ح 2 / ومضات من تاريخ العراق

الغرض من هذا الكتاب , و ترجمته الى اللغة الأنكليزية, هو تقديم شرح مبسـط لأبناء الجاليات الأسلامية والعربية في المهجر الذين لا يجيدون القراءة باللغة العربية , لشرح علاقة الطائفية بالثورات الوطنية التي تفجرت في العراق, منذ العهد الملكي ولغاية ســقوط بغداد, وبيان أسباب انقسـام المسلمين الى ســنه وشــيعه, وكيف تمكنت هذه الظاهرة البغيضة التي بزغت منذ ما ينيف على ألف سنة أن تكون في حالة ســبات لفترة طويلة, ثم تسـتيقض بعد سقوط العهد الملكي وتزداداستعاراً و بعنف بعد سقوط بغداد!!
كما ان الكتاب يحتوي على مقترحات للتخلص من هذه الظاهرة بالسرعة الممكنة من اجل تشجيع جميع الناس للعيــش بمحبة وسلام, كما في دولة ماليزيا الأســلامية, المتكون شــعبها من عدة قوميات, ومذاهب مختلفة, مثل المالي (60%), والصيني (20%), والهندي (2%), لكل منها دينها ومذهبها ولغتها, ومـن
الجدير بالذكر, هن هذه الدولة, بدأت تحرر من الهيمنة الخارجية في الأربعينات, وفي ســـنة 1963, نِشـــأت الجمهورية الماليزية الفدرالية من 13 ولاية, بقيادة رئيــس وزرائها, الدكتور محمد مهاذير, وفي أكتوبرســـنة
2003, اكمل الدكتور محمد مهاذير 20 عاما كرئيسا للوزراء.

وعلى اية حال, فقد بزغت ماليزيا في عهده واصبحت من أكثر الأقطار الأســلامية تقدما وغنى في منطقة دول شرق آسيا, ولقد أظهر الدكتور مهاذير الوجه المشرق للعالم الأسلامي. حيث طبق النظام التقدمي في الأقتصاد والسياسة والأبحاث العلمية. ولم يسـمح نظامه بالتحيز او المحاباة لأي طائفة عرقية اودينية لأي مـن مكونات الشــــعب الماليزي.
ولهذه الأسباب وغيرها صــرت طامحا الى منع نمو ظاهرة الطائفية البغيضة في وطني الغالي العراق ونداء كل الفئات الطائفية والعرقية في ربوعه, من استخدام قدراتها تحت اي من المســميات لتقســيم العراق .

آمل لهذه المحاولة ان توضـح للخيرين من أبناء الشعب العراقي الطريق الصحيح نحو المسـتقبل بعيون مفعمة بالأمل, ودحركل المفاهيم الوعرة التي زجت في عيون ابناء الوطن الواحد. ولذا كان من الواجب عدم الأســتجابة للمغرضين بأسـتخدام القوة بنقل وتطبيق العادات و المعتقدات الســــيئة المخالفة للقرآن الكريم و الســنه النبوية الى كافة ابناء الشــعب في وطننا العراق.
بينت التجارب لنا ضرورة التوجه نحو النهج الطبيعي في المستقبل, ورمي كل الأفكار الســلبية بعيدا, وكل أملي ان أرى الطائفة الســنية والشــيعية وبقية الأديان والقوميات في العراق متعايشــة معا بســلام كما هو الحال بين المذاهب الســنية المختلفة مثل, الشـافعي والحنبلي والمالكي , لأن المنتمين لكافة المذاهب الأسلامية رب واحد وقرآن واحد وقبلة واحدة وســنة واحدة, ولذا فمن الصــواب غلق الحواجز بين ابناء الطائفتين , كما يجب طمرالمعلومات الدخيله التي تسـربت وعشــعشــت في عقلية المســلمين البســطاء.
دعونا ننظر الى الى ما يجمعنا, ونهمل ما يفرق بين المسلمين بدلا من النبــش في العيوب وبيان أســتيائنا لمعتقدات اية طائفة من الطائفة الأخرى, وبهذا سيتركزاهتمامنا فقط في معالجة الأمور الفقهية في القضاء.
دعونا ننظر الى ما يجمعنا بصورة عامة, وليـس الى ما يفرقنا, ولذا, ووفق اعتقادي, من الضـروري التصدي وازدراء كل من يروج للطائفية, واتباع خطوات علمائنا الذين عبدوا لنا الطرق الوعرة منذ مآت الســنين.
تعقبت شـخصيا هذه الظاهرة بســبب حبي للناس كبشرو بغض النظر لمعتقداتهم المذهبية, و أن الوضــع الراهن الذي بزغ بعد سـقوط بغداد دفعني للغوص في مســــتنقع الطائفية البغيضة وتحري اســــباب عودتها بعنف بعدما همدت ودخلت بدور الــسبات نسـبيا, في الخمسـينات !
في خلال مراحل حياتي الســابقة, زرت العديد من الدول الأوربية, وشـعرت بالمودة بين شـعوبها بغـض النظرعن الأختلاف بين قومياتهم ومذاهبهم الدينية وحتى لغاتهم,... فمن المعلوم ان معظم هذه الأقطار أتحدت فيما بينها بالرغم من الأختلاف في مســاحتها الجغرافية ولغاتها وحالةها الأقتصادية و الأجتماعية,.. وبالرغم من كل ذلك, فقد اتحدت تلك الأقطار وكونت دولة واحدة (الأتحاد الأوربي), لها علم واحد وعملة واحدة, وان اي فرد في اي قطرمن اقطارها, يملك حق الأنتقال والأقامة والعمل والتملك, من دون الحاجة لأــتخراج فيزة.
لقد عاصرت الطائفية في العراق منذ الصـبا, ولم أتفق بالرأي مع الذين اسـتخدموا النقد اللاذع او الحرب الباردة الخفية بين كلا الطائفتين الســنية والشــيعية. وعلى أية حال, ان تلك الحرب خفت حدتها, او قل كادت ان تزول في ســنة 1950, الا انها عادت ثانية بعد ثورة الرابع عشــر من تموز والثورات الأخرى التي أعقبتها. وان سـبب ذلك عائد لرأس الحكومة ومن يدور حوله من مسـاعدين, حيث اســتخدموا فئة من الشــعب تتبع نفــس مذهب رأس الدولة لتنفيذ اجندة ذلك الحاكم وايجاد المخرج القانوني لها والتصفيق له !
ان هذه الحالة اسـتمرت حتى سقوط بغداد في التاسـع من ابريل/نيسـان 2003, ثم نمت بســرعة فيما بعد, ومع الأسـف الشـديد زاد تجار السـياسـة من ضـراوتها يوماً بعد يوم.
لقد صـممت على التصــدي لجميع المعتقدات الســلبية التي ســببت الضرر لتعاليم الأســلام وزادت من تمزق الشــعب العراقي المتميز بديانات وقوميات مختلفة, ولذا ســوف احاول شــرح العلاقات والروابط التي تســاهم في تقوية الروابط بين مكونات الشــعب العراقي.
غادرت وطني العراق, في تموز( جولاي) ,1992, عند نهاية حرب الخليج الثانية, فقد كنت وعائلتي في حالة مزرية بســبب الحصار الجائر آنذاك, و خاصـة بعد الحرب التي شــنتها قوات التحالف بقيادة أمريكا لأخراج القوات العراقية التي غزت الكويت, وهاجرت عن طريق الأردن الى طرابلس عاصمة ليبيا, ولا اريد الخوض في شــرح معاناة كافة شــرائح الشــعب العراقي , بما فيهم البعثيون, من هول المحن التي واجهتهم.
وعلى أية حال, فان الموقف الجديد بعد ســقوط بغداد , هو الذي دفعني لتدوين أهم الخواطر التي عشــتها منذ ســقوط الملكية في ســنة 1958, أضـافة الى المعلومات التي انتقيتها من اهم المصادرالعربية و الأنكليزية لتكون أخيرا هذا الكتيب, وترجمته للغة الأنكليزية.
يتبع ح 3 / الطائفية هذه الأيام