أما بعد،
فإلامَ صَوْلة الغريزة؟ وحَتَّامَ يَنْزو بك الشر؟ وإلامَ نزقُك وسَوْرَتُك؟ قد أمْهلَك المُبطلون ممن ألِفوا سفكَ الدماء، وهتكَ الأعراض، ودَوِيَّ القصف، وعويل الثكالى، وفَرَق الصِّبية، ووَجَل العذارى، وصراخ المعذبين، وأنين المكلومين، وحنين المُهجَّرين، حنين النَّجيب إلى عَطَنه، فرُحْت تقترف المنكرات وتأتي من الرذائل ما يأنف منه طَغامُ الناس وحُشْوتُهم. هوَت بك سبلُ المغاوي، وانقطعت دروبُ الأوبة فإذا أنت كالقائل أَنْظِرني إلى يوم يبعثون. وما أنت من المُنْظَرين، فإن الله ناصر المستضعفين ولو بعد حين. وإن للأمر بغتات، فكُن على حذر! وويل لك من يومِ قصاص، وويل لك من قومٍ يكسرون عليك أرْعاظ النَّبل.
ها قد انتهى أجلُ المُسَوِّفين وما أسفر صُبح الشام الجديد إلا عن أجثاثٍ جديدة، وأرواح عَرَجت إلى ربها تشكو جَوْرَ الطاغية وخذلان ذوي القربى.
يا من ابتاع المُلك بأمَّة، وابتغى رضى نفسه بسخط ربه! إن التاج الذي تصونه لا جرم منزوع عنك، وليكوننَّ قِطْراً تُجَرَّعُه. ولا يغرنَّك أَن اتخذتَ من فارس والروس والصين وقوم من ذوي العمائم جُنَّة، فإنهم لا ريب خاذلوك. أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون. ولَيُهْزمَنَّ جمعُكم، ولتُوَلُّنَّ الدُّبُر. ولتذهبنَّ ريحُكم، ولتُسألَنَّ عما اجترمتَ أيَا عديم المروءة ومُضَيِّع الأمانة! فأعِدَّ جوابك فإن لك أجلا لا يَعْدوك!
يقينُنا في الله أنها غَمْرة ثم تنجلي، والدهر ذو صُروف، وإنما يُؤجر الناس على الصبر أجرا بغير حساب، فنسأل الله الصبر على البلاء، وأن يجزي الصابرين خير الجزاء. وأن يرد عن المستضعفين كيدكم، ويجعله في نحوركم، ويردَّكم على أعقابكم خاسرين.
والسلام على من اتبع الهدى
23 جمادى الأولى 1433ه
(15/04/2012م)