د.محمد المهدي



قالها بفخر في لحظة صراحة وهو ينظر في الفراغ الممتد ويتنهد بعمق: \"كل امرأة عرفتها كانت أشبه بمدينة محصنة قمت بغزوها ولم أتركها حتى تم لي الفتح ثم تركتها إلى غيرها، وهكذا توالت الفتوحات بلا نهاية\"... نظرت إليه متعجبا ومشفقا وغاضبا (وربما حاسدا أو مشدوها)، وشعرت بالقلق على استخدام لفظ \"الفتوحات\" في هذا السياق العاطفي العبثي بعد أن كان مرتبطا بفتوحات تاريخية محملة بالفخر ونشر الحق والعدل والخير في ربوع الأرض، ومرتبطا بالرجولة الحقة المشحونة بالمروءة والشهامة والصدق والوفاء والإخلاص (وليس بالنذالة والخداع والاستغلال).


خبرة عملية
التعدد.. فطري أم مكتسب؟
عوامل الرغبة في التعدد
مستويات الاحتياج والتعدد
أثر التعدد على طرفي العلاقة
تعدد الزوجات بين الضرورة والضرر
هل هناك حل؟


خبرة عملية
خرجت من هذا الإطار الفلسفي والتاريخي وعدت مرة أخرى إلى الحياة اليومية وقصص الخيانات والعلاقات والمغامرات العاطفية والجنسية وكثرتها في هذه الأيام بشكل وبائي، وصدى ذلك في الحياة الأسرية وتوجهات المجتمع وانحرافات السياسة وارتخاء القدرة على التغيير الإيجابي وضعف الرغبة تجاه معالي الأمور، والغرق في بحر الشهوات والملذات، وادعاء البعض بأن هذا هو شكل ومضمون الحياة المعاصرة بعد أن اقتربت المرأة من الرجل في كل مكان أكثر من اللازم!.
وإذا كانت هناك أسباب كثيرة لاتساع انتشار ظاهرة العلاقات المتعددة فإن اختراع التليفون المحمول قد أحدث نقلة نوعية في هذا الأمر، حيث استخدمت الاتصالات و\"الرنات\" و\"المسجات\" كوسائل سحرية تذيب الحواجز وتقطع المسافات وتسهل اللقاءات على كل المستويات.
وننبه القارئ العزيز إلى أننا سنتحدث في هذه الدراسة عن العلاقات على مستويات مختلفة (العاطفية والجنسية والعقلية والروحية)، ولكننا خصصنا المستوى العاطفي وحده بالذكر في العنوان نظرا لغلبة العلاقات العاطفية على غيرها، وأيضا للحفاظ على \"شياكة\" ورقة العنوان، وأخيرا لكي يطابق ما سمعناه متواترا من كثير من ذوي العلاقات المتعددة في تسميتهم لتلك العلاقات حياء وخجلا وخوفا (أو هكذا نتمنى).
ومصدر هذه الدراسة جلسات العلاج النفسي العميق (حيث تتاح فرصة للتجوال في المناطق المحظورة داخل النفس والتنقل عبر مستوياتها المختلفة التي لا نراها في حياتنا العادية ذات البعد الواحد غالبا)، والعلاج الزواجي والعائلي، والعلاج الجمعي، مع إضافات مهمة من التراث العلمي وخبرات الحياة العامة.

التعدد..فطري ام مكتسب؟
يقول البعض إن التعدد -خاصة بالنسبة للرجال- فطري، وإنه ظاهرة قديمة قِدم الإنسان وحتى الحيوان، ويستدلون على ذلك بشيوعه في الطيور والحيوانات، وشيوعه في المجتمعات البدائية واستمرار شيوعه في المجتمعات الحديثة، وما يختلف هو شكل التعبير عنه فقط، فبعض المجتمعات تمارسه بشكل بدائي مفتوح، وبعضها تقننه، وبعضها تمارسه في صور محورة.
ويرى كنزي -وهو من أشهر الباحثين في السلوك الجنسي وصاحب كتاب السلوك الجنسي عند الذكر والأنثى في الإنسان- أن الطبيعة التعددية هي الأصل (إذا أعجبك هذا الرأي فاعلم بأن لديك رغبة كامنة في الانفلات)، وربما كان ذلك مرده إلى عناصر الوراثة، ففي جنس كل الثدييات نجد أن الذكر يواقع عددًا كبيرًا من الإناث، ولعل هذا هو السبب في أن المجتمعات تبيح تعدد الزوجات وتتغاضى عن سلوك الرجل الذي يحب أو يتعلق بأخرى، خلاف زوجته، ولكنها تستهجن سلوك المرأة التي تكون لها بغير زوجها علاقات جنسية غير مشروعة، وربما لم يفعل التشريع سوى أنه قنن الفطرة (الموسوعة النفسية الجنسية، عبد المنعم الحفني 1992، مكتبة مدبولي، القاهرة).
