أما بعد،
فهذا عيد الأضحى وهذه حمص، وكأني بك تُتم الشعائر قائلا: "نحرت ها هنا وسورية كلها منحر". ثم ها أنت تختار بين الحلق والقصر، فلا ترى غير الحلق نُسكا، فليس للرؤوس التي أينعت غير الحلق. أوَتراك الآن ستَتحلل تحلُّلك الأصغر؟ لكن أوَكنت محرِما؟ ألم يحل لك كل شيء حتى قبل أن تلقي جمرك وقبل أن تحلق؟ بل إنني لأذكر أنك رميت العباد بالجمر واللظى قبل أن تنوي الإحرام؟ فانحرْ أيها الأسد! انحر اليوم كما نحرت أمس! ثم أكملْ طوافك! أكملْ طوافك وأعدَّ العدة فإن الطريق طويل! واجعل الديار كلها عن يسارك! حمص ودير الزور ودرعا والقامشلي وحلب ودمشق والبوكمال وحماة، ولا تجعل عن يمينك غير شبيحتك والبندقية!
إن الدرب طويل أيها الأسد فعليك بالإيضاع فليس الوقت وقتَ سكينة وخشوع! فإذا فرغت فأتِ القصر وادعُ باكيا خاشعا! ثم صل ركعتين واشرب مستقبِلَ العرش من دم الأبرياء! وقل اللهم إني أسألك حكما دائما ورزقا واسعا ونصرا على الأعداء! ثم قبِّل العرش واخرج إلى مسعاك من أي الأبواب شئت! ثم ارقَ ظهر الدبابة وكبر الله ثلاثا! وقل لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده! ولا تدَعْ بطن واد إلا وطِئته ولا شَرَفا إلا علَوته، وقدِّم الهديَ أينما حللت قربانا للعرش وزلفى! أو أنِبْ من يذبح عنك ولست عاجزا، حتى يجري الدم المسفوح أنهارا.
هرولْ أيها الأسد واقصد الحواضر والأرياف! واترك الاغتسال فإن الدرب طويل! وقف لتنحر من جديد فإن سورية كلها موقف! حتى إذا أسفر الصبح، وقبل أن تطلع الشمس سيِّر الجند يرمون عنك الجَمر، واملأ الجُرُب فإنه لا تكفيهم السبع ولا السبعون! بينما اندفعْ أنت إلى العرش مُلبيا تقول نحرٌ مبرور وسعي مشكور، وقد حفَّك السدنة يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ألا إنهم شر خلق الله!
يقول الملأ: من ترك العرش بغير دم فلا عذر له، ومن تركه بدم فقد أعذر. أما إني لأعلم ما يمنعك من ترك العرش، إنك وأيمُ الله تخشى أن يلحقك ما لحق أخاك الهالك، وإن شأنك شأن المُحصَر الذي وجب عليه دم. وإنا لنبشرك أن الأمر لَكذلك، وأنه حق ما تخشى. وحينئذ لن يجبر خطيئتك غير دمك، فإنه الدم الذي استَيسر. ثم مرجعك إلى الله الحَكم العدل.
والسلام على من اتبع الهدى
يوم عيد الأضحى، عاشر ذي الحجة 1432ه
06/11/2011م