالس والمنابر حتى عام: 1396هـ– 1976م بعد أن أغار أحدهم على بعض نصوصه، فنبهه أصحابه إلـى ضـرورة النشر لوقف مثل تلك الأعمال، ولإظهار تـجاربـه الناجحة على الساحة الأدبية كغيـره من الشعراء الذين ملأت مشاركاتهم الصحف والـمجلات.( )
    ومن ذلك العام لم يتوانَ عن النشر حتى آخر أيام حياته، فقد طَبع ديوانه (مملكتان) قبل وفاته بعام،( ) وظل ينشر فـي الصحف والمجلات بعد ذلك، بل إن بعض المجلات العربية واصلت نشر ما بقي لديها من نصوصه بعد وفاته.
    ولشرف سبع مجموعات شعرية طبعت فـي حياته، وهي:
    1– العروس الشاردة.( )
    2– الحرف التائه.( )
    3– القافلة.( )
    4– قراءة فـي صحيفة يومية.( )
    5– الانتظار والحرف المجهد.( )
    6– تأملات فـي وجه ملائكي.( )
    7– مـملكـتـان.( )
    وثمة مجموعة ثامنة صدرت بعد وفاته، وقد جـمعها ابنه الأكبـر مـحمود وَسَـمّاها : (ديوان عـبداللَّـه السيد شـرف).( )
    أما منشوره الآخر فقد أحصيت منه ما يزيد على سبعين نـصّاً نشرها فـي مـجلات عربية، وإن كـان أحـياناً يكرر مـا كـان نشَره فـيها، أو يعـيد بعض مـا ضمَّـته دواويـنه.
    وأهم الـمجلات العربية التي نشر فـيها: (الـخفجي– الـمنهل– الـحرس الوطنـي– الـمجلة العربية– الفـيصل– القـافلـة– الأديب اللبنانية– البـيان الكـويتـية– الـمنـتدى الإماراتية).
    هذا إلـى جانب بعض الـمقطعات القليلة التـي نشرها أصحابه بعد وفاته فـي كتب( ) أو مـجلات.( )
    وللشاعر مخطوط وفير، ومعظمه لدى ابنه محمود، والـذي حصلت عليه منه ثلاث مـجموعات:
    – الأولـى مـصـورة مـن مذكرة خاصة بدون اسم، وتضم سبعة عشر نصّا، ستة منها نـُشر فـيما نـُشر.
    – الثانية ديوان مـخطوط بقلم الشاعر مُصَدَّر باسم: (الطريق.. مكة)، وكان الشاعر أعده لتـتولى رابطة الأدب الإسلامي طباعته ونشره،( ) وهذا الديوان يضم ستة عشر نصّاً من بينها سبعة نصوص سبق نشرها.
    – الثالثة نصـوص رتبها ابنه وأعاد كتابتها بالـحـاسب، وهي ستـة وعشرون نصّاً لم يُنشر منها سوى أربعة نصوص فـي مـجلة الرافعي بعد وفاة الشاعر بعنوان: (قصائد لـم تـنـشر).( )


  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    «قراءة في صحيفة يومية»
    لعبد الله السيد شرف(1)

    بقلم: أ.د. حسين علي محمد
    .......................................


