الاقتصاد البحرينى ورؤية خليفة بن سلمان للمستقبل
---
ليست مبالغة القول أن الكلمة المحورية التى القاها رئيس الوزراء البحرينى الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أمام المنتدى الاقتصادي لشرق أسيا " الآسيان" فى اواخر مايو الماضى كشفت بعمق عن رؤية اقتصادية سباقة، ونظرة مالية فاحصة للاوضاع الاقتصادية العالمية بصفة عامة وللاقتصاديات المنطقة العربية بصفة خاصة والتقدم الذى سجله الاقتصاد البحرينى على وجه الخصوص. ففى الوقت الذى كشف فيه عن الدور المهم الذى يلعبه التكتل الاسيوى "الآسيان" فى منظومة الاقتصاد العالمى كونه مصدر إلهام للدول النامية وواحدا من التكتلات الاقتصادية والتجارية المؤثرة في العالم، والمنتظر تعاظم دوره باستكمال بناء رابطة الآسيان عام 2015، نجده يؤكد وفى اكثر من موضع فى خطابه على اهمية مواجهة الازمات الاقتصادية التى يشهدها العالم بين حين وآخر، من خلال تعظيم مجالات التعاون من أجل التعامل الجدي معها بهدف التخفيف من آثارها السلبية على دول العالم، وضمان عدم تأثيرها على معدلات النمو الاقتصادي وجهود تحقيق الأهداف التنموية، وما يستتبعه ذلك من تنسيق بين الدول وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري وإلغاء الحواجز المقيدة للاستثمار. كما حرص كذلك على الاشارة الى التطور المهم الذى سجله مجلس التعاون الخليجى كنموذج ناجح على على طريق التعاون السياسي والاقتصادي منذ ما يزيد على الثلاثين عاما، نجح خلالها من مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة كان لها تأثيراتها على اقتصادات كثير من الدول، بما اعطى دوله دفعة قوية من اجل مواصلة الجهود التعاونية والتكاملية فى سبيل الوصول الى مرحلة الاتحاد وبما يضمن تحقيق آفاقًا اقتصادية وسياسية كبيرة تنعكس بصورة إيجابية على شعوب المنطقة وبما يجعل منها تكتلاً اقتصاديًا يتجاوز إجمالي الناتج القومي لدوله التريليون دولار، وهو ما يفتح المجال واسعا امام خطوة جادة نجح البحرين فى تحقيقها اجتماع المنامة عام 2009 بالتوصل إلى رؤية مشتركة بين وزراء خارجية الآسيان و مجلس التعاون، والتى اكدت على ما ذكره رئيس الوزراء فى كلمته بان:"العلاقة بين المنطقتين هي علاقة تكاملية يمكن أن تؤدي إلى زيادة رفاهية المواطنين من خلال الازدهار المشترك، وأن تحقيق هذا يتطلب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الوزارية المشتركة، والمضي قدما لترسيخ التعاون وفتح مجالات جديدة يسهم فيها القطاع الخاص بدور كبير".
وفى هذا الاطار، يجدر الاشارة إلى النجاح الذى حققه الاقتصاد البحرينى خلال الفترة الاخيرة بفضل تلك الرؤية الثاقبة والنظرة المستقبلية والادارة الرشيدة للموارد الاقتصادية التى تملكها المملكة، فقد شهدت قطاعات الاقتصاد البحريني المختلفة حالة من التعافى جعلت من الممكن وقوف الاقتصاد البحريني خلال هذا العام على نقاط الوثوب لتحقيق رؤيته الاقتصادية 2030، حيث شهدت البحرين حتى النصف الاول من هذا العام (2012) وخلال 15 عامًا تنفيذ 152 مشروعًا بتكلفة إجمالية تصل إلى 87 مليار دولار، من بينها 40 مشروعًا في الصناعات النفطية و50 مشروع في قطاع الإنشاءات و25 مشروعًا في قطاع البنية التحتية ومثلها في قطاع السياحة وسبعة مشروعات في القطاع الصحي وتعبر هذه المشروعات عن التزام الحكومة البحرينية في القيام بواجباتها حيال حالة الركود الاقتصادي التي ألمت بالاقتصاد البحريني نتيجة أوضاع الاقتصاد العالمي المتأثر بالأزمات المالية والاقتصادية والأحداث السياسية التي وقعت في 2011؛ حيث إن تكثيف الصرف الحكومي على مثل هذه المشروعات يستقطب الاستثمارات الأجنبية ويحفز القطاع الخاص على المشاركة، كما أن استهداف الحكومة البحرينية رفع مستوى معيشة مواطنيها مكنها من رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 21 ألف دولار في 2006 إلى 23.4 ألف دولار في 2011، إضافة إلى السيطرة على التضخم عند حدود 1%، كما أمكن لسياسات تنويع مصادر الدخل ارتفاع إسهام قطاع الخدمات المالية إلى 21% من الناتج المحلي الإجمالي ليأتي تاليًا لقطاع النفط وارتفاع إسهام الصناعات التحويلية إلى 17% من هذا الناتج.
صفوة القول أن ما حققته البحرين من نجاحات اشاد بها القاصى والدانى ليس فقط فى المجالات الاقتصادية، بل فى جميع المجالات الاجتماعية والتعليمية والثقافية والسياحية وفى مقدمتها الملف الامنى تؤكد الجهود المضنية التى تقوم بها الحكومة البحرينية برئاسة الشيخ خليفة بن سلمان من اجل تجاوز آلام الماضى ومواجهة تحديات الحاضر وصولا الى طموحات المستقبل وآماله.