أما بعد،
فها قد دار الفلك دورته، وها هي ألوية الحق قد خرجت ترد عدوان الظالمين، وتدكُّ عروش المتجبرين في الأرض بغير حق. ملكتُم البلاد والعباد ثم قضيتم أن تكون قسمة ضيزى، وجعلتم السَّنة داهية الغبر، تحمَّل فيها الناس أصنافا من العذاب وضروبا من المذلة، بطشٌ وتنكيل وترهيب واعتقال واغتصاب وقصف لمدن ومساجد، سنة ما ذاق الناس فيها ساعة أمْنٍ من نهار أو ليل، وأَدرَكهم ما لم يعرف له البشر نظيرا إلا قليلا. ويشهد كل حرٍّ كريم أنهم ظلموا، فإنهم ما خرجوا إلا ابتغاء التكريم الذي قضى ربك أن يجعله لكل ابن آدم أيّاً ما يكن دينه وجنسه. لكنهم قُتِّلوا وأُرهبوا وأخرجوا من ديارهم، وإن الله على نصرهم لقدير.
اعلمْ أيها المستأسد على أهله ولا قِبَل له بعدوِّه أن الناس ما كانوا يتمنَّون الذي كان، كيف وقد حُببت العافية لكل ذي كبد رطبة؟ لكنْ وقد جرى ما قدَّر الله فليس للناس غير الصبر والاحتساب، والله وكيل الصابرين. أما أنت أيها السَّفاح بن السفاح فلا يواجهُك حرٌّ مقبلا غير مدبر فتقتله إلا نال الشهادة بإذن الله، وبُؤْتَ بالخسران المبين.
أيها الحاكم الظلام الكذوب، ما كان للناس من أمرهم خِيَرة غير الخروج دفعا للمذلة وصونا للعرض والنفس، فإنهم إن عصوْك قتلتَهم، وإن هم أطاعوك أضللتَهم وتماديت في غيِّك. ولموتٌ في سبيل الله خير من ذلة ومسكنة. ولقد أقمتَ حُكم الجَور والغلول، ألا وإن الراعي العادل مأمور أن يؤدي الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر. فلا لوم على الأحرار أَنْ خرجوا يدفعون شرَّ جند جاسوا خلال الديار، وقالوا نحن أولوا بأس شديد وخصمُهم معازيل وصبية ونساء!
فنسأل الله أن يضرب وجوهكم، ويكسر شوكتكم، وينصر أهل الحق وفيالق العزة إنه على ذلك قدير.
والسلام على من اتبع الهدى.
24 ربيع الثاني 1433ه (17/03/2012م)