وهناك من يرى -خاصة أنصار التساوي، وليس المساواة بين الرجل والمرأة- بأن التعددية ميل موجود لدى الذكور والإناث على السواء، وأن الأعراف الاجتماعية الذكورية هي التي تروج لتعددية الرجل دون المرأة لإعطائه مزايا التعدد وحرمان المرأة منها (ربما هذا اعتراف غير مقصود بأنها ميزة فعلا).
والبعض الآخر -الناس الطيبون جدا- يقول إنه مكتسب ويستندون إلى أن سلوك غالبية البشر يميل إلى أحادية الشريك، وبالتالي تصبح الأحادية هي الأصل، ويظهر التعدد كاستثناء تدفعه الضرورة؛ كمرض الشريك أو فتور المشاعر تجاهه أو نقص في أحد صفاته أو طمع زائد لدى المعدد.

عوامل الرغبة في التعدد
* الكراهية الكامنة لأحد الوالدين: يرى فرويد -رائد التحليل النفسي- في التعدديين الدونجوانيين والبغائيين رغبة في الثأر من جنس الرجال أو جنس النساء بسبب كراهية تتولد عند الطفل لأمه التي رفضته أو أهملته، أو عند الطفلة التي رفضها أبوها أو أهملها فكلاهما يعاقب الجنس المقابل.
* فشل العلاقة بأحد الوالدين: ويرى يونج (صاحب نظرية علم النفس التحليلي) أن متعدد العلاقات قد فشل في علاقته بأمه في الطفولة؛ لذلك تظل لديه رغبات وحاجات عاطفية وجسدية لم تَرْتَوِ وتصاحبه في مراحل عمره التالية، وهو يفعل مع النساء فعل البغي مع الرجال، فهي الأخرى لديها حاجات لم ترتو، وتشكو البرود الجنسي، وكلاهما يكرر العلاقات العاطفية أو الجنسية على أمل الارتواء، ولكن ذلك لا يحدث.
* النرجسية: والنرجسي يتوجه حبه نحو ذاته؛ لذلك فهو لا يحتاج المرأة لذاتها وإنما لإشباع رغباته العاطفية أو الجنسية، ولهذا تتعدد علاقاته وكأنه يستخدم أكثر من امرأة لتحقيق أكبر قدر من الإشباع لحاجاته النرجسية التي لا تشبع، وكلما زاد عدد محظياته كلما ازداد شعوره بقيمته وقدرته وجاذبيته، وفي النهاية يؤدي كل هذا إلى مزيد من تضخم الذات لديه، ومزيد من الأنانية والشره العاطفي أو الجنسي أو كليهما معا.
* المشاعيةالجنسية: وفيها نجد أن الشخص (رجل أو امرأة) تتعدد علاقاته (أو علاقاتها) الجنسية بلا حدود، وهو لا يرتبط بأي امرأة عاطفيا أو إنسانيا (وهي أيضا كذلك)، وهو يخشى الارتباط بواحدة ويتحاشاه، فهو لا يحب أن يعتمد على امرأة واحدة لإشباع احتياجاته.
وهذا الشخص نجد أن نزعاته الجنسية متضخمة في حين أن ميوله العاطفية ضعيفة جدا أو ضامرة، لذلك تصبح المرأة بالنسبة له جسدا مجردا، ولهذا فهو يطلب تعدد الأجساد كما يطلب الشره في الطعام وتعدد أصناف الطعام وتنوعها.
وقد تكون المشاعية مسبوقة أو مدعومة بنمط فكرى (أيديولوجي) لدى الشخص المشاعي بأن يعتقد أن الإنسان له الحرية في أن يفعل ما يريد دون التقيد بأي قوانين أو ضوابط دينية أو أخلاقية.
*الرتابةوالملل: حين تدب الرتابة ويسود الملل حياة الزوجين ربما يندفع أحدهما أو كلاهما لكسر هذا الطوق من خلال بعض المغامرات، وقد يجد في هذه المغامرات ما يشجعه على الاستمرار، خاصة إذا كان من محبي المخاطرة وكسر الحدود وتجاوز الخطوط الحمراء. وقد يصل بعض الأزواج بسبب الروتين والرتابة والملل إلى حالة من الفتور العاطفي الشديد أو الضعف الجنسي، وتصبح هذه الأشياء دافعا للبحث عن شريك جديد يحرك هذا الفتور أو يعالج هذا الضعف، خاصة إذا فشلت محاولات الزوجين في التغلب على هذه المشكلات.
