آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: إعجاز القرآن ببيانه

  1. #1
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    إعجاز القرآن ببيانه

    جمع : سميرة رعبوب



    لم ثنَّى الله جل وعلا الكعبين وجمع المرفقين في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين"؟

    يقول الدكتور فاضل صالح السامرائي : بأن كل يد لها مرفق واحد، أما كل رجل فلها كعبان، ولو قال تعالى (الكعوب) لما دلّ ذلك على وجوب غسل الكعبين، فلو غسلوا كعباً واحداً لكفاهم، لكن الله تعالى أراد أن يغسل كل واحد من المخاطبين إلى الكعبين.

    المصدر : مركز الفتوى

    التعديل الأخير تم بواسطة سميرة رعبوب ; 21/09/2011 الساعة 01:16 PM
    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    يقول ربنا جل وعلا في سورة المؤمنون (ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون) 105، وفي سورة المطففين (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين) 15، نلاحظ في الآيتين استخدام صيغة المفرد في الآية الأولى واستخدام الجمع في الآية الثانية، فإن كان الجمع يوحي بالعظمة والهيبة فلم استخدم المفرد، وجاء هذا التنوع في القرآن في عدة مواضع مثل: (قلنا اهبطوا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، نلاحظ في بداية الآية: (قلنا) جمع، (منّي) مفرد، (هداي) مفرد ..


    فقد قال أبو البقاء العكبري في علل البناء: النون من حروف الزيادة لشبهها بالواو.. وتكون للواحد العظيم لأن الآمر إذا كان مطاعا توبع على الفعل.

    فاستخدام ضمير الجمع مكان ضمير المفرد يكون للدلالة على التعظيم والإجلال، والله سبحانه هو المستحق لكمال العظمة والجلال

