رياض الجنة : دعوات الرسول
دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه
أخرج البيهقي عن جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن أبيه قال: كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص قديماً، وكان أول إخوته أسلم، وكان بدء إسلامه أنه رأى في المنام أنه وقف به على شفير النار (جانبها وحرفها)، فذكر من سعتها ما الله أعلم به، ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحقويه (موقع الإزار والخصر) لئلا يقع. ففزع من نومه، فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق. فلقي أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه فذكر ذلك له، فقال أبو بكر: أريد بك خيراً، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام، والإسلام يحجزك أن تدخل فيها. وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد، فقال: يا محمد، إلام تدعو؟ فقال: «أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده!!». قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه. وتغيب خالد وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه فأُتي به، فأنَّبه وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، وقال: والله لأمنعنّك القوت. فقال: خالد إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به. وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه.
أخرجه ابن سعيد عن الواقدي.. فذكره وفي حديثه: وأرسل أبوه في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعاً مولاه فوجده، فأتوا به أباه -أبا أحيحة- فأنّبه وبكّته وضربه بصريمة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: أَتبعت محمداً وأنت ترى خلاف قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيبه من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله واتبعته، فغضب أبوه -أبو أحيحة- ونال منه وشتمه، ثم قال: اذهب يا لُكَّع (تستعمل في الحمق والذم) حيث شئت، والله لأمنعنّك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله عز وجل يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به، فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه.
وأخرجه ابن سعد عن الواقدي، وذكره في الاستيعاب من طريق الواقدي وزاد: وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فكان خالد أول من خرج إليها.
وأخرج الحاكم أيضاً عن عن خالد بن سعيد أن سعيد بن العاص بن أمية مرض، فقال: لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة أبداً، فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، فتوفي في مرضه ذلك. وهكذا أخرجه ابن سعد.