    (1)
    عبد الله السيد شرف شاعر من جيل السبعينيات في مصر، وقد أصدر عدة دواوين هي:
    العروس الشاردة 1980.
    الحرف التائه 1982
    القافلة 1984.
    قراءة في صحيفة يومية 1986
    الانتظار والحرف المجهد 1986.
    وهذه هي المجموعة الشعرية الرابعة "قراءة في صحيفة يومية" التي صدرت عن "مطبوعات الرافعي"- أكتوبر 1986م.
    (2)
    يعرف عبد الله السيد شرف الشعر "لحنا شجيا، وحرفا جسورا"، وينحاز للشهداء والصديقين في رؤيا واضحة كفلق الصبح، فهو يبحث عن يوسف الصديق في هذا الزمن الضنين ولا يجده، لكنه يتمسك بأهداب الأمل، ولا تُقعده العواصف الهوجاء والأتربة الكثيفة عن عمق الرؤية المكثفة الآملة:
    وجئت يا رفيقتي مُنقِّباً عن يوسف الصِّدِّيقْ
    ولاعنا قساوةَ الشِّتاءِ طعنَةَ الرفيقْ
    قوافِلُ الطريقْ
    تُجيبُ لمْ ترهْ
    الطيرُ في متاهةِ السماءِ حُلوتي
    يصيحُ لم نَرهْ
    وكنتُ حلوتي ـ عزمْتُ أنْ أعودْ
    لكنَّ هاتفاً يقولُ: لا تعُدْ
    فربَّما غداً قدْ يظهرُ البرهانْ( )
    إنما الهاتف هنا هو صوت اليقين الذي يخالط أنسجته ويسري في نخاعه رغم المثبطات التي تنتشر في داخل القصيدة.
    أُلقيتُ في أحضانِ من لا يُحسِنُ المُعاشرَهْ.
    الشَّصُّ أغْراني، وما أكلتُ الطُّعْم بعدْ.
    قدْ قُدَّ مئزري فجئتُ عاريا.
    الضحك في عيني حبيبتي يُمازجُ الرثاءْ( )
    وهو يستدعي شخصية أسد الله حمزة بن عبد المطلب في قراءته في الصحيفة اليومية:
    حمزةُ ليسَ لهُ باكٍ
    يرقدُ في الرُّكنِ المنسيِّ على الرَّمضاءْ( )
    فكيف للصحف التي تُمجِّد التافه والساقط وتداجي العدوَّ أن تكتب (أو تبحث) عن الذين استعصموا بالله، وأمسكوا الجمر، وحدقوا في الشمس، ووقفوا أمام الجاهلية العمياء؟ فهل نستطيع نحن أن نكون كأسلافنا العظام؟
    معذرةً يا حمزهْ
    رأسي منكفئٌ فوقَ الصَّدْرِ
    ولا عاصم من هذا الطوفانْ( )
    وقد تكون السطور السابقة تمثل لحظة من لحظات الضعف الإنساني تصوَّر فيها أن الطوفان كاسح، وأنه غير قادر على المواجهة .. لكن السياقين: الشعري والإيماني كان يُحتِّمان على شاعرنا أن يُعيد النظر في كتابة القصيدة بعد أن يبتعد عن حُمَّى لحظات الوهج الإبداعي، كما كان يفعل بعض الشعراء منذ العصر الجاهلي.
    إن الشاعر بشر له ضعفه الإنساني الذي يبرر له هنا قول ما قاله تحت وطأة التشرذم العربي وغيبة الرؤية الصحيحة والهزائم المتوالية التي مُنيت بها أمتنا العربية الإسلامية ذات التراث النضالي الذي مازال متوهجا كالجمرات في أعماق الروح.
    إننا نرى "الواقع العربي" في شعره جمرا يكوي شغاف القلب. يقول في قصيدة "الخروج" التي أرى أنه يصور فيها خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982م، بعد اقتحام إسرائيل هذه المدينة العربية:
    قيل اخرجْ فخرجت
    تقذفني كفُّ الصحراءِ إلى قدم الصحراءْ
    لا ظلّ حواليَّ ولا ماءْ
    ما جدوى بفؤاد الأهلِ المفتوحِ إليّْ
    إذْ كلُّ سيوفِ الكلِّ عليّْ
    قيل اخرجْ فخرجْتْ
    قيل اركُضْ فعدوْتْ
    سبعة أشواطٍ بين التصريحاتِ وبين الصَّمتْ
    حتى أسلمني العدْوُ لأنيابِ الموتْ
    فسقطتْ
    وعلى كفِّي فوق العينْ
    كتبوا صيحاتِ الإنكارِ، وتصريحَ الدَّفنْ( )
    وفي هذه القصيدة التلقائية والبساطة وهما سمتا كل فن عظيم. وتتطلب القصيدة القراءة أكثر من مرة:
    (اخرجْ ،فخرجت)
    والخروج هنا ليس خروجا معتادا، وإنما خروج مهين:
    (تقذفني كفُّ الصحراءِ إلى قدم الصحراءْ)
    لاحظ: الكف أداة الصفع.
    والقدم، أداة الركل.
    والتشرذم العربي، وعدم النجدة، وموت الشهامة، وغياب المروءة، وما شئت من كلمات:
    لا ظلّ حواليَّ ولا ماءْ.
    وكلمات المواساة والعنتريات التي لا تجدي شيئا في مواجهة كل قوى الأعداء من كفرة وصهاينة وصليبيين لقتل هذا الجسد الفلسطيني
