توتتـــــة
............................
لو كنت فعلا واحد من الناس اللي كانوا بينزلوا ميدان التحرير، كتير، من يوم 25 يناير لغاية دلوقتي، لازم هاتكون عارف "توتتة". يا إما هتكون اتخانقت معاها في مرة من المرات، أو هتكون دخلت معاها في حوار عن المجلس العسكري، أو عن أي حاجة ليها علاقة بالثورة.

تلاقيها تتكلم معاك عادي جدا وبتركيز ووعي عميق لأكثر القضايا تعقيدا، وفجاة تلاقيها شتمتك (م الباب للطاق) شتيمة من نوعية: "يا ابن المتنـ....."، أو "كـ.. أمك"، أو "يا ابن الشر....".... الخ، الخ، الخ
....

ورغم كدة، تعتبر "توتتة" واحدة من ثوار 25 يناير‘بشهادة الكثيرين، شاركت في كل أحداثها وفعالياتها. شاركت في نقل جثث الضحايا والمصابين إلى سيارات الإسعاف يوم 25 يناير ويوم جمعة الغضب 28 يناير، ويومي موقعة الجمل 2-3 فبراير، أو ليلة ضرب أهالي الشهدا .... ، الخ.
.....
......
في الحقيقة أن ثورة 25 يناير لم تأت بـ "توتتة" إلى ميدان التحرير، ولكن، الثورة هي التي أتت إليها، لأن "توتتة" كانت أصلاً شبه مقيمة بالميدان، أو في الأماكن القريبة منه، إما عند كورنيش النيل أمام ماسبيرو للعمل مع المراكب اللي هي (لامؤاغزة شوية يعني)، أو في الممرات الصغيرة بمنطقة وسط البلد، مثل الممر الصغير المؤدي للمحل الشهير (الأفتر أيت) قبلة المثقفين اللي مقضيينها نضال ع القهاوي. فهذا الممر الضيق ، مثله مثل العديد من الممرات الضيقة بوسط البلد، كان بيتًا للكثيرين من غير ذوي المأوى، وكانت تأوي إليه "توتتة" كثيرا للنوم والاستراحة.
.......
بدأت الثورة، وتطور بيت "توتتة" من مجرد ممر صغير بمنطقة وسط البلد، ليصبح ميدانا بأكمله (ميدان التحرير)، الذي هو ليس بأي ميدان، إنما هو واحدا من أهم ميادين مصر. والذي صار بعد الثورة واحدا من أهم الميادين في العالم أجمع.
....
شاركت "توتتة" في كل أحداث الثورة: وهتفت مع الكثيرين
ثورة ثورة حتى النصر
عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية
يا جمال قول لابوك الشعب المصري بيكرهوك
أمن الدولة يا أمن الدولة .. فين الأمن وفين الدولة

......
جابت "توتتة" كل شبر بميدان التحرير، تهتف ضد نظام مبارك، حاملة لجثة شهيد، أو مسعفة لشخص مصاب، ثم تعود في نهاية الأمر لتتجاذب أطراف الحديث مع آخرين لتحكي لهم عن عمها الذي استولى على الأرض الزراعية التي كان يمتلكها المرحوم أبوها بإحدى مجافظات الوجه البحري، أو تحكي لهم عن جيرانها، قساة القلب، بمنطقة "منشية ناصر" الفقيرة، الذين طردوها من المنطقة بعد وفاة أمها سيئة السمعة. وفي نهاية الحوار قد تحتد على أحد المتحاورين معها، ولأنهأ قليلة الحيلة تبدأ في التهديد والوعيد لمن تختلف معه بأنها سوف تجلب له أقاربها من تلك المدينة البحرية أو جيرانها (الجدعان) في منشية ناصر. أولئك الذين كانت (منذ دقائق) تشتكي من جورهم عليها في بداية حديثك معها.
.....
في آخر مشهد رأيت فيه "توتتة" كانت ثائرة، تسب وتشتم واحدًا من الباعة المتجولين بالميدان لأنه شتمها وقال لها: (كـ... أمك). التف حولها الكثير من البياعين ليقنعونها بأن: "كـ.. أمك" ليست شتيمة، وقال لها أحدهم: لو حد قال لك "أيد امك" هاتزعلي منه.. طبعا لأ .. لأن أيد امك حتة من جسم الانسان زيها زي "الكـ.." يا توتتة.
.....
وعلى الرغم من أنها كانت منصتة لكلامهم لدرجة تشعرك انها قد تقتنع بوجهة نظرهم، إلا انها في نهاية الأمر رفضت كل المحاولات لتهدئتها. وفي وسط المجادلات احتد الحوار بينها وبين أحد البياعين حتى صفعها بالقلم ثم هرول قبل أن تنال منه، فنسيت الشخص الذي كان قد سبها وقال لها: "كـ.. أمك" وظلت (وهي تبكي بحرقة) تتوعد ذلك الذي صفعها، وهي تردد الجملة التي تلازمها دائما في نهاية كل حوار:
....
"هو كان جوزي عشان يشتمني"
"هو كان جوزي عشان يضربني"
...
تمت
.....................................
في أجزاء تالية من "الهامشيون والثورة"(2) ماجد
(3) اسطبل عنتر
(4) الباعة المتجولون بعد 11 فبراير
(5) سلاحف الننجا لا تشارك في حرق أقسام الشرطة
(6) نوسة
(7) راندا
(8) علاء .. بكسر العين
(9) الشواف
(10) ويلسون
(11) طارق الإقليمي
(12) أم الثورة
(13) حمار وجوادين
(14) اغلب الظن أنه كان يحمل آلته الموسيقية