Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
السيد الرئيس3

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: السيد الرئيس3

  1. #1
    مشرف المنتدى الفرنسي الصورة الرمزية جمال عبد القادر الجلاصي
    تاريخ التسجيل
    09/03/2007
    العمر
    55
    المشاركات
    950
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي السيد الرئيس3

    3
    هروب الدمية

    يفرّ الدمية عبر الطرق الملتوية، الضيقة، لضواحي المدينة، دون أن يقلق بصياحه الجامح تنفس السماء ولا نوم السكان، المتساوي في مرآة الموت بقدر اختلافهم في الصراع الذي يخوضونه عندما تشرق الشمس، بعضهم ينقصهم الضروري لهذا يضطرون للعمل لكسب خبزهم، بينما الآخرون يكتفون بفوائض صناعة الحظوة: أصدقاء السيد الرئيس، يملكون، أربعين منزلا، خمسين منزلا، يقرضون بفوائض تبلغ بين تسعة وعشرة بالمائة شهريا، موظفون يراكمون سبعة أو ثمانية وظائف عمومية، يستغلون امتيازات ، والمنظمات الخيرية، والرتب الوظيفية، منازل للقمار، ملاعب لصراع الديكة، والهنود، ومصانع للخمور، ودور للدعارة، وخمارات وصحف مدعّمة.
    حمرة الفجر تلوّن المثلث الذي تكوّنه الجبال حول المدينة، وتنثرها على الأرياف كغلاف من القذراة.في الطرق التي تبدو كأنفاق حقيقية، يمرّ أول العمال متجهين إلى أعمالهم، أشباح في عدم هذا العالم الذي يعاد خلقه كل فجر، يتبعهم بعد سويعات بموظفي المكاتب، وبائعي المغازات، الحرفيون والتلاميذ، قم حالي الحادية عشر، عندما تكون الشمس عالية، يخرج الرجال المهندمون في جولة غذائية و فاتحة للشهية في نفس الوقت، أو يخرجون للبحث عن صديق نافذ بغاية مصاحبته لشراء وصولات المرتبات المتأخرة للمعلمين المتضورين جوعا، بنصف ثمنهم. الطرقات تغرق دائما في ظلمة القبو، والصمت الذي يقطعه حفيف أوراق الذرة، أو تنانير فتيات الشعب اللواتي يتفنّن لإطعام عائلاتهن، جزارات، بائعات مرطبات، أو خضروات، وتلك التي تنهض باكرا لتدبر أمورها، ثم عندما يميل الفجر بين الأبيض والوردي مثل زهرة البغونية نسمع الخطوات المنتظمة للموظفة النحيلة، التي تنظر إليها من أعلى السيدات الجميلات، اللواتي لا يخرجن إلا من بيوتهن إلا عندما تعلو الشمس لكي يتثاءبن في الأروقة ويرمين أحلامهن للخادمات، ويمسحن على القطط ويقرأن الصحف أو ينظرن في المرايا.
    نصف في الحقيقة ونصف في الحلم، يركض الدمية، ملاحقا من الكلاب ومسامير المطر الرقيق. يجري أينما اتفق، لاهثا، فمه مفتوح، لسانه يتدلى ويداه مرفوعتان في الهواء. أبواب ونوافذ وأبواب، وأبواب ونوافذ، تمر على جاني الطريق... توقف فجأة ويده على وجهه كي يتقي عمود الهاتف، وعندما يكتشف أن العمود غير مؤذي يضحك بقهقهة ويواصل جريه، كمن يفر من سجن اين تبتعد جدران الضباب كلما اقترب منها.
    في الضواحي حيث تنتهي المدينة، يستلقي، كمن وصل أخير إلى سريره، على المزبلة وينام. بيت عنكبوت هائل يمتد في المزبلة، بين أغصان يابسة تتربص الغربان وطيور الجيف ، التي دون أن تغفل عن الدمية بعيونها الزرقاء تحطّ أرضا حين تراه فاقدا الحركة، وتحاصره بقفزات صغيرة، قفزة هنا وقفزة هناك في رقصة جنائزية للطيور الجارحة. تنظر دون توقف في ك النواحي، تتمدّد مستعدة للطيران عند اقل حركة للأوراق أو الفضلات، قفزة هنا وقفزة هناك، ضيّقت الدائرة حتى أصبحت الضحيّة على مرمى مناقيرها. نعيب وحشي أعطى إشارة الهجوم، وقف الدمية، وبدأ في الدفاع، اقوى الطيور غرس منقاره في الشفة العليا كحربة حتى لامست الأسنان، بينما يتخاصم الآخرون حول العينين والقلب بالمناقير، دون أن يهتموا بأن الطريدة ما زالت على قيد الحياة، وكان يكن أن ينجحوا لو لم يرتمي الدمية على ظهره وسط المزبلة بين سحابات الغبار والفضلات التي تساقطت كالقشور.