    وعليه؛ فإن الألفاظ المضافة لله سبحانه تضاف بضمير الجمع الدال على العظمة، ولذلك جاء لفظ (آياتنا) بضمير الجمع في القرآن (92) مرة، كما في المعجم المفهرس، ومن ذلك قوله تعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ {المطففين:13}، وهذا من باب التعظيم الذي يليق بالله تعالى، والذي يتناسب من جهة أخرى مع سياق سورة المطففين الذي يراد به التهديد والوعيد للفجار والمكذبين، بينما لفظ (آياتي) بضمير المفرد جاء في القرآن (14) مرة فقط، ومن ذلك قوله تعالى: قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ{المؤمنون:66}، وقوله: أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ {المؤمنون:105}، وإنما جاءت بلفظ الإفراد مع استحقاق لله لكمال العظمة؛ لأن سياق الآيات في الموضعين من سورة المؤمنون في معرض التنكيل والمجازاة يوم القيامة، وهذا مقام توحُّد وتفرُّد، كما قال الله تعالى: يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ {غافر:16}، مع أن الملك له قبل ذلك اليوم وبعده، فالدلالة على توحد الله وانفراده بالمجازاة في ذلك اليوم تكون أظهر مع ضمير المفرد، هذا بخلاف قوله تعالى في السورة نفسها: ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ {المؤمنون:45}، بضمير الجمع الدال على التعظيم.
    وأما قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {البقرة:38}، فهو من باب الالتفات البلاغي، وهو التحويل في التعبير من اتجاه إلى آخر من جهات أو طرق الكلام الثلاث: التكلّم والخطاب والغيبة، مع أنّ الظاهر في متابعة الكلام يقتضي الاستمرار على ملازمة التعبير وفق الطريقة المختارة أوّلاً دون التحوّل عنها.
    قال أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط: (مني) متعلق بيأتينكم، وهذا شبيه بالالتفات، لأنه انتقل من الضمير الموضوع للجمع، أو المعظم نفسه، إلى الضمير الخاص بالمتكلم المفرد، وقد ذكرنا حكمة ذاك الضمير في: قلنا، عند شرح قوله: {وقلنا يا آدم اسكن} وحكمة هذا الانتقال هنا أن الهدى لا يكون إلا منه وحده تعالى، فناسب الضمير الخاص كونه لا هادي إلا هو تعالى، فأعطى الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره الضمير الخاص الذي لا يحتمل غيره تعالى، وفي قوله: مني، إشارة إلى أن الخير كله منه، ولذلك جاء: قد جاءكم برهان من ربكم. وقد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء. فأتى بكلمة: من، الدالة على الابتداء في الأشياء، لينبه على أن ذلك صادر منه ومبتدأ من جهته تعالى. انتهى.
    وقال قبل ذلك في قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {البقرة:34}، في قوله: {قُلْنَا} التفات، وهو من أنواع البديع، إذ كان ما قبل هذه الآية قد أخبر عن الله بصورة الغائب، ثم انتقل إلى ضمير المتكلم، وأتى بـ {نا} التي تدل على التعظيم وعلوّ القدرة وتنزيله منزلة الجمع، لتعدد صفاته الحميدة ومواهبه الجزيلة.
    وحكمة هذا الالتفات وكونه بنون المعظم نفسه أنه صدر منه الأمر للملائكة بالسجود، ووجب عليهم الامتثال، فناسب أن يكون الأمر في غاية من التعظيم، لأنه متى كان كذلك كان أدعى لامتثال المأمور فعل ما أمر به من غير بطء ولا تأول لشغل خاطره بورود ما صدر من المعظم، وقد جاء في القرآن نظائر لهذا، منها: (وقلنا يا آدم اسكن)، (وقلنا اهبطوا)، (قلنا يا نار كوني برداً)، (وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض)، (وقلنا لهم ادخلوا الباب)، (وقلنا لهم لا تعدوا)، فأنت ترى هذا الأمر وهذا النهي كيف تقدّمهما الفعل المسند إلى المتكلم المعظم نفسه، لأن الآمر اقتضى الاستعلاء على المأمور، فظهر للمأمور بصفة العظمة، ولا أعظم من الله تعالى. انتهى.
    ومما له تعلق بهذا الموضوع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما لفظ "القرب" فقد ذكره تارة بصيغة المفرد وتارة بصيغة الجمع؛ فالأول إنما جاء في إجابة الداعي: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع. وكذلك في الحديث: اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. وجاء بصيغة الجمع في قوله: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. وهذا مثل قوله: (نتلوا عليك)، (نحن نقص عليك)، (فإذا قرأناه)، و(إن علينا جمعه وقرآنه)، و(علينا بيانه)، فالقرآن هنا حين يسمعه من جبريل والبيان هنا بيانه لمن يبلغه القرآن، ومذهب سلف الأمة وأئمتها وخلفها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل، وجبريل سمعه من الله عز وجل، وأما قوله: (نتلوا)، و(نقص)، (فإذا قرأناه)، فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم الذي له أعوان يطيعونه، فإذا فعل أعوانه فعلا بأمره قال: نحن فعلنا: كما يقول الملك: نحن فتحنا هذا البلد وهزمنا هذا الجيش ونحو ذلك؛ لأنه إنما يفعل بأعوانه والله تعالى رب الملائكة وهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهو مع هذا خالقهم وخالق أفعالهم وقدرتهم وهو غني عنهم؛ وليس هو كالملك الذي يفعل أعوانه بقدرة وحركة يستغنون بها عنه فكان قوله لما فعله بملائكته: نحن فعلنا أحق وأولى من قول بعض الملوك. انتهى.


    المصدر : مركز الفتوى

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  3. #3
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و(الربّ) في الآيتين: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) سورة النساء وقوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم) سورة النساء؟
    لفظ الجلالة الله هو اللفظ العامّ لله تعالى ويُذكر هذا اللفظ دائماً في مقام التخويف الشديد وفي مقام التكليف والتهديد. أما كلمة الربّ فتأتي بصفة المالك والسيّد والمربي والهادي والمشد والمعلم وتأتي عند ذكر فضل الله على الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين فهو سبحانه المتفضّل عليهم والذي أنشأهم وأوجدهم من عدم وأنعم عليهم. والخطاب في الآية الثانية للناس جميعاً وهو سبحانه يذكر النعمة عليهم بأن خلقهم والذين من قبلهم، ولذا جاءت كلمة (ربكم) بمعنى الربوبية . وعادة عندما تذكر الهداية في القرآن الكريم تأتي معها لفظ الربوبية (ربّ). والله أعلم

    عن الدكتور فاضل السامرائي من برنامج لمسات بيانية على قناة الشارقة _ جامعة أم القرى

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  4. #4
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    ما الفرق بين " تجري من تحتها الأنهار " و " تجري تحتها الأنهار " ؟

    http://www.wata.cc/forums/showthread...A%D9%87%D8%A7)

    وما هو الإعجاز في الفرق بين من تحتها و تحتها وجزاك الله كل خير.

