المقدمة :

مع الهواء العليل

فرت خيوط الشليل

من شرقها للجليل

بدت دماها تسيل

--------

تناشد الأقحوانا

أيتبعون خطانا

ولن يجيب ندانا

سوى القوي النبيل

--------

تهوّد الروم صرعى

فأصبح الغرب مرعى

وليثنا ظل يسعى

للقمة من بخيل

--------

تكملة المقدمة المغناة تتبع لاحقا.

المشهد الأول :

مشهد لجبال مدينة عمان يتحول تدريجيا نحو الشرق ، يقترب من غابة ملك البحرين على طريق مطار الملكة علياء الدولي ، يظهر جسر ماعين وجزء من حي مرج الحمام ثم يهبط إلى الطريق نحو سيارة صالون فضية يقودها رجل شاب وهو يتحدث لزوجه الحسناء جواره :

- أشغلتك كثيرا الكلمة التي ستلقينها هذا الصباح أمام طالبات المدرسة ، لا زلت تراجعينها يا سلام من الصباح الباكر؟

- عمر حبيبي ، سامحني انشغلت عنك اليوم ، أنت تعرف أنها أول مرة لي في أول سنة أعمل فيها ، تمنيت لو كانت ابنتنا معي في نفس المدرسة.

- تعرفين المدارس الخاصة وتكاليفها وصعوبة التزاماتنا ، ولولا الظروف وحاجتك للانطلاق في حياتك العملية ما تركتك تعملين وتتعبين إلا لو كنت مصرة ، وبما أنك طلبت العمل ، ونحن أيضا نحتاج إلى التعامل مع هذا الواقع الشديد القسوة ، تصبح كلمة الصباح همسة سريعة أمام مهام الحياة ، الله يعينك ويفتح علينا بالخير ،

- لا زلنا مبكرين ، لا تسرع حبيبي.

- أحلى كلمة لا تسرع حبيبي ، يجب أن يعلقوها لوحات على الطرق السريعة ، الساعة الآن السابعة وعشر دقائق أمامنا وقت دعيني أملأ السيارة بالوقووووووود .. هنا.

ويعبر من طريق المطار إلى محطة الطريق الآمن فيصطف عند محاقن الوقود ، وأمامه سيارتان وفي خط تعبئة الوقود الآخر يمينه سيارة أجرة صفراء بكرت لتعبئة الوقود.

في نفس الوقت يخرج من مركز المواد التموينية شاب يتجه لسيارة الأجرة التي تملأ الوقود ، ينظر للحسناء التي في السيارة الفضية ويهتم لجمالها ، لكنها لم تنتبه له لانشغالها بالأوراق التي معها ، بينما لاحظ زوجها من خلف نظاراته السوداء نظرات ذلك الشاب نحوها ، استشاط غيظا فكتم نفسه ، وتحسس مسدسا على جنبه ، ثم قال : أعود بالله من الشيطان الرجيم ، أستغفر الله العظيم ولم يكد الشاب يقترب من السيارة حتى انطلق الرجل دون أن يشعر زوجه بشيء مما أحس ، لكنه وهو ينظر في المرآة خلفه شك غير متيقن أن الشاب عند المحطة كان متجها نحو سيارته وبالتحديد شباك المقعد الذي تجلس فيه زوجه ، و

أما في سيارة الأجرة ، فخاطب الشاب السائق قائلا : هذه الفتاة خرجت مع صديقها بعد سهرة صباحية ، سر خلفها ولا تكن قريبا.

دخل الرجل وزوجه بالسيارة نحو مرج الحمام ،

وقال لها : ها قد اقتربنا من المدرسة ، هل تريدين شيئا يا سلام؟

قالت : أجل حبيبي عمر ، لو تكرمت هناك مكتبة في طريقنا سأحتاج منها لأقلام ملونة للوح الأبيض ، وأحضرها بنفسي لن أتعبك

- تتعبيني ؟ إن لم أتعب لأجلك أنت وابنتنا والقادم على الطريق ، فلمن أتعب إذن.
- الله يحفظك لنا.