وفي المجتمعات التي تبيح التعدد للرجل قد يكون الزواج الثاني حلا للرجل, وقد يصبح حلا للمرأة في بعض الحالات (ولو أنه حل مر) فهي في معرض غضبها ورفضها وغيرتها بسبب وجود الزوجة الثانية تتحرك مشاعرها وإن كانت متناقضة في البداية، ويصاحب هذه الحركة في المشاعر تغيرات في الهرمونات الداخلية، وربما يفسر هذا حدوث الحمل لدى الزوجة الأولى -وقد كانت عقيما- بعد أن تزوج رجلها بزوجة ثانية بهدف الإنجاب (هذا ما نراه في الممارسة المهنية في بعض الحالات ولا نستطيع تعميمه حتى تتم دراسات علمية محكمة على أعداد كبيرة من النساء في مثل هذه الظروف).
أما في المجتمعات التي لا تبيح ذلك أو في الظروف التي لا تسمح بالتعدد فنرى العلاقات العاطفية والجسدية بدرجاتها المختلفة خارج نطاق الزواج.
* طبيعة الرجل التعددية: في إحدى الدراسات تبيّن أن النساء اللائي يتزوجن أكثر من مرة نحو 10% بينما الرجال الذين يفعلون ذلك يبلغون نحو 40%، وهذا التفاوت الإحصائي يدلنا على غلبة طبيعة التعدد لدى الرجل، وهو أمر مشهود على مدى التاريخ وفي الثقافات المختلفة والظروف المتعددة (قد يشذ هذا الأمر أحيانا ولكنه الشذوذ الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها).
وقد يعترض البعض على هذا الأمر ويستشهد ببعض الأمثلة على وجود التعددية لدى الإناث كما هي لدى الذكور في الحيوان والإنسان، وأن المجتمع الذكري هو الذي يسمح بها أو يتسامح معها لدى الذكور، ويحرمها على الإناث لمصلحة الذكور. ويرد أصحاب هذا الرأي على الإحصاءات السابقة بأن النساء يعددن علاقتهن سرا في أغلب الأحيان، في حين يعلن الرجال -الطائشون البلهاء- عن علاقاتهم وربما يتباهون بها كشهادة إثبات على جدارتهم وجسارتهم وفحولتهم الذكورية (مأخوذة من فحل الثور.. يستاهل).
ولكن القاعدة الأوسع من الملاحظات والمعلومات والدراسات تؤكد الميل للتعددية لدى الذكور أكثر من الإناث. ونموذج المرأة التي تميل إلى التعددية الجنسية موجود خاصة في البغايا (المومسات.. والعياذ بالله) وهو لا يقاس عليه؛ لأنها نماذج غير سوية لا تشكل القاعدة الأساسية للنساء.
والمرأة التي تميل إلى التعددية العاطفية غالبا ما تكون لديها سمات هستيرية أو نرجسية، وهي اضطرابات في نمط الشخصية لا ينسحب حكمها على عموم النساء. وربما يكون وراء ذلك حكمة حيث إن المرأة تحمل أمانة حفظ النسب للطفل الذي تحمله من زوجها كما تحمل أمانة التربية الأخلاقية لأبنائها وبناتها ربما أكثر من الرجل؛ نظرا لقربها منهم، خاصة في مراحل حياتهم المبكرة، ولهذا يقال إن المرأة هي مستودع الأخلاق في المجتمع، وهى أبعد عن الخيانة من الرجل بحكم فطرتها وبحكم طبيعة دورها الذي هيأها الله له.
ونسبة غير قليلة من النساء حين يحرمن من الزوج بسبب الطلاق أو الوفاة يرغبن عن الزواج مرة أخرى (ولو أن هذا مشروع لها دينا وعرفا) وتقول الواحدة منهن: \"إنني لا أحب أن أنكشف على رجل ثان\"، وكأن فطرتها تميل إلى ذلك، وهذا عكس الرجل الذي يسارع بالزواج عند فَقْد زوجته (وربما في وجودها) وتراوده كثيرا أحلام التعدد في نومه ويقظته.
وربما لهذا الميل شرع الدين مسألة تعدد الزوجات حتى تكون صمام أمان لهذه الرغبة الفطرية في ظروف بعينها وبشروط حددها الشرع كبديل صحي للعلاقات المنفلتة وغير المسئولة التي تضر بالفرد والمجتمع.
* ميول سادية: فالسادي (الذي يستمتع بإيذاء الآخرين وإذلالهم) يجمع أكثر من امرأة لإشباع حاجته في السيطرة والتحكم والإذلال، وهو يسعد بمشاعر الغيرة والألم لديهن جميعا، وقد يجمعهن في مكان واحد أو على سرير واحد، إمعانا في التشفي منهم والاستمتاع له. والسادي يبحث عن المرأة الماسوشية (التي تستعذب الألم يقع عليها) التي تسعد بساديته، ويسعد هو بماسوشيتها.
* دوافع أوديبية: بأن يتزوج الرجل فتاة صغيرة في سن ابنته فيسعد هو بإغداقها بالحنان الأبوي وتسعد هي بالاحتماء الطفولي به كأب. وقد يكون وراء هذا الزواج ميول شبقية مستترة نحو المحارم.
