أما بعد،
فيا أيها الذي طبع الله على قلبه، السادِرُ في غيِّه! لكل خطاب كتاب. فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. فاخطبْ فإن للأراجيف وقْعاً عند مَن صيَّرتَهم سُكارى! واجترِحْ ما يُبدي سَوْءتك ويكشف سوء نِيَّتك بعد أنْ أعياك الصبر! ثم اختلق الأكاذيبَ لِتسحَر أعينَ قومٍ لك تابعين، أولئك المُصفِّقون ابتغاء الذلة والمسكنة. ويلك وويلهم يا ملأ الكذب والنفاق! آلآن بلَغك أنَّ جامعة العرب سليلة زمن الانحطاط؟ أولم تكن معهم؟ أمَا كانت تجمعُك وإياهم محافلُ الذل والعار؟ أما كنت تلغو كما يلغون ثم توزع القُبَل كما يوزعون؟ أمَا كان جمعكم جمْعَ عجزٍ ونفاق وتآمر مُذ عرفكم الناس؟ أمَا كان جمعكم جمْعَ تبذير وإسراف وصُوَر وضحكاتِ مكرٍ وخديعة؟ أكنت تصارح أخلاءك بفسادهم وعلوهم في الأرض بغير حق؟ أكنت تأمرهم بمعروف أو تنهى عن منكر؟ أكنت تفضح ما يحدث في السر ليصير في العلن؟ آلآن حين اهتز عرشُك؟ فإنك أنت وطواغيت العرب مَن صَنَعَ جامعة السوء والعار. فاسألْ نفسك ماذا ستخسر الأمة من سقوطكم أجمعين؟
يا هذا الذي استخفَّ ملأ النفاق فأطاعوه! يُحدِّثك الناس عن حرية وعدل وكرامة وتحدثهم عن العروبة وقلبها النابض! تبًّا لك ولسفاهتك! أمِنْ عروبتك أيها القُحُّ بيِّنُ القحاحة أن تسوس بحُكم القهر؟ أمِن عروبتك أن تلغَ في دم المستضعفين ولا تُنكي عدوا؟ أمن عروبتك أن تستمسك بعرش تربَّعتَ عليه غصبا وغلبة؟ يا هذا الذي يدَّعي أنه برغبة الشعب يحكمُ وبرغبته يعتزل، متى كان تولِّيك اختيارا؟ ومتى ترى الناس قد رغبوا عَزْلَك إن كان الواحد منهم يتشحَّط في دمه ابتغاء قبَس من عدل ولا يركنُ إليك حذر المذلة؟ فإنْ كان الدم المُهراق لا يعِظك فأي شيء يعظك؟ ولستُ أراك تعتزل حتى تهلك الحرث والنسل، أو يقضي مَن ينزعُ المُلك ممن يشاء قضاءً فيه ذُلُّك وصَغارُك.
يا من نَفَر مستكبِرا وخَبَط سادِرا! إن الحلال بين والحرام بين، ولو كنتَ تريد الإصلاح لأعددت له عُدَّة، وكفيتَ الناس شرَّ إبرامك، ولَجنَحت للحق، وأنجزت ما وعدت. لكنك آثرت اللغو وتبسُّمَ الأبله. فما أثقلك وأنت تلُوكُ الكلام وتستمرئ الخُطب، وما أغنى الناس عن هدرك! وما أحوجهم إلى رجل فَعَّال لا قوَّال! فبئست النَّحيزة! وبئس المحتِد! هذا وإلى الله المشتكى، فلا أبقى الله لك أثرا!
والسلام على من اتبع الهدى
17 صفر 1433ه
11/01/2012م