أما بعد
فقد التمسنا لزعيمكم العُذر بادي الرأي حتى حُلِبت صُرام، ورَجونا أن نجد عنده من الحكمة ما تقرُّ به العين، وتطمئن النفس، ويفرح به المؤمنون، بَيد أنه أبى إلا أن يكون للمجرمين ظهيرا. ولا قطع وُدَّ مَن سفك الدماء وهتك الأعراض وقذفَ الرعب في قلوب الآمنين. ولقد كان للزعيم في الصَّرْم الجميل مخرج إذ نَكَف عن النصرة. ولكنه -يا أسفا- كان وصاحبه في بُردة أخماس، وكأن بينهما ثدْيا غير أقطع. وكان حريّاً بالزعيم أن يستعصم بمن يُؤتي المُلك من يشاء وينزعه ممن يشاء، فإنه الكَنف الذي لا يُضام، والحِرز الذي لا يُنتهك. أما طاغية الشام فقد ظن كما ظن إخوانه من قبل أن لن يقدر عليهم أحد، وأنهم مانعتُهم حصونهم من الله، فقضى ربكم أن يُذلهم على رؤوس الأشهاد. فاعتبروا يا أولي الأبصار، وقوموا قَوْمة حق تكتب لكم يوم تأتون حُفاةً عُراة. وقِفُوا وقفة تُحمَدون عليها ما بقيت الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور.
فكونوا أتباع حق لا أتباع رجال يرحمكم الله، فإنما أُمِرْتُم بالطاعة في المعروف. واعلموا أنه ما من أحد إلا يُؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا من عصم الله من رسول أو نبي. فلا تجعلوا لأنفسكم شركاء يَشرعون لكم ما لم يأذن به الله، ويَأنفهُ عقلُ لبيبٍ، وتَعدِلُ عنه الفِطَر السَّوِية.
هذا ونعوذ بالله أن نكون ممن بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر، والله المستعان وعليه وحده التُّكْلان.
والسلام
الأول من جمادى الأولى 1433ه (24/03/2012م)