الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية
ترشيح الشاطر ونور باطل قانونا
الدكتور عادل عامر
يتمتع الإفراد فى ألدوله القانونية بالحقوق والحريات بناء على النصوص الواردة فى الدستور والقوانين التى لا يجوز لها أن تصدر بالمخالفة لنصوصه ولقد حرص الدستور المصري الصادر سنه 1971 بالنص على الحقوق والحريات فى الباب الثاني منه و الخاص بالمقومات الاساسيه للمجتمع وفى الباب الثالث الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة وفى الباب الرابع بسيادة القانون . نصت المادة الثانية من القانون علي حالات الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية وجاءت حالات الحرمان وعلي الرغم من أن المشرع قد نص عليها علي سبيل الحصر في ست بنود،
إلا أننا نأخذ عليها أمران:
الأول هو التوسع في الفئات المحرومة من مباشرة حقها السياسي حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون73 لسنه 1956 علي أن الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية يشمل كلا من المحكوم عليه في جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره،
أن جزاء الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية لكل من حكم عليه بعقوبة جنائية يعتبر جزاء وجوبيا فى القانون
أن العفو عن العقوبة لا يعنى إلغاء حكم الإدانة فى الجريمة ولا يمتد إلى العقوبات «التبعية» ومنها الحرمان من الحقوق السياسية، أن صدور قرار بالعفو عن العقوبة لأى من المرشحين لا يسمح لهم بالترشح، بل حتى لو كان قرار العفو قد امتد إلى العقوبات التبعية فإنه فى كل الأحوال يجب حصول المرشح على حكم برد اعتباره متى كان الحكم عليه بعقوبة جنائية. يذكر أن الدكتور أيمن نور حصل على قرار بالعفو وكذلك مرشح الإخوان المسلمين خيرت الشاطر الذى حصل على العفو وله ثلاث قضايا تتعلق برد الاعتبار المحكوم عليهم بعقوبة الحبس
الثاني أعطاء حق الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية لأحكام صادرة عن غير القاضي الطبيعي وهو ما نصت عليه الفقرة السادسة من المادة الثانية والخاصة بالعزل بحرمان كل من سبق فصلهم من العاملين في الدولة أو القطاع العام لأسباب مخلة بالشرف ،حيث جاءت غامضة ولم تشترط أن يكون المفصول تأديبياً بموجب حكم قضائي وليس بقرار إداري.وزاد المشرع حاله أخري للحرمان السياسي من غير القاضي الطبيعي وذلك بتعديل المادة الثانية من القانون73 لسنه 1956 بالقانون رقم 173 لسنة 2005حيث أقرت بصلاحية محكمة القيم في حرمان المواطنين من مباشره حقوقهم السياسية لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم. ويأخذ علي هذا التعديل اعطائة صلاحية الحرمان من المشاركة السياسية لغير القضاء الطبيعي مع أن الدستور المصري اعتبر المشاركة حق وارتقي به قانون مباشرة الحقوق السياسية إلي درجه الواجب حين اقر عقوبة علي كل من يتخلف دون عزر عن أدائه فيما يتعلق بالتطبيق علي الرغم من التوسع في الفئة المحرومة من مباشرة حقوقها السياسية إلا أننا لا نجد أي وسيله عملية تأخذ وتكون ضمانه لتنفيذ هذا المنع تجاه مستحقيه-تنقية الجداول الانتخابية بشكل دوري- طبقا لنص المادة سالفة الذكر وعلية فإننا نجد أن هذا الحرمان لا يطبق إلا تجاه أفراد معينه وهو ما يعني استخدام السلطة دون وجه حق وبطريقه غير عادلة لا تضمن تطبيق نصوص الدستور والمواثيق الدولية ،فبهذا الخلل لا يكون المواطنين سواء فيما يتعلق بمباشرة حقهم السياسي ولقد نص الدستور أيضا على ذلك فى المادة 62 منه " للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي وفقا لإحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني "وبذلك النص فان صوت الناخب أمانه يجب إن يؤديها وممارسه حق الانتخاب واجب وطني ويجب على كل ناخب إن يمارس الحياة السياسية فى الدولة والذي كفله القانون والدستور وقد نظم مباشرة الحقوق السياسية القانون رقم 73 لسنه 1956 والذي نص على تلك الحقوق والحرمان منها والشروط الواجب توافرها للناخب والقيد فى جداول الانتخاب وتنظيم عمليه الانتخاب ولقد صدر القانون رقم 173 لسنه 2005 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنه 1956 بتنظيم مباشره الحقوق السياسية . ولقد جاء القانون ببعض الشروط الواجب توافرها فى المواطن لكفالة حقه فى الانتخاب فأوجب على كل مصري ومصريه بلغ ثماني عشر سنه ميلادية إن يباشر بنفسه الحقوق السياسية وإبداء الرأي فى كل استفتاء ينص عليه الدستور وأيضا فى انتخاب كل من :
- رئيس الجمهورية - أعضاء مجلس الشعب - أعضاء مجلس الشورى - المجالس الشعبية المحلية ويكون انتخاب رئيس الجمهورية وفقاً للقانون المنظم للانتخابات الرئاسية وتكون مباشره الحقوق الاخري على النحو والشروط المبينة فى هذا القانون .