* الجوع العاطفي أو الجنسي أو كلاهما: هذا الجوع يصيب الأشخاص الذين حرموا حنان الأم أو حنان الأب في الطفولة، وهذا يجعلهم يبحثون عن الحب والحنان بقية حياتهم لدى كل من حولهم، وهم لا يشبعون أبدا ولا يرتوون، بل يصل بهم الأمر إلى حد \"التسول العاطفي\" بمعنى أنهم يأخذون المظهر الضعيف المسكين المحتاج الذي يستدر مشاعر الآخرين تجاههم فيقتربون منهم ويمنحونهم الحب والعطف والحنان وربما الجنس. وقد يلجأ الجَوْعى عاطفيا إلى رشوة الآخرين لحبهم والارتباط بهم، فتجدهم يكثرون من الهدايا والخدمات للآخرين لضمان حبهم واستمراره.
* الدونجوانية: هو نموذج شائع في متعددي العلاقات العاطفية والجنسية، وهو ما يطلق عليه \"زير النساء\"، ويقال إنه كان شابا حقيقيا عاش في أشبيلية بأسبانيا، وكانت له مغامرات عاطفية كثيرة حيث كان إغواء الفتيات والنساء من أقوى اهتماماته، وهناك نمطان لشخصية دونجوان هما:
1- دونجوان الوسيم: وهو يتميز بالجمال الأقرب للنموذج الأنثوي، ولذلك فهو يعاني من عقدة الذكورة، ولديه نقص داخلي عميق في الإحساس برجولته، ومن هنا يحاول في كل وقت أن يؤكد رجولته من خلال غزو قلوب الفتيات.
2- دونجوان القبيح: ويطلق عليه طراز \"كازانوفا\"، ويبدو قبيح الشكل، ولكنه يتميز بالجرأة والإقدام والاقتحام في علاقته بالنساء، وهذا يعوض قبح شكله، تلك الجرأة التي تجعله قادرا على اختراق المجال غير المنظور لكثير من النساء فيرتمين تحت قدميه، خاصة من لديهن ميول ماسوشية أو شكوك في جدارتهن.

مستويات الاحتياج والتعدد
للإنسان مستويات متعددة من الاحتياجات تبحث عن الإشباع، وللتبسيط نوجز هذه الاحتياجات في المستويات التصاعدية التالية:
* المستوى الجسدي: وهو يبحث عن الإشباع الحسي الجنسي بدرجاته المختلفة.
* المستوى العاطفي: وهو يبحث عن إشباع المشاعر والأحاسيس، ويهفو نحو الرومانسية الصافية.
* المستوى العقلي: وهو يبحث عن إشباع رغبة التفاهم والتلاقي الفكري والولوج إلى دهاليز المعرفة والصعود إلى آفاق الفكر.
* المستوى الروحي: وهو يبحث عن الإشباع مع شريك ذي مواصفات روحية خاصة يحمل الآخر معه إلى آفاق روحية تتجاوز العالم الحسي، وهذا المستوى نجده لدى المنتمين للجماعات الصوفية، ولدى الشعراء والفنانين.
وبناء على هذه المستويات المتعددة للاحتياجات تنشأ رغبات في التعدد في صورة تباديل وتوافيق متعددة نضرب لها بعض الأمثلة للتوضيح والفهم:
فمثلا هناك زوج يستوفي من زوجته كل مستويات الاحتياج، ولكن ينقصه منها الجانب الجسدي، أو يغريه في غيرها ذلك الجانب، فيتورط في علاقة على المستوى الجسدي فقط مع أخرى (قد تكون امرأة من مستوى اجتماعي أدنى.. خادمة أو راقصة درجة ثالثة.. ولكنها تتمتع بمزايا جسدية مثيرة تفتقدها زوجته المحترمة جدا جدا)، على الرغم من استمرار علاقته بزوجته على المستويات العاطفية والعقلية والروحية.
وفي حالة أخرى نجد زوجة تعيش علاقة مشبعة مع زوجها على كل المستويات ولكنها تفتقد فيه المستوى العاطفي، فتهفو إلى إشباعه من شخص آخر يثير مشاعرها ويحرك أحاسيسها ويأخذها في أجواء رومانسية ساحرة، وهى تقول: \"زوجي رجل طيب وفيه كل المزايا، لكنه غير رومانسي\".
ومثال ثالث لزوج يرى في زوجته أشياء كثيرة تسعده إلا أنه يجد في زميلته أو سكرتيرته أو إحدى تلميذاته قدرات عقلية يرتاح للتحاور معها لساعات طويلة (قال إيه بيتكلموا في الشغل!!) لذلك يستمتع بالحديث إليها بشكل مباشر أو على التليفون أو عن طريق الشات، وهو لا يريد منها أي شيء غير ذلك فهي مجرد عقل يحاوره (أو هكذا يبدو في أول الطريق، كفانا الله وإياكم شر نهايته)، وربما تنشأ بينهما مشروعات ثقافية أو علمية أو فكرية مشتركة، أو يكون ذلك مبررا لاستمرار هذه العلاقة على المستوى العقلي أو انتقالها لمستويات أخرى جائعة أو طامعة.
