تورطت في تبني خطاب الانحــلال والانسياق وراء الأهواء
الـشـذوذ الجنسي ..فضائيــات تمرّر { الخبث} وتتبارى في صناعة العري !

الجمعة 21/10/2011
مصطفى أبو عمشة - جدة

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

كثر في الآونة الأخيرة تطرق بعض القنوات الفضائية العربية في مضامينها الإعلامية لقضايا الشذوذ الجنسي والمسائل الجنسية العامة والعلاقات الجنسية وحقوق المرأة الجنسية، والتثقيف الجنسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الجنسية الآمنة للمراهقين والشواذ، إضافة إلى التلاعب بالمصطلحات، والسعي لتلطيف بعض المصطلحات القبيحة، وإضفاء صفة الإيجابية عليها بدل السلبية، مثل: مصطلح الشذوذ الجنسي الذي استبدلته بعض القنوات بـ»المثلية الجنسية»، كيف ينظر الخبراء والمفكرون الإعلاميون إلى مثل هذه الظاهرة، وما هو سر اهتمام بعض الفضائيات العربية وإصرارها على عرض مثل هذه الظواهر؟ وهل يعود السبب في تطرق تلك القنوات الفضائية لتلك المسائل إلى التقارير الصادرة من هيئات حقوق الإنسان وحريات الأديان في أمريكا وأوروبا والتي تطالب بحماية الشواذ في الدول العربية، وعدم تعرض أجهزة الأمن لهم؟ وأين هي مواثيق الشرف الإعلامية العربية التي تؤكد على ضرورة عدم التحريض على كل ما يخالف القيم والعادات والمعايير التي يقوم عليها المجتمع من إثارة الفاحشة، أو التحريض على السلوكيات الشاذة، وإثارة الشهوات من خلال عرض وتصوير الممارسات الجنسية أو كتابات تحتوي على ألفاظ نابية تثير الشهوة، حيث تشهد الساحة الإعلامية غياب التطبيق العملي لتلك المواثيق على أرض الواقع، وما هي السبل الحقيقة لتفعيلها، تساؤلات عديدة تمت إثارتها في التحقيق التالي:
بداية يؤكد الأكاديمي والخبير الإعلامي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، بأنّ هذه الظاهرة ناتجة عن الضغوط الخارجية لتلميع الشذوذ، فهناك توجه لدى بعض القنوات لاستخدام بعض المصطلحات الأكثر إيجابية لتلطيف الظاهرة وإضفاء الناحية الإيجابية عليها بدل السلبية، حيث يتم تحويل القضية السيئة إلى قضية مقبولة من الناحية اللغوية، فعلى سبيل المثال يستبدل مصطلح «الشذوذ الجنسي» بـ»المثلية»، موضحًا بأنّ هناك دوافع ذاتية لدى بعض القائمين على الوسائل الإعلامية تتمثل في أهمية منح الشاذين جنسيًا حرية الاختيار وحرية الرأي والتعبير.
مواثيق شرف
وحول دور مواثيق الشرف الإعلامية العربية التي تؤكد على ضرورة عدم التحريض على كل ما يخالف القيم والعادات أو التحريض على السلوكيات الشاذة، وإثارة الشهوات وكيف يمكن تفعيل المواثيق عمليًا على القنوات الفضائية المخالفة لها يعتقد سعيد بأنّ هناك الكثير من الأشياء الجميلة التي كتبت كمعايير ومواثيق غير إلزامية وليس بالضرورة أن تطبق على أرض الواقع فهذه المواثيق تدعو إلى احترام القيم والعادات وغالبًا عند وقت التنفيذ تجد بأنّها لا تأخذ بعين الاعتبار ولا يتم العمل بها لعدم وجود قوة تنفيذية تلزم مثل هذه القنوات بهذه المعايير، فهي معايير أخلاقية أكثر من كونها قانونية.
السلاح الحقيقي
ويرى بن سعيد أنّ السلاح الحقيقي لمثل هذه الظاهرة يكمن في طبيعة الإنسان المتلقي للرسائل الدعائية والذي بدوره يستطيع أن يميز ما بين الإيجابي منها والسلبي عن طريق القراءة النقدية أو الاستماع الذكي وتطوير المهارات لديه، فإذا ما شاهد أو قرأ شيئًا ما يستطيع أن يميز وينقد ما بين السطور، ويكون قادرًا على التحليل والنقد، وعلى إثر ذلك تكون عملية وضع معايير معينة، وإلزام الناس بنمط وسلوك محدد أمرًا صعبًا، لكن لا بدّ أن تكون لديهم الملكة والقدرة على التمييز بين الرسائل والمصطلحات الإعلامية الموافقة لقيمنا ومبادئنا وبين المخالفة لها.
دور خطير
من جانبه يرى الأكاديمي والإعلامي الدكتور فريد أبو ضهير، أنّ هناك عددًا من الفضائيات العربية تسعى لنشر الثقافة الاستهلاكية عرضها على الجميع، وإزالة الحواجز بين التراث الغربي والإسلامي، فهذه الفضائيات تلعب دورًا خطيرًا على المستوى الثقافي، حيث يأتي دور الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي يتم عرضها على المتفرج العربي، وبدورها قامت بنشر مصطلح «مثيلي الجنس»، مؤكدًا بأنّ انتشار مثل هذه الظاهرة بدأت منذ أكثر من 20 عامًا وتحديدًا منذ مؤتمر بكين في الصين والذي تطرق إلى قضايا مختلفة منها: قضايا المرأة والشذوذ والمساواة، وغيرها، حيث بدأت هذه المفاهيم بالانتشار في دول مختلفة.