الشروط الواجب توافرها فى الناخب
- إن يكون بالغا من العمر ثماني عشر سنه ميلادية على الأقل
- إلا يكون قد لحق به اى مانع من موانع مباشره الحقوق السياسية المنصوص عليها فى القانون .
- إن يكون قد مضى خمس سنوات ميلادية على الأقل على اكتسابه الجنسية المصرية إذا كان ممن حصلوا عليها بطريق التجنس
- إن يكون مقيداً فى جداول الانتخاب طبقا للقانون .
الإعفاء المؤقت من مباشره الحقوق السياسية
يعفى من أداء هذا الواجب ضباط وإفراد القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والاضافيه وضباط وإفراد هيئه الشرطة طوال مده خدمتهم بالقوات المسلحة أو الشرطة .
الحرمان من مباشره الحقوق السياسية
نص القانون على حالات يجب فيها حرمان الإفراد من مباشره الحقوق السياسية وهى التى
1. المحكوم عليه فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره .
2. كل من صدر حكم ضده من محكمه القيم بمصادره أمواله ويكون الحرمان لمده خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم.
3. المحكوم عليه بعقوبة الحبس فى سرقه أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو إعطاء شيك لا يقابله رصيد أو خيانة أمانه أو غدر أو رشوه أو تفلس بالتدليس أو تزويره واستعمال أوراق مزوره أو شهادة زور أو إغراء شهود أو هتك عرض أو إفساد أخلاق الشباب أو انتهاك حرمه الآداب أو تشرد أو فى جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه لإحدى الجرائم المذكورة وذلك ما لم يكن الحكم موقوف تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره .
4. المحكوم عليه بعقوبة سالبه للحرية فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من 41 إلى 51 فى هذا القانون وذلك ما لم يكن الحكم موقوف تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره .
5. من سبق فصله من العاملين فى الدولة أو القطاع العام لأسباب مخلة بالشرف ما لم يكن قد انقضى خمس سنوات على تاريخ الفصل إلا إذا كان قد صدر لصالحه حكم نهائي بإلغاء قرار الفصل أو التعويض عنه .
وقف مباشره الحقوق السياسية
يوقف القانون مباشره الحقوق السياسية بالنسبة للمواطنين التى ذكرهم :
- المحجور عليهم مده الحجر .
- المصابون بإمراض عقليه المحجوزون مده حجزهم.
- الذين شهر إفلاسهم مده خمس سنوات من تاريخ شهر إفلاسهم ما لم يردوا إليهم اعتبارهم قبل ذلك.
العفو عن العقوبة
العفو عن العقوبة هو تنازل الدولة عن تنفيذ العقوبة أو العقوبات المحكوم بها على شخص معين، أو التنازل عن بعضها أو عن المدة المتبقية منها، أو أن يستبدل بها عقوبة أخف. ويطلق على العفو عن العقوبة أيضا اصطلاح «العفو الخاص»، تمييزا له عن «العفو الشامل» الذي يتعلق بالجريمة ذاتها. ويرمي العفو الخاص إلى إصلاح الأخطاء التي شابت الحكم القضائي، دون أن يكون في الإمكان إصلاحها، إما بسبب استنفاد طرق الطعن أو لأن طرق الطعن المتاحة لا تكفل هذا الإصلاح. وللعفو أهميته كذلك في تشجيع المسجون على التزام السلوك الحسن حتى ينال العفو عن جزء من العقوبة المحكوم بها. وبوجه عام، يلعب العفو الخاص دورا جوهريا كوسيلة لمكافأة المحكوم عليه من أجل سلوكه الحسن الذي استمر شطرا كبيرا من مدة العقوبة على النحو الذي ثبت معه أن العقوبة قد أثمرت غرضها في إعادة تأهيله بحيث لم يعد محل للاستمرار فيها. والعفو الخاص في النهاية هو وسيلة لتجنب تنفيذ العقوبة المقضي بها طبقا للقانون، إذا تبين لسلطات الدولة أن المصلحة العامة تقتضي العفو عنها أو إبدالها بعقوبة أخف. ومع ذلك، قد يرى البعض في العفو الخاص أنه غير متسق مع النظام القانوني الحديث. إذ يعني إبطال أهم أثر لأحكام الإدانة التي قد تصدر من أعلى المحاكم في الدولة، ألا وهو تنفيذ العقوبة المحكوم بها. ثم أنه يبدو منطويا على خرق لمبدأ الفصل بين السلطات، باعتباره يتضمن تخويل جهة غير قضائية سلطة التنازل عن العقوبة، الأمر الذي يشكل إخلالا بقوة الحكم واستقلال القضاء الذي أصدره. وهو في النهاية يمس الصفة اليقينية للعقوبة، إذ يفتح ثغرة ينفذ منها الأمل في عدم الخضوع لها. والواقع أن العفو عن العقوبة أو العفو الخاص له فوائد عملية لا يمكن إنكارها. ويمكن للعفو الخاص أن يلعب دورا هاما في مجال التعاون الجنائي الدولي، ويساهم في القضاء على بعض العقبات التي قد تعترض سبيل هذا التعاون. بيان ذلك أن بعض المواثيق الدولية وبعض الدساتير والتشريعات المقارنة تحظر التسليم إذا كان من المحتمل أن يتعرض الشخص لعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة أو عقوبة أخرى مهينة. ومن ثم، فإن العفو الخاص يمكن أن يلعب دورا بأن تتعهد الدولة الطالبة بعدم توقيع مثل هذه العقوبة على الشخص المطلوب
رد الاعتبار في القانون المصري
مادة 1558 – يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه في جناية أو جنحة ويصدر الحكم بذلك من محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وذلك بناء على طلبه.
مادة 1558 مكررا – يختص القضاء العسكري يرد الاعتبار إلي كل محكوم عليه في جناية أو جنحة صدر فيها الحكم من المحاكم العسكرية طبقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 2 لسنة 1969 بشأن رد الاعتبار عن أحكام المحاكم العسكرية.
مادة 1565 – يجب لرد الاعتبار:
(أولا) أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذا كاملا أو صدر عنها عفو أو سقطت بمضي المدة.
(ثانيا) أن يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية، أو ثلاثة سنوات إذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه المدة في حالتي الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضي المدة.
مادة 1565 مكررا – يراعي عند حساب المدة اللازمة لرد الاعتبار أن العبرة بالعقوبة المحكوم بها هل هي عقوبة جناية أو جنحة يقطع النظر عن وصف الجريمة التي من أجلها حصل العقاب.
(أولا) بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة جنحة في جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو تزوير أو شروع في هذه الجرائم المنصوص عليها في المواد 355 ، 356 ، 367 ، 368 من قانون العقوبات متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بمضي المدة أثنى عشرة سنة .
(ثانيا) بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جنحة في غير ما ذكر متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها ست سنوات ، إلا إذا كان الحكم قد اعتبر المحكوم عليه عائدا ، أو كانت العقوبة قد سقطت بمضي المدة فتكون المدة اثنتي عشرة سنة .
مادة 1581 – إذا كان المحكوم عليه قد صدرت ضده عدة أحكام فلا يرد اعتباره إليه بحكم القانون إلا إذا تحققت بالنسبة لكل منها الشروط المنصوص عليها في المادة السابقة على أن يراعى في حساب المدة إسنادها إلى احدث الأحكام .
****قام المشرع المصري بنهضة تشريعية فصدرت عدة تقنينات جديدة من بينها قانون الإجراءات الجنائية
1- ولا شك أن هذا القانون جاء معدلاً لأحكام قانون تحقيق الجنايات المعمول به الآن مستحدثًا لبعض النظم القضائية في المواد الجنائية أهمها الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام، ولا عجب إذا قلنا إنه بمناسبة هذه النهضة التشريعية الجديدة يتعين على كل مشتغل بالعلوم القانونية أن يساهم بنصيب في تلك النهضة فيتناول تلك الأحكام الجديدة بحثًا وتعليقًا - ولقد لاحظنا إبان دراستنا لهذا القانون أنه أورد أحكامًا في رد الاعتبار تخالف أحكام القانون المعمول به وهو المرسوم بقانون رقم (41) لسنة 1931, فعن لنا بحثها من الوجهتين الفقهية والتاريخية.
2 - موضع رد الاعتبار في القانون الجنائي:
من المسلم به أن فقه القانون الجنائي يحتوي على نوعين من القواعد القانونية, الأولى موضوعية، والثانية شكلية، فالموضوعية هي القواعد المتعلقة بالجرائم وشروطها وأركانها وعقوباتها وهي مجموعة في تقنين واحد يسمى بقانون العقوبات, أما الشكلية فهي القواعد المتعلقة بالإجراءات التي تتبع عند وقوع الجرائم وهي مجموعة في تقنين ثانٍ أسماه المشرع المصري خطأ قانون تحقيق الجنايات ولم يرد في هذين التقنينين أحكام في رد الاعتبار وإنما صدر به قانون خاص هو المرسوم بقانون (41) لسنة 1931, ولما تناوله الشراح المصريون بالشرح أورده بعضهم عند بحث العقاب في قانون العقوبات القسم العام وأورده البعض الآخر عند شرح قانون تحقيق الجنايات في الباب الخاص بتنفيذ الأحكام ولقد صدر قانون الإجراءات الجنائية الجديد وأورد أحكام رد الاعتبار في الباب التاسع من الكتاب الرابع الخاص بتنفيذ الأحكام فأيد الاتجاه الأخير ولقد أحسن المشرع المصري صنعًا إذ أورد أحكام رد الاعتبار في قانون الإجراءات فما أحكام رد الاعتبار إلا أحكام تتعلق بالشكل لا بالموضوع.
3 - تطور تاريخي:
ليس نظام رد الاعتبار نظامًا حديثًا وإنما هو معروف إبان عهد الرومان فالقانون الروماني ميز بين العفو وبين ما أسماه برد الحالة رغم أن كليهما يصدران من ولي الأمر Prince فالعفو يمنع تنفيذ العقوبة أما رد الحالة إذا صدر عامًا مطلقًا فإنه يعيد إلى المحكوم عليه اعتباره بما فيها كافة حقوقه المدنية كأنه لم يحكم عليه بشيء – ولما جاء القانون الفرنسي القديم أيد هذا المبدأ - وكانت حالة المحكوم عليه ترجع إلى ما كانت عليه قبل الحكم بمقتضى خطابات تصدر من السلطان فكان رد الاعتبار في هذا العهد إداريًا لا دخل لأية سلطة أخرى فيه. ولما جاءت الثورة الفرنسية ألغت الجمعية التأسيسية سنة 1791 كافة الحقوق التي يتمتع بها الملك من بينها حق العفو واعتبرت رد الاعتبار عملاً صادرًا من الأمة نفسها لإصلاح الحالة الاجتماعية واعتبرته حقًا مقررًا لكل محكوم عليه فلم يعد يحمل صفة العفو ووضعت إجراءات وقواعد معينة في رد الاعتبار, ولما صدر القانون الفرنسي الحديث على هدى هذا الاتجاه الحديث أكد تلك القواعد والإجراءات وصدر بعد ذلك أمران في 18 إبريل سنة 1848 و 4 يوليو سنة 1852 معدلين لبعض أحكام رد الاعتبار ولقد أصبح رد الاعتبار في هذا العهد إداريًا ذا صفة قضائية فكانت محكمة الاستئناف التي يقيم في دائرتها طالب رد الاعتبار تبدي رأيها في طلب رد الاعتبار فإذا كان في مصلحة الطالب يحول إلى النائب العام ثم وزير العدل وهذا الأخير يستصدر أمرًا برد اعتبار الطالب من رئيس الدولة.
وظل الحال على هذا المنوال إلى أن صدر القانون المؤرخ في 14 أغسطس سنة 1885 فنقل الاختصاص في مسائل رد الاعتبار برمته إلى محكمة الاستئناف وحدها فأصبحت تفصل فيه على هدى ما يستبين لها من ظروف.
وفي 5 أغسطس سنة 1895, أدخل في فرنسا نظام رد الاعتبار القانوني الذي سنبحثه فيما بعد.
أما في مصر فلم يرد في التقنينات الجنائية أحكام لرد الاعتبار أكثر من الطلبات المقدمة إلى وزارة العدل بالتماس العفو عن العقوبات فاضطر المشرع المصري إلى سرعة معالجة التشريع القائم بتنظيم طريقة قانونية لرد الاعتبار فصدر في 5 مارس سنة 1931 المرسوم بقانون رقم (41) لسنة 1931 بشأن إعادة الاعتبار وينطبق على المحاكم الوطنية واشتمل على اثنتي عشرة مادة تناول فيها طريقة رد اعتبار المحكوم عليهم القضائية فجعل الحق في الحكم في رد الاعتبار لمحكمة الاستئناف - ولما صدر قانون تحقيق الجنايات الجديد للمحاكم المختلطة في 31 يوليو سنة 1937 وردت به أحكام لرد الاعتبار أمام المحاكم المختلطة في المواد (343) إلى (353) وجعل رد الاعتبار قضائيًا أيضًا فحسب.
ولم يؤيد المشرع المصري فكرة رد الاعتبار القانوني إلا في حالة واحدة وردت في قانون العقوبات في أحكام إيقاف التنفيذ فنصت المادة (59) من هذا القانون على أنه إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة بها ويعتبر الحكم كأن لم يكن – ولقد جرى قضاء محاكم الاستئناف على أنه لا يرد اعتبار المحكوم عليهم بأحكام مع إيقاف تنفيذها إذ يكتفي فيها بمرور المدة القانونية عليها وهي خمس سنوات حتى يعتبر الحكم كأن لم يكن ولا حاجة لرد اعتبار المحكوم عليه فيها.
وظلت الحالة على هذا النحو السابق إلى أن صدر قانون الإجراءات الجنائية الجديد والذي لم يُنشر بعد متضمنًا أحكامًا خاصة لرد الاعتبار وذلك في المواد من (536) إلى (553) أجاز فيها علاوة على طريقة رد الاعتبار القضائية طريقة أخرى هي رد الاعتبار القانونية أي بحكم القانون وذلك في المادتين (550) و (551) وذلك تمشيًا منه مع ما جرى عليه التشريع الحديث والقانون المقارن.
4 - تعريف رد الاعتبار:
لا شك أن الحكم بعقوبة جناية أو جنحة يؤدي من الانتقاص من شخصية المحكوم عليه ويحول دون استعادة مكانته الاجتماعية اللائقة ودون الوصول إلى مركز شريف إذ أن الحكم بالعقاب يتبعه في غالب الأحوال الحرمان من بعض الحقوق السياسية والمدنية ويسجل في قلم السوابق فيتعذر على المحكوم عليه الاندماج ثانية في الهيئة الاجتماعية, كما أنه ليس من العدل أن يحرم شخص من أن يتبوأ في الهيئة الاجتماعية المركز اللائق بكل وطني صالح إذا بذل مجهودًا ليحسن سيره وسلوكه وأقام الدليل على هذا بمرور فترة معينة دون أن يرتكب حوادث، ما لهذا قررت أغلب الشرائع أحكامًا برد اعتبار المحكوم عليهم وجعلته نظامًا مقررًا لصالح المحكوم عليهم بموجبه يستطيعون أن يحسنوا سيرهم وسلوكهم بغية مكافأتهم برد اعتبارهم إليهم كما أنه نظام مقرر لصالح الهيئة الاجتماعية نفسها فمن مصلحتها أن يندمج فيها كل من تاب وأصلح فيؤدي أعمالاً لصالح نفسه ولصالح المجموع في آن واحد - فما رد الاعتبار في الحقيقة إلا طريقة أدخلها الشارع المصري كي يمكِّن المحكوم عليهم من أن يستعيدوا حقوقهم السياسية والمدنية وبالتالي يندمجون في المجتمع مستردين مكانتهم السابقة للحكم.
5 - أنواع رد الاعتبار:
ورد الاعتبار إما أن يكون قضائيًا أو قانونيًا فرد الاعتبار القضائي هو مجموعة الإجراءات التي تتبع أمام جهة قضائية للحكم لطالبي رد الاعتبار بإعادة اعتبارهم إليهم فهو من صميم سلطان الهيئة القضائية تفصل فيه حسبما يتراءى لها من ظروف الطالب عما إذا كان جديرًا برد اعتباره إليه إذا حسن سيره وقوم نفسه منذ صدور الحكم عليه أم غير جدير, أما رد الاعتبار القانوني فهو يتقرر بحكم القانون فمجرد مرور مدة يعينها القانون دون ارتكاب المحكوم عليه جرائم في خلالها يتعين رد اعتباره من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اللجوء إلى السلطة القضائية فهو رد اعتبار حتمي إلا أن هذا النوع من رد الاعتبار قد استهدف لبعض الانتقادات فلقد قيل إنه يسمح لشخص ذي سيرة غير حميدة يعيش عيشة غير شريفة سلوكه شائن أن يستعيد اعتباره إذا مضت مدة معينة لم يرتكب فيها جريمة أو بعبارة أدق استطاع إخفاء ما يرتكبه من جرائم فأفلت من يد العدالة والقانون إلا أنه رغم هذا النقد الذي لا يوجه في الحقيقة إلا إلى نفر قليل من المحكوم عليهم فإن الاتجاه السائد في التشريع الحديث يميل إلى تأييد هذا النظام الأخير.
ولا يصح الخلط بين رد الاعتبار السابق شرحه وبين ما يسمى بالعفو الشامل أو العفو عن الجريمة أو كما يسميه بعض الشراح برد الاعتبار التشريعي, فرد الاعتبار الذي نحن بصدده ما هو إلا مكافأة شخصية على حسن سلوك المحكوم عليهم لا يكون إلا بعد تنفيذ العقوبة ولهذا
إن قرار المجلس الاعلي للقوات المسلحة بصفته السلطة القائمة بسلطات رئيس الجمهورية في الفترة الانتقالية الحالية وفق أحكام الإعلان الدستوري بالعفو عن العقوبة عن كل من خيرت الشاطر وأيمن نور فكان واجب عرض هذا الأمر علي محكمة الجنايات المختصة وفق إجراءات رد الاعتبار لصدور حكما بالعفو ورد الاعتبار وفق أحكام القانون والمذكورة بعالية وهذا حكما صادرا من محكمة جنايات القاهرة برد اعتبار من صدر بشأنه قرار جمهورية بالعفو عن العقوبة
حكم محكمة جنايات القاهرة برد اعتبار من صدر بشأنه قرار جمهورية بالعفو عن العقوبة
حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن رئيس الجمهورية أصدر القرار رقم 487 لسنة 1981 بالعفو عن العقوبة المحكوم بها على الطاعنة، لما كان ذلك، وكان الالتجاء إلى رئيس الدولة للعفو عن العقوبة المحكوم بها هو الوسيلة الأخير للمحكوم عليها للتظلم من العقوبة الصادرة عليها والتماس إعفائها منها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها فمحله إذن أن يكون الحكم القاضي بالعقوبة غير قابل للطعن بأية طريقة من طرقه العادية وغير العادية ولكن إذا كان التماس بالعفو قد حصل وصدر العفو فعلاً عن العقوبة المحكوم بها ولما كان من المقرر أيضاً أن العفو عن العقوبة لا يمكن أن يمس الفعل في ذاته ولا يمحو الصفة الجنائية التي تظل عالقة به ولا يرفع الحكم ولا يؤثر فيما نفذ من عقوبة بل يقف دون ذلك جميعاً.
جلسة 5 من أكتوبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، أحمد محمود هيكل، ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.
الطعن رقم 4139 لسنة 52 القضائية