    ما جدوى بفؤاد الأهلِ المفتوحِ إليّْ
    إذْ كلُّ سيوفِ الكلِّ عليّْ
    وكأن هذا الخروج كان خروجا مقدسا بأمر السيد الآمر الناهي:
    قيل اخرجْ فخرجْتْ
    قيل اركُضْ فعدوْتْ
    سبعة أشواطٍ بين التصريحاتِ وبين الصَّمتْ
    والأشواط السبعة لا تكون إلا في السعي بين الصفا والمروة. فلماذا أخذنا بأمر العدو وكأنه أمر مقدس؟
    إن كلمات الشاعر بسيطة، وهو يعتمد على الكلمة المفردة ذات التراث الروحي، والإشعاعات التاريخية، لتحرق قناعاتنا الزائفة، ولتضعنا في وجه الحدث.
    لكنه أحيانا يصرخ:
    ما زلنا نمتشقُ الأقوالَ
    ونرفعُ أغصان الزيتونِ
    وفي ساحات الكرِّ نفر( )
    أو يقول مخاطبا حبيبته / بلده:
    علقي الفأسَ
    على كفِّ النواطيرِ القديمهْ
    ثم ثوري
    واحملي الرأسَ على الكفِّ وسيري
    لا تُبالي .. إنما الموتُ حياهْ( )
    لكن هذا الصراخ الذي قد يكون مبررا في دراما شعرية تصطرع فيها الأصوات والرؤى، والذي تلفظه القصيدة الغنائية التي ابتعدت في عصرنا ـ أو ينبغي أن تبتعد ـ عن الصراخ والضجيج، أقول: هذا الصراخ قليل في شعر عبد الله السيد شرف، وهو يتجه إليه حين تضيق به السبل عن الشعر والصورة؛ فحين يرى تنازل الأمة وتوالي انكساراتها لا يجد الشاعر ما يجدي من شيء إلا الصراخ، فيصرخ:
    لمْ يعد يجدي بهذا الجلد غمزُ
    أو يعدْ يُجدي ببحر الزّيفِ رمْزُ
    واجعلي الأقلامَ سيفا( )
    لكن لحسن الحظ، حظنا وحظ الشاعر أن هذا الصراع قليل في ديوانه.
    (3)
    وفي هذا الديوان قصائد مبكرة للشاعر يغني فيها أشواق قلبه، وحبه الفطري البسيط الذي يعرف أن عيني حبيبته مجرد عينين، كأعين بقية الناس، ولكنه يحبهما:
    عيناك ليستا بأجمل العيونْ
    لا الموجُ فيهما يثورُ يا حبيبتي
    أو يستحمُّ فيهما قمرْ
    وليستا كالأفق وسعا واستدارةً
    وليستا جناح طائرٍ مُغرِّدٍ سعيدْ
    ولا حديقةً تجودُ بالزهورِ إذْ تجودْ
    ولم يكونا يا حبيبتي محطتيْ سَفَرْ
    ينامُ فيهما الغريبُ إذ يعافُهُ الطريقْ
    وليستا على مدارجِ العيونِ نجمتيْنْ
    يضوعُ فيهما الزّمانُ والمكانْ
    عيناكِ يا حبيبتي عينانْ
    كأعينِ البشرْ
    لكنْ هما دُنيايْ
    وحبُّها قَدَرْ( )
    فالشاعر هنا عواطفه إنسانية بسيطة واعية، ومن هذا الوعي يتفجر الصدق الذي يعرف أن عيني حبيبته ليستا كما يقول الشعراء، أو كان يمكن أن يقول شاعرنا: أجمل العيون، أو الموج فيهما يثور، أو كالأفق وسعا واستدارة، أو … أو … وإنما عيناها كأعين البشر جميعا. إذن، لماذا أحبهما شاعرنا؟ الجواب بسيط، وتلقائي: "لكنْ هما دُنيايْ، وحبُّها قَدَرْ".
    لكن في الديوان قصائد أخرى ـ قليلة ـ تُغني أشواقه للمرأة، أو موقفه منها، لكنها لا تُقدم شعرا جديدا تجاه المرأة، ومن ذلك قوله:
    لعينيْكِ أمضي
    طروبا أُغني
    ولستُ أُبالي هبوبَ الأعاصيرِ
    نارَ التَّجنِّي( )
    أو مثل قوله:
    كانَ ياما كانَ .. منْ عهدٍ بعيدْ
    التقينا وانتشى قلبانِ بالحُبِّ الوليدْ
    وانطلقنا نصعدُ السلّمَ للحُلم السَّعيدْ
    فالورى عطرٌ وفي الدُّنيا نشيدْ( )
    وكم كنت أتمنى أن يحذف المقاطع التي لا تُضيف شيئا إلى خبرتنا الجمالية عن المرأة، أو إحساسنا العاطفي بها، أو موقفنا منها لأنها تقدم العادي والمألوف، ولا تُغامر، والفن مُغامرة.
    (4)
    إن هذا الديوان يضيف الكثير لرصيد عبد الله السيد شرف في الشعر الحديث في الرؤية والأداة، ويضعه شاعر متميزا على طريق القصيدة الحقيقية الجديدة.
    ................................
    (1) نشر في مجلة "الرافعي"، (طنطا)، العدد (3)، أغسطس 1987
    *من كتاب "كتب وقضايا في الأدب الإسلامي" للدكتور حسين علي محمد، ط2، أصوات معاصرة، القاهرة 2003م.