وقد تتوقف العلاقات السابقة عند الإشباعات الجزئية كما ذكرنا وقد تنتقل من مستوى لآخر حسب تغير شدة الاحتياجات وقدرة الطرف الآخر على إشباعها من عدمه أو ظهور مستويات مغرية بإشباعات عالية القوة أو الجودة.
إذن هناك احتمالات للاحتياج على مستوى أو أكثر ومحاولات للإشباع من أخرى أو آخر أو أخريات لهذه المستويات، وهذا يفسر لنا الكثير من العلاقات الجزئية أو الخيانات الجزئية. أما إذا فقد الإشباع على كل المستويات، أو ازداد الطمع والجشع والشره عليها، فإن الشخص يبحث عن إشباع كامل في علاقة خيانة كاملة للطرف الآخر، وكأنه غير موجود.
وهنا يبرز سؤال: هل لا بد من إشباع كل المستويات بالشكل الذي يريده كل إنسان لنفسه؟ لو كانت الإجابة هنا بنعم فإننا بهذا نقر التعدد كحتمية إنسانية لا مفر منها، وفى الواقع فإن الإنسان لا يحصل على كل احتياجاته في أي شيء بل تبقى لديه احتياجات غير مشبعة، وهذا مفيد لنموه النفسي وتطوره على مستويات مختلفة، فدرجة من الحرمان مطلوبة للصحة النفسية، ودرجة من التسامي عن الاحتياجات الدنيا وتعويضها باحتياجات أرقى في العلم والعمل والدين وخدمة المجتمع والارتقاء بالحياة، أيضا مطلوبة للصحة النفسية ولإنقاذ الإنسان من طمعه وجشعه وتورطه في الإشباع من المستويات الدنيا للاحتياجات.
أما إذا تغلب الطمع على الإنسان وسعى بشراهة لإشباع كل رغباته فإنه بذلك يبتعد عن الصحة النفسية ويدوس في نفس الوقت الكثير من القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتفوته الكثير من ملذات النجاح والإنجاز والرقي والتحليق في الآفاق العليا للنفس والروح وهى أكثر إمتاعا وخلودا.
ولا يوجد إنسان قادر على إشباع احتياجات إنسان آخر بشكل كامل، ومن هنا يبدو مفهوم الرضا بالمتاح من الشريك الشرعي (الزوجة أو الزوج)، ومحاولات إيجاد وسائل إشباع على مستويات أرقى -كما ذكرنا- مثل العلوم والفنون، والإصلاح الديني أو الاجتماعي، والارتقاءات الروحية، وهذه الإشباعات البديلة والأرقى هي مخرج صحي حتى لا يغرق الإنسان في احتياجاته الجسدية أو العاطفية الدنيا.

أثر التعدد على طرفي العلاقة
* على الزوجة التي يعدد زوجها من علاقاته (أو العكس): يختلف الأثر من حالة لحالة، ففي بعض الحالات نجد الزوجة تغضب وتكره زوجها وتشمئز من معاشرته، أي أنها توجه عدوانه للخارج تجاه زوجها الخائن، وفي حالات أخرى ينتابها الإحساس بالنقص وتفقد ثقتها بنفسها، أي أنها توجه مشاعرها وأفكارها إلى الداخل تجاه نفسها، وتبدأ في رحلة بحث وتساؤلات: لماذا تركني زوجي وذهب إلى أخرى؟ ماذا ينقصني؟ ماذا فعلت له؟ وماذا أفعل لكي أسترده أو على الأقل لكي لا أسمح لها بالانتصار على؟
وقد تقوم الزوجة بعمليات تعويضية، فتبالغ في زينتها أو في الاهتمام بزوجها أو تبالغ في الإحساس بالذنب أو بالغضب أو بكليهما معا. وقد تلجأ إلى السحر والشعوذة في محاولة لاستعادة قلب زوجها أو في محاولة لصده عن الأخرى، وبعضهن ربما تحاول الاستعانة بالسحرة لربط زوجها حتى لا ينجح في علاقته بغيرها.
وبعض الزوجات تنشط لديهن مشاعر الأنوثة بعد فترة خمول أو فتور وتندفع نحو زوجها بهذه المشاعر وكأنها تريد أن تنتصر بسلاح أنوثتها على غريمتها التي خطفت زوجها. وقد تصحو مشاعر الزوجة التي يعدد زوجها ولكن تلك المشاعر لا تتجه إليه، وإنما تتجه إلى غيره خاصة أن الزوجة في هذه الحالة يكون لديها دافع خفي (في عقلها الباطن) للثأر من زوجها ورد الصفعة له وكأنها تقول له: \"سأطعن رجولتك كما طعنت أنوثتي\". أو \"ذق من نفس الكأس\" أو تحاول أن تستعيد ثقتها بنفسها تلك الثقة التي اهتزت بسبب سلوك زوجها وخيانته لها، وكأنها تجرب أنوثتها وتختبرها من جديد وتحاول أن تطمئن أنها ما زالت قادرة على العمل.
