كانت ديمة طفلة خجولة جدا ،رغم ذلك فقد كانت تتميز بعناد شديد ،،عنادها ذلك يجعلها تشعر أنها شخص قوي بصمته وعدم الكلام والتعليق،أمها ناديا كانت تعرف ذلك ،وتمعن في إذلالها (أو هكذا كان يخيل لديمة )وتقول :البنت إن كسرت لها ضلعا طلع لها أربع وعشرون ضلعا .

أما شقيقها الكبير رائد فهو المفضل عند الأم، وأول قطوف أمومتها ،م تنس ناديا أبدا أن حماتها لم تكن تريدها زوجة لإبنها ،تتذكر جيدا نظرات حماتها عندما جاءت لخطبتهم ، جلست بوقارها الشديد ، وقد ارتدت جلبابا أسود، في غاية الاناقة ، من حرارة جو شهر تموز ، ازدادت حمرة وجنتيها ، كان المنزل في غاية النظافة رغم بساطته، فناديا وأهلها يسكنون في شقة بسيطة بطريق المزرعة البيروتية ، أما حماتها أو الزائرة المبجلة فقد كانت شقتهم أكبر بكثير وواسعة جدا وقريبة من مبنى الجامعة الأمريكية في شارع الحمراء ،ارقى شوارع بيروت واحيائها التي لا تنام إلا على ضجيج مرتاديها وعشاقها من كل الوطن العربي ،

أخذ قلب ناديا يدق نظرت لوجهها في المرآة جيدا ، تبسمت ، نظرت لأسنانها ، كانت شديدة البياض ، زمت شفتيها تاكدت من لون الشفاه الزهري الجميل، نظرت لشعرها كان في غاية الجمال ، أسود ناعم مسترسل بشكل يغري ، ضحكت ناديا ، أو يغري ، سأغري حماة المستقبل به ، تأكدت من مكياج عينيها البسيط وكحلتها السوداء التي أضفت عمقا على عينيها البنيتين الغامقتين ، ضحكت بسخرية ، أو أي عيون زرقاء خضراء ستنافس جمال عيوني الكحيلة الآسرة الجذابة ،هذه هي أسرة عمر، وكذلك عيون أمه وشقيقاته ، ضحكت عيون ملونة أو مثل عيون القطط، ارتاحت للوصف الساخر، ضحكت ، دق قلبها بعنف، لكن عيون عمر خضراء، حسنا حسنا درجة اخضرار عيون عمر تختلف عن بقية أسرته ، ثم إن بشرة وجهه صارت تميل إلى الإسمرار بعد العمل بالخليج إنه مختلف عنهم ، إقتربت منها شقيقتها الكبرى ، ، ناديا ما بك ؟هيا القهوة قد أضحت باردة ،مثل برودك !! ضحكت أو باردة مثل حماتي، نظرت إليها اختها باستغراب ، وزمت شفتيها بقسوة وأصدرت همهمة معترضة وقالت هيا بسرعة ،ضحكت ناديا بدلال، رفعت غرتها بيدها ،بدت كفتاة لعوب .

دخلت الغرفة، بثقة كبيرة اقتربت من حماة المستقبل بكل ثقة ، نظرت لعينيها وبدلال واضح وصوت عذب، تفضلي ، ثم انتقلت لوالدتها ، جلست بكل غنج، وضعت رجلا على رجل، رفعت بيدها غرتها المسترسلة، نزلت الغرة مرة أخرى ، كفت عن مداعبة شعرها ، نظرت لها حماتها وتنهدت .

فهي سمراء جدا وقصيرة القامة رغم جمال جسدها المتناسق الرشيق تبدو لمن يراها عارضةأزياء لكنها سمراء !!و عمر أبيض مشرب بحمرة ،وطويل القامة، وذو حضور آخاذ ،،كيف يتزوج تلك النادية ؟ شعرت الحماة بقهر شديد ؟ لا يوجد بك أي صفة تغريني كأم لخطبتك؟ كانت الحماة تحدث نفسها (إني أعرف أسرتهم منذ سنوات ، من أيام الهجرة من فلسطين ، كانت أمها تزورنا دائما ،بينهما عشرة سنوات، لكن أرجوك بلا نسب، هكذا قالت لولدها عمر حين أبدى رغبته بالزواج منها ،هناك العديد من فتيات العائلة الجامعيات، المناسبات، عمر درس في مدارس المقاصد الإسلامية ،فنال المنحة تلو المنحة وجاءت المنحة الأساسية في الجامعة الأمريكية ،فهو محط أنظار فتيات العائلة وجاء اختياره لناديا كالصدمة ،فتاة عادية ،أتمت مرحلة البكالوريا ،عملت فترة كوافيرة نسائية في صالون بالشرقية ،وقد شاهدها مرة تلو الأخرى وهي تذهب لعملها هناك ،وهو صديق لأشقائها اللذان يدرسان في مصر ،وشقيقها محمود الذي يهوى الفن والتمثيل ،ويعرف كل أخبارمغامراته بمصر ،وكيف بذر وأضاع مبلغ ما كسبه في ورقة اليانصيب ،والذي يتجاوز العشرة آلاف دولار في مصرو ايطاليا ،بحثا عن الشهرة !!وفي كل مرة كان يسهر ليلا في منزلهم من اجل ذلك فقط ؟كانت الأم كثيرا ما تسأل نفسها عن سر العلاقة بين ابنها عمر وعائلة ناديا ؟؟ هذا هو السر؟؟

سألته أمه معترضة بشدة أنت صديق لإخوانها لا أكثر ولا أقل، أرجوك لا أريدها كنة لي !!ثم إن سلوك أشقائها معيب ، ولا يناسب تقاليد العائلة، إنهم عائلة منفتحة بعض الشئ.

أصر عمر قائلا أنه يراها أجمل من كل نساء العالم الشقراوات ! وأن سنحة السمار تلك التي في وجهها تعادل كل شقراوات عائلته . سكتت الأسرة و الشقيقات على مضض فما باليد حيلة؟؟لكن ناديا لم تكن لتغفر لهم تلك الزلة القاتلة .

واستقرت بهما الحال في الغربة بالرياض فكان رائد أول قطاف الحب ،أسمر كوالدته يحمل عينيها و أنفها الصغير ،وشعرها الناعم المسترسل كالحرير الذي عشقه عمر من أول نظرة !!وشعرت هي بسرور شديد، لقد ثبتت طابع أسرتها في أسرة زوجها !!وهاهو ذلك الطفل الأسمر الجميل يرفع رأسها عاليا فحماتها تحب الصبيان بشكل غير طبيعي،

ثم ما لبثت أن أنجبت ديمة، بيضاء مشربة بحمرة كوالدها و حماتها ،نفس الشفتين المكنزتين ونفس تقاطيع الوجه قالت حماتها أوه إنها لنا يا لجمالهاالأخاذ .وكأن حربا صامتة باردة بين المرأتين ، من يدفع تكاليف الحرب ، اعتقدت ديمة ان عليها أن تقف بجوار أمها ولم تكن تهتم كثيرا لحب جدتها المبالغ فيه امام والدتها ، كانت الجدة صادقة في مشاعرها ، وكذلك ناديا، ولكن ديمة ، تلك الفتاة الضائعة كلما جاءت الإجازة الصيفية إزداد حب امها لرائد ، وبالمثل إزداد اهتمام جدتها بها ، ديمة تقول لنفسها أرجوك أمي أنا أحبك أيضا ، لم تتخلين عني بمجرد وصولنا منزل جدتي، او هكذا كانت تشعر، من احب أكثر جدتي أم أمي، سؤال غبي تظل تطرحه ديما على نفسها ؟ من ؟ طبعا أيتها الغبية امك!!كان ذلك جواب رائد عندما استعانت به !!

فعلا ديمة كانت تعشق والدتها ،أكثر من أي شيءآخر!! تلتصق بأمها في منزل جدتها في بيروت ، ما تلبث ناديا أن تمسكها وتجلسها بجوارها ،وتحرص على أن يجلس رائد في حضنها .

تنظر ديمة لذلك الحضن الحلم!! كالقطة الأليفة ،و تظل تمسح بفخذ أمها فتقول لها أمها ،كفي يا ديمة !!فتقوم بقرص رائد في فخذه عله يقوم ،فما يكون منه إلاأن يشد شعرها بهدوء ،فترتد يدها عنه و،تكتفي بدفء الجوار مع أمها !!

كبرت ديمة ،وصارت تفهم أن أمها تحب شقيقها بشكل جنوني ،لأنه ولد هذا ما اعتقدته ،،وزاد الطين بلة أنها انجبت عقب ديمة فتاتين بنفس المواصفات ،!وكأنهن أبناء ذلك الزوج العاشق ، فلم يبق في المنزل،،إلا هي ورائد كأقارب ،

والأطراف الأخرى الأعداء السريين !

! هيا يا ديمة،، أحضري قميص أخوك!!هل نظفت غرفته!1ماذا تريد يا حبيبي أن نطبخ اليوم ؟ملوخية ورق لأنك تحبها ،لالا داعي للفاصولياء أعرف أنك تكرهها ،حسنا صنعت لك الكيكة التي تحب بالشكولاته البيضاء،، أو أعلم أنك تكره الشوكولا الداكنة! تعبت ديمة ودانة و دينا من محاولات جذب انتباه الأم و استسلمت الصغيرتان ،المشكلة في ديمة!!

.كبرت ديمة وكبر الحزن في عينيها وقلبها. وفي يوم من الأيام شعرت بألم شديد في بطنها ذهبت للحمام ؟؟ما هذا ؟؟ يا إلهي هذا ما درست عنه في حصة الفقه!!!
يتبع