  7. #7
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    مدخل إلى شعر عبد الله السيد شرف(1)

    بقلم: أ.د. حسين علي محمد
    ...................................

    1-جراح شاعر:
    في شعر عبد الله السيد شرف تلمح شجناً وحزنا متفجراً سببته له مأساته التي يحياها، فهو بعد أن نيّف على العشرين وكان يملأ الدنيا لهواً وحبوراً وغناءً ابتُلي بضمور الأطراف وأصبح مقعداً عن الحركة، وقد صوّر معاناته صورة مأساوية في قصيدة "مهما يكن" والتي يقول فيها:
    تكوَّرْ
    وثرثِرْ، وصوِّرْ
    وقل ما بدا لكَ، قلبي تخدَّرْ
    وعقلي تحيَّرْ
    حياتي تقضَّتْ
    وحزني تفجَّرْ
    وحلم الهوى ماتَ
    حلمي المنورْ
    وساقاي تحتي
    حُطامٌ تكسَّرْ
    وكفَّاي جنبي
    هشيمُ تبعْثَرْ
    ودمعي على قبر عمري تحدَّرْ
    أنامُ
    وفي الصَّدرِ طيْفُ الشقاءِ
    وأصحو
    وفي الرُّوحِ حزني تنَمَّرْ
    فقلْ ما بدَا لكَ ماتَ الغرامُ
    على الرَّغْمِ منِّي
    وقلبي تحجَّرْ (2)
    ومما لاشكَّ فيه أن مأساة عبد الله السيد شرف التي يصوِّرها في بيتين سريعين كطعنة الخنجر "وساقاي تحتي حُطامٌ تكسَّرْ، وكفَّاي جنبي هشيمُ تبعْثَرْ" تؤثر في نظرته إلى الحياة، ورؤياه الشعرية ـ في داخل هذا النص ـ تجسد هذه النظرة في صور شعرية: قلبي تحير ـ عقلي تخدّر ـ في الصدر طيف الشقاء ـ حزني تنمر.
    وقد تعود هذه النظرة إلى بداية معاناة شاعرنا حينما روّعته مأساته، عندما أُصيب بمرض ضمور الأطراف، فأحس بانقباض وكراهية للحياة، توضحها قصيدته "لا تُراعي" التي يخاطب فيها نفسه:
    لا تُـــراعي إن لمحْتِ الدَّمْعَ في عيني يجـولْ
    أوْ تُراعي إنْ رأيْتِ اليــأْسَ في وجهي يصولْ
    واكتُمي سِرِّي فقدْ هيَّأتُ نفسي للرّحيـــلْ
    **
    يا نديمي ليس في عمري هَناءٌ أو حنــــانْ
    حطَّمتْني حيرتي الحمقــــاءُ وازدادَ الهوانْ
    عشتُ في الشكِّ ولمْ أُدركِ عــلى رغمي أمانْ
    فلتعشْ بعدي على الذكرى، فكمْ في الذكرِ مغْنَمْ(3)
    والمقطعان الأخيران تنويعات على هذا اللحن الحزين الذي يتأمل فيه الدنيا فلا يجدها غير سراب كاذب يصفع أحلامنا التي تتردّى في وهدة الواقع (4)
    وقد شكّلت هذه العاهة أثراً ملحوظاً في شعره،و فجعلته شاكّاً، متبرماً، ساخطاً، يائساً:
    * في قصيدة "الخروج" نراه ينفي عن الأهل محبَّتهم له، فهم يوجهون السيوف إليه، فكيف يدَّعون محبته ؟:
    تقذفُني كفُّ الصحراءِ
    إلى قدمِ الصَّحراءْ
    لا ظلَّ حواليَّ ولا ماءْ !
    ما جدْوى بفؤادِ الأهلِ المفتوحِ إليّْ
    إذْ كلٌّ سيوفِ الكلِّ عليّْ !(5)
    فهو هنا شاك في محبة أهله له، كشك أبي الغلاء المعري وشك محمد العلائي.
    وهذا ملمح من شعر أصحاب العاهات في الأدب العربي، إذ أن انشغال الأهل بأعمالهم، ووحدة الشاعر الطويلة، ومرورهم عليه لماماً، يجعله شاكا في صدق مودّتهم.
    *أما التبرُّم والسخط، وقد لحظنا جزءاً منه في القصائد الثلاث "مهما يكن"، و"لا تراعي" و"يا نديمي"، فإنه يتضح في معظم قصائده.
    يقول في قصيدة "الحب والموت":
    ترقدُ وحدكَ خلفَ جِدارٍ خلْفَ صخورْ
    داخلَ قبْرٍ منْ أوهامْ
    مثلَ طريدٍ ضلَّ طريقَهْ
    كرهتْ روحي هذا القبرَ وهذا الصَّمتْ
    هذا الموْتْ
    كرهتْ روحي نقر الإصبعِ فوقَ المقعدْ
    سئمَ المقعدْ
    وأنا أرمي وجهاً مُجهَدْ
    فوقَ سماءٍ من بللورْ
    أشعرُ أني كالنّاطورْ
    كالمسمارِ بداخلِ حائطْ
    دقَّ الموتَ ذراعٌ أحمقُ فوقَ الرأسْ
    كرهتْ روحي نقْرَ الموتْ (6)
    أما اليأس فنلمحه في قوله في قصيدة "شديد البرودة ليلاً":
    الموت سواءْ
    في واجهةِ الريحْ
    أو تحتَ رُكامِ الأنباءْ (7)
    وفي قوله في قصيدة "كان .. يا ما .. كان ..":
    إنما العمرُ تقَضَّى
    وانتهى لليأْسِ أمْري (8)
    وفي نفس القصيدة:
    لمْ أبلغْ من الأحلامِ فكْري
    ...
    انتهى ما كانَ منْ عهْدٍ بعيدٍ
    والهوى قد صارَ حُلْماُ
    ذكرياتٍ لا تُفيدْ
    ...
    قد مات النشيدْ (9)

