أبتي أتيتك
بروح شاردة
تملؤها حدائق القلق
وجسد
غزاه نسر الأتعاب
وذاتِ بالقنوط مجنحة
أرش قبرك برياحين الأسى
وعلى مسمعك
أرتل أدعية
من الجزَع نخرتْ أحشائي
أتيتك
وفي ذاكرتي
أول ليل لطفولة
ذات ربيع
بسلاسل الورد وشحتها
وسقيتَها بألبان الفرح
فتغنجتْ بالرّخِيّ
ولالتواء الأيام
غصني لم ينحن
أبتي
أتيتك
أتيتك
وزهرة الخريف بالتعب تتبتل
تحسو أكواب العطش
إليك
أسوق عناوين الأيام
الأيام الزاهدة فينا
الكثيفة بفساد الوداد
المجبولة
بالنغَص في أرقى منازله
المؤرقة بالآثام والخطايا
وشنيع الخيانات
الممتلئة بالوجوم والأسقام
النافحة بأثقال الشقاء
الصارخة بالنحْس والنزَف
ألقي إليك
ألقي إليك تيمات الليالي
الليالي المقمرة بالتضليل
المسدلة بسحيق الصفقات
الفارعة بالقحط والانكسار
العارمة باللصوص والاختلاسات
المسرفة في اليأس والفتور
الشامخة بغشاء التمويه
الرافلة في قناع التيه
أبتي
لقد غشا الليل النهار
والنهار تجرّع ملح الليل
فتنمرا
وتنكرا للحدود والفواصل
يُطنبان بما لذّ مِن ويلات
نوائب
كوارث
عتمات
وأسرار مبهمة
وطلاسم
صار الإنسان في حلقاتها
دمية للسلو والنسيان
تُلبِسه دمقس المواجع
بالرياء الثائر تغريه
تخدشَ المقام ياأبتي
وترمدّت الأوضاع
والإصلاح أزهر بالفساد
الشروق يا أبتي
التَحفَ الغروب
والشمال توسّدَ الجنوب
والسماء أعلنت غزوتها الماردة
بأوكار العبث تدلتْ
فتأجّج المذاق
وحشرجة
قضّت مضاجع السكينة
لم تعد تغريني حياة
تَفخّخُ بالكره والزلازل
وأمطارٌ
بأقراص السّخم تهاطلُ
وهواءٌ
تَفجّرتْ في رئتيه العلل والأسقام
وماءٌ
تنصّلَ من عذوبته
ليتدفقَ بالدنَس
أبتي
غار الحب في مقلتي الأنفاق
والرأفة
توغلت في الأدغال
والرقة
تغمدتْها أقنعة الزيف
والهيمنات
في قماماتِ الضغط والإقصاء
علّبت الإنسان
فأصبح الأطفال والذباب
تلُفُّهما سلة واحدة
تلقّفُهما شواطئ النسيان
أبتي
الكرة الأرضية أعادت التشكيل
لاهي مسطحة
ولاهي مكعبة
لاهي مستطيلة
ولاهي مربعة
بلَذّة الألم أسست الأسوار
شيّدَت
بالقتل والاغتيال الأبراج
والقلاع طلتْها بالأسى
فانهمرت الأودية والأنهار بالخرافات
لسان التحجر
صاراليومْ .. هو المفتي
ينبئ بالمُهلك للنفوس
أبتي ياأبتي
نفحة من الآدميين
في أزياء الوحوش يتبجّحُون
في سماوات الأبهة
الملأى بالقسوة والجحود
بالتحليق يجازفون
قالوا
إن استطعتم أن تنفذوا
في أقطار السماوات والارض
انفذوا..
لاتنفذون ..إلا بسلطاننا
وتسلطنا
وغبائنا
وسياطنا
وقالوا
في الصبر بأس شديد
و منافع للناس
لن يصيبكم
إلا
ماكتب الله لكم
فاسمعوا وعوا
الجَلاّد خلفكم لتركعوا
صلوا
واحذَروا أن تصولوا
أبتي
عبَثَ الزمن بالجذور
وزهرات الأمل
على الشرفات
سقطت فراشات ميتة
تفجّرتْ شلالا
غَرِِقَ في اللوعة والمحرقات
والشمس
هوت في كَهْفِها السحيق
تُشرق بزمهرير الرهبة
وثوب الحداد
والحياة الخصبة ياأبتي
ياأبتي
اضطربت فيها الأماني
والأحلام
تبخرت عصافير مِنَ الحصى
والأصوات الصادحة
المعطرة بالمطر
تحللت لَغْطا
ولغواً مُنبتّاً
والوجوه المبتهجة الطامحة
اعتلاها الوَجْم
والأذهان الناضجة
هندسَها الفراغ
وأنا ياأبتي
ياأبتي
تبوّأتُ
د)فاي
وكَفّي ممدودة للصقيع
على خدي
أرسم مقابر الصبا
أحَدّق في فِجاج الغرَق
أتساءل
كيف أسُل نفسي
مِن مَطبّة الاجتياح
أزيح ما التصَقَ بي
مِن ظنون اليأس
وأهيّئُني لاستقبال الفجر
أتيتك ياأبتي
مردومة الضفاف
مطلية حواشي القلب بالأسى
مُكَسّرة أغصان العمق
سَكْرَى بالانكسار
أتعثر في أذيال القنوط
مفتونة بقُطْر الحكي
ووتَر البوح
فوجدْت أشلاءك
مضفورة بالقش والخشاش
تُطمرُها هالة من النسيان
تعاقر كؤوس الريح
وتَلعَن لحظةً
أقامت بيننا قمماً
وأسرَتْ بك
إلى بحر الظلمات
حيث اتخذتَ من خُلوَتك
مسكنا
يصرفك عن معاناة حارقة
عن وَهْم لاذع
وعن قهر صاخب
أبتي
أسندني على صدرك
أسندني
على خدّك أَذرِف الدمع
أطفئ في نداك محارقي
وسامحني سامحني
عما أتيتُك به من مِزود
بالتعب المضني طافح
وما أفرغته عليك
من قوارير الضيق والسأم
لقد ساقني همسي
منقوع الخطى ليصيح في قلعتك
يُفشي إليك أسرارا
لأشياء
انحرفت ..عن الخط المستقيم
لتشعشع في ليل
محروق الجوانب
مالكة عسال
بتاريخ09/12/2011