أما بعد،
فقد غثَت نفسي وأنا أسمعك تَصرِف التبعاتِ ذات اليمين وذات الشمال، وتتبرأ من كل جُرم يقع على أرضٍ أنت تحكمها. جاشت نفسي وأنا أراك تلوم قتلةً هُم جندك لكنْ لا سلطة لك عليهم! وما كنتُ أعلم أن بأرضك جندا لا يأتمرون بأمرك إلا ساعتئذ. وما كنت أدري أنك رئيس ولستَ رئيسا. ولا كنت أمِيزُ مالكَ بلادٍ من رئيس. فعذرا أن حمَّلناك أوزار القوم، عذرا أن حملناك خطايا المفسدين، عذرا أن جئنا على القميص بدم كذب. عذرا أن رأينا القميص قمصانا، والدمَ المسفوح وديانا. تلك غشاوةٌ أعاذك الله منها، وطُمِس على أعيننا. عذرا أن حملناك تبعات جيشِ حكومتك، فقد خِلناه جشيك! عذرا فقد ظنناك على علم بجرائم وخطف واعتقال وتعذيب واستباحة لحرمات وانتهاك لأعراض. عذرا أن صدَّقنا أبله قال:
إن كنت تدري فتلك مصيبة ؞؞؞ وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
عذرا أن توهمنا أنك تعرف كائنات تدعى "الشبيحة". ما كنا نعلم -وأيمُ الله- أنها سقطت على أرضك على غفلة من الزمن. عذرا أيها الرئيس أن حسبنا بلدك كسائر بلاد الدنيا، حيث الرئيس أول من يحاسَب. عذرا أن ساوينا بينك وبين رؤساء الأعاجم، يُسألون عن مثقال حبة خردل. عذرا أن حسبناك الفاروق. فاعفُ واصفح الصفح الجميل!
أينكِ يا بغلة عمر؟ قد برئ عمر منك ومن عثرتك. وما لِعُمرَ والطريق؟ يُعبَّد أو يُحفر؟ وما له وللناس والبغال؟ يعثرون أو يمشون على صراط مستقيم، يهتدون أو ينكبون على وجوههم! إن عثروا قاموا، وإن ضلوا الطريق فعن قريب يتبيَّنون. وماذا لو ضل الناس ساعة من زمن؟ أكانت السماء تنفطر؟ وماذا لو عثرت البغلة حينا وقامت حينا؟ أكانت الأرض تُخرج أثقالها؟ فما هي إلا عثرة أو عثرتان وقد عادت الأمور كأحسن ما تكون. وماذا لو أن البغال ترافسوا حينا من الدهر يسيرا؟ إنما هو ترافس الأحبة! ألاَ حدِّثْ عن الأسد ولا حرج!
يا لسخافتك أيها الرئيس! أنفسٌ تزهق وأنت تَسخر؟ إن لم تكن المسؤول فمن يا أضحوكة الزمان؟ ثم تقول: لا يقتلُ شعبَه إلا مجنون. فأنت المجنون وأبُ المجانين والله. بالأمس كانت المؤامرة، وقبلها الممانعة، واليوم رئيسٌ ليس كالرؤساء، فأَتْبِع الدَّلوَ رِشاءها! أيها الرئيس، إذا لم تستحي فقلْ ما شئت!
والسلام على من اتبع الهدى
13 محرم 1433ه (9/12/2011م)