    2-موقفه من الآخر:
    يقودنا حزن عبد الله السيد شرف ـ المتسبب عن عاهته ـ إلى التساؤل عن الآخر في شعره، ويتوجس منه الآخر لأنه قد يكون صورة للزمان المخاتل الذي أصابه بما لم يكن في الحسبان.
    ونستثني من هذه الصورة القاتمة الحبيبة / الزوجة، والأب:
    أما الحبيبة فقد تزوّجها رغم المثبطات التي اعترضت طريقهما:
    برغم زماننا القاسي
    فأنتِ منارتي، وهواكِ نبراسي
    ومنكِ تفيضُ أنواري
    وأُدركُ موكبَ السِّحْرِ
    أقُصُّ على الرُّبا أمري
    وأحكي كلَّ أحلامي
    وأسكُبُ فيكِ أنغامي
    فأنتِ سعادتي لوْ زادَ بي ضرِّي (10)
    ويكشف السطر الأخير عن دور المحبوبة / الزوجة في حياة شاعرنا، فهي السعادة كلما يشتد به الضر:
    لعينيكِ أمضي
    طروباً أُغَنِّي
    ولستُ أٌبالي هبوبَ الأعاصيرِ
    نارَ التَّجَنِّي (11)
    أما الأب فقد كان صوّاماً قوّاماً ـ كما قال لي عبد الله في إحدى رسائله ـ، ومن هنا كانت فجيعة الأب حينما تساقط أبناؤه صرعى لهذا المرض الفاتك.
    هذا الأب، يصوره عبد الله في قصيدة "الإعصار .. وعيون أبي" بالرجل ذي الآمال الكبيرة في الغد، وفي أولاده، ولكنهم يتساقطون، فلا يملك الرجل الكبير إلا الصبر:
    كانتْ آمالُكَ حقا
    لا تعترفُ بأية حد
    تتماوجُ في ذرَّاتِ الريحِ
    تطيرُ .. تحطُّ على كتفيْكَ
    على كفَّيْكَ
    وتشربُ منْ نبْعِ الأحزانِ الممتدّْ
    لكنَّ الآمالَ ارتطمَتْ بالأقدامِ
    فصارتْ تتلعْثَمُ في ذاكرتِكْ
    فوقَ شفاهِكَ
    حينَ النبتةُ كانتْ تتمايلُ
    كيْ ترسمَ فوقَ طموحِكَ سدْ (12)
    ويرسم عبد الله في الأجزاء التالية من القصيدة صورة المأساة وتتابع فصولها، حتى يموت الأب في النهاية. هل مات الأبُ حسرةً على بنيه؟! هل ماتَ عجزاً؟!
    أحس الشاعر ساعتها بسقوط كل شيء نبيل ورائع، فلقد كان الأب الشيخ سفينة النجاة لأبنائه:
    فلقدْ كنتَ سفينةَ نوحٍ
    كنتَ .. وكنتْ
    وبعدَ رحيلِكَ ضاعَ الكُلّْ ! (13)
    باستثناء الزوجة والأب نجد صورة الآخر عند عبد الله السيد شرف صورة كريهة، فهو يرى الآخر شيئاً بلا معنى، لا يستحق إلا الرفض. يقول في قصيدة "بلا جدوى":
    وأرفضُكمْ
    أيا شيْئاً بلا معنى
    ويا نُقَطاً بلا أحرُفْ
    ويا حرفاً بلا مأوى
    فواصلُكُمْ
    محاجِرُ تقبرُ الشَّوْقا
    لهذا جئتُ أرفضُكُمْ
    وبدْءُ البدء أرفضُكُمْ (14)
    ويحلم الشعراء بانتظار (الغائب) الذي لا يجيء، وهو رمز للحلم والأمل. وإذا كانت عاهة عبد الله السيد شرف تمثل المقابل اليائس للحلم المنتظر، فمن الطبعي أن الغائب لا يُمثل لؤلؤة الحلم، وإنما يمثِّل أصدافاً لا قيمة لها:
    نحلمُ منذ زمانٍ بمجيء الغائبِ
    من رحلتِهِ المجْهولةْ
    نحو بلادٍ لا يعرفُ عنها لونَ الأرضِ
    ولا حجمَ الأشياءْ
    ونظلُّ نُقلِّبُ في الأبراجِ .. وننظرُ نحوَ البيرقِ
    نحوَ الأمواجِ / الجثثِ
    ولا شيءَ سوى الأصْدافْ
    طفيلياتٍ يلفظُها الموجُ المُجهَدُ
    في الأحداقِ الجوفاءْ (15)
    إن الغائب / الحلم / الرمز / الآخر في ظروف اليأس من الشفاء والمعاناة الدائمة يجعل نظرة الشاعر قاتمة للحياة والأحياء.
    فالأمواج التي هي رمز للحياة والتدفق والعطاء تصير عنده:
    الأمواج/ الجثث
    واللآلئ المنتظرة لا تُسفِر إلا عن الأصداف
    ولهذا فالغائب / المنتظر لا يعود بسبب رداءة هذا الزمن الذي لا يجود بغير الحصرم:
    ما عادَ الغائبُ يا ولدي
    هذا فصلُ ..
    ليس يجودُ بغيرِ الحُصرمِ
    والأصدافِ .. ودودِ الماءْ
    .. إن الغائبَ معذورُ
    كلُّ الأعذارِ بحوزتِهِ، وسيُفصِحُ عنها حينَ يعودْ (16)
    إن الغائب ـ كما أسلفنا ـ رمز للشفاء المفقود، فهل يكرهه لأنه لم يجئ، أم يأمل في مجيئه يوماً؟ وتنتهي القصيدة بهذه الحيرة:
    أتساءلَ: فيمَ الضَّجَّةُ والغائبُ لمْ يرجعْ
    والأرضُ عقيمْ
    والأحلامُ تُطاردُني
    تأمرُني أن أنتظرَ الغائبْ
    كيْ يمْلأ كلَّ الأشرعةِ الميتةِ
    ويزرعُ فوقَ الوجهِ المكدودِ البسمةَ والأضواءْ
    * *
    أرهقتُ الحرفَ ولمْ أعرفْ ماذا أكتبُ
    هل أُقسمُ أن الغائبَ آتٍ
    أم أكتبُ أنَّ الغائبَ ليسَ يعودْ
    وأنَّ العمر يضيعُ على أرصفةِ الأحلامِ
    وأوهامِ الشعراءْ ؟(17)
    ولا يصبح العزاء إلا في الآخر الوحيد ـ وهو الشعر ـ ويُصبح الشعر هو المعشوق، وعبد الله السيد شرف هو العاشق. يقول في قصيدة "العاشق":
    عشقتُكَ يا شعرُ
    نبضاً، جمالاً
    ولحناً شجياً
    وشوقاً ونورا
    وحرفاً جسورا
    وشمساً تدورْ
    عشقتُكَ يا شعرُ
    بحراً ، ضفافاً
    مراكبَ وجدٍ
    ربيعاً،
    نسيماً
    ونبضَ الزهورْ
    عرفتُكَ يا شعرُ
    صدقَ الشعورْ
    فدعني على راحتيْكَ
    أَحُطُّ أواناُ
    وحيناً أطير
    وأنسجُ منكَ
    بساطَ أمانٍ
    لكلِّ العصورْ
    ودعنيَ يا شعرُ
    أنعسُ فيكَ
    أُسافرُ فيكَ
    أهزُّ حروفَكَ
    أجعلُ منكَ أرائكَ حبٍّ
    موائدَ عشْقٍ
    لكلِّ الطيورْ
    فدُرْ بالصدورْ
    وخُضْ بالأسارى
    دروبَ الخلاصِ
    وشُقَّ الصخورْ (18)
    هذا الحب الجنوني للقصيدة، والذوبان في فتوحات الحرف حينما يُفجِّر مكنونه .. يختلط بالحزن، وتصير القصيدة / الحرف / الحبيبة / الوطن مملكة عصية، يطرده الحجاب من قدام بابها.
    يقول أحمد سويلم في تقديمه لديوان "الانتظار والحرف المجهد": "وشاعرنا ينتمي إلى موجة السبعينيات في الشعر ـ إذا جاز لنا هذا التقسيم ـ ويتقدم معه على الدرب نفسه أصوات أصيلة أخرى، منها على سبيل المثال: جميل عبد الرحمن، وفوزي خضر، وحسين علي محمد، ودرويش الأسيوطي، وصابر عبد الدايم، ومحمد سعد بيومي، وسعد عبد الرحمن … وغيرهم كثير على امتداد أقاليم مصر".
    "وفي تصوري أن هذه الموجة والموجة التالية عليها يُحاول شعراؤها خارج العاصمة أن يحتفظوا بقدر معقول من الأصالة قد نفتقده كثيراً في بعض الأصوات التي تعلو في العاصمة، والتي تقترب من وسائل الإعلام، وسوف يأتي اليوم الذي تتضح فيه هذه المعالم وتتجلّى الفروق بين الأصالة الجادة … وغيرها من البدع التي تُصيب الشعر في مقتل"(19).
    إن شاعرنا يرى في الشعر سلواه وحياته، فلماذا يقف الحجّاب دون ربة الشعر؟ ولماذا يدفعون خطواته الوانية وهو الشاعر المقتدر؟. إن خفافيش الليل صاروا هم السدنة، ولم يعد شاعرنا يُبالي بهم، حسبه أن يكتب ويبدع:
    انسكبي حرفا
    تتفرَّع منهُ الأغصانُ الوارفةُ الغنَّاءْ
    تُظلُّ حيارى القوْمِ
    وهُبِّي سيفا
    في وجهِ خفافيشِ الليلِ
    ويثقبُ كلَّ حوائطِ هذا الصَّمتِ
    ودوري في أوردتي
    وانسلِّي كالرُّوحِ
    من الأعصابِ دماءً وغناءْ
    وامتدِّي صدراً أتَّكئُ عليهْ
    وكوني منسأةً
    أين مواقعُ خطوي ؟
    كثُرَ العشاقُ
    وهذي مائدتُكَ تُنصَبُ للأوغادِ
    فرجِّيني .. وانتفضي
    أو فليطْردْني حجَّابُكِ
    من قدَّام البابِ
    فما عُدْتُ أُبالي (20)
    وهكذا يكون موقفه من الآخر، بعد تجاربه العديدة رفضاً، وشكاً، وابتعاداً عنه.