* على الشخص المعدد: تنتابه مشاعر متناقضة تختلف توليفتها من حالة لأخرى. فبعض الأزواج يقيم علاقة بأخرى نكاية في زوجته وعدوان عليها وهنا يشعر بالتشفي في زوجته، وربما يتعمد أن يجعلها تعرف بعلاقاته ليؤذي مشاعرها.
وهناك أشخاص يشعرون من داخلهم بالزهو والفخر مع كل علاقة جديدة, وهؤلاء أيضا لا يهتمون بإخفاء تلك العلاقات، بل إن من احتياجاتهم أن تظهر ولكن بشكل فيه حبكة درامية بمعنى أنهم يبدون وكأنهم يخفون هذه العلاقة ويضفون حالة من الغموض والحيرة، ثم تتكشف العلاقة بشكل مثير يسعد هو به.
وهناك نمط من المعددين يكون مدفوعا لذلك باحتياجات غير مشبعة من شريكه، ولكنه في ذات الوقت يحمل مشاعر إيجابية تجاه هذا الشريك الأصلي، ولهذا نجده يشعر بالذنب في داخله ويعتبر أنه خائن لهذا الشريك المخلص وأنه لا يستحق إخلاصه ووفائه وأنه إنسان سيئ، ومع هذا يتورط في علاقاته المتعددة مدفوعا برغبات وميول متعددة, وهذا الشخص يحاول التكفير عن مشاعر الذنب لديه فيغدق مزيدا من الحب على زوجته ويشتري لها الهدايا ويتودد إليها وكأنه يطلب منها السماح وربما تتحسن علاقته العاطفية والجنسية بها أكثر من ذي قبل، وهو يحاول بكل ما يملك من حيلة أن يخفي علاقاته الأخرى حفاظا على مشاعر زوجته وكأنه يرى أن تلك مشكلته واحتياجاته الشخصية وزوجته يجب ألا تدفع ثمن ذلك بأي حال من الأحوال, وهذا النوع ربما يتوقف عن علاقاته إذا أحس باحتمال أن تعرف الزوجة أو أن تكون الزوجة قد عرفت فعلا.

تعدد الزوجات بين الضرورة والضرر
لما كان الميل للتعدد ميلا فطريا، خاصة لدى الذكور -كم أسلفنا- سواء رضي البعض أو لم يرض (وعلى المتضررة أو الخائفة أن تجعل العصمة في يديها) ولما كان عدد الذكور أقل من عدد الإناث في كثير من المجتمعات، ولما كان الذكور أكثر عرضة للوفاة بسبب الحروب والحوادث وغيرها، لذلك جاء تعدد الزوجات (وهو مشروع في الإسلام واليهودية ومحرم في المسيحية) كحل يستوعب هذه الظروف بشكل واضح ومسئول ومنظم لكي يحمى الأفراد والمجتمع من تسرب الميول العاطفية أو الجنسية في مسارات سرية أو منحرفة أو منفلتة، وعلى الرغم من بعض الضرر الذي يقع على الزوجة الأولى كالغيرة والغضب -وهذه مشاعر إنسانية مؤلمة لا جدال فيها- إلا أنه في مجمله حل واقعي لتلك الحالات التي تحتاج التعدد لظروف نفسية أو اجتماعية.
وكأي تشريع فقد وضعت ضوابط لهذا التعدد حتى تحمى طرفي العلاقة من الضرر الذي يقع قدر الإمكان، فاشترطت العدل بين الزوجات، واشترطت مراعاة المشاعر والحقوق، وتوافر عناصر السكن والمودة والرحمة، وهي شروط أساسية للزواج المفرد والمتعدد على حد سواء.
وهو مخرج صحي خاصة حين تكون الزوجة عقيما أو مريضة أو لا تستطيع القيام بواجبات الزوجية ويريد زوجها الاحتفاظ بها وفاء وإخلاصا ورعاية، ويريد الحصول على حقوقه الإنسانية المشروعة بطريقة سوية مسئولة.
وهل يعلم المحاربون للتعدد -من حيث المبدأ- أن البديل لذلك هو العلاقات المتعددة غير المشروعة مع ما يصاحبها من تشوهات نفسية واجتماعية تضر بالطرفين وتكسر جدران الثقة بين كل الأطراف وتخلق حالة من التلوث الأخلاقي (والتلوث الجيني وما يصاحبه من \"جرجرة\" في المحاكم و\"بهدلة\" على الفضائيات ومطالبة بفحص الحمض النووي لإثبات النسب أو نفيه)؟ وهم حين يفعلون ذلك إنما ينظرون إلى الأمر من جانب واحد وهو جانب الضرر الذي يقع على الزوجة الأولى من جراء الزواج الثاني (وهو ضرر حقيقي فعلا وقد لا تحتمله بعض الزوجات حتى ممن يقبلن بمشروعيته، وقد رفض الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج سيدنا عليّ رضي الله عنه على السيدة فاطمة بنت النبي وذلك لمعرفته بعدم قدرتها على تحمل هذا الأمر، فليس كل النساء سواء في هذا الأمر) ولا يضعون بقية العوامل والآثار في حسبانهم أو ربما هم مدفوعون بنماذج سيئة في التعدد لرجال يمارسونه بشكل حيواني ويسيئون استخدام تشريع سماوي لتحقيق مصالحهم الشخصية وللتعبير عن نزواتهم الطائشة.
فتعدد الزوجات هو حل عملي وواقعي لكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية بشروط وضوابط محددة بعيدا عن المداهنات السياسية والاجتماعية وبعيدا عن النظرة الفئوية المختزلة والتي لا ترى من الأمر إلا بعض جوانبه.
وبعض الزوجات مع هذا لا يفضلن التعدد المشروع لأزواجهن، ويقبلن العلاقات غير المشروعة لهم -على اعتبار أنها أخف الضررين في نظرهن- وتفسير هذا أن الزوجة في حالة العلاقات غير المشروعة لزوجها تشعر أنها الأفضل فهو خائن وهي مخلصة، وهي الزوجة الشرعية وعشيقته خائنة، وهي تظهر معه في المجتمعات وعشيقته لا تقابله إلا في الظلام، وهي تملك أن تهدد زوجها وتضع السيف على رقبته بإفشاء سر علاقاته، وأحيانا تستغل ذلك لإخضاعه لإرادتها، كل هذا يجعل الزوجة تفضل هذا الموقف على زيجة ثانية لزوجها خاصة إذا كانت العلاقة بينهما تخلو من الحب والتعاطف والتفهم، أو هي علاقة صراع تريد أن تكسبه هي في النهاية.
وقد ذكرنا تعدد الزوجات هنا لكي نفرقه عن تعددية العلاقات المنفلتة التي تحدثنا عنها فيما سبق لنفرق بين القانون والفوضى في العلاقات البشرية، فليس كل تعدد مذموم أو حالة مرضية أو انحراف اجتماعي.

هل هناك حل؟
غالبا لا يأتي صاحب العلاقات المتعددة للعلاج ولا يسأل عن حل حيث يكون غارقا لأذنيه في نشوة المغامرات والغزوات والفتوحات العاطفية أو الجنسية، وإذا أتى فيكون ذلك بعد صدمة شديدة أو اكتوائه بنار الفقر أو موت عزيز عليه، هنا ربما تحدث لديه صحوة ضمير قد تكون مؤقتة أو دائمة، ولكن الأغلب أن يأتي الطرف الآخر في العلاقة الزوجية أو العلاقة العاطفية يشكو انفلات شريكه وتعددية علاقاته بلا سبب واضح. وفيما يلي بعض المقترحات للعلاج إن كان ثمة رغبة حقيقية فيه:
1- التسامي (التعلق بمعالي الأمور): كأن يكون للإنسان هدف سام يسعى لتحقيقه، وهذا الهدف له معنى عميق وممتد, ويعود تحقيقه بالخير على عدد كبير من البشر ويتجاوز الاحتياجات الأنانية الشخصية النرجسية إلى احتياجات أوسع وأرقى، كأن يسعى الإنسان لطلب العلم والتفاني فيه، أو يسعى للإصلاح الديني أو الاجتماعي أو السياسي، ويُسخر الكثير من وقته وجهده لهذه الأمور.
2– وجود وسائل إشباع متعددة: كأن يكون له هوايات ممتعة ونشاطات مفيدة تستغرق الوقت والجهد وتعطي عائدا لذيذا في ذات الوقت، والاندماج في شبكة علاقات اجتماعية أو نشاط ثقافي أو رياضي محبوب.
3- محاولات التغيير الإيجابي في نمط الحياة: بحيث لا تصبح الحياة راكدة ومملة فتندفع النفس بحثا عن مغامرات طائشة لكسر حاجز الملل، فالإنسان يمتلك القدرة (أو يجب أن يمتلكها) على تغيير نمط حياته بشكل إيجابي من وقت لآخر من خلال السفر والتجارب الحياتية البناءة والدخول في مجالات جديدة للمعرفة والحركة الإصلاحية في المجتمع وتنويع الاهتمامات والنشاطات.
4– تقوية العلاقة بالله: بحيث يكون الله هو المحبوب الأول والأهم، لأن في النفس البشرية خطا رئيسيا للحب مخصص لحب الله سبحانه وتعالى، وهذا الخط غاية في القوة والعمق، فإذا وضع الإنسان عليه محبوب آخر فإنه يتورط في علاقات غاية في الشدة يفقد فيها صوابه ويفقد سيطرته على أمور حياته؛ لأن تعلقه بالمحبوب البديل يكون طاغيا ينسيه كل شيء (لأنه استقبله على الخط الرئيسي للحب)، وبما أن العلائق الأخرى من البشر أو الأشياء ليست ثابتة أو مستقرة أو دائمة لذلك نجد من يتعلق بها على مستوى خط الحب الرئيسي يعيش حياة مليئة بالقلق والاضطراب، ولا يكون لديه مخرج إلا بالعودة بهذا الخط الرئيسي لحب الله سبحانه وتعالى (الذي لا يحول ولا يزول) والانشغال به عمن سواه بمختلف أنواع العبادات والتأملات والسبحات الروحية التي تملأ النفس راحة ورضا وسكينة وطمأنينة.
5– إعلاء قيم الوفاء والإخلاص لشريك الحياة: تلك القيم التي ضعف الاهتمام بها وقل احترامها وتقديرها بحيث أصبحت وكأنها من التراث القديم.
6– الخوف من القصاص: فالخيانة على أي مستوى ديني يستوجب القصاص في أي وقت وبأشكال مختلفة؛ فليتذكر من يعدد علاقاته بالخيانة أنه يوقع على فواتير وشيكات تستلزم السداد من أهل بيته وخاصته في أي وقت؛ فهو ليس أفضل من بقية البشر. وفي التراث الديني والشعبي الأصيل الكثير من النصوص والقصص الدالة على هذا المعنى.
7– الحرص على ترسيم الحدود في العلاقات الإنسانية: تلك الحدود التي تفصل بين الجنسين في العلاقات, وتفرق بين الزمالة والقرابة والصداقة والحب والزواج, لأن غموض تلك الحدود واختلاطها وتداخلها يؤدي إلى خلط كبير في العلاقات ربما تميل إليه النفس الضعيفة وتتمسك به وتجعله مبررا لتعدد العلاقات تحت أسماء وادعاءات بريئة أو براقة تكتوي هي بنارها حين تدور الدوائر وتصبح هي ضحية لها.
8– إرادة الخلاص: ولمن ابتلي بالرغبة العارمة في العلاقات المتعددة نتيجة للأسباب التي ذكرناها قبلا، وقد حصلت له البصيرة بآثارها ويريد الخلاص من هذا الإدمان العاطفي أو الجنسي المدمر لاستقراره واستقرار شريكه واستقرار أسرته؛ فعليه بالتحلي بما نسميه \"إرادة الخلاص\"، وذلك بأن يعترف أن لديه مشكلة ويظل يبذل جهدا خالصا ويقاوم رغباته بكل الوسائل الممكنة حتى يتخلص من أسرها، ولا ييأس أبدا مهما عاوده الضعف من فترة لأخرى؛ فهكذا النفس البشرية قد تقرر شيئا عظيما ولكنها تفتر وتسقط في بعض اللحظات ولا مناص من الإصرار على الخروج من أسر شهواتها الكثيرة والمتعددة والمهلكة. وإرادة الخلاص تقوى كثيرا حين يكون هناك معنى للتضحية بالملذات ويكون هناك عائد أخلاقي أو روحي يفخر به الإنسان ويستشعر لذته التي ربما يأتي وقت من الأوقات وتفوق لذة الانغماس في الشهوات العاطفية أو الجسدية.
9– الصحبة الطيبة: والتي تفتح آفاقا واسعة ومتعددة نحو معالي الأمور ومعاني الأشياء في سموها وارتقائها، وتعطي الدعم والسند للسعي نحو الأهداف العليا والغايات العظيمة بعيدا عن سفاسف الأمور ومحقراتها. وهذه الصحبة تمثل رقابة خارجية تضاف إلى الرقابة الداخلية الوليدة والتي ربما تكون ضعيفة في المراحل الأولى من الرغبة في التغيير والتحول.
10– الاهتمام بالمستويات الأعلى من الاحتياجات والدوافع الإنسانية: فقد حدد عالم النفس الشهير ماسلو الاحتياجات الإنسانية في صورة هرم ذي مدرجات متصاعدة ووضع في قاعدته الاحتياجات البيولوجية (الطعام والشراب والجنس) يعلوها الاحتياج للأمن، يعلوه الاحتياج للحب، يعلوه الاحتياج للتقدير الاجتماعي، يعلوه الاحتياج لتحقيق الذات، يعلوه الاحتياج للتواصل الروحي. وحين ينغمس الإنسان في قاعدة الهرم ويغرق في تفاصيل احتياجاته البيولوجية فإنه ينشغل عن احتياجاته الأرقى والأعلى وبالتالي يهبط معنى ومستوى وجوده الإنساني مهما ارتشف من تلك الاحتياجات الأدنى.