كذبة"حقوق الإنسان"
يُروى أن الثعلب جاع يوماً جوعاً شديداً حتى أشرف على الموت، فراح يفتش عن طعام يأكله، أو لقمة يسد بها جوعه. فوجد في الحديقة ديكاً مزهواً بنفسه يصيح بين الحين والحين من على الحائط المرتفع، ويرفع بعرفه إلى العلاء بكبرياء،فعرف الثعلب الذكي أن الديك المغرور ضعيف العقل، فصمم أن يحصل عليه ليكون طعامه لهذا الأسبوع، بعد جوع أسبوع.فتقدم منه بحذر،وراح يعرج مظهرا الضعف والمرض والعجز، ثم قال له:صباح الخير أيها الديك الجميل، يا ملك الطيور وسيد الدجاج،فسُّر الديك بهذا الكلام وقال للثعلب: أهلاً بك أيها الكسيح، ماذا تريد مني وأية مساعدة تطلب؟
فرد الثعلب بخبث: أنا لا أطلب شيئاً لنفسي، لكنني سمعت أن جماعة من الدجاج تبحث عن ديك شجاع جميل صاحب عرف يليق بالتاج ليكون ملك الدجاج ،فتعالَ معي لأنصبك ملكاً قبل فوات الأوان،ومشى الثعلب على مهل، والديك أمامه يستعجله ليصل إلى المملكة الموعودة ،وعلى الطريق، هجم الثعلب من الخلف على الديك المخدوع، فدق عنقه وأكله،ثم لحس شفتيه وهو يردد: هذا جزاء الغرور فلأبحث عن مغرورٍ آخر.
هذه قصة الثعلب مع الديك أتاه يريد إعلاءه وتتويجه ملكا على الدجاج الذي يريد ديكا شجاعا ،ولكن لا ملك ولا وعود إلا دق العنق والأكل ،وهي نفس صورة أمريكا الآن التي تستهدف الأمة الإسلامية بالدرجة الأولى مرتكزة على الشرعية الدولية وأداتها المتمثلة بالأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها ،وعلى وزنها الدولي ونفوذها في العالم الإسلامي وزعامتها للدول الرأسمالية التي تحرص على إشراكها في حملتها ضد الأمة الإسلامية كما في حرب الخليج .
كما ترتكز على وسائل الإعلام العالمية في الترويج للشعارات البراقة وفي تشويه صورة الإسلام بمعاونة الحكام العملاء ومن حولهم من النفعيين والمضبوعين بالثقافة الغربية.
لقد رفعت أمريكا شعارات الديمقراطية ، والتعددية،وسياسات السوق،وحقوق الإنسان .
والأخير له بريق أخاذ في عيون الكثيرين من المسلمين،بسبب الظلم والبطش الواقع عليهم من حكامهم .
أتى الإستعمار ورفع شعار رفع الظلم والحرية ،ولكن على طريقته ،وما يدعو إليه من فصل الدين عن الحياة والديمقراطية تقدس الحريات؛ فالحرية في المفهوم الغربي ليست تحرير الإنسان من الرق؛ فالرقيق لم يعد لهم وجود. وهي ليست التحرر من الإستعمار؛ بل هي التي تستعمر الشعوب، فلا يظن أحد أن الحريات الغربية هي معارضة الاستعمار، بل الحريات عندهم أربع:
أولاً: حرية المعتقد أو العقيدة: فيحق للإنسان عندهم أن يعتقد العقيدة التي يريدها دون ضغط أو أكراه كما يحق له أن يترك عقيدته ودينه للتحول إلى عقيدة جديدة أو دين جديد, وفي نظرهم يحق للفرد التحول إلى النصرانية أو اليهودية أو البوذية أو الشيوعية بمنتهى الحرية.