وعن دور المواثيق الإعلامية في التقليل من هذه الظاهرة يعتبر أبو ضهير أنّ مثل هذه النصوص الأخلاقية تعدّ ترجمة لمفاهيم المجتمعات العربية والإسلامية، فهي انعكاس طبيعي للثقافة التي تحملها هذه المجتمعات وبالتالي يجب أن تشكل هذه النصوص أنموذجًا حقيقيًا لهذه المجتمعات والتي تراعى فيها رأي الأغلبية، من خلال العمل في نفس الوقت على تحقيقها ونشرها وتجذيرها.
توصيات خارجية
من جهته يعتقد مدير قناة الهدى «الإنجليزية» الدكتور نبيل حمّاد أنّ انتشار مثل هذه الظاهرة يعود إلى وجود توصيات خارجية خصوصًا بعد الحملة الصليبية التي قادها ملك فرنسا نابليون على مصر حيث كتب توصياته بعد فشل الحملات الصليبية العسكرية على العالم الإسلامي وتمحورت في نقطتين مهمتين الأولى في أنّ المسلمين لن يؤثر عليهم الغزو العسكري إذ لا بدّ من غزوهم بالفكر، والثانية: ابدأ في مصر أولًا لأنّها قلب العالم الإسلامي، مضيفًا بأنّ مصر شهدت في عهد محمد علي باشا إنشاء المطبعة العربية لتنفيذ مخططات الغزو، فبدأ المسرح المصري الذي هو نسخة طبق الأصل عن المسرح الفرنسي، كما أنّه من المعروف بأنّ أول المؤسسين للسينما المصرية كانوا من الديانة اليهودية والمسيحية، مشيرًا إلى أنّ دعوات قاسم أمين وعبدالرحمن الكواكبي ورفاعة الطهطاوي ما يعرف بأصحاب المدرسة العقلية أدت إلى تأثيرات اجتماعية وفكرية على مصر خصوصًا والعالم العربي والإسلامي حتى وصلت إلى الجزيرة العربية.
نجاح اليهود
ويؤكدّ حماد بأنّ اليهود في أوروبا نجحوا وعبر العديد من المفكرين في التأثير على العالم مثل: دوركايم في علم الاجتماع وفرويد الذي ركز على القضايا الجنسية وكارل ماركس وغيرهم من المفكرين اليهود، عدا عن ذلك فإنّ روبرت ماردوخ والذي يعدّ من أكبر أباطرة الإعلام في العالم هو يهودي أيضًا، ويمتلك أكبر الشركات والفضائيات الإعلامية المؤثرة في العالم، كما أنّ أكبر 7 شركات متخصصة في الإنتاج التلفزيوني بالولايات المتحدة تعود ملكيتها إلى شخصيات يهودية مثل: شبكة «NGM» وشبكة «يونيفيرسال» و»ولت ديزني» وغيرها، والتي تعمل بدورها على تأسيس مفاهيم وقيم جديدة تتناسب مع أطروحاتها وأهدافها التي أنشئت لأجلها، منوهًا على أنّ مثل هذه الشركات والشبكات الإعلامية العالمية تسعى إلى تدمير القيم والمفاهيم الدينية حتى اليهودية والمسيحية منها فهي لا تكتفي بتدمير قيم الدين الإسلامي وإنّما تتعدى أهدافها إلى تدمير كل ما هو أصيل ويمت للديانة والتراث بصلة.
القوانين الأوروبية
ويبدي استغرابه من القوانين الصادرة في أوروبا وأمريكا والتي تؤكدّ على حرمة التعرض لأمرين وهما: معاداة السامية، والثاني: عدم التعرض للشاذين جنسيًا، مشيرًا إلى وجود منظمات وهيئات حقوقية تقوم بمساندتهم ودعمهم في تلك الدول، كما أنّ منظمات حقوق الأديان لها دور في هذا المجال والتي تسعى للمطالبة بحرية الدين وحرية الردة، إضافة إلى وجود الدعم المادي لدى وسائل الإعلام التي تنشر الثقافة الاستهلاكية، والضغوطات الثقافية تسهم هي الأخرى في تفكيك العديد من المفاهيم والقيم المتعارف عليها في المجتمعات، وهذا ينعكس سلبًا على المصطلحات التي يتمّ تداولها في وسائل الإعلام.
انتشار عالمي
ويمضي حماد قائلًا: «ظاهرة الشذوذ الجنسي باتت منتشرة بشكل كبير في العالم، وفي بريطانيا وبعض الولايات الأمريكية أصبح زواج «مثيلي الجنس» مسموحًا به، كما أنّ للشواذ الحق في الانخراط بالجيش الأمريكي بعد أن كان ممنوعًا، ولهم الحق في التعبير عن آرائهم عبر المظاهرات والمسيرات السليمة التي ينظمونها بشكل مستمر، وهناك في الجامعات الأمريكية تجمعات عديدة للشاذين جنسيًا، وهذا كله يؤدي إلى تحويل ظاهرة الشذوذ الجنسي إلى ظاهرة طبيعية لا إشكال فيها عبر وسائل الإعلام ويكمن ذلك في استخدام مصطلحات إعلامية أكثر إيجابية لتحسين صورة مثل هذه الظاهرة»، منوهًا على ضرورة قيام القائمين على الإعلام الإسلامي وملاك القنوات الدينية والمنظمات الإسلامية العالمية تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات التي تسعى لمناقشة مواثيق الشرف الإعلامية ومدى القدرة على تطبيقها وأهميتها في ضبط العديد من المصطلحات الإعلامية المستخدمة من قبل وسائل الإعلام سواء كانت الدينية منها أو غيرها.