    3-التشكيل:
    في المقطعين السابقين من الدراسة تناولنا رؤية الشاعر عبد الله السيد شرف في ديوانيه "الانتظار والحرف المجهد" (1985م) و"قراءة في صحيفة يومية" (1986م)، ونتناول هنا التشكيل عنده:
    1-يكتب عبد الله السيد شرف القصيدة الخليلية ـ مثل "لا تُراعي" و"يا نديمي" ـ كما يكتب قصيدة التفعيلة، وموسيقا الخليل واضحة في شعره بنوعيه.
    وأحيانا يخدعنا عبد الله السيد شرف فيكتب قصيدة بشكل قصيدة التفعيلة، بينما هي قصيدة خليلية الموسيقا، مثل قصيدة "لا تُصدِّق" التي يكتبها هكذا:
    حدَّثوا
    أنَّ فؤادي
    لم يعُدْ يذكُرُ عهدَكْ
    لا تُصدِّقْ يا حبيبي
    لمْ أزلْ أحفظُ ودَّكْ
    أنت في قلبي نشيدٌ
    يا نعيمي ..
    أنتَ وحدكْ
    رغمَ بُعدي ..
    إنَّ روحي
    لمْ تزلْ يا حلوُ عندَكْ
    لا فؤادي عنكَ يسْلو
    لا .. ولنْ أعشقَ بَعدَكْ (21)
    ومن الواضح أنها من مجزوء الرمل، وأنها قصيدة كلاسيكية في موسيقاها المنضبطة، وكان من الواجب عليه أن يكتبها هكذا:
    حدَّثــوا أنَّ فـؤادي لم يعُـدْ يذكُرُ عهـدَكْ
    لا تُصدِّقْ يا حبيــبي يا نعيمي أنتَ وحـدكْ
    رغمَ بُعـدي إنَّ روحي لمْ تزلْ يا حـلوُ عندَكْ
    رغمَ بُعدي إنَّ روحـي لمْ تزلْ يـا حلوُ عندَكْ
    لا فؤادي عنكَ يسْلـو لا .. ولنْ أعشقَ بَعدَكْ
    2-يميل عبد الله السيد شرف في قصائده الحديثة إلى أن يتجه إلى التدوير، ولكن مع وضع قافية موحَّدة في نهاية كل مقطع؛ ففي قصيدة "الإعصار وعيون أبي" تأتي الدال الساكنة في نهاية كل مقطع من المقاطع لتمنح القارئ فسحة من الوقت ليشد أنفاسه من متابعة التجربة الشعرية، وتسير القافية هكذا (حد ـ الممتد ـ سد ـ القد ـ الغمد ـ الصهد ـ المد ـ الرد ـ العد ـ بعد )(22).
    وفي قصيدة "الاعتذار الأحمق" نجد السين الساكنة في نهاية كل مقطع، وهي من ثلاثة مقاطع طويلة، يزيد بعضها عن ثلاثين تفعيلة.
    ينتهي المقطع الأول بقوله:
    تئنُّ ضلوعُكَ تحتَ ذراعٍ يحمي عنْ مفرقكَ الشَّمسْ
    وينتهي المقطع الثاني بقوله:
    ضاعَ وجودي بينَ اليومِ وبينَ الأمسْ
    وينتهي المقطع الثالث بقوله:
    لن يُجديَكِ العذرٌ الأحمقُ، فانتزعيني ..
    بئس النَّبْتُ ، وبئس الغرسْ(23)
    3-يقترب الشاعر في معظم قصائده الحديثة من فن القص، ويُوفَّق أحياناً في مثل قصيدة "قراءة في صحيفة يومية" و"الإعصار وعيون أبي" و"محادثة في زمن الأوجاع" و"الخروج" و"انفجار" و"سيدتي والألوان" … وغيرها. لكن القصَّ قد يقوده أحياناً إلى النثرية والتكرار، فتصير القصيدة مترهلة تفتقد الاكتناز والكثافة مثل قصيدة "ليلى والمقياس" التي تحتل ثلاث صفحات من القطع الكبير، ولو أعاد شاعرنا النظر فيها لجعلها في صفحة واحدة(24)
    4-يميل عبد الله السيد شرف في تشكيله إلى استخدام الأفعال المضارعة التي تدل على الحركة (25)
    يقول في مطلع قصيدة "سيدتي والألوان:
    ما زالتْ سيدتي تغتسلُ بحمّامات الألوانِ
    وتلهو برمالِ الشاطئِ
    رغمَ الريحِ
    تفكُّ ضفائرَها المجدولةَ من رحِمِ الأرضِ
    وتبسطُها
    فتعودُ حراباً زاهيةَ الألوانِ
    تعودُ دهاناُ وشِراكاً
    تلبسُني الألوانُ
    ـ لماذا تضحكُ تلك الأبقارُ الخادعةُ
    فتلمزني سيدتي
    وتُسوِّي الثوبَ
    تُلملِمُ صدراً وهَّاجا
    أتلعثمُ في إخفاقي (26)
    فكل سطر من سطور تجربته الشعرية هذه يحتوي على فعل مضارع، وهي على الترتيب "تغتسل، تلهو، تفك، تبسطها، فتعود، تعود، تلبسني، تضحك، تلمزني، تُلملم، أتلعثم".
    وفي قصيدته "الوعود المؤجلة" يقول:
    واعدْتُكِ .. حين يحلُّ الليلُ بأن نرحلَ حيثُ تريدين
    نُحلَّقُ في الآفاقْ
    نشربُ منْ كاساتِ الوهمْ
    نتخاصرُ، نضحكُ، لانهتمُّ، ونمحو الحزنَ من الأحداقْ
    واعدْتُكِ أن نلعبَ بالكرةِ
    أدورُ ألفُّ
    وأُحرزُ أهدافاً تستأهلُ منكَ التصفيقَ
    وخلعَ الثوبِ .. وإشعالَ الأوراقْ
    واعدْتُكِ أن أبكي بين يديكِ الزمنَ الضَّائعَ والأشواقْ
    أن أصعدَ أرصِفةَ الشارعِ
    كيْ أَبتاعَ لأطفالي كرةً .. ووروداً .. وقطارا
    واعدتُكِ .. أن نجلسَ فوقَ العُشبِ .. ونبني بيتاً
    من رملِ الشاطئِ والأصدافْ
    واعدتُكِ .. أن أصحبَ طِفْليَّ
    لكيْ أبتاعَ الحلوى .. وثيابَ العيدْ
    في هذا المقطع كرر الشاعر الفعل الماضي "واعدتك" أربع مرات، بينما أتى بعشرين فعلا مضارعاً هي "يحل، نرحل، تريدين، نحلق، نشرب، نتخاصر، نضحك، نهتم، نمحو، ألعب، أدور، ألف، أحرز، تستأهل، أبكي، أصعد، أبتاع، نجلس، نبني، أبتاع".
    وإذا كان الماضي يُشكِّل خُمس المضارع في أفعال الشاعر داخل هذا النص، فمعنى هذا أن الشاعر مسكون بوجعه وأحلامه وآلامه. يعيش حاضره، ولا يذوب شوقاً في الماضي الذي لن يعود!
    ـــــــــــــــــــــ
    الهوامش:
    (1) نشر في صحيفة "القناة" الإسماعيلية، في 26/5/1985م، كما نشرت في صحيفة "المسائية" السعودية، العدد (3439)، الصادر في 18/5/1993م، ونشرت في مجلة "الرافعي"(طنطا)، العدد (32) ـ فبراير 1996م (عدد خاص عن الشاعر الراحل عبد الله السيد شرف).
    (2) المصدر السابق، ص 63.
    (3) المصدر السابق، ص 63 ، 64.
    (4) المصدر السابق، ص 23.
    (5) عبد الله السيد شرف: الانتظار والحرف المجهد، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 1985، ص 17.
    (6) المصدر السابق، ص 29.
    (7) عبد الله السيد شرف: قراءة في صحيفة يومية، ص 72.
    (8) المصدر السابق، ص 72 ، 73.
    (9) المصدر السابق، ص 15.
    (10) المصدر السابق، ص 67.
    (11) عبد الله السيد شرف: الانتظار والحرف المجهد، ص 46.
    (12) المصدر السابق، ص 48.
    (13) المصدر السابق، ص 13.
    (14) المصدر السابق، ص 21.
    (15) المصدر السابق، ص 22.
    (16) المصدر السابق، ص 23 ، 24.
    (17) عبد الله السيد شرف: قراءة في صحيفة يومية، ص ص 5 - 7.
    (18) أحمد سويلم: هذا الشاعر المنتظر أبدا، مقدمة ديوان "الانتظار والحرف المجهد"، ص 3 ، 4.
    (19) عبد الله السيد شرف: قراءة في صحيفة يومية، ص 50 ، 51.
    (20) عبد الله السيد شرف: الانتظار والحرف المجهد، ص 51.
    (21 ) المصدر السابق، ص ص 46-48.
    (22) المصدر السابق، ص ص 37-39.
    (23 ) وليس هذا بغريب على الشعراء أصحاب العاهات؛ فبشار بن برد، وأبو العلاء المعرِّي، ومحمد العلائي كانوا مكفوفين ومع هذا كانوا يميلون إلى التصوير الحسي الدقيق، وبشار هو القائل:
    كانَّ مثارَ النَّقْعِ فوقَ رؤوسنا وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبُهْ
    (24 ) المصدر السابق، ص 44.
    .................................................. .......
    فصل من كتابي "دراسات نقدية في أدبنا المُعاصر"، ط1، دار الوفاء لدنيا الطباعة، (الإسكندرية 1999م.


