بقلم: د. إبراهيم الديب مشهد انتخابي غير مسبوق في مصر، ولا العالم العربي، ولا أفريقيا، وربما عالميًّا، وعي جماهيري وحشد جماهيري ضخم، مع تنظيم ذاتي دقيق، تفاهم وتعاون وحب وتكامل جميل بين كافة القوى الوطنية من إسلاميين وليبراليين ومسيحيين ويساريين الجميع مؤمن بالعملية الديمقراطية وملتزم بأدق التفاصيل، شيوخ كبار حريصون على المشاركة، مرضى ومقعدون في مقدمة الحضور. كل هذا في حماية الحصن الكبير والدرع الواقية لمصر والعرب الجيش المصري العظيم. بكل عزة وافتخار هذه هي مصر الحقيقية وهذا هو النموذج الحضاري والمعياري الذي نقدمه نحن المصريين لما يجب أن تكون عليه الانتخابات في بقية بلدان العالم. وفي سياق التحليل الإستراتيجي لهذا المشهد الرائع يمكننا الوقوف مع عدة رسائل إستراتيجية.. في العديد من المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والموجهة إلى العديد من الجهات المحلية والإقليمية والعالمية. الرسالة الأولى: والتي تؤكد فشل كافة المحاولات التي عملت على تفكيك وتغييب والنيل من قيم وهوية وثقافة الشعب المصري، وأثبتت أنه شعب صلب قيميًّا ويتمسك بثقافته وهويته المصرية الأصيلة والتي بنيت على قاعدة من التدين الشديد وحفظ المورث الثقافي للآباء والأجداد، فهو شعب متدين وواعٍ وايجابي ومنظم ومتعاون ومنفتح ومتواصل إلى آخر القيم الحضارية التي يمكن أن ينسجها أي تربوي متخصص، وأن الصورة الذهنية التي حاول النظام السابق رسمها عنه إن هي إلا صورة مزورة ومؤقتة سرعان ما تلاشت ليتضح المعدن الذهبي الحقيقي للشعب المصري. الرسالة الثانية: من الجيش المصري العظيم إلى شعبه المصري وأمته العربية بأننا أحرص وآمن الناس على مصر ونحن على العهد محافظون، ولتسليم السلطة للمدنيين منفذون إن شاء الله، وفي القريب العاجل إلى ثكناتنا عائدون. الرسالة الثالثة: من الشعب المصري إلى الداخل والخارج نحن جميعًا على قلب رجل واحد وسنكمل ثورتنا حتى النهاية ونهايتها مجلس شعب وحكومة منتخبة ونظام سياسي ديمقراطي يهيئ البلاد لعصر جديد من التنمية والنهضة. ونحن ملتفون حول جيشنا الأمين وقوانا الوطنية المخلصة الحريصة على المصالح العليا للبلاد. الرسالة الرابعة: بشأن الخسائر الاقتصادية المؤقتة التي تعرضت لها البلاد منذ بداية الثورة وحتى الآن ما هي إلا ثمن طبيعي- والحمد لله هو قليل جدًّا مقارنة بثورات الدول الأخرى- لما سيتحقق خلال الأيام القادمة من استقرار إن شاء الله وحرية وتنمية ونهضة ونمو اقتصادي هائل يعوض كل ما فات، وهو في عمر وحسابات نهضات الأمم ثمن قليل جدًّا. الرسالة الخامسة: إلى الدول الإقليمية المحيطة أنظمة وشعوبًا، بأن الشعوب ثروة غالية يجب المحافظة عليها والاستثمار فيها، وهي الركن القوي لأي نظام سياسي يرد أن يستقر وينمو، وأن خيار معادة الشعوب لصالح قوى عالمية خارجية خيار فاشل وخاسر، فلتعد الأنظمة إلى شعوبها لتتصالح معها، وتبحث في سبل تنمية وتقوية نفسها ذاتيًّا، عبر كشف وتفجير الطاقات التنموية الكامنة في الشعوب، ساعتها فقط يكن الأمن والاستقرار وعلى أسس ثابتة وراسخة. الرسالة السادسة: إلى القوى العالمية الكبرى بإعادة النظر في سياساتها الخارجية تجاه مصر ودول المنطقة العربية بأسرها وأن ترسم على قواعد ومنطلقات جديد أصلها احترام إرادة الشعوب، واحترام سيادة الدول وحقوقها، والعيش المتكافئ المشترك. الرسالة السابعة: إلى كافة القوى الداخلية المعادية لنفسها ولشعبها بمعادتها للثورة وعلى رأسها الفلول ورجال الشرطة الذين تورطوا مع النظام السابق في ظلم هذا الشعب العظيم، بأن فرصة مراجعة النفس ومحاسبتها ما زالت قائمة خاصة أنكم تتعاملون مع شعب عظيم شعاره العفو والتسامح، ولتتحولوا من صفوف المعادين للشعب إلى صفوف العاملين في مجالات بنائه وتقويته ساعتها ستجنون أكثر مما تجنون الآن، والأهم أنكم ستكونون متصالحين مع أنفسكم وأهليكم، وندعو الله لكم وللجميع بالتوبة والقبول. الرسالة الثامنة: لشهدائنا الأبرار ومصابينا الأجلاء الأعزاء بأن اطمئنوا دماؤكم وتضحياتكم محفوظة ومصونة ليجني الشعب المصري كله وأجياله التالية وأمتكم العربية والإسلامية ثمارها غضة طرية إلى قيام الساعة.
المفضلات