آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 47

الموضوع: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

  1. #21
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سميرة رعبوب مشاهدة المشاركة
    الطفولة بريئة وخلابة ..
    كنت في طفولتي أعشق تربية الحيوانات والطيور
    أكثر الحيوانات التي أعشقها الخيل ..
    وأكثر الطيور التي أحبها الحمام ..

    في يوم ما ..
    ذهبنا لمزرعة أحد الأقارب وطلبتُ أن أمتطي الخيل
    كنت حينها أبلغ 12 من عمري

    كان فرسا أصيلا سريع العدو .. شعرت بالخوف حينها
    والمتعة في نفس الوقت ..

    انطلقت كفارسة فوق جوادها ..
    أحببت تلك التجربة وكم رغبت بأن أكررها ..
    رغم اعتراضات من حولي وخاصة أمي - حفظها الله -
    إلى هذه اللحظة أعشق الخيول وأعشق الحمام
    رغم توقفي عن الاهتمام بها وتربيتها ...

    فالمدنية وحياة التحضر تمنع المرء مما يحبه ويعشقه ..
    فأحيانا يفرض علينا الواقع الذي نعيشه التخلي عما نحب


    جمال هذه الذكريات يا أستاذة سميرة بعفويتها وبراءتها وطفولتها ..

    جميل جميل ما كتبتِ عن طفولتك .. سنتابع ما تكتبين وما يكتب الأخ العزيز د. كرم

    لننثر في هذا المكان بعض ذكريات الطفولة الغضة البريئة الشقية أحيانا ولكنها لذيذة نديّة في نفس الوقت

    والذكريات صدى السنين


  2. #22
    طبيب، أديب وشاعر
    تاريخ التسجيل
    08/07/2010
    المشاركات
    14,211
    معدل تقييم المستوى
    28

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    .. طفلٌ في العاشرة ِ، كنتُ أحبُّ صيدَ العصافير ِبالفخِّ ،
    والفخُّ هذا ( يعرفهُ أخي نايف ) مصنوعٌ من السِّلك ِ، يُدفنُ
    في التُّراب ِولا يَظهرُ منهُ إلاّ الطُّعمُ الذي يوضعُ في خرزَتِهِ،
    والطعمُ هذا في العادة ِدودة ٌتُحبُّها الطيورُ ،ومنها نوعان :
    الأوَّلُ وهو الأشهى والمُفضَّلُ للطير ِ، ويُؤخَذُ من سيقان ِنبات ِالذُّرة ِ
    البيضاءِ ، وكنتُ أتسبَّبُ في تخريب ِعشرة ِسيقان ٍللحصول ِعلى
    عددٍصغير ٍمنها ، أحتفظُ بهِ في علبة ٍأو زُجاجة ٍصغيرة ِوبها بعضُ
    الطَّحين ِ( الدَّقيق ِ) البلديِّ ، والبلديُّ هذا مأخوذٌمن القمح
    ِ( الهيتي ) والذي كنا نزرعهُ في حُقولنا ، .. نعودُ للنوع ِالثاني من الدود
    وهو يُؤخذُ من شجرقصير ٍ ٍيُدعى الحِمْحِمْ، والحمحمُ هذا لهُ أشواكٌ قصيرةٌ ،
    وذو رائحة ٍكريهة ٍ، لا تأكُلُهُ الحيواناتُ حتى الحمار ( هذا على فرض
    أنَّ الحمارَ أغباها ، مع أنَّ لي رأياً آخر ) .
    الحمحمُ هذا لهُ ثَمَرٌ يحوي سائلاً كُنا نتجنبُ أن نلمسهُ لأنَّهُ يؤذى الجلدَ ،
    يستعمُلُ ثمارَه هذه الأيام بعضُ الأدعياءِ كعلاجٍ لليرقان ِ، حيثُ يُنَقَّطُ
    السائلُ في انف ِالمريض ِفيَتَسَبَّبُ في إفراز ِسائل ٍذي لون ٍأصفرَ ،
    يَدَّعي المُعالجُ أنَّ المرضَ يخرجُ من الجسم ِمعَ هذا السّائلَ !
    عُذراً على الإستطراد ِ...
    أعودُ إلى الفخِّ ، كنتُ وَأترابي نُراقبُ العصافيرحتّى نختارَ مكاناً تُكثِرُ العصافيرُ الوقوفَ فيه ِ، حجراً أو نبتة ًصغيرة ًجافَّةً، ( فننصُبُ ) فيهِ الفخَّ .
    نجلسُ على مسافة ٍمُختفينَ ،نُراقبُ والعصافيرُ تروحُ وتجيءُ ، وترى الطُّعمَ وتُعرضُ عنهُ ، ونحنُ نصبرُ وننتظرُ ( ولعلَّ هذا علَّمنا الصَّبرَ منذُ البداية ِ.. رُبَّما ) ، ثُمَّ يقفُ أحدُها على العود اليابس ِمُقابلَ الفخِّ ، ونحنُ ندعو وننتظرُ ،.. يطيرُ فَنَغضبُ ، ولكنَّنا لا نيْأَسُ ، .. يَعودُ فنفرحُ .
    وَأخيرا ينزِلُ من عليئِهِ إلى الدودة ِلِيَلتّقِطَها ، وتخفقُ قلوبُنا انتظاراً ،
    وتلهجُ ألسنَتُنا بالدُّعاءِ .
    .. أرى غُباراً ، فأنطلقُ مثلُ السَّلوقيِّ مُسرعاً نحوَ الفخِّ ، الّذي قد يكونُ اطبقَ على عُنُقِهِ ، حيثُ أجري لها تنفُّسا من فمي لِمِنقاره ِ، وفي العادة ِيصْحو ،
    ( لعلَّ هذه كانت بداياتي كطبيب ٍ، لستُ أدري ! ) ، أمّا إذا أطْبَقَ الفخُّ على
    رجلِهِ فسأجدُ عصفوراً مكسورَ الرِّجلِ ، ولم تكنْ كُلُّ مُحاولاتي لعمل ِجبيرة ٍلهُ
    تأتي بفائدة ٍ .
    .. والآن هل تعرفونَ مصيرَ العصافير ِالتي كنّا نصطادُها ، السليمة منها
    والمكسورةَ الأرجل ِ ؟ .. في قرص ٍمن العجين ِ، يوضعُ العصفورُ بعدَ ذبحِهِ ونتف ِريشه ِوتنظيفِهِ ، وتضعُهُ والدتي ( رحمها اللهُ ) في داخِلِ الطّابون ِ،
    ويخرجُ منهُ شطيرة ًلذيذة ً.. لستُ أدري ماذا كنا نُسمّيها ،
    لعلَّها كانت " قرص الطّابون "
    هلْ أكلَ مثْلَها أحدُكُمْ ؟ أنْ عدنا أعدُكُمْ بِمثلِها ..

    تحيّاتي ..


  3. #23
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    وتمضي سنوات قليلة لأواجه بحادث أليم ذهب ضحيته ابن عم لي، وكلنا في هذه العائلة المهيبة على قلة عددها رؤوس كبيرة؛ وحاملو هم أكبر من أن يُحتمل، وكان الحدث الجلل سنة 1966 إثر مظاهرات صاخبة طافت مدينة طولكرم انطلاقاً من ثانوية الفاضلية ... إذ كان المد القومي الناصري في الشغب على الملك حسين قد بلغ أوجه، فقد كان يتهم الملك الراحل بالعمالة والتواطؤ مع حلف بغداد الذي رعته بريطانيا، وكان عبد الناصر قد أخذ على عاتقه هزيمة حلف بغداد والإطاحة به... وقد شهدت الحدود الفلسطينية الإسرائيلية في هذه الفترة حوادث إطلاق نار متبادل بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأردني هيجت الشارع العام الذي كان متعاطفاً مع عبد الناصر، وإثر المظاهرة الآنفة الذكر سقط ابن عمي عبد الحليم ذوابه مضرجاً بدمائه شهيداً على أرض طولكرم بعد أن أطلق عليه جندي من جنود البادية النار من مكان بعيد، وقد كان محمولاً على أكتاف أصدقائه من الطلاب، وهو يهتف ضد العرش الهاشمي، ويندّد بتواطؤ الحكومة وعدم جديتها في مقاومة الاعتداء اليهودي على مدينة السموع الفلسطينية الحدودية...
    وانتقل خبر سقوطه من على الأكتاف وكان مشهداً رهيباً مروّعاً، وكان وقع الحادثة في نفوس الناس صاعقاً، وقد جرت له جنازة مهيبة أمّتها جموع غفيرة من نابلس وطولكرم وسائر قرى المنطقة .. كان ذلك حادثاً جللاً، وإني لأتذكر وقع الحادثة في نفسي حزناً وبكاء وألماً لم يكن ليخففه أو يهون عليّ فيه إلاّ ربت عمتي أم سمير على كتفي، ووضعي في حضنها الحنون، وقد كانت عمتي -رحمها الله- أما ثانية لي، وكان اعتزازها بي كبيراً وأثيراً نما في مقبل الأيام حين انتقلت للدراسة إلى الجامعة الأردنية... وهذه الحادثة تركت في نفسي حقداً على الظلم والطغيان، ولعلها كانت مدخلاً مبكراً في حياتي لدخول حياة النضال السياسي من أوسع الأبواب...
    وتمضي الأيام سريعة من نهاية 1966 ومنتصف عام 1967 في حزيران حين سقطت الضفة الغربية تحت أقدام الاحتلال اليهودي، وقد تحققت توقعات الأحزاب السياسية المعارضة، والتي كانت تتنبأ بسقوط الجزء الثاني من فلسطين بيد يهود سقوطاً مذلاً مريعاً، بل وكما ذكرت البيانات السياسية حينئذ كانت عملية تسليم واستلام... وسقطت قدس الأقداس، ولم يسقط على أسوارها سوى بضعة وعشرين شهيداً..!! وانسحب بقية الجيش راضياً من الغنيمة بالإياب بعد تلقيه تعليمات بالانسحاب المبكر وعدم المواجهة!!
    والحقيقة التي أود تسجيلها هنا أن الجيش الأردني ما كان ليستحق هذه الهزيمة وهو أشرف من أن يلصق به هذا العار، فهو -كما وصفه قائده البريطاني في الخمسينات- جيش من الرجال ولكنه بلا قيادة..!! وأعظم شهادة على إخلاص هذا الجيش وكفاءته معركة الكرامة التي قادها الجنرال مشهور حديثة الحجازي الصخري، وكانت معركة أبدى فيها سلاح المدفعية الأردني الذين لم يكن له غطاء جوي ضروباً فذة من الشجاعة ونال من الجيش الإسرائيلي المؤلل المدرع الذي كان يزحف آملاً أن يحتل مرتفعات السلط ليقضي على التواجد الفدائي الفلسطيني، ولم يكن يتوقع تدخل الجيش الأردني لكن الجنرال مشهور حديثة فاجأ القوات الإسرائيلية المتقدمة بالتدخل دون أن ينتظر موافقة أوامر القيادة العليا... وكانت معركة الكرامة أول معركة في تاريخ الجيش الإسرائيلي تطلب فيها الحكومة الإسرائيلية وقف إطلاق النار لما لاقاه جيشها من هزيمة مذلة في هذه معركة...
    وإثر هذه هزيمة حزيران المدوية التي أطلقوا عليها نكسة تخفيفاً لوقع الهزيمة المخزية نزحت العائلة إلى شرق الأردن... وبعد نزوح غير طويل إلى الضفة الشرقية من الأردن عدنا والأسرة متسللين تحت جنح الظلام من منطقة الأغوار إلى فلسطين... لقد أراد الوالد العودة بأي ثمن وتحت أي مخاطر بعد أن رأوا ما رأوا من ذل اللجوء وهوان اللاجئين حتى على بني جلدتهم.. ونجحت المحاولة دون أن تتنبه لنا الدوريات الإسرائيلية المتربصة بالحدود بعد أن اختفينا بين الحقول والمزارع في المنطقة مشياً على الأقدام من منطقة الكرامة على الحدود الأردنية بعد أن ألقت بنا حافلة يقودها تراكتور زراعي، ووصلنا إلى مدينة طوباس، وهناك اختفينا بين الأهالي، واستقللنا حافلة إلى عنبتا...
    ومما تطفح به الذاكرة من الذكريات النابضة بالحياة، وأنا في الصف السابع (الأول متوسط) أن البلدة شهدت مظاهرات في مناسبات كثيرة، وكنت أشارك أبناء مدرستي فيها، وكان طلاب المرحلة الثانوية يقودون المظاهرات، وكنا صغاراً حالمين نظن بجدوى المواجهة، والحماس كان يحملنا على مواجهة الدوريات الإسرائيلية والمواجهة المباشرة، ولم يكن الخوف يعرف إلى قلوبنا طريقاً، وكنا نبني السدود في مواجهة الدوريات الإسرائيلية لتقع في مواجهة مباشرة معنا حين تُفاجأ بالسد، وحين كانت تضيّق علينا الدوريات الخناق نصعد الجبال ونلتزمها ونستمر بقذف الحجارة، وفي إحدى المظاهرات التي قمنا بها على النحو المعتاد، ثم عدنا إلى المدرسة في اليوم التالي فإذا سلطات الاحتلال تقوم بوساطة الشرطة المحلية بإحضار مذكرة اعتقال لي وتسلمها للأسرة.. وفي اليوم التالي حضرت سيارة شرطة إسرائيلية إلى المدرسة، وقامت باعتقالي أنا وفتى آخر من صفي، وكنا نشترك معاً في النحافة وقصر القامة وضآلة الجسم، و ربما في المستوى الاقتصادي المتواضع للأسرتين، وحملتنا سيارة الشرطة وطوّفت بنا في البلدة، ومرت من أمام المقهى الذي عادة ما يجمع نخبة المثقفين في البلدة، والفتى الصغير وزميله لا يكادان يظهران لضآلة حجمهما وقصرهما، ولكن الناس ميزونا والتفتوا إلينا، وكانت العيون شاخصة نحونا ونحن في السيارة... نظرات ممزوجة بالإشفاق والإعجاب بهذين المناضلين الصغيرين...!!

    وفي المركز الأمني اليهودي في مدينة طولكرم عرضونا على محقق اسمه (يونا) ولكم كانت دهشة المحقق الممتلئ جثة والقصير قامة حين رآنا فتيين صغيرين لا يكادان يظهرن من على وجه الأرض...!! والمطلوب منه أن يحقق معنا، ويكتب محضر تحقيق فينا...!! فبادرني بالسؤال:
    هل قذفت الدوريات الإسرائيلية بالحجارة؟
    - لا ..
    - هل شاركت في بناء السدود في وجه الدوريات الإسرائيلية؟
    - لا..
    - وأخذ يصيح ويرغي ويزبد ويذكر فلاناً وعلاناً ممن اعتقلتهم الشرطة، واعترفوا علينا وأنا أنفي التهم بثبات.. وهنا صرخ في وجهي بكلمات نابية وقال: طولك طول (...) وتبني السدود في طريق الدوريات الإسرائيلية وتقذفها بالحجارة.. واستمر في وعيده وتهديده، ثم طلب مني أن أستدير إلى الحائط.. ومضت الجولة الأولى وقبيل العصر أعطاني مذكرة بمراجعة المركز لأحضر أنا ووالدي للتحقيق، ولم يحتجزوني لأنني دون السن القانونية...
    وعدت غير مرة والتحقيق نفس التحقيق، ولم أعترف وظللت صامداً.. طبعاً كان هناك تدريب وتأكيد من الوالد على الصمود وعدم الاعتراف.. وانتهت محاضر التحقيق... وفي يوم من الأيام لم أبلّغ فيه بالحضور إلى المحكمة، ولم أكن مستعداً للذهاب إلى المركز الأمني فإذا سيارة الشرطة تأتي إلى المدرسة، وطلبتني من مدير المدرسة، وأخبرني الشرطي بالصعود إلى السيارة؛ لأن اليوم هو موعد المثول أمام المحكمة العسكرية، وفعلاً ذهبت معهم، ولحقني أبي إلى المركز الأمني، ومثلت أنا وبقية زملائي أمام القاضي العسكري، ونادى اسمي فوقفت، وبدأ القاضي يسألني:
    هل أنت مذنب؟
    - لا..
    - وأعاد عليّ السؤال، وكان خلفي والدي ورجل أمن عربي يمثل السلطة الإسرائيلية، فقال رجل الأمن العربي: اعترفْ أنك مذنب بينما كان يردّ والدي بالنحنحة والإحم من خلفي(إحم إحم) يريد أن يقول لي: لا تسمع له .. ويتكرر السؤال من القاضي وعرض لائحة الاتهام والطلب مني بالاعتراف، و رجل الأمن خلفي يطلب مني الاعتراف، بينما كان والدي يردد(إحم إحم إحم) ...!!
    وانتهت المحكمة بإصراري على عدم الاعتراف بما في لائحة الاتهام وعدم الاعتراف بأني مذنب، وكانت النتيجة إعلان براءتي مما أُسند إليّ، ويخرج الفتى مبتهجاً بصموده، رافعاً رأسه بنتيجة هذه التجربة لطفل لمّا يتجاوز الثانية عشرة من عمره أمام محكمة عسكرية إسرائيلية...!!


    ويعود الفتى أدراجه إلى بيته وقلبه الجسور يتراقص من الفرح بالبراءة، وتكاد تُسمع دقات قلبه من الانفعال، وأول من لاقاني إثر نزولي من الحافلة كان عمي الحاج علي الذي أراد أن يفسد عليّ الفرحة حتى لا أتمادى وأعود ثانية إلى التظاهر والمشاركة في بناء السدود، ولكن كنت أعلم علم اليقين أنه كان سعيداً بجسارة ابن أخيه، وأن قلبه كان يتراقص من الفرح بهذا الفتى الجسور محط افتخاره، وقد كان فعلاً موضع احترامه وتقديره على الأيام ...


  4. #24
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    عدت بي يا دكتور إلى نصف قرن مضى من الزمان .. كتبت وضاعت المشاركة .. لا أدري لماذا يعاندني المتصفح في واتا .. في أماكن أخرى أكتب وأدرج بسهولة .. يضيع وقتي في واتا وأنا أنتظر السيرفر مشغول ..

    كان أخي الأكبر مني يقوم بصيد طيور السّمن في الشتاء بوساطة الفخّ وكان الطعم من دود الأرض وكان يعود يوميا بطير أو طيرين من السمن مكتنزين باللحم .. كان طعم طير السمن لذيذا .. كنا نشتهيه ونأكله مستمتعين وكأننا ملوك .. كانت حياة الناس بسيطة وعفوية وكل شيء تستمتع به من مأكل أو مشرب أو ملبس .. وكان الناس متساووين في مستواهم المعيشي وكانوا يشعرون ببعض ويفرحون لبعض ويواسون بعضهم بعضا بصدق .. كان مجتمع القرية كأنه مجتمع عائلي يتقاسم الناس فيه كل شيء ويستعيرون من بعضهم أبسط الأشياء وأجلها من الطنجرة حتى المنشار ومن شوية شاي إلى صحن مبسوس صنعته الجارة وأرسلت لجيرانها حتى يشاركوهم مناسبة صناعة حلوى الموسم في الشتاء .. وكانوا إذا أرسلوا هدية لأبنائهم في الاغتراب أرسلوا منه .. لا كل واشكر ولا مبرومة ولا بقلاوة ولا بلورية ..

    لم يكن الناس يعرفون أن يأكلوا أو يشربوا أو حتى يلبسوا دون أن يشارك بعضهم بعضا، وما زلت أذكر أن عمي أبا حسن الذي كان عسكريا اشترى لحسن كنزة شتوية صوف خضراء غامقة جميلة واشترى لي مثلها وكنا نسير من بيوتنا التي تقع غربي البلدة مزهوين بما نلبس كأننا طاووسان حتى نصل المدرسة التي تقع شرقي البلد .. ولقد كان حدثا تاريخيا حين شاع في البلد أن أبا حسن اشترى لحسن شبشب زنوبا ..!!

    مساء الخير


  5. #25
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    Smi28 رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    حروف ذهبية نقشت هنا

    نبض صادق شفيف

    جعلني أسكن تلك المشاعر وأعيش فيها ..

    بقلب نابض بالولاء

    أتابع بكل شوق .. ذكريات جميلة تخطها أناملكما

    شاعرنا النجم كرم وأديبنا النبيل نايف

    لكما صادق الاحترام والتقدير ،،

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  6. #26
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    شكرا يا أستاذة سميرة على المتابعة الكريمة .. هذا من لطفك وبرك وجمال روحك أن تقدري هذه الذكريات التي صيغت بعفوية وبلغة بسيطة ..


  7. #27
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    العمل في الكلية العلمية الإسلامية محطة هامة في سجل حياتي تمنيت لو عدت إليها مرة ثالثة لكن يبدو أن هناك من كان لي بالمرصاد وحال دون عودتي إلى أعز مكان أمضيت فيه أجمل سني عمري وأبلغها .
    كان لي أخ صديق متعثر في الحياة رحمه الله رحمة واسعة هو الأستاذ عادل الشروف .. وقد تزوج امرأة صالحة وداعية هي السيدة نجاح السباتين ولها كتابات على الشبكة وقد عوضه الله بها خيرا .. كان عتبه على الأيام كبيرا .. فكان يقول: حظي في كل شي أسود إلا في البطيخ أبيض..!!

    أنور الحناوي رجل التربية والإداري الأشهر من نار على علم
    على الرغم من جديته وما يبدو عليه من جهامة لكنها جهامة يتخللها دفء وحنو وثقة وخاصة مع من يثق بهم وبكفاءتهم وإخلاصهم ..
    إن القيادي العظيم هو من يشعر كل من حوله بأنهم عظماء .. وهكذا كان أنور الحناوي.
    أنا المعلم الوحيد الذي عاد إلى مدارس الكلية بعد أن استقال من تلقاء نفسه.. وقد عدت بطلب مباشر من إدارتها وهذه حالة فريدة في تاريخ الكلية..جعلت معلمي ومعلمات الكلية يفغرون أفواههم من الدهشة غير مصدقين، حينما رأوني في الكلية بعد غياب ثلاث سنوات عملت فيها في مدارس العروبة.

    السنة الأخيرة التي عملت فيها في الكلية كان نصابي من الحصص في المرحلة الثانوية 28 حصة وهو أكبر نصاب لمعلم فيها وعلى الرغم من ذلك كنت سعيدا ومرتاحا لأن التقدير الذي كنت أتلقاه في الكلية كان يشعرني بأنني ركن من أركانها و ليس مجرد معلم عابر سبيل ..
    في أحد الأيام دخلت الفنانة سلوى زوجة جميل العاص القسم الإعدادي لتسأل عن ابنها طارق، وهو أحد تلاميذي الذي علمتهم في المرحلة الثانوية، ولما رأت استقبال الأستاذ موسى شقبوعة الفاتر لها وهي الفنانة التي تلاقى بالحفاوة والتكريم في المكان الذي تدخله قالت للأستاذ موسى شقبوعة: كأنك لا تعرفني..؟! فقال لها أبو محمد رحمه الله: لا عارفك.. سلوى ما غيرها.. !! فبجمت وأدركت أنها في مكان جاد محترم لا يحتفي بالفن وإنما يهتم بصناعة القادة..!!
    ألح عليّ مدرس التربية الموسيقية لماذا لم تزر الأستاذ أنور الحناوي في المستشفى وقد مكث مدة طويلة؟ (ويبدو أنهم استعرضوا معلمي وموظفي الكلية في جبل عمان وكلهم زار الأستاذ أنور إلا الأستاذ نايف ذوابه) .. فقلت له: إن أنور الحناوي لم يزرني حينما دخلت المستشفى قبل نحو عام ولم يتصل بي مهنئا بسلامتي .. فكيف أزوره ..؟! حتى لو كان مدير الأدارة المدرسية ... شو يعني ..لا لن أزوره ..!! وبعد خروجه من المستشفى وتماثله للشفاء ذهبت إلى مبنى الرئاسة للمراجعة بخصوص شأن من الشؤون المالية أو الإدارية، و حيث غرفة أنور في أحد زوايا الدور الأول من مبنى الرئاسة .. وكانت المفاجأة أن أنور كان أمام غرفته مع الأستاذة مريم العطار مديرة مدرسة البنات.. وكانت مواجهة مثيرة ساخنة.. سلمت وصافحت الأستاذ أنور مبتسما وهنأته بالسلامة، لكنه بادل ابتسامتي بابتسامة عريضة تحولت إلى ضحكة من أعماق قلبه ..وكان دافئا حانيا وأظن أنه أصبح بعدها أكثر دفئا واحتراما لي على الرغم من الفارق العمري بيني وبينه..!!

    في أحد أيام آذار الدافئة المشمسة عام 1981 كان للصدفة والصدفة وحدها موعد أخذني بتلابيب جسمي وألقى بي في مكتب الأستاذ المرحوم موسى شقبوعة مدير القسم الإعدادي في مدارس الكلية العلمية الإسلامية بعد أن أخبرني الأخ الأستاذ يوسف الشلبي المعلم في القسم الثانوي في الكلية بأن هناك شاغرا لمعلم لغة عربية تعاقد مع قطر فتعال وقابل فلربما تأخذ مكانه.
    ولأني لم أكن قد هيأت نفسي لمثل هذه الوظيفة ولا حتى الاستقرار في الأردن فإن الخبر قد جعلني قلقا ومترددا: هل أسافر إلى عنبتا حيث ينتظرني الأهل بعد أن انقطعت عنهم أربع سنين متواليات بسبب ظروف قاهرة أم أغتنم الفرصة التي لاحت لي ولا سيما في الكلية العلمية الإسلامية ..
    استقبلني المرحوم الأستاذ موسى شقبوعة بهدوئه وشيء من المرارة التي تسكن نفسه تلك التي لا يستشعرها إلا القريبون منه العارفون بسرائر دخيلته .. وأحالني إلى المرحوم الأستاذ المدير الإداري..... الذي لم أمكث عنده طويلا حتى حولني إلى المدير الفني مدير الإدارة المدرسية في مدراس الكلية العلمية الإسلامية الأستاذ أنور الحناوي(رحمه الله) .. والحقيقة أن الكلية هي جمعية ثقافة إسلامية يشرف عليها مجلس الجمعية وهم من أعيان الأردن ووجهاؤه وخاصة من الشوام القدماء في الأردن ويرأس الجمعية المهندس عبد الغني أبو قورة، والكلية كما قال لي الأستاذ فهمي ربيحات المدير الإدراي في مدارس العروبة والذي عملت معه هناك: لو لم يكن للكلية الإسلامية فضيلة إلا الوقوف في وجه المد التبشيري للمدارس النصرانية كدي لا سال والفرير والأرثوذكسية لكفاها .. فالكلية كانت تنافس هذه المدارس في استقطاب أبناء العائلات العريقة الذين يستلمون المناصب الرفيعة في البلد والرتب الكبيرة في الجيش والأجهزة الأمنية، والمدارس المسيحية كانت مدارس مختلطة وتقوم بعلمنة التعليم وتعميم النزعة الغربية فيه، وتؤدي مهام مشبوهة بدعم من السفارات الغربية
    دخلت غرفة الأستاذ أنور الحناوي الذي كان يبدو سبعينيا؛ والجدير بالذكر أن الأستاذ أنور قد منح الكلية حياته ولم يتزوج إلا بعد أن دخل الستين في منتصفها أو على أطرافها؛فإن الكلية كانت حياته ومستقبله إلى درجة أنه كان يسكن فيها، ولذا لم أستغرب أن جنازته قد حملها المريدون والأوفياء من مبنى الأولية المختلطة وداروا بها حول مدارس الكلية في جبل عمان بناء على وصيته، ومن عمل مع أنور رحمه الله يعرف أي شغف كان يحمل الرجل وأي إخلاص للكلية التي شهد ميلادها وقام على رعايتها طفلا وليداً إلى أن أصبحت صرحا شامخا من صروح التربية في الأردن ووجها ثقافيا حضاريا لا ينكره خبير ولا تخطئه عين مبصرة ..
    كان أنور يقتعد كرسيا عاديا قوائمه من حديد وتتناثر في الغرفة التي لا تتجاوز مساحتها التسعة أو العشرة أمتار بضعة كراسي من نفس النوع.. دخلت الغرفة وسلمت وصافحت وقلما قام أنور لأحد حد علمي .. فهو شخصية مهيبة وتحترم نفسها وتثق باسمها الذي ارتبط بهذه المؤسسة العملاقة وهو يقودها شهادة منصف محب بكفاءة واقتدار وكان يحيط نفسه بمجموعة من الإداريين المخلصين الأكفاء الذي يثق بهم ويمنحهم صلاحيات يقودون بها أقسامهم ولا يحيلون إليه إلا المشاكل العويصة التي تتعلق غالبا بمشاكل أبناء الذوات الذين يتجاوزون حدودهم فكان أنور يستدعيهم ويستدعي أولياء أمورهم مهما كان آباؤهم نافذين في البلد حتى إنه استدعى مرة الباشا حابس المجالي بخصوص مشكلة من مشاكل أبنائه وجاء حابس بنفسه وشحمه ولحمه إلى الأستاذ أنور بناء على استدعاء شخصي لولي أمر طالب وكان حينئذ رئيسا لأركان الجيش الأردني أو في رتبة عسكرية رفيعة.. وقد أصبح فيما بعد قائدا للجيش.
    جلست على الكرسي والأستاذ أنور ينظر في وجهي ويتفرس في ملامحي!! يا أستاذ حابب تشتغل في الكلية معنا..؟! عن طريق مين جيت .. مين قالك إن هناك فرصة في المدرسة؟ وطبعا أجبت والجدير بالذكر أنه كانت هناك خصومة بين الأستاذ أنور والأستاذ يوسف الشلبي الذي جئت عن طريقه وبمعرفته .. لكن أنور والحق يقال كان يحرص على مصلحة الكلية ولو كان يراعي هواه لردني وقال: ما في فرصة في المدرسة .. اللي قالك غلطان..!! كما يحصل في كثير من الدوائر حين تأتي الفرصة عن طريق شخص لا يحبه المدير ..
    وقدمت للأستاذ أنور بعضا من كتاباتي التي نشرتها الصحف وخاصة ذلك المقال بعنوان: محاولات لتبرئة المتهم طه حسين الذي كتبته تعقيبا على الندوة التي جرت على مدرج سمير الرفاعي بين الدكتور نصرت عبد الرحمن والدكتور عبد المجيد المحتسب وحين قرأه أستاذي الدكتور نصرت عبد الرحمن في الصحيفة والمقال فيه تعنيف له وتهجم عليه لأنه دافع عن طه حسين لكنه قابلني في مبنى قسم اللغة العربية بابتسامة عريضة وشكرني وشجعني ..
    وقرأ أنور المقال وابتسم وأدرك أنه أمام خريج ليس كأي خريج .. فاستدركت عليه وقلت له: لكن يا أستاذ أنا الآن لا أملك أوراقا ثبوتية وشهاداتي الرسمية لما تخرج إلى النور .. فقال: مش مهم لما تجهز بتحضرها ..!! مستعد تداوم يا أستاذ وتباشر عملك؟ فقلت له مستعد.. وكان ما كان وأصبحت معلما من معلمي الكلية العلمية الإسلامية.
    في الكلية العلمية تتقدم بكفاءتك وإخلاصك؛ فالعمل فيها مؤسسي والصلاحيات لا تتداخل بين المدراء والمسؤولين.. والجدير بالذكر أن الكلية العلمية الإسلامية كان يرأسها معالي الأستاذ بشير الصباغ الذين كان يوما وزيرا للتربية ووزيرا للأوقاف.. وهو شخصية تربوية قديرة كان مسماه الوظيفي الرئيس ..!! وقد التقيته مرة واحدة لقاء مباشرا ودافئا حين أحالني الأستاذ أنور الحناوي إليه حين كلفت بتدريس الثالث الثانوي مادة اللغة العربية وكان لقاء دافئا سلسا لا كلفة فيه..


  8. #28
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    عقبت الأستاذة سلمى رشيد على هذه الذكريات ..

    أستاذنا الكريم نايف ذوابة
    صباح الخير وجمعة طيبة مباركة لك ولأسرتك الكريمة
    أسعدتنا بهذه الصفحة الجميلة الودود، وتمنينا جميعا لو أطلت أكثر في الحديث عن هذه الذكريات الثرية والغالية .
    تذكرني بوالدي عندما كان يحدثني عن ذكرياته في التدريس في يافا والكويت والسعودية وبعدها في كلية خضوري وجامعة النجاح الوطنية، وذكريات الصبا والشباب ومقاومة الاحتلال وغيرها من أمور لا أمل عند سماعها منه بابتسامته الودود ولكن للعمر حكمه ويبدو أن ذاكرته بدأت تضعف .
    أطال الله في عمرك أستاذ نايف وأبقاك نور علمٍ ننهل من علمه وزدنا كلما استطعت.
    كل التقدير


  9. #29
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    Smi28 رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    أستاذ نايف ما أجمل نبض مدادك ، وما أجمل تلك الذكريات التي تمتعنا بسردها فنعيش معك أجمل لحظات الماضي ..
    أتعلم أن هذه الزاوية تشرق بنبضك ، لا حرمنا الله وجودك ولا تلك الفوائد العظيمة التي استقيها من حروف كلماتك ..
    وفقك الله وحفظك ... آمين

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  10. #30
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    Smi28 رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    [ لغتي الجميلة ]

    كنت أشعر بالضيق والملل في حصة اللغة العربية
    كنت حينها في الصف الرابع الإبتدائي ..
    كانت المعلمة طوال الوقت متجهمة ، وغاضبة لا أعلم لماذا ؟
    واجباتنا كثيرة جدا ، خاصة في مادة القراءة ، كنا نجبر على كتابة النص كاملا بالتشكيل .
    وأحيانا يكون النص طويلا يتجاوز الثلاث صفحات ..

    وبعد الجهد والوقت الذي يستهلك في كتابة النص ، تطلع عليه المعلمة بكل تقزز ، لا أذكر أنها كانت تقول لنا مبدعة أو متميزة
    كانت الكلمة الوحيدة للمجيدات " أحسنتِ " ، أما من تخطيء فكل ما يتخيله الفكر من كلمات النقد والهدم " كسولة ، غبية ، متخلفة ، الله يقلعكم " بمعنى الله ييبعدكم عنا " ..

    في ذات يوم لم تشرق فيه شمسي اخطأت في كتابة السطر الأخير من النص ، كتبته على استعجال ..
    لم أتوقع يوما ما حدث لي ..
    حينما ناولتها كراستي ، نظرت إليها كعادتها ، ثم أشارت لسطر الأخير ، وبصوت غاضب صرخت في وجهي : ما هذا ؟
    عرفت أنني وقعت بخطأ ما ..
    قامت بتمزيق الورقة أمامي ، ووضعت طرفي أناملها على شحمة أذني وقامت بجرها بقوة ، ياإلاهي حركة أطراف أناملها المؤلمة إلى هذه اللحظة أتذكرها .. سامحها الله

    قالت لي : أعيدي كتابة النص وبالتشكيل وأي خطأ ستعاقبي بشدة !

    للأسف : أحيانا يتملكني العناد ..
    خاصة لمن لا يقدر مشاعر وجهد الآخرين ..

    لم أكتب النص ، قمت بترقيع الورقة الممزقة وإلصاقها بالدفتر بكل جرأة ومسحت السطر الأخير وأعدت كتابته ..

    في اليوم التالي ..
    جمعتْ الكراسات ، وشاهدتْ ما قمتُ به ..

    يا إلاهي .. أستاذتي تملكها الغضب ، فأنا تلميذة بنظرها - قليلة أدب - لماذا لم أُصغي لها ؟
    طبعا العقوبة لابد تكون أقوى من السابقة

    للأسف - في أيامنا - كان التعليم يبيح للمعلم ضرب الطلاب ..

    ضُربتُ بالمسطرة الخشبية على يدي 10 ضربات ، خمس في اليد اليمنى وخمس في اليد الأخرى

    للأسف هذه العقوبة ما زادتني إلا كرها للغة العربية

    كنت أقوم بحل كل واجباتي إلا واجبات اللغة العربية لا يمكنني حلها لا أعرف ما يصيبني ..
    وأخي الكبير يعشق اللغة العربية ودوما يسألني : كيف اللغة العربية ؟
    أقول له : تمام من أجمل المواد لدي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الله يغفر لي كنت أتهرب من استذكاره لي ..

    وصل الحال مع معلمة اللغة العربية إلى أن تصفني بالفاشلة ، كنت فقط أظل صامتة في الحصة ، أو ألوذ في ركن قصي وأبكي ..
    أرسلوا خطابات لوالدي عن تدني مستواي في اللغة العربية
    رغم ارتفاعه في المواد الأخرى ، أرادت المرشدة الطلابية أن تحل المشكلة ..

    لما بلغ الأمر لوالدي غضب بشدة مني .. وألزم أخي بالاستذكار اليومي لي ..
    كان أخي سعيد جدا باستذكاره لي ، ووجدني سريعة الفهم والتفاعل معه ، فتعجب لما درجاتي منخفضة في اللغة العربية ..
    فشرحت له وضعي مع معلمة اللغة العربية ..

    وكان أخي ومازال - يحفظه الله - متفهما ، فخاطب إدارة المدرسة بنقلي إلى صف آخر في الفصل الدراسي الثاني ..
    ومعلمة أخرى ..

    والحمد الله تم الأمر ..

    كنت سعيدة بمعلمتي الأخرى ..
    أعترف أن خطي لم يكن جميلا ، ولكنها كانت دوما تشجعني وتقول لي : سيكون خطك جميلا والكل يثني عليه فقط استمري بالكتابة

    وكانت تشجعني على القراءة ، وسجلت اسمي ضمن طالبات الإذاعة الصباحية في المدرسة ، عشقت القراءة من كل قلبي ..

    بعد كل هذه السنين ..
    أعترف أن رهاب اللغة العربية ما زال يسكن قلبي ..
    ومازلت أقاوم هذا الرهاب بالانتهال من مناهلها العذبة والارتشاف من ماءها الزلال ..
    ودوما أتذكر ما حدث وأدعو الله تعالى أن يغفر لمعلماتي ..
    تمنيت أن ألتقي بمعلمتي التي وصفتني بالفاشلة ، كنت أرغب بأن ترى خطي الذي لم يعجبها يوما
    كنت أتمنى أن ترى محاولاتي المتواضعة ، لأقول لها يمكننا أن نبدد الظلام بشمعة ، يمكننا جعل اللاممكن ممكن ..
    يمكننا أن ننشيء جيلا يعشق لغته وتاريخه وحضارته .. بالحب والأمل والدعم والتشجيع
    فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : بشروا ولا تنفروا
    لكنني لم أجدها لأنها ماتت - رحم الله -
    لذا دوما أنصح طالباتي وكل من أعلمهن " من لا يرحم لا يرحم " الرفق ثم الرفق ثم الرفق
    الرفق يد بيضاء ممدودة بالعطاء ..

    غفر الله تعالى لكل من علمني وساهم في صقل مواهبي وقلمي والارتقاء بي
    وغفر الله لوالدي فهما لهما الفضل الأول علي بعد الله تعالى ... آمين

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  11. #31
    شــاعر الصورة الرمزية عبدالواسع السقاف
    تاريخ التسجيل
    05/01/2009
    العمر
    50
    المشاركات
    405
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    الأديبة الرائعة \ سميرة رعبوب

    سررت بالدعوة وإن كنت حضرت متأخراً نظراً لظروف الكهرباء والنت في بلدنا الحبيب، فالحضور المتأخر خير من عدمه.. أعجبتني الفكرة كثيراً وسأسرد ذكريات من الطفولة على أجزاء أرجوا أن تنال إستحساناً وقبولاً لديكم:


    الطفولة لم تكن ذات بهجة بالنسبة لريموس، بل كانت مسؤلية، فهو لم يتعود الحصول على ما يحصل عليه الأطفال في عمره. لم يكن يلبس ثياباً جديدة فغالباً ما يستره هو ما تحصل عليه أمه من ثياب الأولاد الأخرين نتيجة لخدمتها لأمهاتهم في الحقول أو مساعدتها لهم في المناسبات، وأعياده كانت هم أكبر من الفرح. كان شديد الحرص وشديد الذكاء، وقد تعود أن يلعب في القرية ألعاباً يكسب من خلالها النقود من الأولاد، فتارة يلعب بكرات الزجاج أو بالحلق المطاطية أو الدوامات الخشبية ويكسب الأولاد ومن ثم يعود لبيعها عليهم ويحصل على نقود يصرفها في المدرسة أحياناً أما غالب أيامه في الدراسة فكانت بدون مصروف، يأكل في البيت وفي فسحة الحصص إما يعود يجري للبيت لأكل الخبز اليابس أو البائت، أو يحمل في جيبه قليلاً من حبوب القمح المغلي يأكلها في فناء المدرسة ليخفف بها جوعه وهو يلعب مع الأولاد أو يتابع مبارات كرة القدم بين طلاب الصفوف المتقدمة. كانت حافظيته كبيرة وذكاءه التجاري فطري وكانت نساء القرية تثق فيه وبقدرته على شراء أشياء بجودة قلما يستطيعها الكبار، فكن يعطينه النقود يوم الجمعة ليذهب ويشتري لهن أغراض البيت من حبوب وسكر وخضروات وفاكهة ومعلبات وغيرها من سوق مدينة التربة. وكان يحصل منهن على أجر زهيد مقابل هذا، ولكنه أيضاً يستطيع أن يدخر من قدرته على المفاصلة بالسعر ليشتري أهم شيئين في جمعته تلك (حلاوة وسمك لأسرته وكتاب له هو يطلع عليه). وقد ساعدته تلك القدرة على شراء كتب كثيرة من أمهات الكتب والقصص العالمية والتي سَّعت مداركه وفهمه للعالم وبنفس الوقت زادت من إحساسه بالمسؤلية تجاه أسرته!!!
    ****
    كان عمه أيوب وأستاذه خالد أهم شخصين في حياته وهو صغير فكلاهما كانا قياديين من الطراز الأول والناس تتحدث عنهما في القرية بإعجاب، لكن عمه كان يقطن في مدينة عدن ولا يلقاه إلا بالمناسبات، أما أستاذه خالد فكان موجوداً في المدرسة. كان الأستاذ خالد طويل القامة نحيل الجسد ذو ملامح صارمة ووجه نحيل. كان يدرس مادة الجغرافيا والتاريخ وكان شديد الذكاء قوي الشكيمة ذو طلة مهيبة يخافه الكبار قبل الصغار في المدرسة، وكان من هيبته وقوة شخصيته أن الطلاب تُعين كل يوم أحدهم لمراقبة الطريق من بيت الأستاذ للمدرسة، فإذا رأه هذا الطالب قادم، يركض قبله ويخبر الطلاب فتجد المدرسة كلها ساكنة وكأنها إحدى المقابر خوفاً من الاستاذ خالد ومهابة له. عندما كان يغضب الأستاذ خالد، ورغم أنه لا يضرب كثيراً كبقية المدرسين، إلا أن أسلوبه بالضرب كان مميزاً يهابه الكل، فقد تعود على أن يحتفظ بمسطرة كبيرة من الخشب يقوم بإستخدام حدها في ضرب ظهر كف الطالب وليس راحته، مما يسبب للطالب أوجاع قوية تظل بالأسبوع! وبالرغم من قوة وجبروت الاستاذ خالد إلا أنه كان رحيماً بمجتمعه ويحبه ويجله الجميع.. ذات مرة كان المدرسون عائدون إلى بيوتهم فتلبدت السماء بالغيوم على غير العادة وتحول الجو فجأة إلى أمطار ورعود شديدة وشبه ظلام وبرق هنا أو هناك، فلجئ المدرسون إلى دكان القرية لحماية أنفسهم من المطر وخطر البرق، وبينما هم في ذلك الوضع إذا بالأستاذ خالد يلاحظ قطعة من الزنك كانت على مقربة من الدكان على سور الفناء تهتز بشده نتيجة للريح القوية التي كانت تصفع خد القرية بقوة وكأنها غاضبة من شيء معين! وكان عدد من الأولاد يلعبون تحت المطر في الجهة المقابلة للدكان، فقرر الأستاذ خالد أن يخرج للتشبث بالزنكة كي لا تطير وتضرب الأولاد وتقتل احدهم او تؤذيه، وقد حاول المدرسون منعه ولكنهم لم يفلحوا في ثنيه عن ذلك. وبينما وهو ممسك بالزنكة تحت المطر إذا بإنفجار برق مع ريح قوي جداً يدوي ويضرب الساحة أمام الدكان، ويختفي على إثرها الأستاذ خالد هو والزنكة.
    ***
    خرج المدرسون وريموس معهم يبحثون عن الأستاذ ولم يفلحوا في العثور عليه، وفجأة سمعوا صراخ أحد الطلاب على مسافة 200 متر من المكان في أحد الحقول السفلية للتلة. ركض الجميع إلى هناك ليجدوا جثة الأستاذ خالد ملقاة على الزرع وقد فارق الحياة نتيجة لإرتطام رأسه بطرف الحقل الحجري. وبينما كان الكل يبكي الأستاذ خالد ويحملون جثته، إذا ريموس يجد ساعته ملقاة على الأرض، فيحملها معه ويعطيها والد الأستاذ الذي أعطاه إياها وطلب منه أن يحتفظ بها كذكرى، وما زال محتفظاً بها حتى هذه اللحظة. مازال يحتفظ بها ويحتفظ بذكرى أستاذ ضحى بحياته من أجل أبناءه الطلاب، في عصر ما عادت فيه هذه القيم موجودة تبصر النور.
    (يتبع)

    ترك الحَنينُ علامةً في دفتري
    وأتتْ كتاباتي تُؤرخ للأنينْ
    وحدي أهيِمُ على المدى
    أقْـفـو السَّعادةَ
    والأسى في كعب رجلي كالقرينْ

  12. #32
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    الأستاذة الكريمة سميرة .. ما أجمل وأروع ما سطرت .. إنها دروس تستفيد منها الأجيال نوقعها على نبض حروفنا .. ونستذكر أيامنا على مقاعد الدراسة ونتذكر معلمينا ومعلماتنا بعيوننا .. الأولى معلمة اللغة العربية سيئة وهي الفاشلة لأنها لو كانت مؤهلة وناجحة لصنعت منك تليمذة حسن الخط ولغرست في نفسك حب وجمال اللغة وخطها .. إنها معلمة وليست مربية وأيضا معلمة تفتقد لروح القدوة لذلك لن يتذكرها أحد إلا بسوء حتى اللواتي كانت تثني عليهن .. لأنهن -على طفولتهن- يقيّمن موقفها معك ويمتعضن في داخلهن ..

    معلم الرياضيات للعالم أديسون استدعى والدته وقال لها: إن ابنك فاشل وضعيف في الرياضيات.. ودعاها لأخذه من المدرسة؛ لأنه لا أمل بتقدّمه وتحسّنه .. فصرخت في وجهه: أنت الفاشل وأنت السيئ ..

    وكان أديسون الذي ينعم العالم باختراعه للمصباح الكهربائي بعد نحو ثمانمئة تجربة .. لم ييأس فيها حتى حقق اختراعه ..

    المعلم الناجح ليس الذي يأخذ بيد التلميذ النابه المجتهد ولكنه الذي يصنع معجزة من تلميذ ضعيف متعثر ..

    وفي جعبتي قصص كثيرة لمعلمين ومعلمات أثّروا بتلاميذهم، وصنعوا منهم بحدبهم عليهم وتحفيزهم لهم علماء عباقرة تركوا بصماتهم على الحياة البشرية ..

    مساء الخير للجميع


  13. #33
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    عاد الشتاء على وقع أيام الخريف الذي غير ملامح الحياة وأسبغ عليها سمتًا من طبعه ومزاجه القُلّب.. وحضر معه الغيث يغيث النفوس المتلهفة للمطر .. غوثًا للزرع والضرع وتبديدا لضجر الخريف وكآبته وظلاله الحزينة التي استهلها بسقوط أوراق الشجر وتعريها .. فقدت الحياة كثيرا من بهائها وروائها .. ولكنها سنة الله في التداول بين الفصول التي هي مصدر خير للمخلوقات .. والتغيير رغم ما يترك من بعض الآثار السلبية على بعض المخلوقات والكائنات لكنه مفيد.. فعلى الرغم من أجواء الخريف الحزينة إلا أنني شخصيًّا أحبها، ولي ذكريات في الخريف فتى حين كنت أرعي شويهات ومعزات أتأبط بها السهل والحزن من سهول وهضاب بلادنا الجميلة وأحيانا أمتطي بها بعض الهضاب وشعب الجبال لتجد حذو الصخور بعض النباتات التي تشبعها وتنعشها .. فالخريف في بلادنا فيه بعض من جمال الربيع؛ لأنه تنبت فيه وتينع بعض النباتات من أثر الندى وأحيانًا المطر حول الصخور .. هذا فضلا عن أزهار برية تبدأ تتفتح في مثل هذا الشهر شهر نوفمبر وأجملها زهرة النرجس ..

    مع إطلالة الخريف .. وتسلل الشتاء إلى أعطافه.. يتسلل البرد وقد يشتد في بعض نهاراته ولياليه .. لذلك يجدر بنا أن نتأهب لملاقاة البرد تأهبنا لعدو لا تأخذه بنا رأفة أو رحمة ..

    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اتقوا البرد في أوله، وتلقوه في آخره، فإنه يعمل في الأبدان كعمله في الأشجار، أوله يحرق وآخره يورق

    البرد عدو ذكي سهل دخوله في الجسم صعب خروجه، وخاصة لكبار السن وأيضا حضرات المدخنين الذين يهيّج الدخان قصباتهم الحساسة فيظلون في معاناة شديدة مع نوبات من السعال تسلّ صحتهم وتعكر صفوهم وصفو من حولهم.. وقد لا يخرج إلا بخروج الشتاء


    ولطالما كانت تهزني وأحب أن أسمعها كلمات أغنية فيروز.. ورقو الأصفر رجع أيلول..

    ورقو الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك

    ذكّرني وورقو ذهب مشغول ذكّرني فيك

    رجع أيلول وإنتَ بعيد بغيمة حزينة قمرها وحيد

    بصير يبكيني شتي أيلول تأبكي عليك يا حبيبي

    ليالي شتي أيلول تشبه عنيي عنيي

    يا ريت الريح إذا إنت نسيت حبيبي بأول الخريف وما جيت

    ينساها الحور وقمرها يغيب وليلا يطول

    ونبقى حبيبي غريبة وغريب أنا وأيلول


    وقد قرأت هذه الكلمات الجميلة التي جاشت بها نفس الأستاذ أنور الوريدي في مدونته، فلامست شغاف قلبي وشعرت أنها تعبر عن كثير من حبي لأيلول .. كلمات شفيفة جميلة..

    يقول الأستاذ أنور الوريدي:

    كلمات رائقة الحسن جميلة المعاني تختزن المشاعر، وتتماهى

    مع لحن جميل لذيذ يشيع البهجة في النفوس التى جفت مع أيلول وينثر رذاذ الماء على صحراء القلوب، وصوت ملائكي ليس له من نديد، وإحساس فيروزي مدهش.

    كل العناصر اجتمعت في هذه الأغنية لتجعل أيلول الكئيب شهر الشاعرية والرومانسية والجمال.

    لقد استطاعت هذه الأغنية أن ترينا في أيلول ما لم نكن نراه ولا نلمسه ولا نحسه.


    وها هو أيلول عاد بكل صخبه وذكرياته وصهيله، ودعوني أقول وجماله الذي كنا عنه غافلين قبل هذه الأغنية التي دوّت كالقنبلة في بداية الثمانينيّات من القرن الماضي. فلنرحّب بأيلول ونغني مع فيروز: ورقو الأصفر.


  14. #34
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    ما أجمل الذكريات التي نسجتها شاعرنا المبدع / عبد الواسع
    أترقب البقية بشوق ..
    تقديري

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  15. #35
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    رائع أنت أستاذنا الأديب نايف
    ورائعة هي ذكرياتك التي تشعل في الروح الأمل والفائدة
    أترقب المزيد من نبض مداد وذكرياتك
    بشوق .. تقديري

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  16. #36
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    أتذكر كيف كنت انطوائية وأعشق الرسم كثيرا
    لدرجة أنني كنت فنانة في رسم الخلفيات على الحائط والجدران
    وفي يوم ما قمت برسم منظر طبيعي جدا خلاب
    جزيرة والأمواج تتلاطم على صخور شواطئها ونخيلها يتمايل بفعل الرياح
    وطيور النورس تحلق هنا وهناك .

    كان أحد أقاربنا يسخر مني كلما رأني أرسم ويقول : الجنون فنون !
    وفي يوم ما جاء أحد أصدقاء والدي من مدينة الرياض
    عندما ولج لمدخل منزلنا القديم جذبته المناظر المرسومة فقال لوالدي : بكم كلفك هذا العمل ؟
    ومن قام به ؟
    فضحك والدي قائلا : إنها صغرى البنات تطلب مني علب الطلاء وتقوم بالرسم بالريشة والألوان ..

    راج سوقي كل من أراد رسم على الحائط نادى علي
    حتى أن إحدى المدارس الخيرية في مكة طلبت مني ذلك فقمت بالرسم على جدرانها

    هذا العمل الرائع الذي كنت أجد سعادتي فيه كان سبب في معاناتي المستمرة الآن من حساسية الصدر
    فألوان الطلاء كان لها أثر سيء علي ..

    فمنعت حينها من استخدام الطلاء إلى يومنا هذا ..
    ومكثت أرسم على الورق وتغريني الريشة والألوان ..

    ولكن مع مرور الوقت شعرت بالعزوف والزهد عن هذه الهواية لا أعرف ما السبب ؟
    حتى أن كثيرا من الهوايات والمهارات لدي بدأت بالانطفاء وبعضها انطفأت ..

    أصبحت ميولي تتجه نحو البحث والقراءة والأعمال المكتبية
    ورغم ذلك تأسرني المناظر الجميلة ، وتسحرني بروعتها وبهائها
    حتى أنها توقظ عشقي القديم فأمسك بالريشة وأداعب الألوان بلا وعي مني .. !

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  17. #37
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أسعد الله مساءكم بكل خير

    دخلنا في الصباح من حيث ندري ولا ندري ..

    ألبوم الذكريات .. الزاوية للرفع بهذه الذكريات .. جزء منها في الجامعة .. على مدرج سمير الرفاعي .. مقدمة والبقية خاص بالنشر الذي قد يرى النور في سيرتي الذاتية مطبوعا على الورق إن شاء الله ..


    على مدرج سمير الرفاعي ..

    بعد عودتي من القاهرة واستيئاسي من الحصول على مقعد في كلية الطب أو الهندسة، سجلت في كلية الأداب لأتخصص باللغة الإنجليزية التي كان مستواي فيها من ناحية أكاديمية ممتازا، وقلت إن فاتني الطب أو فاتتني الهندسة فسأعوض ذلك بإكمال دراستي العليا في قسم اللغة الإنجليزية بعد الحصول على البكالوريوس .. وكان ذلك في العام الدراسي الجامعي 1976/1977 والتسجيل يقتضي أخذ مواد متطلب كلية ومنها لغة1 وفي الفصل الثاني لغة2 وكان من المفارقات التي جمعتني في مادة لغة 1 أن الأستاذة زينب محمد رسول الكيلاني ابنة مدير المؤسسة الأمنية الراحل محمد رسول الكيلاني والتي عملت فيما بعد أيضا في مدارس الكلية العلمية الإسلامية وكانت تلميذة نجيبة ومؤدبة غاية الأدب، وهي شقيقة التلميذ الذي علمته في مدارس الكلية العلمية الإسلامية والذي كان يشغب عليّ، وحصلت بيني وبينه عدة مشادات ومع والده في غرفة المرحوم الأستاذ أنور الحناوي حديثا ساخنا وجدلا صاخبا أشرت إليه في ذكرياتي في مدارس الكلية العلمية الإسلامية.
    وكان ممن درس معي مادة لغة1 أو لغة2 أيضًا السيدة خولة عودة عقيلة وزير الإعلام الأردني عدنان أبو عودة، والذي أصبح فيما بعد رئيسا للديون الملكي في عهد الملك الراحل حسين وقد كانت سيدة فاضلة، وهادئة والجدير بالذكر أن آل أبو عودة هي عائلة فلسطينية من مدينة نابلس.. وهي تعتز بأصولها الفلسطينية ولا تتنكر لها على الرغم من تبوؤ السيد عدنان أبو عودة مراكز متقدمة في النظام وتمثيله والإخلاص للقصر .. على العكس من عائلة تنكرت لأصولها وكأن الأوطان تمنح الإنسان حسن سلوك على الرغم من سوء سلوكه ورحم الله سيدنا سلمان الفارسي الذي قال: إن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا وإنما يقدس المرءَ عملُه.

    أيام الجامعة كانت تمور بالنشاط السياسي المعارض، وكان نشاطي يتوزع ما بين توزيع المنشوريات السياسية التي تحمل تحليلات سياسية لما يدور في المنطقة من أحداث ومؤامرات فضلا عن نشرات فكرية كان الهدف منها الوقوف على معالجات فكرية وأحكام شرعية لأهم قضايا العصر لحزب يسعى لتحقيق القوامة الفكرية في الأمة ويسعى لبناء وعي عام فيها ينبثق عنه رأي عام يهيئه للوصول إلى الحكم عن طريق مراكز القوة في الأمة وهي الجيش وزعماء القبائل والحصول على نصرة الشخصيات السياسية القوية في الوسط السياسي لعمله الذي يسعى من خلاله استئناف الحياة الإسلامية التي توقفت بغروب شمس الخلافة الإسلامية التي قضى عليها مجرم العصر مصطفى أتاتورك بتآمر غربي وبريطاني على وجه الخصوص..

    عشت أيامي في الجامعة على صفيح ساخن، ومما يستحق الذكر والوقوف عنده ذلك الحادث الذي على الأغلب شغل القصر والرأي العام والأجهزة الأمنية بالتأكيد، وهو البيان السياسي الذي ألقيته على مدرج سمير الرفاعي الذي يعد معقل النشاط الجامعي الفكري والفني والسياسي.
    .................................................. ......

    .................................................. .....

    .................................................. ....


    وجزء آخر .. حب سلبي(أيام الجامعة) .. حلقة دامية تستحق الوقوف وستكون خاصة أيضا بالنشر في السيرة الذاتية مطبوعة إن قدر لها أن ترى النور ..

    التعديل الأخير تم بواسطة نايف ذوابه ; 10/02/2012 الساعة 01:12 AM
    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  18. #38
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    فصل من سيرتي الذاتية في مدارس العروبة

    هي الذكريات منقوشة على صفحة القلب والوجدان.. حية كما لو كانت بالأمس القريب على الرغم من مرور عقدين ونيف عليها.. ما أصعب أن تعيش حياتك تترنّح على حبل مشدود أو تسير على حدّ السّكين وأقدامك تنزف دمًا.. لا تعرف الراحة ولا يجد السكون ولا السكينة إلى حياتك سبيلا، مع أنك نشدتك السكينة بالزواج ولكن هيهات لمن تعود أن يعيش على وقع الأحداث وصليل التصريحات في منطقة هي قلب العالم النابض، ومقصد كل القوى الدولية الطامعة بالمنطقة من ثروات ومقدسات وممرات استراتيجية.. فضلا عن قصد غزوها وتغيير ملامحها الحضارية حتى لا تعود إلى مكان القيادة لاستئناف دورها الحضاري.. تغزو ولا تُغزى وتعطي ولا تأخذ وتضيء الدنيا بهديها وسمت شخصيتها.

    بعد استقالتي من الكلية العلمية الإسلامية، في منتصف آذار عام 1989 حصلت على توفيري من الكلية، وقد كان كافيًا لترتيب أوضاعي حتى نهاية العام الدراسي الذي ينتهي عادة في مطلع الصيف في حزيران من كل عام..
    وخلال هذه الفترة لم يكن بد من أن أعمل، واخترت بالصدفة التي لم تكن على ميعاد معي، اخترت أقوم بشراء خرفان وسخول لتسمينها مستفيدًا من خبرتي في مرحلة الطفولة الأولى في رعاية هذه الكائنات اللطيفة التي تستجيب في كثير من الأحيان لمن يرعاها ويشعرها بصدق الرعاية وحسنها استجابة تبهر من يمارس هذه المهنة ومن تنتقل إليه التجربة عبر هذه السطور.. وكانت شهورا لم تخل من عناء وعنت؛ فقد كانت تستلزم النهوض مبكرًا والخروج قبل أذان الفجر أو بعده بقليل لإدراك سوق الحلال في عز ازدهاره في يومه، وقبل أن تتوسط الشمس كبد السماء لاهبة؛ فأعود بما استطعت أن أشتريه من السوق وأحمله إلى مدينة الرصيفة في الجبل الشمالي حيث الحظيرة التي يمتلكها جزار في المنطقة، كانت تجربة غنية لم أحقق فيها ربحًًا ولم أخسر سوى جهدي وثمن البنزين الذي استهلكته السيارة روحة وجيئة إلى سحاب حيث سوق الحلال ثم إلى الرصيفة حيث الحظيرة.. كانت تجربة عرّفتني كيف تدور العلاقات التجارية والذمم المالية بين تجار الحلال وأنا التاجر الغر الذي دخل السوق مسلّحًا بحسن الظن والإرادة الصادقة بالعمل المستقيم والنزيه .. وقد حصلت شراكة بيني وبين الجزار وتاجر مشاة بقطيع من الغنم اشتريناه من مكان ما في عمان من أحد أصحاب الغنم، وقد سريت له قبل آذان الفجر، واشترينا غنمًا بنحو خمسة آلاف دولار دفعتها أنا بعد أن استدنتها من أحد أبناء عمومتي، وكان الموسم موسم عيد؛ فقد بعنا الغنم إلى تاجر يصدر الخرفان إلى السعودية لتكون أضحيات للحجاج، ولما تمت الصفقة سألت شريكي الثالث الذي سمسر على شراء القطيع عن ثمن ما بعناه، فأخبرني بأنه لم يقبض شيئا وأنه لا بد أن ينتظر حتى ينتهي موسم الأضاحي ليقبض من التاجر الذي اشترى القطيع، فطلبت منه إيصالا بالمبلغ فرفض، متعللا بأن التجارة في السوق تجري بلا إيصالات ولا وثائق.. على الثقة كما يدعي. وهنا وقعت الفأس بالرأس وقلت: أي مصيبة وقعت فيها لا إيصال ولا شهود ولا ما يحزنون.. فحزنت وتوجست خيفة .. هؤلاء أناس لا يعرفون الحلال والحرام وضرورة توثيق الدين وأن الدنيا حياة وموت فكيف يسترد أهلي ثمن الحلال لو قضى الله أمرًا كان مفعولاً، وممن أطلب ثمن الحلال فيما لو قضى أمر الله ومات هذا التاجر .. وأصررت على شريكي الجزار أن يعطيني إيصالاً بالمبلغ؛ فهو الذي عرّفني بالتاجر، وطلبت أن يقسط لي المبلغ؛ على أن أتنازل عن نصيبي في الربح من الصفقة فوافق حالا، وهكذا فإن هذه التجارة كان المستفيد الأول منها الجزار الذي أمّن نفسه بأعداد كبيرة من الخرفان لموسم الأضحى ناهيك عن الصفقة التي حقق منها أرباحا لم أتحر عنها ولم أسأل فقد كان استرداد رأس المال أكبر طموح وأغلى أمنية.. وكان ما كان..
    في شهر تموز حملتني قدماي المترددتان إلى مدارس العروبة الثانوية التي كانت حديثة عهد بتأسيس إثر قراءتي لإعلان طلب مدرسين للغة العربية.
    كانت مقابلة قصيرة ومختصرة؛ فسيرتي الذاتية وخبرتي قدمتاني دون أن أتحدث كثيرا مع الأستاذ فهمي ربيحات مدير عام المدارس ذلك العام، والذي قابلني بترحاب واحترام كبيرين.. وكأنه يعرف بعض قصتي وسبب استقالتي من مدارس الكلية العلمية الإسلامية، وبادرني بلهجة حميمة: أهلا وسهلا بك يا أستاذ في مدارس العروبة .. نحن نريدك يا أستاذ أن تعمل معنا .. نقدر أهليتك وكفاءك ونعرفك تمام المعرفة؛ فشهرتك قد سبقتك.. أستاذ نريدك في القسم الثانوي وهذا هو عرضنا لك .. فاعترضت على الراتب فقال لي: اطلب يا أستاذ لن نختلف.. فزدت على الراتب زيادة معقولة؛ فأنا أعرف أن هذه المدارس لا قبل لها بمنافسة عرض الكلية العلمية الإسلامية، المؤسسة الضخمة ذات الإمكانيات الكبيرة والمدعومة أيضا من القصر الذي يعفيها من الرسوم الجمركية على حافلاتها. وافق الأستاذ فهمي حالا على ما طلبت ووقعنا العقد في زمن قياسي .. وكانت لعبارة الأستاذ فهمي ربيحات التي قلد فيها الكلية العلمية الإسلامية وسامًا أبلغ الأثر في نفسي، لقد قال: لو لم يكن للكلية العلمية الإسلامية من فضل سوى الوقوف في وجه المدارس المسيحية كالفرير ودي لاسال والأرثوذكسية.. التي تحاول علمنة التعليم في بلادنا لكفاها فخرًا...
    كانت الإدارة العامة للمدرسة التي يرأسها الأستاذ فهمي الربيحات تحيطني باحترام كبير وتقدير أكبر، كانوا يلحظون إخلاصي في العمل وحرصي على المدرسة وسمعتها، لذلك كان لقاؤهم لي في معظم الأحيان دافئا وحميميًّا.. ومنهم الأستاذ فارس الحواري والأستاذ جمال أبو صاع والأستاذ نعيم دحبور .. وكان المدير المباشر للمدرسة الأستاذ عبد الله الديلواني أبو رامي ابن عتيل البار، ووالد الصحفي والإعلامي تليمذي النجيب طارق الديلواني مدير مركز الصوت الإخباري على الشبكة العنكبوتية.
    حين كنت مناوبا في اليوم المخصص لي كنت أحرص على أن يكون الحرم المدرسي مهيبًا يليق بمدرسة أعمل فيها وأنتمي إليها، ولم أكن أسمح للفوضى أو اختراق هيبة المدرسة ببعض الممارسات أن تحصل.. وكان من ذلك بعدما تناهي لي أن بعض الطلاب يدخن في زاوية من زوايا الساحة أثناء الفسحة، فكنت أحرص على التواجد فيها وأشعر الطلاب بأن مدرستكم هي أنتم ولا ينبغي أن تسمحوا أن يُعرف عنها بأن طلابها يدخنون في حرمها؛ لأن ذلك مسّ بسمعة المدرسة وسمعة مدرسيها، لذلك كان يوم مناوبتي يومًا صعبًا وقاسيًا، عليّ وعلى الطلاب الذين اعتادوا على التدخين في مناوبات أخرى للمعلمين الذين لم يكن يهمهم في قليل أو كثير سمعة المدرسة وسمعتهم، بقدر ما يهمهم رضا الطلاب عنهم وعدم تشويشهم عليهم في الحصص. ولعل حرصي هذا وتفانيّ في ذلك كان يصل إلى مسامع الإدارة دون أن أدري، وقد يكون قد تسرب إلى الأهالي أيضا، ولهذا كانت إدارة المدرسة تحترم ذلك فيّ، دون أن تتحدث عن ذلك مباشرة؛ لكنها تحدثت عنه في قابل الأيام بالأفعال لا بالأقوال ..
    لي ذكريات في مدارس العروبة، وهي استمرار لعلاقتي مع أبناء النافذين؛ فمدارس العروبة الثانوية هي مدارس خاصة توفر تعليمًا متميزًا للطلاب والطالبات، وقامت بائتلاف من نخبة من المعلمين المتميزين على مستوى المملكة هم الأساتذة فهمي ربيحات وفارس حواري ونعيم دحبور، فلذلك كانت مقصدًا لأهالي الطلاب الميسورين، وكذلك للمتنفذين من أبناء المؤسسة الأمنية وغيرها من المؤسسات الهامة في البلد، وكان للمدرسة علاقة خاصة بالأميرة بسمة بنت طلال شقيقة الملك الراحل حسين والد عاهل الأردن الحالي الملك عبد الله الثاني.
    من الطلاب الذين علمتهم فيها كان الطالب خالد الفراية ابن نائب مدير المخابرات العامة الجنرال محمد قاسم فراية، وكان -والحق يقال- طالبًا مؤدبًا، لا تشعر بأنه يستغل منصب أبيه تسلّطًا على المعلمين أو حتى الطلاب ..

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  19. #39
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    ومن الطلاب الذين علمتهم كان ابن اللواء الشوبكي محافظ مدينة الزرقاء الأردنية، وكان معتدا بسلطان أبيه، ويبدو أن لذلك كان تأثير على الإدارة؛ فقد رسب في مادة اللغة العربية في الصف الأول الثانوي، وفوجئت به في العام التالي قد أصبح في الثاني الثانوي ولا أدري كيف نحج واجتاز المادة.
    يبدو أنه شعر أنني لا أقيم وزنًا لأبناء المتنفذين فأراد أن يمتحن إرادتي وصبري وصمودي في وجه سلطة أصحاب السلطة؛ فكان ما كان في يوم رمضاني في الحصة الأخيرة في يوم من أيام رمضان، وكانت الحصة في مادة تاريخ الأدب.
    كعادتي بدأت حصتي وأجواء الصيام ترخي بظلالها على الأستاذ والطلاب من حيث الشعور بالاجهاد في نهاية يوم دراسي، وأنا بطبعي جادّ لا أسمح للحصة أن تضيع وسط ثرثرة الطلاب واستهتارهم؛ فأنا لم أكن أسمح لنفسي أن أرشو الطلاب بتضييع حصة عليهم خطبًا لودهم وتخفيفًا عنهم بتضييع حصة من حصص المقرر الدراسي.
    وبينما كنت أشرح وأراوح بين مواجهة الطلاب والكتابة على السبورة إذا صوت بعيد يحتج عليّ: إيييييييييييييييييي .. فاستدرت وقلت بلهجة هادئة: اللهم إني صائم. واستمررت بالشرح وعدت للسبورة ألخص ما شرحت فصدر صوت آخر أصبح قريبا:أوووووووووووووووو.. فاستدرت وقلت: المحترم الذي يحتج عليّ بودي لو أنه رجل ويحدثني مباشرة وينقل لي احتجاجه .. تصرف كرجل ولا تكن جبانًا..!! ولاحظت طالبًا انتقل من مكان إلى مكان، فخمنت أن يكون هو من يصدر الصوت، وتكرر المشهد ثالثة: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه.. ورأيت الطالب قد أصبح في مقدمة الفصل، فتيقنت أنه هو الذي أصدر الصوت؛ لأن الصوت أصبح قريبًا جدًّا ..
    فاقتربت منه وقلت له: هي طويلة معاك!! تعال، وحصلت مشادة معه، تخللها بعض ما لا أريده ولا أقبله في علاقتي مع طالب، لكنه تجاوز حدوده واستغل أجواء الصيام الروحية للشغب ومحاولة تسفيه الحصة والأستاذ الذي يقودها .. وحضر مدير المدرسة الأستاذ عبد الله الديلواني الذي كان مكتبه قريبا من غرفة الصف، وقال لي: والله يا أستاذ أنا متابعك من أول صوت أصدره هذا الطالب.. وأخذ الطالب معه، ومضيت في حصتي حتى دق الجرس مؤذنا بنهاية الحصة ونهاية اليوم الدراسي.
    عدت إلى بيتي ولم أعر الأمر اهتمامًا كبيرًا؛ فهو من مألوف أيامنا العادية ولكن الفرق أن ما حصل مع ابن من أبناء المتنفذين.
    قبل أذان المغرب بقليل دق جرس الهاتف فهرعت لأرد على المتصل، فإذا الأستاذ فهمي ربيحات مدير عام المدارس على الخط، وبعد سلام قصير وتحية، سألني عما جرى بيني وبين الطالب المذكور فسردت له القصة، ولم يعقب ببنت شفة سوى أنه شكرني، وانتهت المكالمة.
    مضت أيام على الحادثة، وربما مضى نحو شهر ونصف عليها، وبينما أنا في ساحة المدرسة في يوم من الأيام؛ إذ أحد سائقي الباصات يستوقفني محيّيًا ويقول لي: هل دريت يا أستاذ نايف بما جرى في قصة الطالب الشوبكي؟ فقلت له: لا، أبدا .. لا أدري، فقط اتصل الأستاذ فهمي ربيحات وسألني عما جرى بيني وبين الطالب، فأخبرته بما حصل.. فقال سائق الحافلة: يا أستاذ، الطالب الشوبكي أخذه أبوه إلى مستشفى المدينة الطبية العسكري وتحصّل على تقرير طبي، وكان فحوى التقرير كافيًا لسجنك!! لقد علمنا بالأمر، وذهبنا إلى بيت اللواء الشوبكي محافظ مدينة الزرقاء بعد الإفطار ومكثنا حتى منتصف الليل ونحن نبحث عن بيته حتى اهتدينا وقام الأساتذة أصحاب المدارس باحتواء الموضوع، ومن مفارقات اللقاء أنه بعد أن صار صافي يا لبن سأل أحد الأساتذة الطالب في جو من المرح والمزاح: بالله عليك يا(...) الحق عليك أم على الأستاذ؟! فقال الطالب ضاحكًا: والله أنا غلبت الأستاذ..!!
    لقد تصرف معي أصحاب المدرسة بأسلوب حضاري محترم. فهم لم يستدعوني ولم يلوموني، بل لم يمنوا عليّ بما قاموا به من احتواء الموقف.. إنه موقف نبيل عظيم يستحق الإشادة والشكر، ويعبر بأبلغ ما يكون أنهم أناس تربويون يحترمون المعلم ويقدرون كفاءته وإخلاصه .. وهكذا كان؛ فقد عبروا بالأفعال البليغة عن تقديرهم لإخلاصي في العمل معهم.
    أما الحادثة الثانية التي تستحق الوقوف أثناء عملي في مدارس العروبة فهي ذلك الحادث الذي حصل أثناء إلقائي لكلمة الصباح التوجيهية وكان ذلك قد وافى حرب الخليج الثانية وتداعي القوى الغربية ومعها دول عربية معتدلة وحتى ما سمي بالممانعة بالحرب على العراق ومهاجمة قواته التي احتلت الكويت..
    كانت وجهة نظري في البداية أن عمل العراق عمل وحدوي بضم الكويت إلى العراق، وكنت أنوه بأن الوحدة مطلب الأمة؛ لأن الشعور بالوحدة جزء من شخصيتها الحضارية؛ فهي أمة من دون الناس، الإسلام عقيدتها، وقيادتها الفكرية في الحياة ولا بد أن تتوحد .. ولكن للأسف فقد مارس صدام وجيشه وضباطه أسوأ ما يسيء إلى الوحدة وأسوأ ما يتوقعه إنسان من أخ مع أخيه.. كانت عملية غزو الكويت عملا ثأريًّا انتقاميا دنيئا على الصعيد السياسي، ولم تكن عملا وحدويًّا ساميًا بأي اعتبار، ولهذا كان نصيبه الإخفاق المدوي الذي أدى إلى غزو المنطقة من القوى الغربية لتحط رحالها في المنطقة.. كنت ألقي كلمتي وأنا منفعل ومتوهج غاية التوهج أخاطب ضباط الجيوش الكسيحة التي تتفرج على حرق الجيش العراقي ودفن جنوده وضباطه أحياء تحت الرمال .. وأنعى على القيادة العراقية الجاهلة وغير المخلصة عملها .. كان خطابًا عنيفًا ومجلجلا يحرق الوجدان، وفيما كنت ألقي كلمتي، انقطع صوت الميكرفون فجأة، ولكنني استمررت في الخطاب حتى انتهيت ..
    وفي يوم من الأيام التقاني الأستاذ فارس حواري، وكان معجبا بأدائي في رعاية النشاط الصباحي، ومستوى جودته.. بادرني قائلا: هل تعلم ماذا حصل يا أستاذ نايف وأنت تلقي كلمتك حين انقطع البث الإذاعي؟ فقلت له: لا أدري.. المهم أنني استمررت ولم أتوقف وصوتي الجهوري كان كافيا لإيصال كلمتي إلى مسامع الطلاب.. فقال الأستاذ فارس: يا أستاذ، لقد انفجرت السماعات من هدير صوتك، لم تحتمل ترددات صوتك .. !!
    ومن الجدير بالذكر أنني وفي هذه الفترة التي كانت عليها الأوضاع في المنطقة تعيش على صفيح ساخن، كنت قد ألقيت بعض الخطب في مسجد زيد بن ثابت في منطقة وادي الحدادة بالنيابة عن أحد الإخوة الذين كانت تكلفهم الوزارة بالخطابة رسميًّا، وفي يوم جمعة من الجمع العصيبة التي شهدت تدمير الجيش العراقي في الكويت ومقتل آلاف العراقيين متفحمين في دباباتهم أو مدفونين تحت الأرض خطبت خطبة أنحيت باللائمة والتوبيخ على صدام حسين نفسه الذي خاض معركة في غير أوانها ومكانها والذي خاضها لغير وجه الله، فكانت هذه الهزيمة المدويّة التي سقطت إثرها المنطقة تحت أقدام الغزاة، وفيما كنت أخطب وقد مضى نحو نصف ساعة على خطبتي الملتهبة وقف أحد الأعيان من أهل المنطقة، شاكيًا من طول الخطبة والطلب مني أن أنهي الخطبة، وكان موقفا تحريضيًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وتحدّيًا كبيرًا لي، لكنني واجهته برباطة جأش، واستمررت في خطبتي حتى النهاية وكأنني لم أسمع ولم أر، ولقد علمت أن احتجاجًا مماثلاً حصل مع أستاذ جامعي في خطبة جمعة مماثلة، قام الناس فيه بإنزال الخطيب عن المنبر والاعتداء عليه ..
    حين تكون لهجتك صادقة، لا تخطئ العين ولا القلب ولا الأذن أنك تحترق من أجل أمتك وبني جلدتك، وما دمت صادقًا مخلصًا فإن الله يرعاك وتحرسك ملائكته .. وما خرج من القلب وقع في القلب ..
    كانت الإدارة العامة للمخابرات قد أرسلت خطابا لي بمراجعتها بعد شهرين من بدء العام الدراسي .. يعني في شهر في نوفمبر، ولكنني لم أراجعها، ولم أكن لأتردد في عدم مراجعتها قرارًا عن سبق إصرار؛ لثقتي ويقيني أنني لن ألقى لو راجعتهم غير الحجز والإهانة والتهديد والوعيد، لذلك اختصرت ذلك ولم أراجع .. ويبدو أن إدارة المخابرات أدركت إصراري على عدم مراجعتهم فأرسلت خطابًا ثانيًا موقعًا باسم مدير دائرة المخابرات العامة نفسه يطلب من المدرسة فصلي من العمل وتبليغ الدائرة تاريخ الفصل حالا، ويبدو أن إدارة المدرسة قد أجّلت تبليغي بقرار دائرة المخابرات العامة حتى ينتهي الفصل الدراسي الأول خشية أن أترك العمل، وحتى لا يتأثر أدائي من أجواء الترقب والحزم والتهديد التي يفيدها خطاب الدائرة؛ فأجّلت تبليغي بالخطاب حتى نهاية الفصل الدراسي الأول وكان ما كان..
    وفعلا استدعاني الأستاذ عبد الله الديلواني مدير المدرسة إلى مكتبه، وأغلق الباب وكان يبدو عليه القلق والحيرة والتردّد.. وقد أدركت أن في الأمر شيئًا مريبًا، فقلت له مشجّعًا على الحديث وقد انعقد لسانه من الحرج..: تفضل يا أبا رامي، احكي احكي.. فقال لي: أستاذ نايف، وصلنا خطاب من دائرة المخابرات بفصلك من العمل..!! وكانت لهجته ممزوجة بحزن وأسف، فهدّأت من روعه وقلت له: يا أبا رامي، لا عليك، تعوّدنا على مثل هذه المفاجآت.. إن الرزق والأجل بيد الله .. لا تقلق يا أخي .. خلقَنا وتكفّل برزقنا.. سبحانه تكفل برزق النملة العمياء سخّر لها أخرى مبصرة لتنقل لها الطعام، وسخّر عصفورًا مبصرًا لرعاية فراخ عمياء فهل سينسانا الله من فضله.. حاشاه.. وردّدت على مسامعه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو توكلتم على الله حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير .. تغدو خماصًا وتروح بطانًا ..
    وقد شهد الأردن في هذه الفترة انتخابات نيابية؛ إثر ما عرف بثورة الخبز التي عمّت البلاد، وقد انتُخب برلمان جديد، وكان من أولى قراراته التي اتخذها هي إلغاء الموافقة الأمنية للتوظيف في المؤسسات الحكومية والخاصة، ولم يمض ثلاثة أسابيع على اللقاء الذي جرى بيني وبين مدير المدرسة الذي بلّغني بخبر فصلي من المدرسة وكانت فترة العطلة الشتوية وقبل أن يبدأ الفصل الثاني، إذ بجرس الهاتف يرن، فرددت فإذا بصوت إدارية من مدارس العروبة.. أستاذ نايف، مبروك مبروك، تفضل يا أستاذ بدنا تداوم الفصل الثاني. المخابرات لم يعد لها سلطة على المؤسسات التربوية، ولم تعد الموافقة الأمنية وحسن السلوك شرطًا في التوظيف..
    وعدت إلى المدرسة ... وعملت فيها ثلاث سنوات متتاليات في أجواء من الاحترام والتقدير.. حتى إن المدرسة في إحدى السنوات الثلاث والتي عرفت بسنة الثلاث أو الأربع ثلجات، صرفت لنا راتب شهر لم نداوم فيه يومًا واحدا بعد انتهاء العطلة النصف سنوية وزيادة في الاحترام والتقدير لمعلميها فقد صرفت لنا أجر الحصص الأضافية في هذا الشهر زيادة على الراتب..

    ولا يفوتني أن أخبركم أنني خلال العطلة الشتوية بين الفصلين أضفت خبرة جديدة في الحياة إلى خبراتي، فعملت بتجارة الملابس الأوروبية المستعملة؛ وكنت أشتري ما يسمى بالبقج(جمع بقجة وهي كمية منوعة من الملابس الشتوية متخصصة بالكنزات الصوفية) وأيضا لم أستفد في كثير أو قليل من هذه المهنة من ناحية مادية، إلا أنها عرّفتني على وسط اجتماعي ومهني جديد أثرت خبرتي في الحياة، وعمقت فهمي لأخلاق الناس وهمومهم وما يختلج في وجدانهم من الانشغال بلقمة العيش والأنانية والفردية التي تسيطر عليهم؛ فكل واحد يعيش لنفسه ويريد أن تجري رياح الحياة لصالحه، وكأنه المخلوق الوحيد على وجه الأرض.

    إنها قصة كفاح من أجل إثبات الوجود وعدم الاستسلام لسياسة الإذلال بلقمة العيش .. والقبول بمبدأ: أكل عيش ..

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  20. #40
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: ♥♥ ألبوم الذكـرياات ♥♥

    يالله رحلة كفاح ماتعة ومفيدة
    فيها الكثير من الإثارة والجمال وأكثر شيء راق لي فيها
    أنها تدخل القلب مباشرة ومشوقة إلى آخر كلمة فيها تمنيت لو لم تنتهِ
    ممكن طلب أستاذ نايف أرجو ما يزعجك
    إن وفقك الله وتيسر أمر كتابة رواية حياتك بمعية الكريم
    أريد نسخة من الكتاب
    ممكن ؟
    شاكرة لك أن موضوعي دوما ينبض بسيرتك الكريمة أستاذنا الأديب
    احترامي وتقديري

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •