مقتطف من مقدمة كتاب "التنمية و التغيير الاجتماعي"
للدكتور فيليب ماك مايكل – ترجمة انور امزوضي



نتكلم عن العولمة هذه الايام كانها تحصيل حاصل و احيانا نتكلم عنها باعجاب كبير. هذا الاعجاب لا يمكنه ان يهدء الالم الذي نشعربه امام حقيقة دوبان جليد القطب المتجمد. يزداد و عينا يوما بعد يوم على ان الطريقة التي نعيش بها على سطح هذا الكوكب لها حدود ,حدود ايكولوجية و اجتماعية. بينما يستطيع ثلاثة ارباع سكان العالم مشاهدة التلفزيون و بالتالي الاستمتاع بصور الاستهلاك العالمي للسلع يستطيع حولي ثلث سكان العالم فقط المشاركة في الاقتصاد العالمي من خلال القروض البنكية او بما يملكونه من سيولة مالية. نحن اليوم نقف على منعطف خطير: التنمية ذات الاتجاه الاستهلاكي ستبقى نشاطا يمارسه اقلية من سكان العالم او سيتم تعميمها ليشارك الجميع في الاقتصاد العالمي و كلا الخيارين غير مقبولين لاسباب بيئية او اجتماعية او للسببين معا. التنمية كما نعرفها اصبحت في مأزق.





تصور اجهزة التلفزيون الناس يستهلكون البضائع العالمية في كل بقاع الارض و هذه مجرد صور فقط لاننا نعرف ان َ20 في المئة من سكان العالم فقط يستهلكون ما مجموعه 86 في المئة من البضائع و الخدمات بينما 20 في المئة من سكان الارض الاشد فقرا يستهلكون فقط 1.3 في المئة من هذه البضائع و الخدمات. ان التوزيع العالمي للثروة المادية غير متوازن بطريقة رهيبة. اكثر من ثلاثة ملايير من الناس لا يستطيعون الاستهلاك على طريقتنا في الغرب


قد نكون معتادين على اسلوب العيش الاستهلاكي بينما بعض الثقافات لا تشعر بالراحة من التعريف التجاري للاشياء. او ببساطة طريقة العيش الاستهلاكية تعتبر مسألة هامشية بالنسبة اليهم. على عكس ما تصوره و سائل الاعلام, الاستهلاك العالمي للبضائع ليس امرا متاحا لاغلب سكان الارض و ليس شيئا يطمحون اليه. الكاتب ادواردو كاليانو يتحدي هذه الصور الاعلامية بقوله : الاشهار يدعونا جميعا للاستهلاك بينما ظروف العالم الاقتصادية تمنع اغلب سكان الارض من المشاركة في الاستهلاك. هذا العالم يصور على انه حفلة مفتوحة و لكن الباب يسد بقوة امام وجوه الكثيرين…. في نفس الوقت العالم هو مجال للمساواة و اللامساواة…المساواة في الافكار و العادات التي تفرض علينا و اللامساواة في الفرص الممنوحة الينا.


ان اهم قضية يعرفها عصرنا الحالي هي قضية التغير المناخي و قد وصفت مجلة الايكونوميست التغير المناخي على انه " القنبلة الموقوته التي ستدمر العالم". عمر العالم اصبح قصيرا و خلال هذه المدة يجب علينا ان نتعلم كيف نغير طريقة استهلاكنا للطاقة لنتمكن من خفظ نسبة الغازات التي ترفع درجة حرارة الارض. مستوى الاستهلاك الحالي للطاقة –غاز و بترول و موارد الارض الاخرى- غير مستدام. فهل الدول الغربية و الدول النامية ما زالت مصرة على الاستمرار في نمط التنمية الاستهلاكي الحالي؟