على هامـش البحث العلمي

هفوات البحث العلمي أدت لأكتشاف مثمر :


يعتقد البعض أن معظم الأكتشافات العلمية ناجمة عن خطأ وقع فيه الباحث, وهذا غيرصحيح , أن لم يمتلك الباحث دقة الملاحظة لما حدث حتى يصل الى أضاف للحظ الذي أوقع الباحث في هفوة ويدرسـها وفق منهج البحث حتى يصل الى الناتج الجديد من دون مخالفة للقوانين العلمية التي يتبعها في بحثه! , وان لا يتذمر, حيث قيل : ( رب ضارة نافعة! ).)!
فعندما يتعثر الباحث في تطبيق خطوات البحث سهوا,ً قد يؤدي ذلك في بعض الأحيان الى أكتشاف شـيئ جديد, سوف لن تكن له أهمية أن لم يكن الباحث بمستوى علمي وفكر نير للتحري عن تلك الظاهرة الجديدة, .كما فعل مكتشف قوة البخار, عندما لاحظ غطاء قدر الحساء يتحرك بقوة, فأوقدت تلك الظاهرة في ذهنه أختراع ماكنة القطار البخاري, مما يدل أن الأكتشاف أساسه الملاحظة الذكية والتحري عن كل ما يكتنفها من معلومات .
أدون في ادناه ما في الذاكرة من تجارب وقعت فيها هفوات أدت بصاحبها للتحري عن حقيقتها وتم له أختراعات مفيدة للبشرية منها الآتي:

شـريط التسجيل:

يعتمد التسجيل على السلك المعدني ذو الصفات المغناطيسية, وفي أحد الأيام كان الباحث الكيمياوي يجري تجاربب على تفاعل معين, وأثناء تحريك المزيج في أنبوبة الأختبار ,بقضيب من الزحاح , أنثقب دورق التفاعل وسقطت بعض محتويات الدورق في حوض الماء المستخدم لتبريد الدورق

أنزعج الباحث, وراح يعيد التجربة, ثم ألتفت الى المادة الساقطة في حوض الماء, فوجدها متصلبة قليلاً وحاول الضغط عليها, فوجدها لينة أشبه باللبان, وجعل منها قطعة مسطحة رقيقة وتركها, وبعد أيام وجدها أشبه بالمعدن, وتوجه لجهاز قياس المغناطيسية, فذهل لأحتواء تلك المادة على الخواص المغناطيسية , ثم قاده التفكير للأستفادة منها لصناعة شريط تسجيل كالمستخدم في جهاز التسجيل, وحصل على نتيجة قيمة, سجل على أثرها ذلك الأختراع بأسمه ليصبح من الأغنياء وتخلص من ضنك العيش الذي يعاني منه وأمثاله من الباحثين وأساتذة الجامعات!

الأصباغ المعدنية:

باحث آخر في الكيمياء أنصب بحثه على بعض أملاح الفلزات الأنتقالية , مثل الحديد والكوبلت والنيكل , وما أن ينتهي الباحث من عمله, حتى يمسح الطاولة من ما علق عليها من مواد كيمياوية, ثم يلقي بقطعة القماش الملوثة في ســلة المهملات!
وفي أحد الأيام لم تسقط قطعة القماش داخل صندوق النفايات وظلت معلقة على حافة الصندوق, ولم يهتم الباحث لذلك الأمر, حيث كان متعباً, وأغلق باب مختبره وذهب لداره.
وفي اليوم التالي لفتت نظره قطعة القماش التي أهملها وقد تلونت باللون الأحمر, في حين أن كل المواد المستعملة عديمة اللون ,..فتوجه فوراً لقطعة القماش وراح يتذكر أنواع الأملاح الفلزية في بحثه , وبعد محاولات عديدة,.. تمكن من تحضير أصباغ مختلفة الألوان كالأزرق والأحمر, وسـعد لهذا الأكتشاف الذي أدى الى صنع الأصباغ المعدنية لتحل محل الأصباغ النباتية التي كانت الوحيدة المستخدمة في صناعة الأقمشة , وســجل الأكتشـاف بأسمه!, لينتقل بعد ذلك الى طبقة الأغنياء