ثانياً: حرية الرأي: ويجوز في ظل الديمقراطية للفرد أن يحمل أي رأي أو فكر وان يقول أي رأي أو فكر وأن يدعو لأي رأي أو فكر. وأن يعبر عن ذلك بأي أسلوب وليس للدولة أو للأفراد حق منع أي إنسان من ذلك, بل إن القوانين تُسَن عندهم لحماية حرية الرأي, وتحمي الآراء التي تخالف الدين أو تتهجم عليه ولو كانت تهاجم الأنبياء والرسل ، كإساءة بابا الفاتيكان للرسول- صلى الله عليه وسلم ، وإساءة الرسام الكاريكاتيري للرسول – صلى الله عليه وسلم – واعتبار هذه الإساءات حرية رأي .
ثالثاً: حرية التملك: وهي الحرية التي أفرزت النظام الرأسمالي في الإقتصاد, فأوجدت فكرة استعمار الشعوب ونهب خيراتها, وهي تبيح للإنسان أن يمتلك المال بواسطة السرقة المقنّعة وبواسطة الربا والإحتكار والغش, والقمار والغبن الفاحش, والزنا، واللواط واستخدام جمال المرأة وأنوثتها للكسب المادي, وبواسطة صناعة الخمر وبيعها .
وقد بان عوارها ووجها البشع القبيح ، وما الأزمة الإقتصادية العالمية التي يشهدها العالم اليوم إلا بسبب تطبيق الرأسمالية .
رابعاً: الحرية الشخصية: وهي في النظام الديمقراطي حرية الإنفلات من كل قيد, وحرية التحلل من كل القيم الروحية والخلقية والإنسانية وهذه الحرية تبيح للشاب والفتاة ممارسة أي سلوك لا أخلاقي على مرأى من الجميع, سراً وعلانية, وحرية ممارسة الشذوذ الجنسي, وشرب الخمر, وتمرد الشاب أو الفتاة على أولياء أمورهم بحجة الحرية الشخصية؛ تلك الحرية التي أثمرت مرض الإيدز وغيره من الأمراض ، وما الأوبئة التي تجتاح البشرية كمرض جنون البقر وانفلونزا الخنازير إلا نتاج الديمقرطية .
أما الإسلام فإنه يعتبر الحريات بالمفهوم الغربي حراماً ومخالفاً للشرع .
والحرية بالمفهوم الإسلامي لا وجود لها إلا في الإنعتاق من العبودية للبشر والتي هي الرِّق الذي لم يعد موجوداً ، وإذا ذكرت الآن فإنها لاتعني سوى الحريات الغربية.
والمسلم يفخر بعبوديته لله- تعالى -, وهي أكرم صفة يتصف بها المسلم, ومن كمال العبودية أن يطيع العبد أوامر المعبود.
وموقف الإسلام من الحريات الغربية فهو على النحو الآتي :
أولاً: حرية المعتقد:- لا يجوز للمسلم أن يتحول من دين إلى دين أخر قال صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فاقتلوه ), سواء كان المرتد فردا أم جماعة.
ثانياً: حرية الرأي:- الرأي في الإسلام مقيد بالإحكام الشرعية وليس حراً فهو إما:
أ- رأيٌ حرام قوله: كالغيبة والنميمة, وقذف المحصنات ومهاجمة الإسلام والطعن فيه.
ب- أو رأيُ مشروع قوله: مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ومحاسبة الحكام ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) .
ثالثاً: حرية التملك:
التملك في الإسلام مقيد بالشرع فلا يجوز للإنسان أن يتملك كما يشاء. وأسباب التملك الشرعية كالعمل ( بكل فروعه كالتجارة والصناعة والزراعة والخدمات ), والإرث, والهبة, والوصية.
رابعاً: الحرية الشخصية:-
الإسلام حرم الإنفلات من العقال الذي يسمى الحرية الشخصية, فالشخص ليس حراً في أن يؤذي نفسه أو ينهي حياته بالإنتحار، أو أن يقترف الزنا واللواط تحت ذريعة الحرية الشخصية, أو أن يتهرب من الإنفاق على والديه العاجزين تحت ذريعة الحرية الشخصية, أو أن يخرج الفتى مع عشيقته أو العكس بحجة الحرية الشخصية, والإسلام لا يجيز للشاب أن يتحرش بالفتاة في الشارع أو أن يسمعها كلاماً منافياً للحشمة والوقار, ولا حتى أن يقَبِل زوجته على مرأى من جمهور الناس.
