الإدارة والوقت

أحمد محمد أحمد مليجي

لا شك أن للوقت أهمية بالغة في حياة الشعوب ، وفي حياة كل إنسان مهما كان موقعه ، و تختلف أهمية الوقت ومدى القدرة على تنظيمه والاستفادة منه من شخص إلى آخر ، وبالخصوص عندما نتحدث هنا عن الإدارة العليا في أي منشأة كانت عامة أو خاصة : فمثلا هناك أهمية بالغة للوقت للمديرين التنفيذيين الذين يجب أن يكون وقتهم مركزاً على الاستراتيجيات الخاصة المعنية بمؤسساتهم وعلى الخطط القصيرة المدى والطويلة المدى التي من الممكن أن تستفيد منها منشآتهم بما يعزز مكانة وسمعة وربحية المنشأة، ولقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت مؤخرا وقام بها مجموعة من الأساتذة العاملين في London School of Economics و European University Institute و Harvard University أن كبار المديرين التنفيذيين يقضون غالبية وقتهم في الاجتماعات غير المنتجة ، و مقابلة أفراد لا يفيدون منشئاتهم وخططهم العملية. و أوضحت الدراسة أيضاً أنه مع الوضع في الاعتبار مقدار ما يحصل عليه كبار المديرين التنفيذيين من مرتبات، فإن طريقة قضائهم لوقتهم لها تأثير كبير على ربحية و إنتاجية الشركات. ولكن في الشركات التي لا يوجد داخلها رقابة قوية، فإنه لا يوجد أحد يراقب ما يفعله المديرون التنفيذيون، وهو أمر يعلمه هؤلاء المديرون جيداً ، ويتضح لنا من هذه الدراسة أهمية الوقت للإدارة العليا فهو يعتبر مطلباً حيوياً لاستغلاله في عملها اليومي وذلك لتنظيم برنامجهم اليومي ، ولتنفيذ خططهم بشكل إداري ناجح داخل منظومة العمل ، ويحضرني هنا نظرية عالم الاقتصاد الإيطالي (فلفريدو باريتو) وهي النظرية المعروفة بـ 80 / 20 والتي تتحدث بعض فروعها عن أهمية الوقت ، وقد استخدمت في مجالات كثيرة وتسمى قانون 20%-80% وثبتت مصداقية نتائجها على أرض الواقع ،خاصة في علم الإدارة عندما استخدمت في مجال التخطيط ، وبالتحديد في إدارة الأولويات وقد لوحظ أن 80% من النتائج المميزة كانت حصيلة 20% من الوقت، بينما 80% من الوقت لم تعط إلا 20% من النتائج !، وهنا يكمن السر في إحباط بعض الناس للوقت، وتفسير هذا القانون يعني أن الوقت المخطط وإن كان قليلاً فإنه يأتي بأعظم النتائج ويحقق انجازات ملموسة ، بينما الوقت الكثير العشوائي لا يحقق إلا أقل النتائج مما يؤكد على حقيقة القلة الفاعلة والكثرة غير الفاعلة أيضاً ، فتلك النتائج تؤكد على أن مجمل الاجتماعات يذهب 80% منها في الكلام أما 20% فتمثل النتائج مما يحتم ضرورة تقليص وقت الكلام ومنح الوقت الأكثر للاستنتاجات والقرارات والتوصيات الهامة التي تفيد العمل، وبالتالي تزيد من إنتاجية مؤسساتهم .

نشر في صحيفة الندوة السعودية

http://www.alnadwah.com.sa/index.cfm...6325&display=1