    حل المساء. سماء خضراء وريف أخضر. في الثكنات تدق أبواق السادسة، في الزنازين يبدأ سبات السجناء الذين يقتلون بطلقات السنين. تدخل الآفاق رؤوسها الصغيرة في طرقات المدينة كحلزون بألف رأس. يعودون من المقابلات الرئاسية بحظوة أو بنكبة. أنوار البيوت المشبوهة تطعن في الظل.
    يناضل الدمية ضد شبح طائر الجيف الذي يحسّه فوقه، وضدّ ألم الساق التي كسرت وهو يسقط، ألم غير محتمل، أسود، ينزع منه الحياة.
    طيلة الليل يئنّ بهدوء، وبقوة، بهدوء وبقوّة، مثل كلب مجروح.
    ... خر خر خر خر، خرّ، خرّ... خرّ...
    ... خرخر خرخر خر...خ خ خ ررر ...
    بين النباتات الغابية، التي تحول قذارات المدينة إلى زهور جميلة، قرب عين ماء عذبة، يحول عقل المعتوه العالم الصغير في رأسه إلى عاصفة.
    ... خرخر... خرخرخرخر...خرخر
    أظافر الحمى الفولاذية تجرّح جبينه. انفصال الأفكار. تمطط العالم في المرايا. تباين خارق في الأحجام، إعصار مجنون. هروب مدوّخ، أفقي عمودي مائل، رضيع وميّت لولبيّا.
    ... خرخر. خرخر...خر...خ.ر.رخخ...
    قوس القوس قوس القوس قوس القوس قوس القوس قوس القوس زوجة لوط ( التي اخترعت اليانصيب؟ ) تتحوّل البغال التي تجر قطارا إلى زوجة لوط، وثباتهم أقلق السائقين ، الذين لم يكتفوا بتكسير سيياطهم عليها وضربها بالحجارة، بل دعوا الرجال ليستعملوا أسلحتهم ضدها. الأكثر شرفا يحملون خناجر، وبالطعنات يجعلون البغال تتقدم.
    خرخر... خرخر... خرّ...
    إر.غبيّ... إر غبيّ...
    الشحاذ يشحذ أسنانه ليضحك، شحّاذ الضحك!
    أمّاه!
    صرخة المخمور تهزّه.
    أمّاه!
    القمر بين الغمام، ينير دون بهجة ويصبح بياضه، فوق الأوراق الندية، لامعا كالخزف الصيني.
    ها هم يحملون!...
    ها هم يحملون!...
    ها هم يحملون القديسيين إلى الكنيسة، وسيدفنونهم!
    آه! يا للفرح، آه! سيدفنونهم، آه! يا للفرح، آه!
    المقبرة أكثر سعادة من المدينة، أكثر نظافة من المدينة! آه! سيدفنونهم!
    تارا تارا را! تاراري!
    تيت تيت!
    تارا را! تارا ري!
    دم دم تاكا دوم! دم دم تاكا دوم!
    تيت تيت!
    دم دم تاكا دوم!
    واصل،وهو يدفع كل شيء، بقفزات كبيرة، وهو يمرّ من بركان لآخر، من نجم لنجم، من سماء لسماء، نصف يقظ ونصف نائم، بين الأفواه الصغيرة والكبيرة، بأسنان وبدون أسنان، بشفاه وبدون شفاه، بشفاه مضاعفة وبالسنة مضاعفة، بثلاثة ألسنة تصرخ به: أماه! أماه! أماه!
    توت توت! يركب قطار الحرس ليبتعد سريعا عن المدينة، نحو الجبال التي تصنع سلالم صغيرة نحو البراكين، هناك أبعد من أبراج الإذاعة أبعد من سوق البراغيث، أبعد من برج المدفعية، طيران هوائي بمعجون الجنود.
    يعود القطار إلى نقطة انطلاقه كلعبة مشدودة بخيط! وعند وصوله، تراك! تراك! يجد في انتظاره بائعة خضروات خنّاء بشعر أشدّ صلابة من سعف قفّتها لتصيح به: " خبز للمعتوه، ببغاء! ماء للمعتوه! ماء للمعتوه!
    يجري ملاحقا ببائعة الخضروات التي تهدده بسطل ماء، نحو باب الرحمان. لكن عند وصوله... أماه! صيحة... قفزة... رجل... ليل... صراع... موت... دماء... هروب... المعتوه... "ماء للمعتوه ببغاء! ماء للمعتوه!..."
    استفاق ألم ساقه. يحس في عظامه متاهة. تحزن حدقاته لضوء النهار. نباتات متسلقة نائمة، ملطخة بزهور بديعة، تدعوه للنوم تحت ظلالها، قرب برودة النبع الدي يحرك ذيله، كأن بين الزبد ونباتات السرخس يختبئ سنجاب فضّي.
    لا أحد. لا أحد.
    ينغمس الدمية من جديد في ليل عينيه، حتى يتمكن من صراع الألم، باحثا عن وضع لساقه المكسورة، ماسكا بيده شفته الممزقة. لكنه عندما ترك جفنيه المحمومين، مرّت عيه سماوات ودماء، وخلال البروق تفرّ الديدان التي تحولت إلى فراشات.
    ملقى على ظهره بدأ بالهذيان محرّكا جرسا. ثلج للمحتضرين! بائع الثلج يبيع الزاد الأخير! الخوري يبيع الثلج للمحتضرين! يمرّ الزاد الأخير! تيك تيك! ثلج للمحتضرين! بائع الثلج! انزع قبعتك أيها الأخرس، الغبي! ثلج للمحتضرين!...


