عليك السلام أيها الزعيم،
أما بعد،
فقد علمتَ أن فرعون الشام علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم، يذبح أبناءهم ونساءهم، ورأيت تنكيله بشبابهم وشيبهم، نكل الله به وأخزاه! وقد علمت أن الناس ما خرجوا إلا ابتغاء العدل الذي عليه قيام المُلك واستتباب الأمن والسلام، وما رجَوا غير أن يكونوا أحرارا كما ولدتهم أمهاتهم. وكان الرجاء أن يخفض الطاغية جناح الرحمة للرعية، ويُلين الجانب ويُوطئ الكنف، ويصيخ لأولي النُّهى، ولكن أخذته العزة بالإثم عياذا بالله، فسلط همَجا هامِجا من الأذناب والغوغاء على الناس، ففتكوا وقتَّلوا وجاءوا بذات الرعد والصليل، فكان جبارا وقد عهدناه خوَّارا. وهو الذليل على بني إسرائيل المتعزِّز على أهله.
هذا وقد ركَنتُم إلى الذين ظلموا وناصرتموهم، وقد لقوْا منكم المدد والعون، وحمَيتُم ظهورهم، وذبَبتم عن الباطل وأهله، ودخلتم في حزب الحاكم بهواه وأنتم حزب الله! أفكان الله يرضى صنيعَكم؟ أوكان الله يثيب أعوان الظالمين؟ أوقال الله أطيعوا المفسدين؟ أيها الزعيم! إنك تفتأ تسلك سبيل السَّفاح ولن يزيدك غير تَتْبيب. فدعْ عنك صفقة التباب والتهلكة، و أَخْسِرْ بِها من صفقة لم تُسْتَقَلْ! واعلمْ أن أهل صفقتك وأوْلاهُم بموالاتك ونصرتك رجال أحرار كرام! فاربأْ بنفسك أن تكون للمجرمين ظهيرا! واسألْ نفسك أي حاكم هذا الذي يحفُّ عرشَه الرعاعُ ورُذال الناس؟!
قد علمتَ أيها الزعيم أن أفئدة الناس مالت إليكم وأنتم تقاتلون أعداء الله والناس أجمعين، ولقد كانت أكفُّ الضراعة متوجهة إلى السماء، والألسنُ رطبة بذكر الله تدعو من يجيب المضطر إذا دعاه، وحين انقشع غبار المعركة ألفيتَ المؤمنين فرحين بنصر الله. فما بالكم اليوم قد وجهتم بنادقكم صوب إخوان العِرق والدين؟ ما دهاكُم ويحكم؟ أي نكوص هذا يا مَن ابتغيتم الأمرَ ذروةَ سنامه؟ أهذا شأن أهل الرباط؟ ويلكم لا تكونوا كمن يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. فلا تكونوا كالأخسرين أعمالا!
ألا إن الدين النصيحة. هذا وإن الحق أبلج والباطل لَجْلج، وإني أعيذك أن ترى السراب شرابا، وإنه ولاء وبراء، ومحجَّة الله بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك. فانظرْ وحزبك أي المَحاجِّ تسلكون!
والسلام عليك وعلى حزبك
28 ربيع الأول 1433ه (20/02/2012م)