الدكتور داؤود القصير أول عميد لكلية الهندسة العراقية
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
منذ زمن طويل وأنا أريد أن اكتب عن الدكتور داؤود القصير .وكان بودي أن اعثر على كم من المعلومات عنه ، وعن سيرته وأعماله لكني لم أوفق كثيرا .وللأسف فأن توثيق ما قام به البناة الأوائل للدولة العراقية الحديثة ومؤسسي إداراتها ونظمها وهيئاتها العلمية لم يحظ بالكثير من الاهتمام .
ولم أجد حتى في موسوعات الأعلام عن الدكتور داؤود القصير شيئا .وكنت أتمنى أن اقرأ في" موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين " عنه شيئا لكني للأسف أصبت بخيبة أمل وازدادت الخيبة عندما عدت إلى" موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين " للأستاذ الدكتور عمر محمد الطالب .
المهم الدكتور القصير لم ينل ما يستحقه من اهتمام مع انه قدم الكثير لبلده . والوحيد الذي كتب عنه بأختصار الأستاذ باقر أمين الورد في كتابه : "معجم العلماء العرب " وقد عده "من مشاهير العلماء المهندسين في العراق " .فمن هو الدكتور داؤود القصير ؟
الدكتور داؤود القصير من أسرة مسيحية موصلية عريقة .وقد أنجبت هذه الأسرة الكثيرين من الأطباء والمعلمين والمهندسين الذين خدموا العراق .وقد ولد الدكتور داؤود في مدينة الموصل سنة 1892 وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها .
حين فتح صف ثانوي في الموصل عندما أصدرت نظارة (مديرية )معارف (تربية ) الموصل قرارها في 18 آب –أغسطس سنة 1919 وعين الأستاذ رزق الله اوغسطين مديرا له بوشر بالتدريس في 15 أيلول –سبتمبر 1919 وكان الأستاذ داؤود القصير مدرسا الى جانب مجموعة من المدرسين منهم الأستاذ عبد الكريم بني والقس يوسف كوكي والقس حنا رحماني والاستاذ ضياء يونس والأستاذ سعيد الصفار والمستر برايور والأستاذ رشيد الخطيب ويذكر الأستاذ عبد الرزاق الهلالي في كتابه : "تاريخ التعليم في العراق في عهد الاحتلال البريطاني 1914-1921 " ان عدد الطلاب الذين قبلوا في هذا الصف كان (27 ) وداوم الطلاب المقبولين في بناية مدرسة الوطن الابتدائية وكانت تقع في الشارع العام المسمى شارع حلب سابقا .
كان داؤود القصير متفوقا في دراسته لهذا أرسل في بعثة علمية إلى الولايات المتحدة الأميركية . وفي إحدى جامعاتها تخرج متخصصا بالهندسة ، ونال شهادة الدكتوراه ثم عاد إلى العراق ليعمل أول مدير لمدرسة الهندسة العراقية التي افتتحتها وزارة الأشغال والمواصلات سنة 1935 والتي كانت مقتصرة على قسم واحد هو قسم الهندسة المدنية . وسرعان ما تولى عمادة هذه المدرسة وكالة حين تحولت إلى "كلية الهندسة" سنة 1942 . وفي سنة 1946 عاد ثانية ليكون عميدا للكلية وكالة ولبضعة أشهر وبعد ه تولى عمادة الكلية وكالة الأستاذ شريف يوسف .
ألف كتابا باللغة الانكليزية وطبعه في نيويورك سنة 1931 بعنوان :" جبر عمر الخيام " .وقد وجدت في فهارس الكتب المتوفرة لدي أن ثمة كتابا بالعنوان ذاته وهو "جبر عمر الخيام " "L'Algebra d'Omar Alkhayyami نشره الألماني فرانس فيبكة Frans Woepke (1851-1864) سنة 1851وللكتاب ترجمة بالفرنسية مع مستخرجات من مخطوطات للشاعر والرياضي والفيلسوف الفارسي عمر الخيام .ومعنى هذا أن ماالفه الدكتور داؤود القصير هو ترجمة لكتاب فيبكة إلى اللغة الانكليزية . وكما هو معروف فأن ثمة محاولات من الغربيين لتوثيق إسهامات المسلمين في تقدم علم الرياضيات قد ظهرت وان فيبكة قام بالكثير من الجهود بدعم من الكسندر فون همبولت الذي أرسله إلى باريس لدراسة الرياضيات عند المسلمين فتكون لدى فيبكة اهتمام خاص لدراسة المعادلات التكعيبية وقد عثر على مخطوطة في ليدن تعود لعمر الخيام تدور حل المعادلات التكعيبية مما أثار انتباهه وانتباه كل مؤرخي الرياضيات وعندئذ ظهر العمل الرائع لفيبكة عن" جبر عمر الخيام" سنة 1851 واتضح أن العلماء المسلمين متقدمين على اليونانيين في مجال المعادلات التكعيبية او معادلات الدرجة الثالثة .
المهم لانملك معلومات وافية عن ما صار إليه الدكتور داؤود القصير ، إلا أننا علمنا بوفاته في أواخر الستينات من القرن الماضي. واليوم حين تحتفل كلية الهندسة بجامعة بغداد بذكرى تأسيسها ال70 لابد أن تستذكر مؤسسها وعميدها الأول رحمه الله.
المفضلات