  8. #8
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    محمد جبريل .. يسأل .. «هل؟!»
    بقلم: عبد الله السيد شرف

    "هل" حرف من حروف الاستفهام، حمله الأديب محمد جبريل تحت إبطه، ونزل به الساحة، محاولا أن يثقب به جدران الصمت والإهمال والتسيب، وليضيف إلى رصيده الأدبي كتاباً جديداً؛ كاشفا لنا أوجاعه التي هي أوجاعنا .. علَّ هذه المكاشفة توقظ النيام وتحرك فينا ما سكن!.
    وقد يدور في الذهن ـ كما دار في ذهني ـ ماذا يقصد بهذا السؤال الحاد .. والسريع كطلقات الرصاص؟!
    لا، إن الكاتب لم يتركنا طويلا في دوامات التفكير بل صرح لنا في أولى الصفحات ـ إلى الآتي ـ !
    وبهذا الجار والمجرور ، وضعنا الكاتب في الواجهة وأنار لنا الطريق بل .. ونقلنا من صفوف المتفرجين إلى خشبة المسرح .. لنسأل معه هل يأتى ؟ ... وإذا جاء هل يغير هذا من الوضع الآسن؟ .. أم أنه كسابقه .. وأننا في انتظار ما لا يجيء؟!
    من هنا .. يبدأ محمد جبريل مصاحبته لنا في جولة حرة داخل قصصه التي حوتها مجموعته .. «هل؟» الصادرة عن "كتاب فصول" ليطلعنا على شوارعها وأزقتها الإحدى عشرة، مرحبا بنا .. وهامسا في أذاننا بشرطه الوحيد ـ ( اعط للكلمات انتباهك جيدا ) حتى إذا لمح على الوجوه علامة تعجب .. من شرطه المفاجئ برر لنا هذا بقوله ( إن نسيت اللغة .. نسيت كل ما أعرفه من أسرار!) ونبدأ جولتنا .. مقتنعين بشرطه .. وملتفتين للحظة التي يصوغ منها الكاتب بنيان «هل».
    في تكوينات رمادية ـ يكتشف الأب اللعبة .. ولذا قرر مقاطعتهم وتقاعد ـ لهذا ـ عن مهنة الترجمة .. وهي بلا شك .. وسيلة سلبية للاعتراض ـ ولهذا .. لا نتعجب من أن يلقي الرجل حتفه بعد أن مزقته الوساوس والرؤى المزعجة. إن الكاتب يرفض الوقوف من الأحداث موقف المشاهد .. ويرى أن الرقص العاجز لن يغير من الوضع أي شيء .. ونرى اتكاء الكاتب على اللغة باعتبارها خير حصن للبقاء على هوية هذا الوطن .. وإنها السلاح القوي الذي يمكننا أن نواجه به الغزو الذي يسعى به أعداء الأمة إلى هدم مكوناتها، وزلزلة بنيانها .. ونلمح تركيز الكاتب على اللغة، وكثرة ترديده لها .. (إني أكلمك بالعربية) ..
    وكما يركز كاتبنا على اللغة، يركز أيضا على الدين .. حيث يجعله الكاتب نصب أعيننا كحل حتمي للتخلص من الأوجاع .. والهموم . يتضح لنا هذا من كثرة ذكره للمساجد في قصص المجموعة .. أبو العباس المرسي، سيدي علي تمراز.. . بل ـ وأيضا ـ كثرة الإشارات والدلالات الدينية، التي تؤكد دعوة الكاتب إلى التمسك بالقيم .. والمبادئ التي يبثها الدين، كي تزول المتاعب، وتختفي الرائحة ..تلك التي يشمها الجميع، والتي عبر عنها كاتبنا عن بدايتها بقوله: «ربما كانت البداية حين اضطر إلى التوقف ـ مرغما ـ حتى يمر الموكب الرسمي». إنها نفس الرائحة التي عبر عنها الأديب صنع الله إبراهيم في روايته "تلك الرائحة" وإن اختلفا في التناول .. والعرض، فبينما كان صنع الله إبراهيم عنيفاً، كان محمد جبريل رفيقا بنا .. وبالطبع أجاد هذا كما أجاد ذاك .، وقد اعتمد محمد جبريل على التاريخ في تفجير هذه الرائحة وأطَّر التاريخ .. بالعصر الحديث لتقترب الصورة من الأذهان .. ولتدخل إلى العين فلا تنكرها .. وبالطبع لم تفلح العقاقير في القضاء نهائيا على هذه الرائحة رغم أن العلم من الأسلحة القوية .. لكن .. كيف يفلح العلم في إصلاح ما أفسده الإهمال .. واللاوعي .. والجبن .. إن ما يهم الكاتب ـ وهو الذكي ـ هو الاهتمام بروحانية هذا الوطن .. والعلم .. هو الشق المادي .. أو الجناح .. لذا لم ينجح ـ وحده ـ في القضاء على الرائحة .. لأن الجانب الروحي غير موجود ولا يتم النهوض لهذا الجسد بجناح واحد .. وكيف يستقيم الأمر لإنسان بلا روح .. إن الكاتب يركز على الاهتمام بثقافة الوطن .. فالعلم كما يقول الأستاذ إبراهيم خورشيد «لا وطن له أما الثقافة فلها وطن!».
    ويتعجب جبريل من غياب الروحانية بعد أن أعيته الحيلة ، (الخراف تبحث عن راعيها . والسفينة بلا ربان) والمتأمل في هذه الصرخة يجد أنه كلها إيحاءات وإرشادات دينية، تكون مع المساجد لوحة جميلة، وصورة عامة لرؤية الكاتب، وتؤكد لنا اهتمامه ودعوته للتمسك إلى جانب العلم بالطبع ـ بالروحانية التي يتميز بها مشرقنا العربي ـ والمجسدة تماما في الحفاظ على اللغة والدين ـ .. لكن كيف يتحقق هذا مع زيادة عدد الأميين وغياب الديمقراطية؟!