  2. #2
    مشرف المنتدى الفرنسي الصورة الرمزية جمال عبد القادر الجلاصي
    تاريخ التسجيل
    09/03/2007
    العمر
    55
    المشاركات
    950
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    لا أحد ترك أثرا لمروره من هنا

    فلأفعل


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية ابراهيم درغوثي
    تاريخ التسجيل
    04/12/2006
    المشاركات
    1,963
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    لا تحزن يا جمال
    فالنصوص الطويلة لا تفرأ على النات الا من طرف القلوب الكبيرة
    نصك جميل و يستحق المتابعة

    مع ودي الكبير


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية ابراهيم درغوثي
    تاريخ التسجيل
    04/12/2006
    المشاركات
    1,963
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    لا تحزن يا جمال
    فالنصوص الطويلة لا تفرأ على النات الا من طرف القلوب الكبيرة
    نصك جميل و يستحق المتابعة

    مع ودي الكبير


  5. #5
    مشرف المنتدى الفرنسي الصورة الرمزية جمال عبد القادر الجلاصي
    تاريخ التسجيل
    09/03/2007
    العمر
    55
    المشاركات
    950
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    المبدع القدير إبراهيم الدرغوثي

    مهما كان عدد القلوب الكبيرة قليلا

    أومن دوما أنك تكون منها

    محبتي لك


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •