أواه يا عبد العزيز

للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي يرثي فيها الشيخ المجاهد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي رحمه الله


فتحوا لك الباب الجميـل سريعـاً * فنجوت أنـت وإن رأوك صريعـاً

وسموت أنت إلى العلا وتهافتـوا * وغدوت في زمن الجفـاف ربيعـا

خضعوا لأهواء النفوس وغدرهـا * وأبيـت أنـت تزلفـاً وخضوعـا

قتلوك غـدراً يـا حبيـب وإنمـا * بالغدر صـار حديثهـم مسموعـا

والله _لولا الغدر_ ما اجتمعوا على * أرض الربـاط ولا رأوا تطبيـعـا

لو واجهوك لواجهوا البطل الـذي * يأبى إلى غيـر الشمـوخ نزوعـا

قتلوك يا عبـد العزيـز فأحدثـوا * والله جرحاً فـي الفـؤاد وجيعـا

ماذا يقول لـك المحـب؟ ونـاره * قـد لوعـت وجدانـه تلويـعـا

أنا لست أنكر أنهـم قـد أحزنـوا * قلب المحـب وأورثـوه صدوعـا

لكنـه حـزن يـزيـد قلوبـنـا * أملا تمـد بـه الأصـول فروعـا

عبد العزيز، رحلت عنـا شامخـاً * ولقيـت رب العالميـن مطيـعـا

أدركـت ياسيـن الحبيـب كأنمـا * ساق اشتياقـك قلبَـك المفجوعـا

قدمت نفسك وانطلقت بهـا ولـم * تمـلأ عيـون مرافقيـك دموعـا

طرتم بأجنحـة البطولـة إخـوة * لاذوا بـرب العالميـن جميـعـا

لكأننـي بكـم اتخذتـم موقـعـاً * عنـد الإلـه ومنـزلاً مرفـوعـا

وتركتـم المـاء المكـدر عندنـا * وشربتموا مـاء الحيـاة نجيعـا

أشـلاء أبطـال الجهـاد تحولـت * درراً، وصارت في الظلام شموعـا

ودمـاء أبطـال الجهـاد تدفقـت * مسكاً، يضـوع كوننـا تضويعـا

إني لأسمع في التـراب نشيدهـا * وأرى عليـه كتابهـا المطبوعـا

وأكاد أسمع من حديـث عجينهـا * قـولاً ينبـه غافـلا مخـدوعـا

خاب اليهود وخاب من يبني على * خطط اليهـود لنفسـه مشروعـا

عبد العزيز رحلـت عنـا مثلمـا * رحل الضيـاء مكرمـا مرفوعـا

ودعتنـا شهمـاً أجـاد بصدقـه * حسن اللقاء، وأحسـن التوديعـا

لم يقتلوك، وإنمـا نصبـوا لنـا * علماً من الشرف العظيـم رفيعـا

أبكيك؟ لا والله بـل أبكـي علـى * مـن يجهـل التدويـر والتربيعـا

أنا-يا أخا الإسلام- أبكـي غافـلاً * من قومنا لـم يفهـم الموضوعـا

أواه يـا عبـد العـزيـز لأمــة * مـا زال حبـل إبائهـا مقطوعـا

نهشت كلاب المعتـدي أعضاءهـا * ويظـل مليـار الغثـاء وديـعـا

بيعت كرامتها، وسيـف جهادهـا * في سوق تجـار المبـادئ بيعـا

وأرى لها ثوباً تمـزق لـم تجـد * ثوباً سـواه، ولـم تُجِـد ترقيعـا

أنا ما يئست ولا جزعـت فإنمـا * تطوي الهزائم في الحياة جَزُوعـاً

أنا لا أقول أُضيعَ مجـدُ عقيدتـي * لكـن عـزم المسلميـن أُضيعـا

يا أهل أبطـال الجهـاد، عزاؤنـا * أن الشهيد غـداً يكـون شفيعـا

ما أقرب الدنيا من الإخـرى فـلا * نامـت عيـون تعشـق التلميعـا

لا فرق بين الناس في لغة الـردى * من عاش ألفاً أو قضـى اسبوعـا

إنـا نهنـئ مـن نعـزي حينمـا * تـزداد بارقـة الجهـاد سطوعـا