ثم أين حقوق الإنسان مع الحرب على المسلمين ووصفها بالصليبية ؟!
وأي تصديق لحقوق الإنسان والوعد بتحقيقها من دولة جعلت الإسلام هو الإرهاب ؟
هل نصدق الدعوة لحقوق الإنسان وقد تمت الإساءة للقرآن الكريم ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ابتداءاً من كبيرهم وانتهاءاً براسم الكاريكاتير باسم حرية الدين والمعتقد التي تسيرعليها الدول الراعية لحقوق الإنسان
من الذي قام بتجويع أكثر من ملياري إنسان ؟!
من هو الذي يدعم الفتن ويختلقها لإثارة الإقتتال الداخلي والطائفي في كل من العراق وباكستان والسودان والصومال وفلسطين ؟!!
أنْ نصدق الدول الأجنبية ونسير وراء وعودهم ،وأنْ تصبح الشخصية الأجنبية مركز دائرة الثقافة , وموضع الإتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة الإستعانة بالأجنبي والإتكال عليه . دون الإدراك أن ربط قضيتنا بغير أنفسنا وعقيدتنا ومبدئنا هو انتحار سياسي وبقاء الأمة الإسلامية في مصائب ونوائب يَتَنَقَّل بها هؤلاء الحكام حيث حلُّوا .. فكيف لا تغلي الدماء في عروق هذه الأمة التي قهرت الصليبيين والتتار، وفتحت القسطنطينية؟ كيف ترى الأرض المباركة تباع وتشترى في أسواق بوش وأحلافه من أوروبا ويهود، ولا تتحرك أو تنتفض؟ كيف نصدق بوش ؟
كيف ننخدع بحقوق الإنسان؟؟ وسويسرا تجري استفتاء حول حظر بناء المآذن ،وتضمن الإستفتاء كذلك حظر صادرات بلادهم من العتاد الحربي إلى الخارج، وكانت نتيجة الإستفتاء أن وافق 57' من المصوتين على حظر بناء المآذن، ورفض المصوتون حظر بيع الصادرات الحربية للخارج ،كما أوردت صحيفة 'القدس'، وعقب تلك النتيجة طالب حزب الحرية الهولندي الحكومة الهولندية باستفتاء مماثل.
وهل اللجوء إلى مجلس الأمن يحل القضية ؟ ومتى تم إنصاف المسلمين،مع من يكيل بمكيالين ، فضاعت قضية فلسطين والمسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في جنبات وأروقة مجلس الأمن فتمت مكافأة الجلاد ومعاقبة الضحية.
إن شعار حقوق الإنسان مرفوض لأنه آت من المبدأ الرأسمالي بعقيدته الفاسدة المنتنة وكونها تعبيرا عن نظرة هذا المبدأ للفرد والمجتمع ، وأنها تفصيل الحريات الأربع التي ينادي بها .
ولا يغيب عن أذهاننا أن هذه الشعارات وغيرها كفكرة التقاء أو اشتراك الإسلام مع الديمقرطية من العقبات التي يضعها الغرب أمام قيام دولة الخلافة في محاولة لطمس حضارة الإسلام وتشويه صورته .
لقد سقطت كل المبادئ ولم يبق إلا الإسلام لذلك يريدون الآن أن يلبسوا الحق بالباطل بعد أن تلمست الأمة طريق النهضة .
لذلك كله على المسلمين أن يعوا على هذه المؤامرات الفكرية الخبيثة ضدهم وضد دينهم،وأن يكون شعارهم "لست بالخب ولا الخب يخدعني " ،وأن يبينوا الحكم الشرعي لكل أمرٍ مستندين على العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أنظمة فقط ،وأن يرفضوا كل ما هو مناقض لعقيدتهم آت من الشرق أو الغرب؛بل هو التمسك بالإسلام وحده وبالأدلة الشرعية وحدها ، سواء منها المتعلقة بالمعالجات والسلوك الفردي أو المتعلقة بالطريقة وإقامة دولة الخلافة ، فإنها حبل النجاة للمسلمين من واقعهم السيئ .
قال عزوجل {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }النور39.