فتياتنا والثورة

إلهام صبري

عندما أفتح ( الفيس ) وأقرأ مشاركات الفتيات أحاول أن أتعرف إلى شخصياتهن من خلال كتاباتهن ، فهناك التي تكتب حكما ومواعظ تتناسب مع الحدث الذي نعيشه ( الثورة ، إطلالة رمضان المبارك ، مواساة أخت عزيزة أو مشاركتها في فرحها ... ) وهناك من تكتب عن آخر خطوط الموضة في الثياب ومقتنيات الزينة ( الاكسسوارات ) وآخر الأغاني ... ولا أكاد أقرأ لها مشاركات حقيقية : فكرية أو دعوية أو ما يدل على التزامها بدينها ، مع أنها ممن تعيش بيئة ملتزمة ، وتحمل الشهادات العالية .
هذه التي تكتب عن وصفات الطعام والموضة ، والبلد تعيش في ثورة ، ودماء الشهداء تغطي الفضائيات بعد أن غطت الشوارع ، والأبنية المتهدمة على رؤوس أصحابها ، والأطفال يقتلون بلا رحمة ، والشباب والشيوخ يعتـَقلون ، والنساء تنتهك أعراضهن ...

هل تعيش هذه حالة من اللاوعي ، أم أنها خارج أحداث أمتها ؟

هل يستطيع أحد أن يسميها مثقفة ؟

وهل الثقافة ( كرتونة ) توزع في نهاية أربع سنوات - أو أكثر أو أقل – يداوم المرء فيها في بناء يسمى الجامعة ؟
وإذا كنت لا أريد أن أخوض في تفاصيل الدراسة الجامعية والكم الهائل الذي يتخرج من الجامعة ولا يزال يعد أميا حتى في تخصصه – في بعض الأحيان – وأنا هنا أتكلم عن مشاهداتي لبعض خريجات اللغة العربية من بعض الدول –
أقول : إن كانت الثقافة لا تتعلق بالشهادة ، فهل نطمح أن تكون الثورة قادرة على تغيير نفوسنا لتجعلنا نتوجه نحو أساسيات الثقافة – كما عرفوها : مواكبة العصر بتطلعاته وثقافاته وظروفه والتفاعل مع هذه الظروف – وأقصد أساسيات الثقافة الوطنية : مواكبة تطلعات شعبنا في ثورته ، والتعرف إلى ثقافات الثورة السورية والظروف التي تحيط بها والتفاعل معها .

أم إن هناك من لا أمل منه أن يتأثر إلا بإشارات عابرة ومن ثَمّ يكون عونا لأعدائنا على ثورتنا دون وعي منه .
أسئلة أطرحها على فتياتنا عماد المستقبل وجيل التغيير، وأتمنى أن اجد لها صدى إيجابيا في نفوس من لا زلنَ بعيدات عن مقتضيات الثورة المتمثلة في :

- احترام دماء شهدائنا
- البذل في سبيل الله ( من خلال الثورة )
- المشاركة الوجدانية لأهالي الشهداء والمهجرين . إذ ليس من المناسب أن نطرح صور موائدنا المترعة والمُهجّرون داخل الوطن وخارجه لا يجدون إلا طعام المعونات إن وجدوا ، ولا أستطيع نسيان دموع الشابة التي قالت : كان أبي متعهد بناء ( أي كان غنيا فوق الريح كما يقولون ) وأنا الآن أنتظر المعونة !..

ابنتي كفانا اهتماما بالطعام والشراب واللباس فالأمر الذي ينتظرنا جلل ولن يوفر أحداً . أعاذنا الله من شرور ذلك المجهول .