أكتشــاف مركب كيمياوي جديد/

أما العبد لله,... فقد أكتشف مركب كيمياوي ليس له أهمية تجارية, وأنما أهمية أكاديمية, حيث تكمن أهميته في طرق فصل الكميات الضئيلة جداً من المعادن المتقاربة في خواصها الكيمياوية والطبيعية, وبهذا يسهل عمل الباحثين فصل أملاح كمية ضئيلة من فلز معين لخليط كبير من فلزات عائلته, كما في فصل الكوبلت عن النيكل .

فمن المعروف لدى الباحثين في حقل الكيمياء التناسقية, أن الكواشف التي تـستخدم لفحص الكوبلت, هي نفسها المستخدمة لفحص النيكل, ولذا كان لزاماً أيجاد طريقة لفصل كل من الكوبلت والنيكل عن بعضهما أو أيجاد مادة جديدة كاشف تتفاعل مع أحد الفلزين ولا تتأثر بالآخر
لا أريد الأطناب في الشرح, حتى لا أثقل على غير المختصين قي الكيمياء فهم العملية,.... وقي أحد الأيام , وبالصدفة أستخدمت مادة أخرى في البحث, حيث المادة ألمستخدمة نفذت ,.. وهرعت الى مدير مخزن المواد الكيمياوية, فوجدته قد غادر القسم حيث كان ذلك اليوم جمعة والسبت والأحد عطلة نهاية الأسبوع ,وأستاذي يطالبني بالنتائج في بداية كل أسبوع !
عدت الى المختبر وقادني الحظ لأستخدام مادة بديلة قريبة في خواصها من المادة التي كنت أستخدمها في التفاعل !
و ما أن وضعت( العينة), في (عداد كايكر), لقياس كمية المادة المشعة التي أنتقلت من طبقة الماء الى الطبقة العضوية ( الكلوروفورم), الذي يفصل معقد الكوبلت المشع عن معقد النيكل,... وأذا بعداد نبضات المادة المشعة, يعطي قراءة أكثر من السابقة بألف مرة, بعكس المرات السابقة المحدودة العدد !
ذهلت وتألمت وأعدت التجربة والنتيجة واحدة , وفي المقابلة مع الأستاذ تلقيت (كبسة) مؤدبة أدت الى غلق المختبر لمدة شهر, حيث أعيد تنظيفة من أي أثر للأشعاع, حيث كنت أستخدم الكوبلت 60 المشع, وزيادة في الحذر, طلب الأستاذ تبديل كل الأجهزة والمواد , وأعادة التجارب من جديد !
توكلت على الله, وأديت البحث بكل دقة , ولم تختلف النتائج عن التي قدمتها الى الأستاذ في المرة الأولى, وبعد بحث متواصل وأشراف , لمست رضى الأستاذ , ألا أنه لم يخبرني بالتوقف عن العمل!, ولا سبب فرحته!
وفي نهاية العام الدراسي , كنت في أجتماع لهيئة التدريس في الكلية وطلبة الدراسات العليا للمشاركة بأنتصار الأتحاد السوفيتي آنذاك بوضع علم الدولة على القمر بواسطة صاروخ لأول مرة!
بعد برهة قصيرة شاهدت الأستاذ واقفاً ليعلن أن العراقي( فلان), قد أكتشف لنا مركب معقد جديد ذو أهمية في فصل الكمية الضئيلة جداً من الكوبلت عن الكمية الكبيرة من النيكل بنسبة, أي بنسبة = 1 / 10000 كوبلت / نيكل!
, بدأ التصفيق ووقفت في دهشة من المفاجأة , وشكرتهم , وكان بجانبي زميل عراقي فرح , وقال لي باللهجة العراقية:
ها يابه ســكـتـاوي!
اي انك تعمل بالخفاء ولا تخبرنا !