    في مدينة «هل؟» للأديب محمد جبريل .. دار للسينما تعرض فيلما بعنوان "التحقيق" على من يريد الاستماع أن يدلف من أي الأبواب ليرى مقدرة الكاتب الفائقة على كتابة السيناريو .. والإخراج .. والدوران بالكاميرا في كل الاتجاهات والتقاط مشاهد حية مجسمة، مع بساطة شديدة في الديكور والملابس. والغريب أن فكرة الفيلم ـ القصة ـ بسيطة للغاية .. والأشد غرابة أنها تهزك بقوة .. لتجد نفسك في النهاية أمام عمل عظيم ، أظهر براعة جبريل الفائقة .. وحنكته في إخراج قصته بهذه الجودة .. ولا يمكنك في نهاية العرض إلا أن تصفق للكاتب .. ولبطل قصته وهو (يرفع نظارته إلى العينين الملتمعتين خلف الباب الموارب ـ قائلا ـ كنت كاذباً!) .. إن هذه القصة القصيرة جدا، والمكثفة جدا كفيلم تسجيلي، تؤكد لنا قدرة الكاتب على التصوير من أضيق الزوايا .. إنه ـ باختصار ـ يوضح لنا الفرق بين الكاتب الحقيقي ـ والكاتب المزيف.. فقد سبق للكثيرين تناول هذه الفكرة .. إلا أنهم لم يتمكنوا من التأثير علينا كما فعل جبريل في تحقيقه الرائع.
    ويدخل السمان البيوت .. والشوارع.. وينفذ من عيون الناس .. (فتخلو النظرات من العفوية) .. ومؤخرا يتبين لهم أن السكوت عن المقاومة طريق الجنون".. وهذا بالفعل ما قصده الكاتب ..وهذا أيضا ما حدث للأب من قبل.
    ويستشرى الغباء .. والجهل ـ والسلبية.. فيفترش الدرب غول غريب الخلقة، مجهول الهوية، حتى يبدو جزءا ثابتا من حركة الحياة حوله، ومأساتنا الحقيقية أننا نناقش الأمر إذا أصبح مشكلة .. وتلك مشكلة!.
    وفي النهاية يسأل الكاتب ـ هل ـ ؟ ..
    هل يمكن أن نقول لا للصوص الذين يسرقون حتى أكفان الموتى؟
    هل يستطيع هذا الجسد أن يحرك إحدى يديه.. بل أحد أصابعه .. هل بفعل؟ ..
    هذا هو السؤال الذي طرحه علينا محمد جبريل .. وإن كان قد تعرض للإجابة .. وأظهر لنا كيف يتحقق هذا في بطون قصصه بطريقة غير مباشرة. في لغة بسيطة للغاية شديدة التركيز .. ملفتا أنظارنا إلى الجملة الاعتراضية، وأهميتها في إضاءة النص، ولولا هذه الجمل لظهرت الصورة باهتة الملامح .. مطموسة الألوان..
    أجاد ـ جبريل ـ بلا شك ـ استخدام الجمل الاعتراضية بذكاء لماح .. ومقدرة فائقة.. بينما خانه الاستخدام مرة واحدة عندما قال (دفع السرير أسفل النافذة. وضع من فوقه ـ المكتبة وأدوات المطبخ ) .. إن ـ من فوقه ـ هنا جملة معترضة .. بينما هي في الحقيقة ليست كذلك .. إذا إنه من المعروف أن الكلام قبل جملته المعترضة لا يقبل بما بعدها .. فإن اتصل سيغير هذا كثيرا من المعنى المقصود.
    في النهاية يمكننا أن نقول .. لقد أجاد الكاتب في تصوير أفكاره .. في لغة سهلة .. غاية في البساطة .. دون تنافر ذهني، أو تنافر فكري .. مستخدما الجمل الاعتراضية بذكاء شديد، ودراية كاملة بالوقت المناسب الذي يضغط فيه على الفلاش لتنطلق الجملة المعترضة، مميزة الأركان، وموقظة الأساس بجمالية الصورة وبراعة التصوير ومؤكدة أن جبريل من أروع من استخدم الجمل المعترضة في قصصنا القصيرة، في انسيابية .. وسهولة .. ويسر.
    ويودعنا جبريل والبسمة تعلو شفتيه .. بعد أن رأى سعادتنا بمدينته وأعجبنا بمعمارها الفكري .. ونحييه .. فيهمس لي (إني أكلمك بالعربية .. وأنت تفهمني .. فأين المشكلة؟) .. وكأنه بهذا لا يكتفي "بهل" بل يفجر لنا ملاين الأسئلة!
    عبد الله السيد شرف


  9. #9
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    وطنٌ في حجم الكونِ
    وكونٌ في حجم القيدِ
    تلك قضيّه
    من يمنحني صَكَّ الحريه


  10. #10
    طبيب، أديب وشاعر
    تاريخ التسجيل
    08/07/2010
    المشاركات
    14,211
    معدل تقييم المستوى
    28

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    استمتعتُ بوجودي في هذه الصفحات ،

    جميلٌ ورائعٌ المرحوم عبد الله شرف ، الشاعرُ والإنسانُ ،

    وجزاك الله خيراً ، أخي العزيز السعيد الفقي .

    كرم زعرور


  11. #11
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: عبد الله السيد ابراهيم شرف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم زعرور مشاهدة المشاركة
    استمتعتُ بوجودي في هذه الصفحات ،

    جميلٌ ورائعٌ المرحوم عبد الله شرف ، الشاعرُ والإنسانُ ،

    وجزاك الله خيراً ، أخي العزيز السعيد الفقي .

    كرم زعرور
    ===
    السلام عليكم
    دكتور كرم
    حفظك الله
    وأتم عليك نعمه
    لك
    تحية تربوية حضارية


  12. #12

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •