العلاقة بين الرجل والمرأة تحكمها العدالة وليس المساواة المطلقة

آن الأوان لمراجعة كل القوانين الخاصة بالأسرة

"المجلس القومي للمرأة وللطفولة والأمومة" أذرع استخبارتية

حوار- شيماء جلهوم

المهندسة كاميليا حلمي اسم كانت صاحبته تعمل في صمت فرضه النظام المخلوع علي جميع القيادات الفكرية داخل جماعة الإخوان المسلمين وفي الوقت الذي كانت فيه لا يعلم عنها أحد داخل مصر كانت في خارجها تصول وتجول ويلمع نجمها في المنظمات الإسلامية الدولية حتي ارتقت لأعلي المناصب الدولية فهي تتولي منصب رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التابع للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة والذي يرأسه الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وهي منظمة حاصلة على العضوية الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.

"حرية دوت كوم" التقاها وأجرى معها هذا الحوار

باعتبارك رائدة من رائدات العمل النسائي الإسلامي ماهي خصوصية العمل الحقوقي بالنسبة للمرأة وكيف يتعامل معها الإسلام؟

يتعامل الإسلام مع المرأة وفقا لعدد من المبادئ التشريعية الخالدة.. أولها أنَّ العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تحكمها العدالة ولا تحكمها المساواة المطلقة، لأنَّ المساواة في غير مكانها: "ظلم يُرفع، وليس مزية تُطلب". ومبدأ العدالة يعني: المساواة في ما تجب فيه المساواة، والتفريق فيما يجب فيه التفريق؛ مراعاةً للفوارق الفطرية بين الرجل والمرأة، والتي لا يمكن التنكر لأثرها على اختصاص كل منهما بأدوار معينة دون الآخر.. مع تشاركهما في أدوار أخرى..

فهما يتساويان تماما في الكرامة الإنسانية، كما قال تعالى: }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} (آل عمران:195).. وهما سواء في الدِّين والتشريع: فيقول تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13)، كما يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُو َمُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النحل:97).

في حين يختلفان في الأدوار التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالتركيب الجسدي والنفسي لكل منهما.. فالرجل –مثلا- ليس مهيأً جسديا لمهمة الحمل والولادة والرضاعة، وكفاءته وقدراته على رعاية الأطفال هي أقل بكثير من كفاءة المرأة وقدراتها على أداء هذه المهمة؛ كما أن المرأة غير مطالبة بالشقاء من أجل الإنفاق على الزوج والأولاد، أو القتال في الحرب. وقد نصّ الله عز وجل على هذه الحقيقة في قوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم {وليس الذكر كالأنثى}؛ وقوله تعالى {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}، وهنا لفتة لطيفة، وهي أن الله - سبحانه وتعالى- لم يقل فتشقيا؛ وهو إشارة إلى أنَّ الشقاء في طلب الرزق وإصلاح المعاش هو من- حيث الأصل- من نصيب الرجل دون المرأة.

وهو ما يعني أنّ العلاقة بين وظيفة كل منهما هي: التكامل لا التنافس، وهذا ما أثبته علمياً د.إلكسس كاريل في كتابه: (الإنسان ذلك المجهول) حيث بيّن أنَّ من ظُلم المرأة محاولة التغرير بها للمطالبة بحقوق ليست لها، وتكليفها بواجبات ليست عليها.

صدرت عن هيئة الأمم المتحدة اتفاقيات عدة للمرأة والطفل، تتعارض في مضمونها مع الثقافة المحافظة والسائدة في المجتمعات الشرقية وبالأخص اتفاقية ( سيداو).. فما هو موقف مصر من تلك الاتفاقيات؟

لقد انضمت مصر منذ ثلاثين عاما إلى اتفاقية دولية أصدرتها هيئة الأمم المتحدة تحت عنوان "اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)"، وهي اتفاقية تتحكم في أدق تفاصيل وخصوصيات العلاقة الزوجية، حيث تلغي تماما قوامة الرجل في الأسرة بكل ما يستتبعها من تشريعات، وبتطبيق تلك الاتفاقية، يتوجب على الحكومة سن قانون يلزم المرأة بالإنفاق على أسرتها مناصفة مع الرجل، كما يلغى شرط الولاية في الزواج، بدعوى المساواة بين الذكر والأنثى!! أي أن تتزوج الفتاة من تشاء بغير موافقة الأب. كما يتوجب -وفقا لمبدأ التساوي المطلق بين المرأة والرجل الذي تقوم عليه الاتفاقية- تعديل كل القوانين بحيث يتم التساوي في المواريث، وفي الزواج، وفي الطلاق وفي كل أحكام الأسرة وتشريعاتها، ومن ثم تنطلق مركب الأسرة في خضم بحر الحياة بلا ربّان.. فيكون مصيرها الغرق المحتوم!

هل يعلم المصريون، أن مصر منضمة لاتفاقية دولية للطفل (CRC) Convention on the Rights of the Child ، وهي اتفاقية تسمح للطفل باختيار الأسرة التي يفضل أن يقيم لديها؟ وأن الإنسان يظل طفلا حتى يكمل الثامنة عشر من عمره؟ ولا يحق لأي من الوالدين أن يتدخلا في حياة "طفلهما" وإلا كان الخط الساخن هو السبيل لإيقافهما عند حد النصح غير الملزِم!!

هل يعلم المصريون أنهم مضطرون إلى تقبل الشواذ والإحسان إليهم ومعاملتهم كأحسن ما يكون، وفقا لتلك الاتفاقيات؟؟ ناهيك عن إباحة التبني وهو محرم بنص الشريعة الإسلامية تحريما قاطعا!

جليٌّ أن الانضمام إلى تلك الاتفاقيات تم في غفلة من الشعب، فمن منا سمع من قبل عن اتفاقية سيداو، أو اتفاقية حقوق الطفل الدولية؟ ناهيك عن قراءتها والتعرف على كافة تفاصيلها؟! ألم يكن من حقنا كمواطنين في هذا البلد أن نُستَفتى في شأن مثل تلك الاتفاقيات التي تتحكم في أدق تفاصيل حياتنا وعلاقاتنا الأسرية؟ وطالما لم يتم ذلك وقت التوقيع عليها، فمن حقنا كشعب يعتز بهويته، ودينه، أن نطلع على تلك الاتفاقيات، ثم تكون لنا الكلمة الأولى والأخيرة بشأن قبول أو عدم قبول أي من بنودها.

- كيف ينظر حزب الحرية والعدالة إلى المجلس القومي للمرأة الذي بهت دوره واختفت نساؤه باختفاء الهانم وإسقاط النظام ؟

كي نفهم طبيعة عمل ذلك المجلس، نحتاج لمعرفة أصل نشأته؛ ما لا يعلمه الكثيرون، أنه في عام 2000، وخلال انعقاد مؤتمر بكين+5 (وهو مؤتمر عقدته لجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة لمتابعة الحكومات في تطبيقها لوثيقة بكين الصادرة عام 1995)، صدر عن المؤتمر توجها لدول العالم (مع التركيز على دول العالم الثالث) بتأسيس "آليات وطنية National Machineries" متمثلة في مجالس وطنية للمرأة، لتكون بمثابة آليات لتطبيق الاتفاقيات الدولية للمرأة والطفل التي أصدرتها الأمم المتحدة، وانضمت إليها معظم دول العالم.

وتتشابه تلك المجالس في الهيكل والشكل والوظيفة، فرئيسة المجلس هي زوجة الحاكم – السيدة الأولى- والمجلس نفسه يكون تابع بشكل مباشر للحاكم (رئيسا كان أو ملكا أو أميرا للبلاد) حتى تكون قراراته نافذة وسريعة التطبيق. وبناء عليه تم تأسيس المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر، أسوة بمثيليهما في باقي دول العالم الثالث.

وقد أخذ “المجلس القومي للمرأة”- برئاسة زوجة رئيس مصر المخلوع- على عاتقه مهمة تغيير قوانين الأحوال الشخصية المصرية لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية، مع تجاهل كل الاعتراضات التي أبداها العلماء المتخصصون، أمثال أعضاء مجمع البحوث بالأزهر الشريف، وعدد من المفكرين، ومسئولي المنظمات الإسلامية المعنية بشئون الأسرة والمرأة والطفل.

كما “تولى المجلس القومي للأمومة والطفولة”، إدماج الاتفاقيات الدولية المعنية بالطفل والوثائق ذات الصلة ضمن قانون الطفل المصري لعام 2007 وذلك في المادة الأولى منه. وهو أمر شديد الخطورة، إذ طالبت وثيقة "عالم جدير بالأطفال" –باعتبارها وثيقة آليات وسياسات لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل الدولية، وهي مشمولة ضمن "الوثائق ذات الصلة" التي نص عليها القانون الجديد- طالبت بضرورة توفير خدمات الصحة الإنجابية لكل الأفراد من كل الأعمار، والتي تشتمل على تدريب الأطفال والمراهقين على استخدام وسائل منع الحمل، وتوفير تلك الوسائل لهم، ثم الحث على إباحة الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه، وتقييد سلطة الآباء التربوية نحو الأطفال تحت مسمى "منع العنف ضد الطفل".

وكان ذلك كله يواجه بالرفض الشديد من مختلف طوائف الشعب وبخاصة القانونيين منهم، كما عارضت الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين تلك القوانين بكل قوة، ولكن كما جرت العادة في تلك الحقبة، كان يتم قمع تلك المعارضة عبر أغلبية الحزب الوطني الجاهزة بالموافقة في مجلس الشعب، ثم تمرير كل التعديلات.

كما كان من أدوار هذين المجلسين، تقديم تقارير عن المجتمع المصري إلى هيئة الأمم المتحدة، والتي كانت تقوم بدورها من خلال تلك التقارير بمتابعة تطبيق الاتفاقيات داخل بلادنا متابعة حثيثة ودقيقة، ومساءلة الحكومة عن أي تباطؤ أو تلكؤ في التطبيق.

لذا يتوجب إلغاء هذين المجلسين، وإنشاء مجلس وطني للأسرة، تكون مهمته الأساسية العمل على إصلاح الأسرة، والحفاظ عليها، ومعاونتها على أن تسترد عافيتها حرصا على الأجيال القادمة، والتي افتقدت بشكل كبير الأمان والمناخ التربوي الصحيح الذي توفره الأسرة السوية لأطفالها.

ما رأيك في التخوفات التي تروج لفكرة قهر المرأة من قبل الإسلاميين ودعوات بعضهم للمرأة المسلمة غير المحجبة لترك العقيدة؟

مبدأ الإجبار هو مبدأ مرفوض، ولكن ما نتمنى أن نقوم به –إن شاء الله- هو تشجيع المؤسسات الدينية على أن تقوم بواجبها في التعريف بالإسلام وتبسيط قواعد الشريعة الإسلامية لمساعدة عموم المسلمين على التعرف على دينهم من مصادره الصحيحة.. كما يجب أن تكون مادة التربية الإسلامية مادة أساسية في مراحل التعليم المختلفة.. فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر.. ولا يجب أن ننسى أن الدين الوسطي الصحيح كان محجوبا عن الشارع المصري طوال العقود المنصرمة.. ولم يكن مسموحا له بالظهور أو الانتشار.. والآن بعد أن زالت الحواجز –بأمر الله- صار بالإمكان تعليم المسلمين دينهم بشكل سهل ومباشر من خلال وسائط متعددة كالتعليم والإعلام ودور العبادة وغيرها.

هل آن الأوان كي يعاد النظر في بعض القوانين الخاصة بالأسرة وبالأخص قانون الخلع وحضانة الطفل والرؤية؟

بالتأكيد، آن الأوان لمراجعة كل القوانين الخاصة بالأسرة، والتي تم إفسادها بشكل ممنهج على مدار الثلاثين عاما الماضية، حيث كان من المستهدف أن يتم تدريجيا إحلال الاتفاقيات الدولية محل الشريعة الإسلامية كمرجعية تشريعية.

ومن أهم القوانين الفاسدة التي تم تمريرها في السنوات الماضية: قانون الخلع، قانون إسقاط حق الأب في الحضانة حتى يبلغ الأبناء سن الخامسة عشر، قانون الرؤية، رفع سن الطفولة حتى الثامنة عشر، تطبيقا لاتفاقية حقوق الطفل الدولية، والذي يستتبعه رفع سن المسئولية الجنائية، رفع سن زواج الإناث وتوحيده مع الذكور ليكون 18 عاما، إثبات المولود خارج نطاق الزوجية.

ويفرض ذلك الواقع الخطير على أعضاء البرلمان الجديد أن يضعوا إصلاح قوانين الأحوال الشخصية على رأس أولوياتهم في العمل التشريعي الذي يضطلع به مجلس الشعب، حتى يعود الهدوء والاستقرار للمجتمع المصري، وتُعالج تدريجيا المشكلات التي أفرزها ذلك الإفساد المتعمد لقوانين الأحوال الشخصية.

وكيف نعالج الوضع؟

من خلال برامج إرشاد أسري لحل المشاكل الأسرية القائمة بالفعل والتي يؤدي إهمالها إلى ارتفاع نسب الطلاق، وبرامج لتأهيل الشباب المقبل على الزواج، ليعي كل من الزوجين دوره نحو الآخر ونحو الأسرة، وتفعيل القوانين والتشريعات التي تضمن حفظ الحقوق وحماية المجتمع مثل: إلزام الزوج بالإنفاق على أسرته، إلزام الأب المطلِّق بالإنفاق على أبنائه، تيسير إجراءات الطلاق وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية إذا فشلت محاولات الإصلاح، تجريم العلاقات غير الشرعية، وما شابهها، ضمانا لحصول المرأة على حقوقها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية.، مراجعة قوانين الأحوال الشخصية وتنقيتها من القوانين الهادمة للأسرة، العمل على تيسير سبل الزواج للشباب، حفاظا على صحة المجتمع ونقائه، إلغاء المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، واللذان قاما بدور الأذرع الاستخباراتية للجهات الدولية، واستبدالهما بمجلس وطني للأسرة، يحرص على توفير المناخ الصحي لتكوين أسر سوية، ويراعي شئون الأسرة وأمنها، وإقرار حزمة من البرامج لإعانة المطلقات والأرامل، وضمان حصولهن على حقوقهن الاجتماعية، ودعم الأسرة التي غاب عائلها، وتشجيع الأسر المنتجة والمشروعات الصغيرة بقروض حسنة للمساعدة في حل مشكلتي الفقر والبطالة، وإدماج القيم الأسرية الأصيلة في مناهج التعليم، ترسيخ قيم العفة والحياء في الإعلام، وفي مناهج التعليم، وإعلانات الشوارع، مراجعة قوانين العمل، بما يسمح للأم الوالدة بقضاء وقت أطول مع أطفالها، حتى لا تقصر في دورها التربوي والرعائي تجاههم قدر الإمكان، ووضع خارطة طريق لتحقيق الاستقلالية التامة للدولة المصرية، في كل ما يخص الأسرة والمرأة والطفل، بحيث تكون سياساتها في هذا الشان نابعة من الثقافة الأصيلة للشعب المصري، وليست تابعة لأي إملاءات خارجية.

ماذا عن رؤية الحزب للمرأة هل لديه تصور كيف يمكن تفعيل دورها والاستفادة منه؟

يؤكد الحزب على أهمية الدعم الاجتماعي للمرأة لمساعدتها على أداءِ أدوارها في المجتمع وتعزيز مشاركتها الإيجابية في العملية الانتخابية، وفي عضويَّة المجالس التَّشريعية والمحليَّة المنتخبة، وتدعيم مشاركتها الواعية في عمليَّة التَّنمية بمختلفِ جوانبها وتحقيق مطالبها الأساسية في الحياة الحرة الكريمة التي تتناسب ومكانتها الإنسانية والاجتماعية، وكذلك دعم خطط القضاء على أمية النساء، وإقرار حزم من البرامج لإعانة المطلقات والأرامل، وضمان حصولهن على حقوقهن الاجتماعية، ودعم المرأة التي غاب عائلها.

ويحرص الحزب على التأكيد على احترام وتقدير ودعم دور المرأة الأصيل كزوجة وأم ومنشئة للأجيال وتهيئتها للقيام بهذا الدور، تماما كما يحرص على الاستفادة بكل طاقاتها بما يتناسب مع مراحلها العمرية المختلفة، ويدرك تماما أن عطاء المرأة –خاصة بعد أن يعبر الأبناء مرحلة الطفولة والمراهقة- يصل إلى أوجِّه، ولا يقل ، بل يزيد، عن عطاء الرجل، فلا بد من توظيف طاقتها للاستفادة من هذا العطاء.