مواجهة
(1)
وتجوبُ سمائي
يغسلكَ النجمُ بضوئي
لكنَّكَ تبتاع الليلَ بقطرةِ ضوءٍ
أو قطرةِ حبٍّ كي تروي الظلَّ
أتخيط الأرض َ لتصنعَ ثوباً لسمائكَ فيها ؟!
فسماؤكَ ترتجفُ الآنَ حنيناً
تحت الأرضِ لتنشرَ نوراً تحت روابيها
(2)
أشتاقُ بأن ترجعَ يوماً
مثل الصبحِ تضيء ولو كنتَ بنصف سماكَ
ينتابكَ غيثيَ فافتحْ كلَّ صحاريكَ
لتشربَ من ظمئي
(3)
ماذنبكَ والحبُّ سجينٌ يتعرَّى
يشتاق بأن يُغسلَ في عطرِ التقوى
أوَ تحفرَ في دمعكَ بئرَ الذكرى
كي تجلسَ مهموماً تتلظَّى
(4)
كلٌ منا يحدِّقُ في المرآةْ
فيصغرُ حلمُ المرءِ ويكبرُ وفقَ هواهْ
لكني لم أعتدْ أن أنظرَ في مرآتي
واخترتُ بأن أنظرَ في وجهةِ ذاتي
تقفُ الآنَ عيوني...
تتماوجُ أخيلتي...
تحملني فوق جنوني
تسقطُ نصفُ عيونيَ غرقى في بوتقتي
فأحدِّقُ فيهنَّ لأصحو!
(5)
قبل الميلاد
علمني أبوايا الحبَّ وأن أسبحَ في نهر النشوى
حين التقيا, وحيت افترقا...
علَّقتُ بقلبيَ ضخرةَ أحزانيَ كي يبقى منحنيا
أخشى أن يسريَ نبضيَ في رئةٍ أخرى
أنظرُ في الأرض مراراً
تتمشَّى الأرضُ بذاكرتي
ابحثُ عن مأوى
يسَّاقطُ وجهيَ خجلاً منها
تزرعني الأرضُ حياءً!
أشتاقُ بأن أرفعَ رأسيَ...
كي تعلوَ عن منكبِ هذا الجسدِ قليلاً
تأبى العينانِ
حتى غطَّى الشيبُ المتناميَ وجهَ سمائي
وتلاقتْ كلُّ تجاعيدِ سنينيَ
فوق الوجهِ الظاميءِ فرْحاً عند بكائي
(6)
يعرفني الأصحابُ بسطرٍ من شعري
يقرؤهُ مَنْ يسمع نبضي
لكني لمْ أقو أبداً أن أقرأ شعريَ بعدْ
فالكلُّ سيرحلُ عنيَ حتى عيناي
تمتدُّ بعيداً خلفي
هل ترضى أن ترحلَ عنيَ كي أبقى
أو تبقى خارجَ ذاتي
ترقبني من نافذةِ البشرى
وترشرشُ فجركَ فوق عيوني
أو فابحرْ في أوردةٍ أخرى
(7)
منْ نعرفهمْ قد ولَّوا عنا
أو تعرفُ ما السببُ ؟
فلأنا دوماً لا نغسلُ أعيننا
إلا بالحبِّ النابعِ منا
لا نضحكُ مثل الضاحكِ منهمْ
أو نبكيَ مثل الباكينَ عليهمْ
وجهنا وجهُ الماء
لا نملكُ حِليَةَ كلِّ الأشياء
شعر/ خالـــــــــــــــــــــــــد قـــــــــــــــاسم حجازي