من هنا وهناك
د. لطفي زغلول
www.lutfi-zaghlul.com

لك الله يا مصر

لك الله يا مصر. في الذكرى السنوية الأولى لثورتك على الطغيان والفساد والإنحلال والإستبداد والحكم الفردي. ها هي دماء أبنائك تسيل مدرارة. لا أحد منا يتمنى لك ما حصل على أرضك. كنا نظن أنك بثورتك على هذا العهد الفاسد قد حققت كل ما تصبو إليه جماهير شعبك من أمنيات، فإذا الدرب طويل أمامك، وإذا الأمنيات ما زالت نطفا في رحم الغيب. لا نملك نحن في العالم العربي إلا أن نمد أيدينا إلى السماء، سائلين المولى عز وجل أن يحفظك من كل سوء وشر، وأن يسدد خطى أبنائك نحو التحرر الحقيقي، والحرية المنشودة. والديموقراطية المطلوبة، وأن يعيدك إلى أحضان العروبة الحقيقية.

في مجلس الأمن

في جلسة مجلس الأمن التي عقدت قبل يومين لبحث الأحداث في سورية. برز هناك "فارسان" يقال إنهما عربيان هما رئيس وزراء إمارة قطر الشيح حمد بن جاسم، والأمين العام لما يسمى جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي. للوهلة الأولى كان الواحد منا يظن أنهما قد حملا ملف الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين إنطلاقا من حرصهما على القضية الفلسطينية، وشعبها. إلا أن حضورهما كان للتآمر مع دول الغرب الإستعمارية على سورية، وحث هذه الدول على الإعتداء على قلعة العروبة الممانعة. إنه زمن التخاذل العربي، زمن الأقزام يتطاولون على العمالقة، زمن التآمر والإنحطاط والهوان.

في مجلس الأمن مرة ثانية

في نفس الجلسة المذكورة، تباكت دول الغرب الإستعمارية، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وغيرها على الشعب السوري، وحرمانه من كافة أشكال الحرية، "ومعاناته من الإستبداد والقمع والطغيان". السؤال الذي يفرض نفسه : "أين كان هذا التباكي طوال ما ينوف عن خمسة وستين عاما من النكبة الفلسطينية؟.

في مجلس الأمن مرة ثالثة

في نفس هذه الجلسة، صدمت كل من هيلاري كلنتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية، وسوزان رايس المندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية في المنظمة الدولية "الأمم المتحدة"، صدمت الإثنتان من استخدام روسيا والصين الشعبية "الفيتو" ضد مشروع القرار العربي الغربي بخصوص الأحداث في سوريا. السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: لقد استخدمت الولايات المتحدة الأميركية "الفيتو" أكثر من 45 مرة ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، فهل صُدمت الإثنتان كما "صُدمتا" هذه المرة؟. أم أنها سياسة الكيل بأكثر من مكيال؟.

الحرية والديموقراطية كما تريدها أميركا

إحتلال العراق، تدميره، تدمير جيشه، نهب ثرواته، سقوط مليون شهيد من أبنائه. سبق أن تكرر هذا السيناريو في أفغانستان. في هذه الأيام تكرر في ليبيا. 160 ألفا سقطوا من أبنائها. تدمير جيشها. شئنا أم أبينا أصبح بترول ليبيا ملكا خالصا لدول حلف الأطلسي، وعلى رأسهم أميركا، بريطانيا، فرنسا. هل هذه هي الحرية والديموقراطية؟. المصيبة أن هناك من يصدق أن أميركا هي قلعة الحرية.

ماذا يُعدّ "لاسمح الله" لسورية؟

لو لا سمح الله نجح المخطط العربي الغربي في مجلس الأمن، كانت سورية ستكون ضحية ما يسمى "الحرية والديموقراطية الغربية" كما حدث من قبل مع أفغانستان والعراق وليبيا.

السودان

كان السودان واحدا موحدا. أصبح السودان سودانين واحدا في الشمال، وآخر في الجنوب. لكل دولته وحكومته. لقد عملت السياسة الغربية على انفصال السودان وتجزئته وتفتيته. إنها سياسة موجهة للعالم العربي، هدفها إضعاف العالم العربي، بغية السيطرة عليه والتحكم بثرواته ومقدراته.

فلسطين

سوف أختار من فلسطين هذه الظاهرة والتي أدرجها تحت مسمى "الجنون الكروي". تحديدا التعصب الأعمى اللامبرر من قبل شريحة من المجتمع الفلسطيني لفريقي كرة قدم إسبانيين هما "ريال مدريد" و "برشلونا".
نحن نحب الرياضة، ولكن ليس إلى هذه الدرجة المجنونة. أعلام الفريقين مرفوعة في السيارات، تباع في الأسواق، زفات الإنتصار والمفرقعات حتى ساعة متأخرة من الليل، المشادات الدامية بين الشبان، والكثير الكثير. أقل كلمة يمكن أن أقولها إنهما فريقان أجنبيان، كل الإحترام لهما، ولكن ليس على هذا الشكل من الجنون الكروي. في نهاية المطاف: ماذا لو انتصر فريق على آخر، ماذا يهمنا نحن؟،. هل هذا يعني أن قضيتنا الفلسطينية قد انتصرت، وزال الإحتلال، وعاد اللاجئون، وقامت دولتنا؟.


جامعة الدول العربية!!!

أسستها بريطانيا التي كانت تستعمر العديد من الأقطار العربية في العام 1945 كبديل مسخ لمشروع الوحدة العربية التي كانت الجماهير العربية تطالب بها. ما كان من بريطانيا الإستعمارية إلا أن أوجدت هذا البديل، موهمة العرب أنها هي الحل الأمثل للأوضاع العربية. إلا أن هذه الجامعة كرّست الإنقسامات العربية السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتربوية والثقافية. كما أنها كرست الحدود بين أقطار الجامعة العربية، بحجة السيادة القطرية. لقد أصبح تعداد الدول المشاركة فيها 21 ، إلى جانب السلطة الفلسطينية. كان الفلسطينيون يظنون أن قضيتهم هي القضية الأولى، والحقيقة أن دول الجامعة قد تآمرت عليهم، وتركتهم يصارعون الإحتلال الإسرائيلي وحدهم. ليس لجامعة الدول العربية ما تُحمد عليه. هناك الفرقة والإنقسام والتعادي والتخاذل أمام أميركا وإسرائيل. لقد عجزت هذه الجامعة عن تحقيق السوق العربية المشتركة، والوحدة الثقافية وتوحيد المناهج التربوية العربية، وغيرها الكثير الكثير. أخيرا لا آخرا أصبحت وكرا للتآمر على القضايا العربية وشعوبها.