توقف عند المكتبة ، ولم يلاحظ سيارة الأجرة التي وقفت خلفه مباشرة ، وتركها تذهب للمكتبة بينما أخرج هاتفه يتصل بزميل له في العمل :

- صباح الخير مجدي بيك.
- صباح الخير عمر بيك.
- موعدنا 8 مع الفرقة قدام الموقع صح ؟ للتأكيد؟
- تمام ، كن على اتصال أنا تقريبا وصلت هناك واقف بعيد منتظركم.
- طيب تمام ، لكن لا تدخن كثيرا ، يكفيك سجائر ما قبل النهوض من السرير يا رجل.
- لعينيك ، لن أدخن حتى تحضر.

هي دخلت المكتبة ، وانسل الشاب خلفها أثناء مكالمة الرجل ، ولكن عينيه كانتا تتجولان من بوابة المكتبة إلى الشارع العام والمحلات الأخرى للملاحظة ، فلما انتبه للشاب يدخل المكتبة خلفها ،وكانت المسافة بين سيارته الفضية والمكتبة أكثر من عشرة أمتار ، انطلق متحسسا مسدسه فورا نحو المكتبة ، ولكنه فوجيء تماما بما حصل داخل المكتبة.

- من أنت ؟ ليش ملاحقنا حتى هنا ؟ أعطني بطاقتك - قالها وهو يخرج هويته ويده اليمنى على جنبه مستعدا لإخراج مسدسه.
- فوجيء بصاحب المكتبة يريد الاتصال على الشرطة ، والشاب يقول له : لا لا تتصل على الشرطة لا داعي.
- زوجه هي التي كانت ردة فعلها هي المصيبة عليه فقد قالت وهي تقترب منه :

- خير يا أخي ماذا تريد من زوجي ؟ ووجهت كلامها لعمر لا للشاب وهي تمسك بذراع الشاب كأنها تحتمي به.
- زوجك؟ سلام مالك ؟ خير ما الذي جرى لك ؟
- الشاب يقول : لو سمحت ، أنا لم أتدخل بخصوصياتك ، ولو تكرمت دعني أرى عينيك من تحت النظارة التي تتغظى بها ، لا أريد لك المشاكل ، فقط عرفني على نفسك ودعني أرى عينيك!!

- وقتها انتبه عمر لهذه الملاحظة ، وأخرج مسدسه فورا وأمسك بكتف سلام وشدها جانبا وقال للشاب : أقسم بأني سأقتلك الآن إن لم تفعل ما أقول لك.

إدر ظهرك ، يداك خلف ظهرك ، انزل بركبك على الأرض ، وكان قد أغلق باب المكتبة ، ولم يسمح لأحد بالدخول أو الخروج ، وأخرج قيدا قيد به الشاب ، ثم اتصل من جهاز بجانبه يطلب من زميله إرسال دورية عاجلة للمكتبة ، مع شرط غريب.

أي شرطي سيأتي يجب أن يلبس نظارة سوداء على عينيه.. أنا أحتجز الناس في المكتبة ويجب أن توقف العملية يا مجدي وتحضر فورا لمساندتي لو استطعت.

اعتذر مجدي وقال له : لا بأس سأخبر مقر شرطة مرج الحمام بأنك تريد من الدورية التي ستحضر أن تلبس نظارات سوداء لا بأس.

وقتها قام بتفتيش الشاب فلم يجد معه هوية وسأله كيف وصل للمكتبة فأخبره الشاب بأن معه سيارة أجرة كانت تنتظره في المحظة وأنها تنتظره خارج المكتبة الآن ، مبديا بقوله أن سائق الأجرة الجالس في السيارة هو الذي طلب منه أن يفعل ما فعل ، فأبقاه عمر ممددا على الأرض وطلب من صاحب المكتبة الخروج من المكتبة وأخرج زوجه سلام ويده في كتفها ، وهي لا زالت ترجوه أن يترك زوجها الملقى على الأرض ! ثم أخرسها بألا تتفوه بكلمة وإلا سيقتلها لو نطقت بكلمة ، حيث كانت تصر أنها لا تعرفه سوى أنه يحمل مسدسا ويؤذي زوجها الممدد على أرض المكتبة.

خرج صاحب المكتبة ، وخرج عمر وقد أخفى المسدس في مكانه ومعه سلام ، وأخذها معه نحو سائق سيارة الأجرة ، فأخبره أن الشاب ينتظره في السيارة وسأله ماذا تريد من هذه المرأة ؟ فلم يخرج من السيارة ولكنه أجاب : هو طلب مني أن أنتظره في السيارة ولم يقل لي أن أتبعه للمكتبة ، آسف لا أستطيع أن أفعل غير الانتظار هنا ! أخرج عمر مسدسه وقال له أعطني المفاتيح الآن ، وأعطاه السائق المفاتيح ، وقال له عمر : الآن إبق في السيارة وانتظره لا بأس ، ولكن إن خرجت فلسوف أرديك.

دقيقتان ، كانت سيارتان من دوريات الأمن العام بأنوارهما الملونة وصوت زعيقهما قد وصلتا ، وقبل أن ينزل من السيارة أحد ، خاطب عمر أول من نزل منهم ، لو سمحت ، لا تتقدم بدون لبس نظارة سوداء ولا تخلعها لا أنت ولا أحد من الدوريتين على أية حال.

رجل الدورية - طلب غريب جدا ؟ لماذا ؟

عمر : يبدو أن الشاب تمكن من التحكم في كل من حولي حتى زوجي أصبحت تظن أنها زوجه وأنني غريب عنها !

رجل الدورية : إلى هذا الحد تظننا مجانين وحمقى؟

عمر : يا سيدي هل لبس النظارة يجعلك أحمق ؟ فقط حافظ على عقلك والبس وفريقك النظارات السوداء ، ولن تتلف عقولكم إن لبستم النظارات ؟

رجل الدورية يتصل على المركز ويخبر قائده بالتفاصيل فيأتيه الأمر : إلبسوا النظارات السوداء واعتبروا القضية خاصة بكم ورجل المخابرات طرفا فيها ما دام الأمر متعلق بزوجه وله طرف فيها.

وافق رجل الدورية ولبس نظارة سوداء بحث عنها في جيب السيارة وطلب من فريقه لبس نظارات سوداء وعدم خلعها بأي حال ، وتقدم من عمر فقال له : أنت طرف في القضية الآن أرجو تسليم مسدسك أو على الأقل أعده لسيارتك لحين انتهاء التحقيق هنا والانتقال للمركز.

عمر : بعد أن أريك الأطراف المسئولين عن المشكلة لو تكرمت وأسلمك الظنينين - يقول عمر في نفسه : تبا لك يا مجدي لو أنك حضرت لكانت قضيتنا واستطعت الإمساك بأطرافها بنفسي.

تقدم رجل الدورية واستلم الشاب الممدد على الأرض ، وسائق الأجرة ، بل إنه غطى وجوههم بأقمشة سوداء ، وصاحب المكتبة الذي كان خارج المكتبة ، وأصر عمر على أخذ زوجه معه بنفسه إلى مركز الأمن حيث أثبت صلتها به من خلال الهويات والوثائق التي لديه مع اتصالات رجل الدورية.

أخذ عمر زوجه سلام ولحق بسيارتي الدورية نحو مركز الأمن ، وهي لا تزال تقول له : إرحمنا يا أخي ، زوجي بريء .. وهو يعرض عليها أوراق الكلمة الصباحية التي كانت تراجعها قبل أقل من ساعة في سيارته ، ويريها صورها ، فزاد إرباكا لها ، واحتارت وهي تقول : كيف أمكنكم فعل كل هذا بنا .

واختتم عمر المشهد وهو يقول : عليه العوض ومنه العوض ، وهو يصطف بها عند مركز الأمن .

يتبع.