    الجواب :

    أولاً- لقد تكرر في القرآن الكريم قول الله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ﴾ في مواضع كثيرة، أحدها ما جاء في البقرة :﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾(البقرة: 25).

    وجاء قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ﴾ في موضعين : أحدهما في الأعراف :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾(الأعراف: 43). والثاني في الأنعام :﴿ وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ ﴾(الأنعام: 6).

    وجاء قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِي ﴾ في موضع واحد في الزخرف :﴿ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾(الزخرف: 51).

    وجاء قوله تعالى :﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا ﴾ في موضع واحد في التوبة :﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾(التوبة: 100).

    ثانيًا- قال أبو حاتم :« وفي مصحف أهل حمص الذي بعث به عثمان إلى الشام في الأعراف :﴿ تَجْرِي تَحْتَهُمُ الأَنْهَارُ﴾(الأعراف: 43)، بغير ( مِنْ ).. »

    وفي آية التوبة قرأ الجمهور قوله تعالى :﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾، بدون ( مِنْ )، وقرأ ابن كثير :﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾، بـ( مِنْ )، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة. والقراءتان صحيحتان متواترتان.

    وقد حاول الطاهر ابن عاشور عند تفسير آية التوبة أن يبيِّن الفرق بين القراءتين، فقال ما نصُّه :

    « وقد خالفت هذه الآية عند معظم القراء أخواتها فلم تذكر فيها ( مِنْ ) مع ( تَحتِها ) في غالب المصاحف وفي رواية جمهور القراء، فتكون خالية من التأكيد، إذ ليس لحرف ( مِنْ ) معنى مع أسماء الظروف إلا التأكيد، ويكون خلو الجملة من التأكيد، لحصول ما يغني عنه، من إفادة التقوى بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي، ومن فعل ( أعدَّ ) المؤذن بكمال العناية، فلا يكون المعد إلا أكمل نوعه. وثبتت ( مِنْ ) في مصحف مَكة، وهي قراءة ابن كثير المكي، فتكون مشتملة على زيادة مؤكدين ».

    ويفهم من كلامه : أن وجود ( مِنْ ) في قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ يفيد التوكيد، وأنها لم تدخل في قوله تعالى :﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾ لوجود ما يغني عنها هنا من إفادة التوكيد، وهو تقديم المبتدأ :﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ ﴾ على الخبر الفعلي :﴿ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ﴾، وما يفيده الفعل ﴿ أَعَدَّ ﴾ من كمال العناية بهم.

    ولو كان تقديم المبتدأ على الخبر الفعلي يغني عن ( مِنْ )، لأغنى عنها في قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾(العنكبوت: 58).

    ولو كان ما يفيده الفعل ( أعدَّ ) من كمال العناية مغنيًا عن ( مِنْ )، لأغنى عنها في قوله تعالى : ﴿ أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾(التوبة : 89).

    ثالثًا- وحقيقة القول في ذلك أن نقول، والله المستعان : إن لفظ ( تحت ) يستعمل في المنفصل، بخلاف لفظ ( أسفل ) الذي يستعمل في المتصل، ويقابله لفظ ( فوق ). تقول : هذا الشيء تحتي، وذاك الشيء فوقي : إذا كانت تفصل بينك، وبينه مسافة، قلَّت، أو كثُرت. فإذا كان ذلك الشيء الذي أنت فوقه وهو تحتك مباشرة، بحيث يكون متصلاً بك ومتصلاً به، تقول : هو من تحتي، وهو من فوقي، فتأتي بـ( مِنْ ) التي تفيد ابتداء الغاية.

    ومثال الأول قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ﴾(الكهف: 82)، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ﴾(فصلت: 29)، ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ﴾(التحريم: 10).

    ومثال الثاني قوله تعالى ﴿ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾(المائدة: 66)، ﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾(العنكبوت: 55)، ﴿ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾(الزمر: 16).

    وعلى الأول جاء قوله تعالى :﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾، بدون ( مِنْ )، فإنه يفيد أن الأنهار تجري تحت الجنات، وأنها منفصلة عنها.. وعلى الثاني جاء قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ فإنه يفيد- كما جاء في كتاب حادي الأرواح- أن الأنهار موجودة في الجنات حقيقة، وأنها تجري من تحت أشجارها، وغرفها، ومنازلها، وقصورها مباشرة. وهذا ما دل عليه لفظ ( مِنْ ) الذي يعبَّر به عن ابتداء الغاية. أي : يبدأ جريان الأنهار من هذه الجهة التي هي تحت الجنات. وإلى ذلك الإشارة بقول الله تعالى :﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾(الزمر: 20)، وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾(العنكبوت: 58).

    وهذا ما يجعل مسكنها طيِّبًا، ومطعمها لذيذًا، وعيشها رَغَدًا، كما قال تعالى :﴿ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا﴾(الرعد: 35). ثم قال سبحانه في آية أخرى :﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ﴾(محمد: 15).

    فهذه الأنهار في الجنات تجري من تحت غرفها وقصورها ومنازلها مباشرة، كما هو المعهود في الدنيا وأنهارها، وقد أخبر الله عز وجل عن جريان الأنهار تحت الناس في الدنيا، فقال سبحانه :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ ﴾(الأنعام: 6)، فهذا على ما هو المعهود والمتعارف، وكذلك ما حكاه سبحانه من قول فرعون :﴿ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾(الزخرف: 51). أي : من تحت قصري.

    ويكمن ملاحظة الفرق بين التعبيرين بتأمل الآية الكريمة :﴿ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً﴾(مريم: 24)، حيث قال :﴿ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا ﴾. أي : جبريل، وكان أسفل منها، ثم قال :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ ﴾. أي : نهر ماء كان قد انقطع، فأتى بـ( مِنْ ) في الأول، وأسقطها من الثاني. ولو عكس، لاختل نظم الكلام، وفسد معناه.

    والغريب أن من المفسرين من ذكر أن ( مِنْ ) هنا صلة. أي : زائدة، دخولها وخروجها سواء. قال الفخر الرازي :« ذكرنا مرارًا أن ( مِنْ ) في قوله :﴿مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ يحتمل أن يكون صلة، معناه : تجري تحتها الأنهار. ويحتمل أن يكون المراد أن ماءها منها، لا يجري إليها من موضع آخر، فيقال : هذا النهر منبعه من أين ؟ يقال من عين كذا، من تحت جبل كذا ».. ولا شك أن المعنى الثاني هو الصواب، وهو الموافق لما ذكرنا.. والله تعالى أعلم.

    محمد إسماعيل عتوك

    باحث إسلامي في الإعجاز البياني القرآني

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  5. #5
    مـشـرف الصورة الرمزية محرز شلبي
    تاريخ التسجيل
    12/06/2009
    المشاركات
    7,171
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    استمتعت هذه الصبيحة بما تجيدين من درر الفاضلة سميرة..تقديري


  6. #6
    مـشـرف الصورة الرمزية محرز شلبي
    تاريخ التسجيل
    12/06/2009
    المشاركات
    7,171
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    استمتعت هذه الصبيحة بما تجيدين من درر الفاضلة سميرة..تقديري


  7. #7
    شاعر
    نائب المدير العام
    الصورة الرمزية عبدالله بن بريك
    تاريخ التسجيل
    18/07/2010
    العمر
    62
    المشاركات
    3,040
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    الأستاذة "سميرة رعبوب" الغالية.

    شكراً على هذه الفوائد القيمة التي تطرحين هنا من
    أجل نفع عميم.
    تحياتي ، و متمنياتي لك بالصحة و العافية و السعادة.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    طبيب، أديب وشاعر
    تاريخ التسجيل
    08/07/2010
    المشاركات
    14,211
    معدل تقييم المستوى
    28

    افتراضي رد: إعجاز القرآن ببيانه

    .. كتابات قيمة ، وعظيمة الفائدة ، جعلها الله في ميزان حسناتك ،

    تحياتي اخت سميرة ، وجزيل الشكر


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •