أما بعد،
فقد لاح لكل ذي بصر أنك اخترت إرهاب قومك سبيلا لإخماد قومة الأحرار لعلهم ينتهون، ولبئس اختيارك! وهيهات هيهات! فإن الثورة ماضية حتى يزول عرشك، وتُدكَّ حصونك، ويمَّحِق حُكم الجَبر إلى الأبد. يشهد كرم الزيتون وبابا عمرو وحمص وأهلها، والخالدية والحولة والقبير أنه لا عهد لك ولا شرف. فإنك أتيت من البلايا ما لا قِبل للناس باحتماله. والله وحده أعلم بما تخبِّئه الأقدار. ومن آفات الدهر أن يتسلط الحاكم على قومه، ويُنْفذ في المستضعفين والعُزَّل سهامَ حقده وغيظه، ثم تراه متبجحا مباهيا وهو الذليل مهيض الجناح، لا همّة له متى ما دعا الدّاعي إلى ملاقاة العدوّ، وليس بينهما غير أشبار. ألا قبّحك الله ما أسفهك!
وإني لأذكر في مقامي هذا قول امرأة من كنانة لِبسر بن أرطأة -وكان رسول معاوية إلى اليمن- بعد أن قتل طفلين لعبيد الله بن عباس، وقتل الكناني وكانا وديعة عنده: "يا هذا قتلت الرجال، فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون الأطفال في الجاهلية ولا في الإسلام. والله يا ابن أرطأة إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبيّ الصغير، والشيخ الكبير، ونزع الرحمة، وعقوق الأرحام، لَسلطان سوء".
وإنك لسلطان سوء وجَور، ودَيدنُك المكر والدهاء، ولا يحيقُ المكرُ السيّء إلا بأهله. فأبشرْ فإنك عن قريب مُودّع، وغدا نقول:
من بات بعدك في مُلك يسرُّ به ؞؞؞ فإنما بات بالأحلام مغرورا
والسلام على من اتبع الهدى
24 رجب 1433ه (14/06/2012م)